على كرسي متحرك، مطران الفيوم يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب (صور)    مسيرة لدعم المشاركة في انتخابات مجلس النواب بقنا | صور    حركة تنقلات بين مديري ووكلاء الإدارات التعليمية في الشرقية (الأسماء)    طن الشعير الآن.. سعر الأرز اليوم الاثنين 10 نوفمبر 2025 في الأسواق    مدبولي يشارك في منتدى الاستثمار والتجارة المصري الخليجي لتعزيز الشراكة الاقتصادية    رغم مشتريات الأجانب.. هبوط مؤشرات البورصة في منتصف جلسة تداولات اليوم    وزير النقل الإيطالي: نتعاون مع مصر لدعم مسار التجارة إلى أوروبا    وزير النقل: ربط مصر بالدول العربية والأفريقية والأوروبية يحقق تكاملا اقتصاديا حقيقيا    معلومات الوزراء: المهارات المطلوبة لسوق العمل تتغير بوتيرة غير مسبوقة    حماس: ملتزمون باتفاق وقف إطلاق النار ونزع ذرائع إسرائيل    منال بركات تكتب: براءة هتلر من دم اليهود (2)    واشنطن تتفادى الأزمة.. رويترز: مجلس الشيوخ الأمريكي يقر مشروع قانون لإنهاء الإغلاق الحكومي    بعد فضيحة تحريف خطاب ترامب.. دعوة لتعزيز الإشراف على المعايير التحريرية في بي بي سي    عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وينفذون جولات استفزازية    ترامب يستقبل أحمد الشرع في أول زيارة رسمية لرئيس سوري لواشنطن منذ 1946    إطلاق قافلة زاد العزة ال69 بحمولة 7300 طن مساعدات إنسانية إلى غزة    4 مدربين أجانب على طاولة الزمالك، وعودة اسم الرمادي ومؤمن سليمان ضمن الترشيحات    في عيد ميلاده ال41.. مشوار وبطولات أحمد فتحي نجم الكرة المصرية    الإصابة تحرم مدافع إنجلترا من مواجهتي صربيا وألبانيا    الزمالك يترقب القرار الرسمي من فيفا لإيقاف القيد بسبب قضية ساسي    «الداخلية» تضبط صاحب كيان تعليمي وهمي بالقاهرة بتهمة النصب على المواطنين    ضبط شخص لإطلاقه أعيرة نارية وممارسة البلطجة في شبرا الخيمة    حالة الطقس اليوم الاثنين 10-11-2025 وتوقعات درجات الحرارة في القاهرة والمحافظات    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل أحمد المسلماني تاجر الذهب بالبحيرة لتعذر حضورهما    بعد الوعكة المفاجئة .. نتائج تحاليل الفنان محمد صبحي مطمئنة وحالته تشهد تحسنا ملحوظا    فاصوليا بيضاء بالأرز على مائدة محمد سلام!    الثقافة تحتفل باليوم العالمى للطفولة بفعاليات متنوعة تحت شعار أبناؤنا فى متاحفنا    «القوس» هيقع في الحب وتحذير ل«السرطان» من قرارات مالية.. توقعات الأبراج لهذا الأسبوع    «توت عنخ آمون» تواصل خطف الأضواء من باقي قاعات المتحف المصري الكبير    الرعاية الصحية: رفع درجة الاستعداد ب285 مركزًا ووحدة طب أسرة و43 مستشفى لتأمين انتخابات النواب    الرعاية الصحية: لدينا فرصة للاستفادة من 11 مليون وافد في توسيع التأمين الطبي الخاص    وزارة الصحة: تدريبات لتعزيز خدمات برنامج الشباك الواحد لمرضى الإدمان والفيروسات    اليوم.. العرض الخاص لفيلم "السلم والثعبان - لعب عيال" بحضور صناع العمل    غرق مركب صيد أمام سواحل محافظة بورسعيد وإنقاذ صيادين    انتخابات النواب 2025.. شلاتين تشارك في العرس الديمقراطي وتحتشد أمام اللجان| صور    رضا عبد العال: بيزيرا "خد علقة موت" من لاعبي الأهلي.. ويجب استمرار عبدالرؤوف مع الزمالك    تنوع الإقبال بين لجان الهرم والعمرانية والطالبية.. والسيدات يتصدرن المشهد الانتخابي    مشاركة نسائية ب«لجان 6 أكتوبر» مع انطلاق انتخابات مجلس النواب 2025    إطلاق منصات رقمية لتطوير مديرية الشباب والرياضة في دمياط    «الله أعلم باللي جواه».. شوبير يعلق على رفض زيزو مصافحة نائب رئيس الزمالك    اندلاع حرائق مفاجئة وغامضة بعدة منازل بقرية في كفر الشيخ | صور    لماذا استعان محمد رمضان بكرفان في عزاء والده؟ اعرف التفاصيل .. فيديو وصور    الداخلية تضرب بيد من حديد.. حملات أمنية ومرورية مكثفة على مستوى الجمهورية    التعليم: تغيير موعد امتحانات شهر نوفمبر في 13 محافظة بسبب انتخابات مجلس النواب    تعزيز الشراكة الاستراتيجية تتصدر المباحثات المصرية الروسية اليوم بالقاهرة    السكة الحديد تعلن متوسط تأخيرات القطارات على الوجهين القبلي والبحري    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    رئيس الوزراء يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب 2025 بالمدرسة اليابانية بالجيزة    «الصحة»: التحول الرقمي محور النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان    بدء التصويت بالداخل في المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب 2025    الهدوء يسيطر على سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن الاثنين 10-11-2025    أمريكا: اختبارات تكشف الجرثومة المسببة لتسمم حليب باي هارت    «أنا مش بخاف ومش هسكت على الغلط».. رسائل نارية من مصطفى يونس بعد انتهاء إيقافه    «لاعب مهمل».. حازم إمام يشن هجومًا ناريًا على نجم الزمالك    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العشق الممنوع للديون الخارجية

‮‬في‮ ‬حياة كل مجتمع نوعية من القضايا والمشاكل‮. ‬هناك قضايا حقيقية تتعلق بواقع هذا المجتمع وبمستقبله وهي‮ ‬قضايا تمس أغلبية الناس وتؤثر على مصالحهم وحياتهم اليومية‮. ‬وهناك قضايا زائفة أو مصطنعة تظهر على سطح المجتمع من آن لآخر قد تثير الانتباه وقد تشد اهتمام الصحافة وأدوات الإعلام ولكن بعد أن‮ ‬يزول الغبار نكتشف أنها لم تكن سوى فقاعات ومظاهر لمشاكل أكثر عمقا‮. ‬المفروض أن تقدم مؤسساتنا السياسية والتشريعية والتنفيذية القدوة في‮ ‬ذلك وأن تتحاشى الغوص في‮ ‬القضايا الزائفة،‮ ‬وألا تضيع وقتها الثمين في‮ ‬مثل هذه الأمور‮. ‬والقضايا الزائفة أو المؤقتة كثيرة ومتعددة‮. ‬وتخطىء مؤسسات الدولة إذا انصرفت إليها فهي‮ ‬بذلك تضع نفسها في‮ ‬موقع رد الفعل،‮ ‬وتجعل سلوكها مرهونا بهذه المسائل‮. ‬فهل هناك خلل في‮ ‬الأولويات وفىما هو الأهم والمهم؟ أم أن هناك من‮ ‬يريدون تحويل اهتمامنا من القضايا الحيوية والحاسمة في‮ ‬تاريخنا والتي‮ ‬عليها سوف‮ ‬يتوقف مستقبلنا إلى قضايا أخرى سوف تستغرق الوقت والجهد وتنتهي‮ ‬إلى لاشيء،‮ ‬ونظل في‮ ‬حلقة مفرغه نناقش نفس القضايا،‮ ‬ونجتر ذات الأفكار والحجج،‮ ‬ونظل في‮ ‬أماكننا‮ « ‬محلك سر‮ «‬هل هذا هو المقصود؟‮ ‬
