محجوب ينهض من فراشه، مبكراً، ويحمد الله على انتهاء الإسهال، ويفكر في «المهمة» الصعبة، الملقاة على عاتقه، ويتذكر بيانات «عسكراني»، المبشرة طيلة الفترة الماضية ب«خراب مصر»، القادم – بإذن الله وحده- في 25 يناير 2012. في الطريق إلى الحمام، يرتدي المرء الشبشب البني، التزاماً بتقاليد العمالة العريقة، وإيماناً – من القلب والله- بتقاليد «شتاء العسكري»، وما إن يسعل كعادته مرتين، حتى يجد زوجته المصونة، الدرة المكنونة، غادة بنت عاطف، رضي الله والقلب معاً عنها، تنهض من الفراش، لتعد العدة، كي نهدم البلاد، وتجهز طبق مكرونة بالبشاميل، كي نستلهم روح الثورة على الإفطار، قبل أن «نقلبها كوبيا إن شاء الله». الثانية عشر والنصف: نعرف من موقع «فيس بوك» لعنه الله، ولعن من شارك فيه بالقول أو الفعل أو الكتابة أو الlike ، أن رأس الفتنة، الذي دمر العراق، وسلم إيران، وهز باكستان، و«شلّح» النسوان، محمد بن البرادعي، عميل الولاياتالصهيوإيرانية الإسرائيلية القطرية الحمساوية المتحدة، قد ذهب لأداء صلاة الظهر في مسجد الاستقامة بميدان الجيزة المظفرة. لم يطق القلب صبراً، وبعد «زغدة» من زوجتنا المندسة، سار الصحفي (ويقولون الصحافي نسبة إلى الصحابي بئس ما يصنعون)، أحمد محجوب، مشمراً عن ساعديه نحو الجيزة، كي يلحق من ثواب العمالة، وصلاة الظهر معاً ما يلحقه أي عميل مؤمن، أو علماني مندس، أو ليبرالي خائن، أو يساري خائب الرجاء في الدنيا والآخرة. في الطريق، رفض سائق التاكسي التوجه للمسيرة، وحاول ( وهو مواطن شريف تعلم في سجون طرة وأبو زعبل) أن يثني الزوجين العميلين عن أداء فريضة «هدم الدولة»، لكن الله سلم، ومادام سلم يبقى لازم نجري ونلحق مسيرة العملاء. من ميدان الجيزة، إلى شارع مراد، ومنه إلى مطلع كوبري الجامعة، ثم العودة لأمام جامعة القاهرة، ومنها إلى الدقي فشارع يدعى (أستغفر الله العظيم) التحرير، لنجد عشرات الآلاف يهتفون من حناجر أدمتها المعونة الأمريكية، ودربتها مخابرات إيران الشيعية، وصقلت موهبتها مباحث السبتية، حتى ذهلت الزوجة المندسة، وأصاب الصحفي الموتور الحاقد على الإسلام والمسلمين، صدمة من كل هذا العدد من الزملاء المخربين. «زغدتني» المدام وقالت: اهتف يا موكوس.. هانروح نقولهم إيه في السفارة.. البيه كان عنده برد؟ نظرت إليها كمن يرى مصيره الأسود، إذا تخلفت عن النداء، وظهرت أمامي صورة زملاء عملاء آخرين، لم يصدقوا السفارات فيما عاهدوهم عليه، منهم الشنكوتي عمر الهادي (كانت السفيرة الأمريكية تعض بنواجذها الحادة شحمة أذنه)، والنقرزاني خالد البلشي الذي حرمته المخابرات السوفيتية رحمها الله من آخر طلبية كافيار صنع في موسكو، هذا فضلاً عن الزميل البختواني محمد سيد حسن، حيث طاردته عاملة النظافة في السفارة الإنجليزية حتى طلب الغوث من أولياء الله الصالحين في لندن، وبرمنهجام، ومدينة الرب في «ريدتش». تذكرت مصيري الأسود، في اليوم الأسود، إذا لم أهتف من أعماق أعماقي لهدم الدولة.. كانت الكاميرات حولي تصور الناس، وأنا بطبعي أتجنبها عامداً، حتى إذا انعطفت المسيرة، في الشارع المذكور، متجهة إلى (أعوذ بالله) ميدان التحرير، جلجل صوتي زاعقا «أيوة بنهتف ضد العسكر .. إحنا الشعب الخط الأحمر»، و«يا طنطاوي صح النوم.. النهاردة آخر يوم» فضلاً عن هتافي المفضل «شالوا حسني وجابوا