أسعار الفراخ اليوم الخميس 15- 5-2025 بمحافظة مطروح.. الشامورت ب110 جنيهات    محافظ كفر الشيخ يفتتح الحملة الميكانيكية المركزية بمدينة دسوق.. صور    بنى سويف تستقبل فوجًا أجنبياً قوامه 26 سائحًا من ألمانيا والنمسا    رئيس اقتصادية قناة السويس يبحث تعزيز التعاون مع شركة ميرسك    زيادة رأس المال شركة التعاون للبترول إلى 3.8 مليار جنيه    أبو الغيط: القمة العربية تأتى فى لحظة تاريخية.. والمواطن يترقب منها الكثير    التشيك تنتقد غياب بوتين عن محادثات السلام المباشرة مع أوكرانيا    الصحف العالمية: ترامب يطرح فكرة السيطرة على غزة مجددا: سأحولها ل "منطقة حرية".. الرئيس الأمريكي يعيد توجيه دور واشنطن نحو تحقيق المكاسب السريعة.. وثلاث دول أوروبية تهاجم نتنياهو بسبب المجازر الإسرائيلية فى غزة    طارق محروس : مجموعة ناشئى اليد في بطولة أوروبا قوية و إعداد جيد لبطولة العالم    مقتل 3 عناصر شديدة الخطورة فى تبادل إطلاق نار بالقليوبية والاسماعيلية    موجة شديدة الحرارة غدا.. والعظمى بالقاهرة ترتفع إلى 37 درجة    امتحانات الشهادة الإعدادية 2025.. تعليم دمياط تطلق رابط المراجعة النهائية    إحالة أوراق عامل للمفتي بتهمة إنهاء حياة وإصابة 5 أشخاص بقنا    مدير لجنة مصر للأفلام بمهرجان كان: تعزيز مصر كوجهة رئيسية للتصوير السينمائي    نجل الفنان عبد الرحمن أبو زهرة: النقابة تدخلت لحل أزمة وقف معاش والدى.. فيديو    القومي للمسرح يعلن فتح باب التقديم لمسابقتي المقال النقدي والدراسة النظرية    وزارة الأوقاف تنشر نص خطبة الجمعة بعنوان "حب التناهى شطط - خير الأمور الوسط"    الكشف على 145 حالة بقافلة طبية مجانية لجامعة بنها بمدارس القليوبية    نائب رئيس مجلس الوزراء يشهد احتفالية الهيئة العامة للاعتماد (GAHAR)    ترامب: الولايات المتحدة تجري مفاوضات جادة جدا مع إيران من أجل التوصل لسلام طويل الأمد    وزير خارجية العراق: نؤكد دعمنا لخطة مصر بشأن إعادة إعمار غزة    جهود لاستخراج جثة ضحية التنقيب عن الآثار ببسيون    «التضامن» تقر تعديل وتوفيق أوضاع جمعيتين بمحافظة القاهرة    شوبير ينتقد اتحاد الكرة ورابطة الأندية بسبب شكل الدوري    خوسيه ريفيرو يقترب من قيادة الأهلي رسميًا.. تصريحات تكشف كواليس رحيله عن أورلاندو بايرتس تمهيدًا لخلافة كولر    خالد بيبو: حمزة علاء تهرّب من تجديد عقده مع الأهلي    محافظ الفيوم: تسريع إنهاء ملفات التصالح وتقنين أراضي الدولة المستردة    شعبة المستوردين: التيسيرات الضريبية الأخيرة شهادة ثقة في مجتمع الأعمال وتأكيد على إرادة الإصلاح    محافظ الإسماعيلية يتفقد موقع النصب التذكاري بجبل مريم (صور)    ضبط 45.5 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    وزير الصحة يشارك في افتتاح المؤتمر العلمي الدولي ال13 لجامعة عين شمس    رفع الحد الأقصى لسن المتقدم بمسابقة «معلم مساعد» حتى 45 عامًا    وزير التعليم يعلن عودة اختبار ال SAT لطلبة الدبلومة الأمريكية في يونيو القادم    متحف شرم الشيخ يفتح أبوابه لاستقبال الزوار مجانا احتفالا باليوم العالمي للمتاحف الأحد المقبل    رئيس جامعة بنها يشارك في المؤتمر العالمي للتعليم الرقمي بالصين    في زمن المجازر في غزة والتمزق بالضفة.. هل تعترف فرنسا أخيرا بدولة فلسطين؟    