ومن أبرز مظاهر الخلل في‮ ‬أولوياتنا هى تلك المتعلقة بالدين العام وخاصة الشق الخارجي‮ ‬منه‮ . ‬فالاعتماد المتزايد على القروض الخارجية من شأنه أن‮ ‬يضعف المركز السياسي‮ ‬والأمني‮ ‬لمصر‮ . ‬فلا‮ ‬يحق لأي‮ ‬إنسان مصري‮ ‬أن‮ ‬يقلل من خطورة مشكلة الديون الخارجية المستحقة على مصر‮. ‬فقد أصبح تسديد الدين عائقا أساسيا أمام إشباع الحاجات الإنسانية مثل الحصول على الماء الصالح للشرب والغذاء الكافي‮ ‬والعلاج الأساسي‮ ‬والتعليم الإبتدائي‮ ‬والبني‮ ‬التحتية الأساسية‮. ‬ولا‮ ‬يصح أن تكون هناك استراتيجية اقتصادية تقوم على مبدأ تعظيم الاقتراض من الخارج بل‮ ‬يجب أن‮ ‬يكون قوام الاستراتيجية هو الاعتماد بالدرجة الأولى على الذات وعلى القدرات المحلية مع تطويرها‮ ‬،‮ ‬وأن‮ ‬يكون عنصر الاقتراض من الخارج عنصرا مكملا لا عنصرا أساسيا في‮ ‬خططنا الخاصة بتمويل التنمية الاقتصادية‮ . ‬كذلك لم تعد التنمية تهدف إلى اللحاق بالدول الصناعية المتقدمة فهذا سراب أو وهم وإنما إلى الوفاء بالاحتياجات الأساسية لأغلبية المواطنين‮. ‬ولم تعد التنمية هي‮ ‬استخدام أحدث ما وصل إليه العلم من تكنولوجيا ومخترعات فهذا إهدار للموارد واستنزاف لها وإنما هي‮ ‬توظيف التكنولوجيا الملائمة بما‮ ‬يناسب أهداف المجتمع وموارده المتاحة‮.‬
ولقد تعدى الدين الخارجي‮ ‬المصري‮ ‬حاجز ال‮ ‬46‮ ‬مليار دولار‮ ‬،‮ ‬وهو مستحق لمصلحة دائنين رسميين‮ (‬حكوميين‮) ‬ولمؤسسات تنموية متعددة الأطراف وإقليمية‮. ‬ولقد اقترب الدين الخارجي‮ ‬من الخطوط الحمراء مما قد‮ ‬يؤدي‮ ‬إلى تفاقم الوضع مسببا أزمة خطيرة قد تؤثر على الاقتصاد القومي‮ ‬كله.وأن المقارنات التي‮ ‬يبديها خبراء الاقتصاد عن نسب الديون بالصادرات من السلع والخدمات أو بالنسبة إلى الناتج المحلي‮ ‬الإجمالي‮ ‬قد تكون صحيحة لدول متقدمة وذات مرونة في‮ ‬اتخاذ القرارات الاقتصادية لكن عند تطبيق هذه النسب على بلد مثل مصر نكون مثل الذي‮ ‬يساعد شخصا على الانتحار لاختلاف الظروف الاقتصادية واختلافات استراتيجيات التنمية في‮ ‬العقود الأخيرة وآثار الأزمة المالية العالمية التي‮ ‬غيرت وستغير الكثير من استراتيجيات التنمية التي‮ ‬درجنا على دراستها عقودا طويلة وأصابت عقولنا بالشلل الاقتصادي‮ . ‬هناك اليوم عدد من الدول‮ ‬يجهلون حقيقة التغيرات العالمية ويتكالبون على إنشاء مناطق تصدير وتوفير معونات الدعم لمشاريع تجميع منتجات المؤسسات المتعددة الجنسيات‮ ‬،‮ ‬ويرون أن النمو القائم على التصدير هو السبيل المطلوب،‮ ‬في‮ ‬حين أن كثيرا من الدول المتقدمة‮ ‬غيرت من استراتيجيتها وخاصة في‮ ‬الشق