رحل عن عالمنا صباح أمس الجمعة الشاعر الكبير فاروق شوشة، عن عمر يناهز 80 عامًا، ودفن بمسقط رأسه بمحافظة دمياط عقب صلاة الجمعة، بعد أن قضى حياته حارسًا للغة العربية، تاركًا وراءه مشوارًا أدبيًّا به إرث وتراث يصعب تعويضه. ولد الشاعر الكبير فاروق شوشة في 17 فبراير عام 1936 في قرية الشعراء بمحافظة دمياط، أتم حفظ القرآن في طفولته، وتخرج في كلية دار العلوم، ثم درس التربية بجامعة عين شمس، وعمل بالتدريس. بدأ شوشة عمله بالإذاعة المصرية عام 1958، وخلالها قدم برامج لاقت نجاحًا كبيرًا وقت عرضها ومنها "لغتنا الجميلة" الذي كان بمثابة قبلة لكل عشاق اللغة العربية، إضافة إلى برنامج "أمسية ثقافية" الذي استضاف من خلاله عددًا كبيرًا من الأدباء والمفكرين، من بينهم توفيق الحكيم، ويوسف إدريس، ونجيب محفوظ، وأمل دنقل، وعبد الرحمن الأبنودي، وغيرهم. تقلد خلال حياته العديد من المناصب المختلفة، حيث كان عضوًا بمجمع اللغة العربية في مصر، وتولى رئاسة لجنتي النصوص بالإذاعة والتليفزيون، إضافة إلى عضوية لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة، ورئاسة لجنة المؤلفين والملحنين، وأصبح رئيسًا للإذاعة المصرية عام 1994، كما أنه عمل أستاذًا للأدب العربي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. قدم 13 ديوانًا شعريًّا، هي: إلى مسافرة، العيون المحترقة، لؤلؤة في القلب، في انتظار ما لا يجيء، الدائرة المحكمة، الأعمال الشعرية، لغة من دم العاشقين، يقول الدم العربي، هئت لك، سيدة الماء، وقت لاقتناص الوقت، حبيبة والقمر (شعر للأطفال)، وجه أبنوسي، الجميلة تنزل إلى النهر. أثرى المكتبة العربية بمؤلفات عدة، منها لغتنا الجميلة، أحلى 20 قصيدة حب في الشعر العربي، أحلى 20 قصيدة في الحب الإلهي، العلاج بالشعر، لغتنا الجميلة والمشكلات المعاصرة، مواجهة ثقافية، عذابات العمر الجميل. وخلال مسيرة حياته حصد العديد من الجوائز، منها جائزة الدولة في الشعر، جائزة محمد حسن الفقي، جائزة الدولة التقديرية في الآداب، جائزة كفافيس العالمية، جائزة النيل، وهي آخر جائزة حصل عليها في يونيو الماضي. خاض شوشة العديد من المعارك، وفي الدورة 34 لمعرض الشارقة للكتاب العام الماضي، قدم قصيدة "خدم خدم" التي هاجم فيها المثقفين، وقال إنه كتبها متأثرًا بتردي وضع الثقافة والمثقفين، موضحًا أنه لاحظ أن رؤساء المؤسسات الثقافية السابقين هم من يتحدثون عن الفساد المستشري في القطاع الثقافي بالرغم من أنهم كانوا يومًا قادة لهذه المنظومة، لكنهم لم يبذلوا جهدًا لإصلاح ما تم إفساده. وأضاف أنه استهدف من خلف أبيات القصيدة المثقفين الذين باعوا ضمائرهم وكل ما يمتلكونه من أجل هدف شخصي أو منصب يطمحون في الوصول إليه، معتبرين أنهم بذلك يحققون ما فيه الصالح الثقافي.