تصادف اليوم ذكرى «وعد بلفور» ال97 الذي التزمت بريطانيا بموجبه بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، حيث تأتي ذكرى هذا العام في ظل قرار لمجلس العموم البريطاني غير ملزم يطالب حكومته بالاعتراف بالدولة الفلسطينية. ويطالب الفلسطينيون، بريطانيا، بالاعتذار رسميًا عن خطئها التاريخي الذي تم في عام 1917م، وإعادة اللاجئين لأرضهم، والحقوق لأصحابها الأصليين،كما تأتي هذه الذكرى في ظل ازدياد حدة الممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين وفشل المجتمع الدولي في إيجاد حل نهائي لأقدم قضية في التاريخ الحديث. وفي هذا السياق، يقول «السيد ابو سيدو» رئيس دائرة العلاقات الخارجية بحركة فتح إنه تحدث قبل اسبوع مع مسئول دبلوماسي بالسفارة البريطانية عن صحوة الضمير التي ابديتها بريطانيا بإجراء تصويت للبرلمان البريطاني نحو الاعتراف بدولة الفلسطينية، مضيفًا أن المسئول أكد له أن هذا التوجه البريطاني لا يزيد عن العمل الدبلوماسي لإقامة نوع من التوازن نحو القضية الفلسطينية. وأضاف «ابو سيدو» في تصريحات خاصة ل«البديل» أن بريطانيا على يقين أن «وعد بلفور» هو الفيروس الذى زرعته في الشرق الأوسط لخدمة مصالحها مؤكدًا أنه بالنظر للتاريخ نلاحظ أن الشخصيات التي قامت بصياغة «وعد بلفور» كانت تعمل على نطاق واسع في الشرق الأوسط لمصلحة «بريطانيا» بين الصهيونية السياسية وبين بريطانيا الاستعمارية. ورأي الدبلوماسي الفلسطيني أن «موقف بريطانيا الحالي جاء للحفاظ على مصالحها، لمحاولة تبرئة نفسها من جريمة «وعد بلفور»، متابعًا بأن وعد بلفور نص على إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين على الا يؤثر سلبًا على القوميات الأخرى، بما يؤكد أن بريطانيا كانت بعيدة النظر رغم أنهم ساعدوا في انتاج الكيان الصهيوني بكل وسائل المساعدة من فتح الهجره ومصادرة الأراضى المشاع، شاكرًا الظروف التي جعلت بريطانيا تعترف بأن هناك شعبًا فلسطينيًا على أرض فلسطين ، يتناقد مع النظرية الصهيونية التى تتحدث عن «أرض بلا شعب وشعبًا بلا وطن ». وحول كيف يرى دور العرب فى القضية الفلسطينة بعد 97 عاما من «وعد بلفور» استشهد «ابو سيدو» بحديث الرئيس الراحل ياسر عرفات عن القضية الفلسطينية بأنها فلسطينة الوجة عربية القلب إسلامية التوجه، مضيفًا أن استشهاده لهذه المقوله يعني هو أن الفلسطينين فى حاجة إلى مساعدة اخواتهم العرب فى تحرير فلسطين متحدثًا عن وعي الزعيم الراحل «جمال عبد الناصر» الذي كان يعي هذه النقطة وكان يسعي لتوحيد الأمة العربية ، مؤكدًا على ضرورة تطبيق الوحدة العربية لأنها أحدى السبل الصحيحة لإستعادة ارض فلسطين . وأضاف أن هناك من يسعى اليوم لتفكيك المفكك وتفيتيت المفتت لإعادة إنتاج «سايكس بيكو» على نطاق أوسع لتحقيق الهدفال صهيوني والهدف الإستعماري لجعل إسرائيل اليد الإقوى فى المنطقة، مستشهدًا بالتنظيمات الإرهابية التي ظهرت مؤخرًا في المحيط العربي مثل داعش والنصرة وبيت المقدس مؤكدًا أن هذه التظيمات تزرع ويرتب لها الخطط فى الغرف المغلقة بين «أمريكاوبريطانيا والاتحاد الأوربي» مشددًا على ضرورة ان يتخلص العرب من كل هذه البذور المتطرفه التي زرعت؛ لإن الوطن العربي مقبل على خطة بعد مائة عام من إنتاج «إسرائيل» لينتج الآن دولة تدعى «الأكراد» وهذا شئ خطير. وفي السياق ذاته، يقول المؤرخ الفسطيني «عبد القادر ياسين» إن وعد بلفور المشؤوم صدقت علية بريطانيا لأنه كان في نهاية الحرب العالمية الأولي مع اقتراب حلفائها من تحقيق النصر على تركيا والمانيا، وشرعت من خلاله تنفيذ مشروعها الذي كانت اشارت اليه على لسان وزير خارجيتها عام 1840، بإقامة كيان غريب يفصل بين الوطن العربي والغربي مضيفًا أن بريطانيا كانت تريد أن تكسب جمهرة اليهود فى روسيا إلى صفها بعد انتصار الثورة الشيوعية فى أكتوبر من السنة نفسها عام 1917، مضيفًا أن المراجع الغربية كان لها اسبابًا أخرى وهي أن وعد بلفور صدر لمكافاة «حاييم وايزمان» وزير خارجية إسرائيل فى ذلك الوقت لاكتشافه «الاسيتون» وادخاله فى المتفجرات الحربية. وقال «ياسين» إن وعد بلفور هو تقاطع البرزواجية الأوربية مع الاحتكارات البريطانية مؤكدًا أن المشروع الصهيوني كان في ذلك الوقت يبحث عن مقرًا له فى أي من «أوغندا أو تنزاينيا أو قبرص أو سيناء»، الا أن تدخلت بريطاينا عام 1903 وأوحت للمؤتمر الصهيوني حينذاك بأن يقر فلسطين مستقرًا للمشروع الصهيوني وقد كان. وحول اختلاف الموقف البريطاني الحالي قال المؤرخ الفلسطيني، إن «بريطانيا» كانت تحتل ثلثي العالم حين صدقت على وعد بلفور لكن اليوم لن يعود لها مستعمرات ، واصبحت تابعة لأمريكا ، مؤكدًا أن بريطانيا لا تزال على مواقفها الاستعمارية المؤيدة للصهيونية وأن تراجع موقفها بعد أن كانت الحليف الأول للصهيوينة 1939 وحل محلها الأستعمار الأمريكي منبهًا أن هذا الأعتراف البريطاني لا يغسل موقف بريطانيا الأستعماري القذر فى وطنا العربي،وهي محاولة ساذجة لتخفيف احساس البريطانين بالذنب نحو الشعب العربي الفلسطيني. واستنكر ياسين موقف الدول العربية التي أكد أنها لا تخدم القضية الفلسطينية مؤكدًا أنها قضية عربية وعمقها الاستراتيجي العربي ضعيف ومبعثر ويثني على واشنطن وتل ابيب مؤكدًا أن ما من قطرًا عربي الا ويذكر أمريكا بالخير . من جانبه قال دكتور أحمد رفعت استاذ القانون الدولي إن «وعد بلفور» هو «وعد من لا يملك لمن لا يستحق»، مؤكدًا أنه لايحق مناقشة قانونية هذا الوعد؛ لأنه جاء بعده اتفاقيات عديدة وبات يحكم هذه القضية الأمر الواقع، مشيرًا إلى أن أخر قرارات الأممالمتحدة في هذا الِشأن هو خروج إسرائيل من الأراضى المحتله بعد عام 1967.