المتعلق بالتصدير كالصين‮ ‬،‮ ‬وحين تصبح الولايات المتحدة وغيرها من البلدان المتقدمة اقتصادياً‮ ‬أقل ترحيبا بصادرات البلدان النامية،‮ ‬فليس من المرجح أن تنجح الأسواق الناشئة السريعةالنمو في‮ ‬سد الفراغ‮ ‬وتوفير الدفعة الكافية للنمو القائم على التصدير‮. ‬وتميل رسوم الاستيراد إلى الارتفاع في‮ ‬البلدان النامية،‮ ‬الأمر الذي‮ ‬يزيد من صعوبةالوصول إلى أسواقها‮. ‬فضلاً‮ ‬عن ذلك فإن الدول النامية تتنافس في‮ ‬إنتاج سلع متشابهة سلع استهلاكية ذات مستويات متنوعة من الجودة وهذا‮ ‬يعني‮ ‬أن سياسة التوسع في‮ ‬التجارة بين الجنوب والجنوب تبدو حتى أسوأ من سياسة التوسع في‮ ‬التجارة بين الشمال والجنوب‮. ‬كل هذا‮ ‬يعني‮ ‬أن التصدير سوف‮ ‬يصبح مهمة أكثر صعوبة‮. ‬ومن ثم بات على الجميع أن‮ ‬يدركوا‮ ‬أن النجاح على الأمد البعيد ما زال‮ ‬يعتمد على ما‮ ‬يحدث في‮ ‬الداخل وليس الخارج‮.‬
والغريب في‮ ‬موضوع الديون الخارجية لمصر أنها تعكس بصورة واقعية أساليب إدارة الاقتصاد وتضارب المصالح وسوء الفهم لما‮ ‬يحدث خارج بلادنا‮ .‬فقد وصل الأمر إلى عدم معرفتنا بحقيقة ديوننا الخارجية‮ ‬،‮ ‬حيث ثار جدل كبير حول حجم المديونية الخارجية لمصر وكثرت الأرقام التى نشرت حول حجم الديون،‮ ‬بعضها من جانب الحكومة المصرية من جانب المهتمين بشئون الاقتصاد المصرى وبعضها من المصادر الخارجية سواء من حكومات الدول الدائنة أو المؤسسات المالية مثل صندوق النقد الدولى‮. ‬والغريب أن الاختلاف في‮ ‬الأرقام كان كبيرا‮ ‬،‮ ‬حيث أعلن صندوق النقد الدولي‮ ‬في‮ ‬تقريره السنوي‮ ‬عن اقتصاد مصر أن الديون الخارجية فاقت ثلاثين بليون دولار في‮ ‬نهاية عام‮ ‬1984‮ ‬،‮ ‬بينما كان الرقم الذي‮ ‬أعلنه وزير التخطيط أمام مجلس الشعب فى مارس‮ ‬1985‮ ‬لا‮ ‬يزيد على‮ ‬14‮ ‬بليون جنيه‮ ‬،‮ ‬وفي‮ ‬حديث لوزير التخطيط في‮ ‬23‮ ‬سبتمبر‮ ‬1985‮ ‬ذكر أن ديون مصر الخارجية بلغت‮ ‬16‮ ‬ألف مليون جنيه وأن الفرق في‮ ‬الأرقام بين بيانه أمام مجلس الشعب وهذا الرقم الأخير‮ ‬يرجع إلى زيادة استخدام مصر للديون المتاحة لها من الخارج هذا العام‮ . ‬وقد أكد‮ ‬هذا الرقم الأخير محافظ البنك المركزي‮ ‬في‮ ‬حديثه المنشور بجريدة أخبار اليوم بتاريخ‮ ‬24‮ ‬سبتمبر‮ ‬1985.‬‮ ‬هذا التناقض الكبير بين الأرقام الكثيرة المذكورة‮ ‬يرجع الى عدة إسباب‮: ‬أولا‮. ‬اختلاف أساس احتساب قيمة الدولار بالعملة المصرية من جهة الى أخرى وهذا الاختلاف‮ ‬يمكن أن‮ ‬يؤدى الى تفاوت كبير في‮ ‬قيمة الدين الخارجي‮ ‬معبرا عنه بالجنيه المصرى فلو اقترضت مصر مبالغ‮ ‬من دول ومؤسسات وشركات مختلفة بلغت بالدولار ما‮ ‬يوازى‮ ‬100‮ ‬مليون دولار فإن قيمة هذا الدين معبرا عنها بالجنيه المصرى سوف تكون كالآتى بافتراض عدة أسعار للدولار الأمريكى الذي‮ ‬أخذ أسعارا عدة‮: ‬39‮- ‬70‮ - ‬135‮- ‬185‮ ‬225‮ ‬جنيها للدولار في‮ ‬ذلك الوقت مع أن أبسط القواعد في‮ ‬التمويل أن الدولار‮ ‬يسدد بالدولار‮ .‬