الأهلي يواجه ريد ستار الإيفواري في كأس الكؤوس الأفريقية لكرة اليد    إصابة شخص إثر انقلاب سيارته الملاكي أعلى دائري المريوطية    جامعة بنها تواصل قوافلها الطبية بمدارس القليوبية    حريق هائل يقضي على 2000 دجاجة و3 عجول فى الشرقية    محسن صالح: كولر لم يكن الخيار الأول.. وحسام غالي تصادم معه بسبب موديست    تعرف على مدة إجازة رعاية الطفل وفقا للقانون    انخفاض سعر الذهب اليوم في مصر ببداية تعاملات الخميس 15-5-2025    هل يجوز لزوجة أن تطلب من زوجها تعديل هيئته طالما لا يخالف الشرع أو العرف أو العقل؟.. أمين الفتوى يوضح    رسميًا.. جدول امتحانات الصفين الأول والثاني الثانوي 2025 بمحافظة الوادي الجديد    وزير الخارجية يشارك في اجتماع آلية التعاون الثلاثي مع وزيري خارجية الأردن والعراق    أمين الفتوى: لا يجوز صلاة المرأة خلف إمام المسجد وهي في منزلها    دراسة: أدوية إنقاص الوزن والسكر لا ترتبط بالقلق والاكتئاب    أيمن بدرة يكتب: الحرب على المراهنات    الدكتور حسام موافي يكشف 4 أسباب للأنيميا تهدد حياة الإنسان (فيديو)    نماذج امتحانات الصف الرابع الابتدائي pdf الترم الثاني لجميع المواد (صور استرشادية)    ريهام عبد الحكيم تُحيي تراث كوكب الشرق على المسرح الكبير بدار الأوبرا    محمد رمضان يوجه رسالة مؤثرة لوالدته: «إنتي أول واحدة كانت واثقة فيا».. والأخيرة ترد    مؤسسة غزة الإنسانية: إسرائيل توافق على توسيع مواقع توزيع المساعدات لخدمة سكان غزة بالكامل    فى فيديو مؤثر.. حسام البدري يشكر الدولة على عودته الآمنة من ليبيا    حكم الأذان والإقامة للمنفرد.. الإفتاء توضح هل هو واجب أم مستحب شرعًا    ريال مدريد يقلب الطاولة على مايوركا ويؤجل حسم لقب الليجا    العقرب «محامي شاطر» والجوزاء «علاقات عامة».. المهنة المناسبة لشخصيتك حسب برجك الفلكي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجزيرة الخضراء.. قرية الموت و«ترانزيت» الهجرة غير الشرعية
نشر في البديل يوم 22 - 09 - 2016

أكثر من 40 شابا تتراوح أعمارهم ما بين الثانية عشر والعشرين عاما، بينهم 28 طفلا، لقوا حتفهم على متن قارب الموت الذي كان متجها إلى العاصمة الإيطالية روما من قرية واحدة في محافظة كفر الشيخ، تطل على سواحل بحيرة البرلس تسمى "الجزيرة الخضراء".
القرية التي يقطنها نحو 50 ألف شخص، يعاني أهلها من الإهمال وشبابها من البطالة، وتنتشر في شوارعها القمامة التي تحيط بالبيوت، ويتكاثف الدخان على السكان، ومياه الشرب تختلط بالصرف الصحي، وتكثر فيها أمراض الكبد والفشل الكلوي وفيروس سي بنسبة 80% من الأهالي وأقرب مستشفى تبعد عنهم نحو 33 كيلو وهي مستشفى رشيد العام.
كما تشتهر "الجزيرة الخضراء" بزراعة النخيل، الذي أصابه هو الآخر "الإيدز"، وهي حشرة صغيرة "سوسة" تصيب النخيل الأحمر وتؤدي إلى هلاكه، فضلا عن وقوع نحو 30% من نخيل الجزيرة في نوفمبر الماضي، إثر عاصفة هوائية قوية، دون أدنى اهتمام من قبل مديرية الزراعة.
