شهدت الفترة الماضية غليانا على المستوى الشعبي؛ نتيجة عدة عوامل، أهمها الجنون المستمر في ارتفاع الأسعار, إلى جانب عدم وضوح الرؤية لدى العامة عن الخطوة القادمة التي يمكن للنظام أن يتخذها. بجانب ارتفاع الأسعار وإدارة الاقتصاد السيئة، ثمة أشياء كثيرة ممكن أن نعارضها لنظام الحكم الحالي, ونقف مندهشين أمام مؤيديه الذي أصبحوا لا يتركون شخصا يعارض إلا وقاموا بتشويهه وتشويه عائلته ومن يدافع عنه. ظهر هذا الأمر بوضوح في فيديو سائق «التوك توك» الذي لم يظهر في كلامه معارضة نهائيا، بل كل ما طلبه أن توجه الأموال إلى مستحقيها لا العكس, لكن لم يتركوه إلا هاربا من الخوف, بعد أن أصبح في عيونهم إخوانيا تارة, ومرتشيا تارة أخرى, حتى وصل بهم الأمر إلى فبركة صور لا تخصه مع أناس لا يعرفهم. لم يقفوا عند هذا الحد، بل دشنوا «هاشتاج» مناهضا لسائق «التوك توك», بعد حادثة استشهاد جنودنا في سيناء تحت عنوان سائق المدرعة، وأغفلوا أو تغافلوا أن المجند الذي مات في سيناء قد يكون سائق «توك توك» بعد إنهاء فترة تجنيده, وأن أهل هذا المجند لا يستطيعون الآن الحصول على كيلو سكر, من أجل تضاعف ثراء بعض الأشخاص. تناسى أنصار الرئيس أن التأييد المطلق غباء مطلق، وأن كل البشر خطاءين, وجميعنا نحتاج أحيانا إلى رأي مختلف عنا لنرى ما لا تراه أعيننا, كما تناسوا حكم الفرد دائما نتائجه كارثية ويهدم الأوطان ولا يبنيها, وأنه لا يوجد شخص على صواب دائما. اختلافنا هذا على سياسات الحكم هدفه الوحيد الارتقاء بمعيشة الفرد من أجل الجموع التي تقف الأوطان على أكتافهم, لكن أحيانا يجمعنا حزن واحد يتبعه هدف واحد كالذي يحدث في سيناء نحزن من أجله سويا، ونطلب الانتقام معا, من يخرج عن إطار أن هذا الإطار أراه يدعم الإرهابيين بشكل صريح. هذا ما فعله الدكتور البرادعي حينما كتب على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر» تدوينه من 140 حرفا، وصف الإرهاب فيها بالعنف المتبادل وكأنها مظاهرة يتبادل فيها الأمن والمتظاهرون التراشق بالحجارة, أو أنها حرب بين بلدين على نفوذ لصالح أحدهم. كنت ممن صدقوا الدكتور البرادعي من أول لحظة عند مجيئه لمصر عام2010، وكان بيننا حلم مشترك بالعيش في وطن يحترم إنسانيتنا, ولازالت حتى الآن أدافع عنه حينما يتهمه أحد بالتسبب في دخول الولاياتالمتحدةالأمريكيةالعراق، ليس حبا فيه، لكن لأنه لم يفعل ذلك وهناك من الأدلة ما يثبت, كما أن أمريكا لم تكن بحاجة إلى إذن منه. دعني أخبرك يا دكتور برادعي، أنني اختلفت معك كثيرا في المواقف السياسية، وكان منها على سبيل المثال انسحابك من انتخابات الرئاسة عام 2012, واستقالتك عقب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة, وهذا أمر طبيعي يمكن تجاوزه, لكن ما تفعله الآن من المساواة بين جنود يدافعون عن وطن وإرهابيين مرتزقة هو ما فعله بالضبط من خانوا وطنهم في سوريا حتى أسموا الإرهابيين معارضة، وهذا هو الحد الفاصل بيني وبينك. ثمة عامل مشترك بين مؤيدي الرئيس وبين البرادعي ومن على نهجه فكلاهما يسيرون في طريق هدم الوطن لا بناؤه.