حسين.. جاتكم وكسة انتو الاتنين» و«غور غور غور غور.. المشير شاهد زور». هتفت والله، يا سيادة السفراء والأمراء والممولين والأمريكان والصهاينة ويا رئيس مخابرات الجهاز العفي في سريلانكا باركها الله، هتفت حتى بح صوتي من النداء، ورددت خلفي متظاهرات يرتدين «الكباسين»، ومتظاهرون قايمين نايمين بحلم واحد هو هدم الدولة، وإنهاء الجيش، وشلح المشير، و...... – لامؤاخذة – المجلس العسكري. أهدتني زوجتي 10 جنيهات سلف من فلوس الأمريكيين، كي أشتري زجاجتين من المياه المعدنية، قالت: مش كفاية يا خويا.. إحنا مش هناكل مال حرام.. دي فلوس دافعي الضرائب في صربيا وأمريكا وإسرائيل وقطر ودوران شبرا، ومش هانعمل منظر ونمشي.. اشرب وكمل يا حلو. وأمام هذا الإصرار البشع، على استمرار العمالة، واستعادة ما تبقى من أموال المعونات، وإيماناً من الزوجة بضرورة الاستمرار في هدم الدولة، وإنكار الذات أمام الهدف الأكبر، خاصة أنهم وعدونا ب«كسوة الشتا»، عدت للهتاف مراتٍ ثم مرات، حتى خذلتني الحنجرة (قاتلها الله)، انشرخ حلقي من الصراخ، وإذا بنور الإيمان يغمر قلبي، وأتصل بعمر الهادي، لأجده (بارك الله في الشباب) في مصطفى محمود يهتف مع الزملاء العملاء الخونة، ضد كل «شريف» في هذا البلد. اطمئن قلبي الخافق بالمعونة الأمريكية، والمعية الإسرائيلية، والعطية التركية، والجائزة القطرية، والنعمة السنغالية وقلت لنفس:«هذا أوان الراحة قليلاً»، إلا أن «المودام»، صممت على زيادة «العيار»، وهمست لي:«بص قبل ما نوصل التحرير لازم إحنا الاتنين يكون صوتنا راح.. عايزين ناكل من عرق جبيننا .. الخيانة ما فيهاش واسطة يا ميجو يا حبيبي». شكرت الرب والسفارة والمخابرات وأجهزة الأمن والأجندات من أعماق قلبي، حيث أهداني الله تلك الزهرة العميلة الهائلة، جاسوسة حقيقية، لا تكل ولا تمل ولا تلين.. في البدء صممت أن يكون زواجنا «صباحية» موقعة الجمل «عشان نثبت للسفارة إن مبارك ما عدش بيحكم غير نفسه»، وأصرت على خوض كل المعارك، منذ أبريل الماضي، وحتى اللحظة الراهنة، فتراها يا عبد الله، غزالة عميلة، تجري بين خيام المستشفيات الميدانية، كي تمدهم بالدواء والذخيرة و«عدة هدم البلد»، وتجدها يا أخي في الجاسوسية، الأكثر حماسة ل«الشهداء الملاعين»، والأول بكاءً على «المصابين البلطجية»، والأعلى صوتاً في المطالبة ب«تخريب مصر».. بارك الله فيك يا غادة، وزادك في الجاسوسية قدر إيمانك بالمعونة. الثالثة والنصف تقريبا: دخلنا ميدان التحرير، استغفر الله العظيم، لنجد منظراً يندى له جبين أي عميل يحترم نفسه. نسوان «زلط ملط»، وحفل جنس جماعي أمام مسجد القائد عمر مكرم، واستمارات «امضي واتشيع»، تملأ الأرجاء، و«بنبوني» للمختارين كشهداء في هذا اليوم الكافر. قلت في بالي:« يا خبر أسود.. البلد كلها بقت عملا ولا إيه؟ إيه المنافسة دي.. كدا هايتخرب بيتي يا ولاد .......». نظرت لغادة لأجدها متجهمة، تحسب القارعة بطريقة «مصروف البيت».. سمعتها تقول في سرها:«امممم.. بتاع مليون عميل، واحنا 2 بس، يبقى الحساب 2457527528724575 ألف شلن نيجيري.. طب لو قسمنا على 54874785235665406، يبقى قدامنا 21545.124254059 ونجيب شقة إيجار قديم.. عموما هانشوف». ولأجل «صفاء الذهن»، ولأن العمالة «أدب مش هز أكتاف»، طفنا بالميدان نبحث عن الرفاق العملاء، حتى عثرنا على اللواء