وصل حجم الدين الخارجي المصري إلي 55.8 مليار دولار بنهاية العام المالي الماضي 2015/2016 بزيادة 16% بمقدار 7.7 مليار دولار مقارنة مع 48.1 مليار دولار في نهاية العام المالي 2014/2015، وأرجع البنك المركزي الارتفاع إلى زيادة كل من صافي المستخدم من القروض والتسهيلات بنحو 7.4 مليار دولار، وزيادة أسعار صرف معظم العملات المقترض بها أمام الدولار، مما أدى إلى زيادة الدين الخارجي بنحو 300 مليون دولار. ارتفاع الدين الخارجي يدل على تفاقم الأزمة الاقتصادية، فمع كثرة الاقتراض تتضاعف الديون الخارجية، والتي يرتفع معها سعر الفائدة، لعدم استقرار سعر صرف الدولار أمام الجنية، الأمر الذي يتحمل أعباءه الطبقات الفقيرة والأجيال القادمة. ويأتي هذا الارتفاع قبل موافقة صندوق النقد الدولي على قرض مصر البالغ 12 مليار جنيه، بالإضافة إلى 6 مليارات جنيه قروض ثنائية، بجانب قرض روسيا البالغ قيمته 25 مليار دولار لبناء المحطة النووية بالضبعة. يقول الباحث الاقتصادي إلهامي الميرغني إن ارتفاع الديون الخارجية لمصر لتصل إلى 55.8 مليار دولار كأعلى معدل للديون الخارجية منذ ثورة الخمسينيات يعني أننا وصلنا لمرحلة الخطر الاقتصادي وإطلاق أجراس الإنذار. وأضاف الميرغني ل"البديل" أننا عندما كنا نحذر من انفجار المديونية الخارجية في نهاية الثمانينيات كانت قيمتها 49.9 مليار دولار، وأسقطت الولاياتالمتحدة ونادي باريس جزءًا كبيرًا منها مقابل مشاركة مصر في حرب الخليج وإعطاء غطاء لقوات التحالف. وأوضح أن هناك نقطتين مؤثرتين علي تقييمنا لانفجار الديون الخارجية، الأولي هي أنها ديون لا يتم توجيهها لمشروعات إنتاجية توفر قيمة مضافة للاقتصاد وعائدًا يمكن منه سداد الفوائد والديون، بل بالعكس أغلب الديون الجديدة توجه لتغطية الاستهلاك والواردات، ولن تحقق أي عائد؛ ولذلك فهي عبء اقتصادي جديد، والثانية قيمة الجنيه أمام الدولار، بمعني أنه لو اقترضنا 10 ملايين دولار بسعر الدولار ب 6 جنيهات فإننا اقترضنا 60 مليار جنيه، ولكن عندما نسدد وقيمة الدولار مثلًا 8 جنيهات، فإننا نسدد ال 60 مليار بزيادة سعر الدولار، أي أننا نسدد 80 مليار بخلاف الفوائد. وأشار إلى أن الأخطر من كل ذلك هو تأثير الديون وشروط الدائنين لمنح القرض أو صرف دفعاته، وقد رأينا تصريحات قادة صندوق النقد وعدم اكتفائهم بالخطوات التي تمت مثل قانون الخدمة المدنية وقانون القيمة المضافة وتخفيض قيمة الجنيه السابقة، بل يطالب بالمزيد من تخفيض العملة الوطنية واستمرار سياسات الخصخصة وبيع الأصول الذي أفصحت عنه الحكومة ببيع جزء من بنك القاهرة وشركة بترول كبري. وأكد أن الاقتصاد المصري يتحمل أعباء متزايدة من تفاقم الديون الخارجية، كما أن مطالب وشروط الدائنين تفجر موجات غلاء جديدة، وتفرط في الأصول المصرية، وتفتح الأسواق أمام القطاع الخاص بدون رقابة، بما يقود للمزيد من الاعتماد على الخارج وما يمثله من أعباء وتبعية وصعوبات في مستوي المعيشة. ورأى الباحث الاقتصادي أن أخطر السيناريوهات التي ممكن أن نصل إليها من كثرة الديون أن يشكل الدائنون مجلسًا لإدارة الاقتصاد المصري وفق سياساتهم، بما يضمن سداد ديونهم، وبما يعني كارثة وطنية كبرى لم تحدث من أيام الخديوِ إسماعيل. وشدد على أن المشكلة تكمن في أن كل السيناريوهات التي تنفذها الحكومة لا تبحث عن تطوير وتحديث القطاعات السلعية في الزراعة والصناعة، بل تعتمد على المزيد من بيع الأصول وخصخصة الخدمات والمرافق العامة، واللجوء لإجراءات اقتصادية قاسية في مجال الدعم والأجور والأسعار تفجر موجات من الغضب، مشددًا على أن كل ذلك لا يقدم حلًّا لجوهر مشكلة المديونية بشقيها الخارجي والمحلي، ولا يضع خطة لزيادة الضرائب وتعظيم العائد من الموارد الطبيعية، بما يؤدي لتفاقم المديونية وتفاقم عجز الموازنة العامة للدولة.