وجوه شاحبة ونظرات بائسة، يتخللها آهات واستغاثات لأب أو أم مكلومين يصرخون لإنقاذ أطفالهم المرضى الذين يموتون ألما، يأملون الحصول على أسرة خالية أو أدوية مناسبة لمرضاهم بمستشفى أبو الريش للأطفال، التي تحولت إلى مقبرة للأطفال وذويهم. من جانبها، التقت «البديل» عددًا من الأهالي بالمستشفى ليرووا مآسيهم، في البداية، قابلنا س.ع الذي رفض ذكر اسمه خوفًا من تعسف الأطباء أو إدارة المستشفى معه، يروي مآساة ابنه ذي الستة أعوام والمصاب بمرض السكر، قائلا: «هناك نقص تام لأدوية السكر، ما جعل بعض الأطباء في المستشفى يطلبون منهم توفير أدوية السكر لأبنائهم من الخارج». وأضاف: «للأسف حالتي المادية لا تسمح بشراء الدواء يوميًا، فأنا حارس عقار، وليس لديّ ما يكفيني وأبنائي حتى أستطيع توفير الأدوية لابني المريض، وأتمنى أن يدرك الأطباء أننا غير قادرين ماديًا قبل أن يطالبونا بتوفير العلاج». وقالت أم رضوى: «ابنتي مصابة بمرض السرطان، وأواجه كارثة في توفير المحاليل الطبية، خاصة أن المستشفى خالية تمامًا منها، مضيفة: «أدوية الأورام أيضًا ناقصة من المستشفى، وعندما طلبت أن يتم توفير علاج لابنتي، فوجئت بالأطباء يطلبون منا توفير العلاج على نفقتنا الخاصة من خارج المستشفى، وللأسف ليس لديّ إمكانيات مادية لتوفير العلاج بعد زيادة سعره». «لليوم الخامس، آتي مع ابني للمستشفى ولا أتمكن من الدخول بسبب عدم وجود أسرة خالية».. كلمات بدأ بها الحاج سيد عبد الله، والد الطفل أحمد، قائلا: «نجلي مصاب بالتهاب في النخاع الشوكي، ولا يستطيع السير على أقدامه، وذهبت إلى الكثير من الأطباء بالبحيرة، دون جدوى، خاصة أن مصاريف العلاج مكلفة للغاية، وآخر طبيب نصحني أن أعالجه بمستشفى أبو الريش للأطفال، وبالفعل توجهت للمستشفى، لكن لم أتمكن من الدخول لعدم وجود سرير خالي يرقد عليه ابني»، مضيفا: «انتظر الدور في الدخول والالتحاق بسرير بفارغ الصبر، لأنني أعلم جيدًا أنه يتألم، لكن ما باليد حيلة». «فقدت الأمل في علاج حفيدي المصاب بأنيميا البحر المتوسط، وحاولت طرق باب مستشفى أبو الريش لتبدأ المعاناة».. هكذا يتحدث حمدي سيد، جد الطفل محيي، الذي يبلغ من العمر 6 أعوام، قائلا: «توفي نجلي منذ عامين، وترك لي محيي بعد أن تزوجت والدته وغادرت بلدنا، وأصيب حفيدي بمرض أنيميا البحر المتوسط، الذي يحتاج إلى فحوصات وتحاليل بشكل دوري، ما اضطرني اللجوء إلى الكثير من المستشفيات، كان آخرهم أبو الريش، لكن دون جدوى، حيث اضطر إلى تحمل نفقات التحاليل خارج المستشفى بسبب طوابير المرضى أمام حفيدي، خاصة أن حالته متدهورة وبحاجة إلى علاج بأقصى سرعة»، مؤكدا أن الأدوية المخصصة لعلاج حفيده غير متوفرة بالمستشفى على الإطلاق. ولفت محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء، إلى وجود مأساة حقيقية بمستشفى أبو الريش للأطفال، خاصة مرضى الثلاسيميا؛ نظرًا لاختفاء الأدوية من المستشفى واضطرار أهالي الأطفال إلى شرائها من الخارج، ما يكبدهم أموالا طائلة لا يستطيعون عليها، مؤكدا أن المستشفى تفتقر الأدوية والنظام، على حد السواء.