والنقطة الأخرى التي‮ ‬أدت إلى هذا التضارب أنه‮ ‬يجب أن نفرق بين الديون الخارجية التي‮ ‬تم سحبها وإنفاقها بالفعل والمبالغ‮ ‬الأخرى التي‮ ‬تم الارتباط عليها فقط ولكن لم‮ ‬يتم سحبها أو صرفها بعد‮ ‬،‮ ‬وقد حدث كثيرا بالنسبة لحالة لمصر‮ ‬،‮ ‬فكثيرا ما تعقد القروض الأجنبية في‮ ‬الوقت‮ ‬غير المناسب‮ ‬،‮ ‬والدليل على ذلك أنه كثيرا ما‮ ‬يتم عقد القرض سواء مع دولة معينة أو بنك معين أو حتى مع البنك الدولي‮ ‬،‮ ‬ثم لا‮ ‬يتم سحب كل أو معظم القرض إلا بعد مرور فترة طويلة‮ . ‬ونحن نعلم أنه بمجرد توقيع عقد القرض فإنه‮ ‬يتم دفع عمولة ارتباط تصل إلى حوالي‮ ‬نصف في‮ ‬المائة من قيمة القرض‮ ‬،‮ ‬ويتم دفع هذه العملة عن الجزء الذي‮ ‬لم‮ ‬يتم به من قيمة القرض‮ . ‬لكن كانت هناك أسباب كثيرة أدت إلى تفاقم مشكلة الديون الخارجية‮ ‬يمكن إجمالها في‮ (‬الزيادة السكانية‮ - ‬انخفاض معدل الادخار القومي‮ - ‬انخفاض حصيلة الصادرات‮ - ‬التوسع في‮ ‬الإنفاق المدني‮ ‬والعسكري‮ - ‬سوء استخدام القروض‮ ..‬الخ‮) . ‬كذلك استخدام القروض في‮ ‬أغراض استهلاكية أي‮ ‬في‮ ‬تمويل شراء السلع الغذائية وغيرها من السلع الاستهلاكية‮ . ‬استخدام قدر كبير من الأموال الأجنبية في‮ ‬تمويل تجارة المخدرات وغيرها من الممنوعات.واستخدام القروض في‮ ‬تعويض الانخفاض في‮ ‬معدل الادخار المحلي‮ ‬وذلك بدلا من استخدام هذه القروض في‮ ‬زيادة معدل الاستثمار القومي‮ ‬،‮ ‬والسبب الآخر هو حمى القروض التي‮ ‬انتابت المجتمع المصري‮ ‬فالاختلاف في‮ ‬حجم القروض الخارجية‮ ‬يأتي‮ ‬من تعدد الجهات التي‮ ‬تقوم بالاقتراض وعدم التنسيق فيما بينها‮.‬
لقد كتبنا مرارا عن بيزنس القروض الخارجية‮ . ‬فهل نقترض من البنك الدولي‮ ‬لإصلاح البنوك والبورصة المصرية وللتمويل العقاري‮ ‬والخبر‮ « ‬رصد كل من البنك الدولي‮ ‬وبنك التنمية الإفريقي‮ ‬مليار دولار كقروض ميسرة لمصر تسدد على‮ ‬18‮ ‬سنة وبفترة سماح‮ ‬6‮ ‬سنوات‮» . ‬أليس من باب المصلحة للبنك الدولي‮ ‬أن تكون هذه القروض منحا‮ !! ‬وما هذا السخاء في‮ ‬قروض تكبل البلاد بمديونية ترتفع‮ ‬يوما بعد‮ ‬يوم وغير مخصصة لمشروعات إنتاجية بحته؟‮. ‬والغريب أن معظم الدول تحصل على منح من المؤسسات والمنظمات الدولية للإصلاح المالي‮ ‬وللبنية الأساسية‮ ‬،‮ ‬وعندما تأتي‮ ‬إلى مصر تتحول إلى قروض،‮ ‬هل هناك بالفعل مافيا وراء تحويل
المنح إلى قروض؟‮. ‬كما أن جهلنا بالسوق الخارجي‮ ‬يجعلنا نقع ضحية المتلاعبين في‮ ‬الأسواق ونحاذر من أي‮ ‬خطوة نتخذها في‮ ‬السوق الخارجي‮ ‬،‮ ‬لأننا مهما حاولنا أن نستفيد من ظرف طاريء فهناك من‮ ‬يسلبنا كل ما كسبناه في‮ ‬لحظة‮ . ‬وليس أدل على ذلك،‮ ‬ما أصدرته الحكومة المصرية في‮ ‬29‮/‬6‮/‬2001‮ ‬من سندات دولارية في‮ ‬الأسواق الدولية بقيمة‮ ‬1.‬5‮ ‬مليار دولار في‮ ‬إصدارين‮: ‬الأول بقيمة‮ ‬500‮ ‬مليون دولار لمدة خمس سنوات بفائدة تدفعها الحكومة المصرية بمعدل‮ ‬7.