جاسوس عبد الستار البلشي، والقائمقام جاسوس طارق حسني، والصاغ كمال البلشي، وهاتفنا البمبوزي محمد سيد حسن، فأخبرنا أنه حصل على رتبة «سير عميل»، بعد مشاركته الهائلة في مسيرة شبرا، وأنه قادم إلينا بمعية الأدميرال محمد مجدي، على مقهى بوسط البلد (التي سوف نخربها دائما)، كي نلتقط أنفاسنا بعد ساعات من الهتاف والمسيرات. في المقهى إياه، انشغل كل منا بهاتفه المحمول، البلاشوة زادوا واحداً بعد انضمام، ضابط أمن الوحدة (سامي البلشي)، وفنانة تشكيلية، وأستاذ في كلية الفنون الجميلة لا أذكر اسمه. رفع عبد الستار هاتفه ليحدث مخابرات بركة السبع ويطمئنهم على «الأشبال»، أما كمال فأخذ يتلفت حوله قلقاً، ثم فاجئنا بصوته متحدثاً في الهاتف:«عبد اللطيف في الميدان.. معلش أنا عارف إن ده ما ينفعش، بس قلت آخد نفسي، وما تقلقش ده أخويا وإحنا هانقسم الحلاوة مع بعض سعادتك.. ربنا ما يجيب خناق يا فندم»، فيما كان طارق حسني يعبث بخصلات شعره كي يعايرنا أولا لكونه يحتفظ بشعر في رأسه أصلا، وثانياً لأن جهاز المخابرات النيوزلندي لا يطلب منه الكثير. شدتني «الغادة» من أذني وقالت:« أعمل فيك إيه يا موكوس.. شايف الناس شغاله إزاي، وإنت حتى موبايلك فيه 3 جنيه رصيد سلف»، شعرت بالإهانة، وقررت أن وقت الحسم قد حان، فعزمتها على «منقوشة زعتر»، وردت لي التحية بمكرونة «سي فود»، ماركة «اضرب وفجر نفسك». لم يمر وقت طويل، حتى وصل سيد لاهثا وقال:« ولاد التيت (هذا لأنه لا يسب إلا نادراً جداً، كأي عميل بوذي محترف) مافيش مكان لرجل في الميدان.. الله يخرب بيوتكم، طب دا أنا كنت عامل حسابي أحرق قسمين شرطة، وأعذب يجي 19 لواء جيش، وآخذ دبابتين تذكار معايا وأنا رايح أقبض.. آه يا ولاد التييييييييييييييت». هدأت روعه، وأخبرته أن «فرج الله قريب»، فأجابني:«أكيد قريبك.. ما الكرش ده اتربى على الغالي.. مخابرات إثيوبيا شايفة شغلها معاك زي الفل.. إنما إحنا يا حسرة علينا، تخيل ولاد الإيه الإنجليز في المخابرات عايزيني أترجم لهم هتاف (نكشو يا نكشو .. حسني شعبو عكشو)؟ .. طب وحياة يا محجوب الناس دي بتحطم طموح الشباب». الخامسة عصراً: زارنا الرفيق أحمد ندا، مندوب الوكالة الدولية للعمالة والتجسس وشئون التدريب والتسليح وخلافه، ليشاركنا الجلسة، واندمج مع محمد مجدي في ملاحقة «برص» أثار الشكوك، حيث كان يسرح على جدران المقهى، فيما انتظرنا حتى عاد محمد سيد حسن من مسجد مجاور، بعد أداء صلاة العصر، وسبقنا البلشي وصحبه إلى «ميدان التجسس والعمالة»، بينما انهمكت مع «المودام» في حوار طويل: - بقولك إيه ما كدا كفاية.. وبارك الله فيما رزق ونروح البيت نضرب بط وفراخ وملوخية وخلاص؟ - أهو ده اللي جايبك لورا.. لازم تعرف يا أحمد إن الجاسوسية مستقبل، وانت صحفي وأقرع ولك باع في «هدم الدول»، واللي زيك دلوقتي بقى لوا وانت بتقولي «كفاية كدا» يا شيخ عيب على كرشك. - يا حبيبتي ما هو بردو يا بخت من زار الجاسوسية وخفف، بعدين المواطنين الشرفاء (50 نفر) بيتجمعوا في العباسية، وممكن يهجموا على مئات الآلاف اللي هنا ويبهدلونا نتكشف؟ - يا عبيط.. ده ربنا معانا، أمال انت فاكر إيه؟ خلي عنده شوية إيمان بالله. - إزاي يعني - بص يا حبيبي إحنا من صباحية ربنا، بنجري على «أكل العيش»، وشوف يا أخي عشان ادينا «الشغل» حقه، ربنا كرمنا إزاي؟ شوف النتيجة دي: تدمير بتاع 200 مؤسسة دولة ماركة «مجمع علمي عتيق»، و حرق 6 مجالس شعب على الأقل، والمشاركة الفعالة في تنفيذ وتوزيع “الأجندات”، والإسهام البارز في قتل وصلب وتعليق يجي 52154542 عسكري وضابط من الجيش والشرطة والقناصة.. أتم الله علينا نعمائه اليوم، وحققنا هدف الحركات الصهيونية، وفرح بنا اللوبي العلماني الأمريكي، كل ده ونحن “كفرة” أمال لو كنا “مسلمين” كان ربنا وفقنا إزاي؟. فشخت ضبي أمام هذا المنطق السليم.. إذن الله معنا، والمدام معي، وهذا ما يثير القلق والخوف والريبة في كل وقت. من السادسة إلى السابعة والنصف: ذهب سيد حسن لملاقاة أصدقاء فصلتهم جماعة الإخوان المسلمين (وغادة قالت لي لازم تكتب المباركة عشان تبقى بتحترم نتيجة الاستفتاء)، أمام مجمع المصالح، فيما توجه محمد مجدي ليشاطر الإخوة البوذيين الأحزان في وفاة 19 متظاهراً في التبت، بينما سرنا (ميجو وغادة) إلى ميدان – لامؤاخذة- التحرير، وكلنا أمل وهناء وشرين، لنقابل مجنداً هرب من وحدته العسكرية ليذهب إلى الميدان مسلحاً بالعلم (ميكانيكي سيارات نقل)، والإيمان بالقائد العام للقوات المسلحة، المشين محمد حسين طنطاوي فتح الله قرنه. في شارع محمد محمود، وبين هارديز وكنتاكي وبيتزا هت، وأمام بوابة الجامعة الأمريكية، وعلى بعد خطوات من قلب – لامؤاخذة – التحرير، قابلنا المدعو (م. س)، جندي مجند بالقوات المسلحة، غافل قادته النائمين على بطونهم بانتظار الأوامر، وفر من المعسكر الواقع شمال شرق القاهرة، لينضم إلى إخوته وزملاء دربه من العملاء والجواسيس والخونة وحسن أولئك رفيقا. علمت محمد سعد، أن «شغل التجسس ده ما بقاش جايب همه.. دول مستخسرين يصرفوا لي بلوفر كحلي بزن عليه بقالي جمعة، وخلاص قربت أعتصم قدام سفارة توجو وأقول للسفير «المنحة ياريس». هدأت غادة خواطر محمد، وأبلغته بحكمتها الهائلة أن:«الشغل شغل.. الواحد لازم يحب التجسس زي ما بيحب مراته»، نظرت إليها بحسرة فتابعت دون أن تلقي بالاً:«شوف محجوب مثلاً، يا ولداه شقيان من طلعة النهار، إشي تفجيرات، إشي منشورات، إشي أجندات.. طب وحياتك إنت ما كلفنيش في الطلعة دي غير 10 جنيه جاب بينهم مية معدنية، وطلب مكرونة سي فود.. وشوف قلب البلد إزاي، رغم إنه أقرع وبكرش، ومتجوز.. خليك مؤمن يا محمد ..وعلى رأي المثل: اللي هايبعد م الميدان.. عمره ما هيبان في الصورة». صمت الجندي الهارب، وطأطأ رأسه أمام منطق «المودام» الحاسم، فيما تجولنا في – لامؤاخذة- ميدان التحرير، وواصلنا عمليات التحريض والحرق والسلب والنهب وشد ديل العسكري كلما آن الأوان، حتى وجدنا أنفسنا على كورنيش النيل، ومنه إلى تاكسي أبيض اللون من غير سوء، سوى السائق الطفل، والعداد الذي لا يعمل، و«التخريمة» المهببة، والكراسي المنفجرة من الداخل، وكراهية البيه السواق لكافة الأغاني الوطنية المجيدة التي كانت تحتل موجات الإذاعة، حتى هبد الكاسيت بيده وأنزلنا أمام محلات «الألفطي» للرنجة والفسيخ وخلافه، لنعود للبيت مأجورين بإذن الله، ومشمولين بعطف الهادمين العظام، أمثال المغفور له بإذن الله مرشد الإخوان الأناركيين «فانديتا»، وخلفاءه في الأرض من مبارك إلى المشين. هذا والله تعالى أعلى وأعلم. مقدمه لسيادتكم جاسوس أول- أحمد محجوب، وبحوزته «البطة». تم تمويه المواعيد لاختلاف التواقيت حسب كل جهاز مخابرات أجنداتي مندس