‬6٪‮ ‬من القيمة الأسمية للسند،‮ ‬أما الإصدار الثاني‮ ‬فيبلغ‮ ‬مليار دولار لمدة عشر سنوات بفائدة‮ ‬8.‬75٪،‮ ‬ومن العجب أن حصيلة هذه السندات المليار ونصف تقوم الحكومة المصرية باستثمارها في‮ ‬شراء أذون خزانة أمريكية بفائدة‮ ‬1.‬2٪‮ ‬في‮ ‬حين أن الحكومة المصرية تدفع عنها فائدة حوالى‮ ‬8٪‮ ‬مما‮ ‬يشير إلى أن مصر تخسر لصالح أمريكا فرق هذه الفوائد أي‮ ‬أن مصر تخسر سنويا حوالى‮ ‬69538000‮ ‬دولار لصالح الخزانة الأمريكية‮.‬
هل نستدين هذه القروض لإصلاح البنوك والبورصة ولتضاف إلى الأموال التي‮ ‬تغدق على المكاتب الاستشارية ومكاتب التدريب باسم تحديث الصناعة‮ ‬،‮ ‬أموال نستدينها لنبعثرها على أغراض لا تدر أي‮ ‬عائد والحجة أن هذه الأموال المقترضة بفائدة لا تذكر في‮ ‬عالم ارتفعت فيه الفوائد إلى أرقام فلكية‮ ‬،‮ ‬حتى ولو كان القرض بدون فوائد‮ ‬،‮ ‬فالمشكلة تكمن في‮ ‬أعباء السداد التي‮ ‬تزداد‮ ‬يوما بعد‮ ‬يوم‮ ‬،‮ ‬فأي‮ ‬قرض حتى ولو كانت فائدته صفرا فهو سيمثل عبئا شديدا لتغير الظروف الدولية وتصاعد حدة التوترات وتصاعد منحنى العملات الأجنبية مقابل الجنيه المصري‮ . ‬وأن جزءا هاما من الديون الخارجية‮ ‬،‮ ‬وهى قروض ميسرة ومقدمة من الحكومات وخاصة الحكومة الأمريكية‮ ‬،‮ ‬يحيط بها العديد من السلبيات مما‮ ‬يقلل من فعاليتها ونذكر منها‮ : ‬أن جزءا كبيرا من قيمة القرض‮ ‬يعود إلى الدول المانحة له‮ (‬وخاصة الولايات المتحدة‮ ) ‬في‮ ‬شكل دراسات جدوى وأتعاب خبراء عالية التكاليف‮ . ‬وقد وصلت تكلفة دراسات الجدوى ومرتبات الخبراء الأمريكيين لمشروع الصرف الصحي‮ ‬بمدينة الاسكندرية إلى حوالي‮ ‬90‮ ‬مليون دولار‮ . ‬ومن الجدير بالذكر أن الحكومات المانحة للقرض هى التي‮ ‬تحدد هذه الأرقام وعادة ما تكون أرقاما مبالغ‮ ‬فيها بالمقارنة بأي‮ ‬دراسة‮ ‬يتم ترتيب عملية تمويلها والتفاوض بشأنها بواسطة قطاع البترول في‮ ‬مصر مثلا‮ .‬ومن الممكن جدا التفاوض مع المسئولين الأمريكيين أو‮ ‬غيرهم ومحاولة ضغط مصروفات الدراسة‮ ‬،‮ ‬ولكن الموظفين الحكوميين والخبراء المصريين لا‮ ‬يحاولون ذلك خوفا على مراكزهم وطمعا في‮ ‬الاستفادة المباشرة من هذه الدراسات وما تتضمنه من السفر الكثير إلى الخارج،‮ ‬أن الجانب الأمريكي‮ ‬وكذلك الدول الأخرى المانحة للقروض الميسرة‮ ‬يصر على استخدام وسائل النقل الخاصة به والملاحظ أن تكلفة النقل بالسفن الأمريكية‮ ‬أعلى تكلفة في‮ ‬العالم‮ .‬
وفي‮ ‬النهاية أن كل دولار من المعونة‮ ‬يعود ثلثاه إلى الولايات المتحدة‮ ‬،‮ ‬فليس من المستحب ولا من المفيد أن نقبل بسهولة ما‮ ‬يعرض علينا من قروض حكومية مقيدة قد لا نكون في‮ ‬حاجة ماسة إليها في‮ ‬الوقت الحاضر‮ ‬،‮ ‬فالإدارة الناجحة هي‮ ‬التي‮ ‬تعمل على تحقيق الاعتماد الذاتي‮ ‬وليس إلى الاستدانة لسد الفجوات،‮ ‬علينا جميعا أن نوقف عمليات الاستدانة‮ ‬،‮ ‬ويجب أن تكون الديون الخارجية من طبيعة إنتاجية وليست من طبيعة استهلاكية‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.