رائحة الموت تعشش في الجزيرة
الجزيرة المنعزلة، بحسب ما يصفها أهلها، يخرج أبناؤها في مثل هذه الأيام من السنة للسفر عبر البحر، حيث ينشط موسم الهجرة غير الشرعية داخل الجزيرة بداية من دخول موسم الصيف حتى بداية شهر أكتوبر من كل عام.
كما أنها قرية الطفل أحمد فؤاد مرعي، الشهير ب"طفل إيطاليا" الذي عبر مياه البحر المتوسط قبل نحو شهر؛ لإيجاد فرصة علاج لشقيقه الأصغر المريض بعد فشل محاولات العلاج في مستشفيات بلده، ما دفع وزارتي الخارجية والصحة المصريتين إلى سرعة التدخل لإنقاذ سمعة مصر تحت عنوان "مصر أولى بأبنائها" وتخصيص غرفة خاصة للطفل المصاب بقصور في وظائف الدم على مدار 9 أيام كاملة، خاصة بعد اهتمام وسائل إعلام ووكالات اخبارية عالمية بترحيب الجانب الإيطالي بالطفل المصري وشقيقه للعلاج في أفضل مراكز "لامبيدوزا" الطبية.
نوبة من البكاء الممتزجة بالرعب تنتاب أهالي الجزيرة؛ خوفا من سماع أسماء أقاربهم عبر ميكرفون المسجد الكبير في القرية التي يخيم على جدرانها الصمت وتفوح من شوارعها رائحة الموت، فلا صوت يعلو فوق صوت الحزن، والموت أقرب إليهم من معدية رشيد المجاورة.
الأمهات يتشحن بالسواد وتعلو أصواتهن بالصراخ والنحيب والبكاء، والآباء يسكن الوجع قلوبهم وهم يسارعون نحو برج رشيد والخوف والترقب يحيطان بالجميع هناك في انتظار أي أخبار جديدة عن ذويهم العائدين من البحر على متن مراكب الصيد التي تنتشل الضحايا والغارقين أو الإعلان عن أسمائهم ضمن كشوف الناجين من قبل مراكب الصيد أو حتى العثور على جثثهم وسط الضحايا والغارقين حتى يستريحوا من عناء البحث عن أبنائهم المفقودين في عرض البحر.
المشهد لا يخلو من زوج يصاب بانهيار عصبي بعد أن فقد زوجته وأطفاله على المركب وينتظر وصول جثثهم حتى يلقي عليهم نظرة الوداع، وأم مكلومة تنعي ابنها الوحيد على ابنتين، عثروا على جثته غارقة في مياة المتوسط وأذاعوا الخبر في المساجد مساء أمس، لتشييع جنازته إلى مثواه الأخير، رافعة يديها إلى السماء، وتردد في أسى وحزن: "حسبي الله ونعم الوكيل".
أطفال على مراكب الموت
معظم الناجين من حادث الأمس، الذي راح ضحيته عشرات الأطفال والشباب دون العشرين عاما، فقدوا الأمل في إيجاد حياة أو وظيفة محترمة لهم في بلادهم فاضطرتهم الظروف إلى ركوب الموت للهروب من شبح البطالة والعيش "عالة" في بلادهم، ليتخذون قرار الهجرة نحو بلاد الأحلام التي توفر لهم كل شيء، كما يظنون.
وداخل الجزيرة التقينا "أحمد.ع.م" أحد الشباب الناجين من مركب الموت الغارق أمس الأربعاء، الذي استهل حديثه إلينا بكلمات غاضبة: "لو فرصة وصولي لإيطاليا 5% هاسافر تاني.. ولو مُت 100 مرة أنا الكسبان لأني عايش ميت في بلدي"، ويحكى ل"البديل" عن تجربته مع الهجرة غير الشرعية، قائلا إن المركب كانت تغرق بهم بعد حبسهم أكثر من أسبوع في البحر بين الحياة والموت يعيشون على "كوباية مية" الصبح والمغرب ورغيف عيش "مقدد"، ومع ذلك يكرر تجربة الهجرة للمرة الثانية، خاصة بعد نجاحه في الوصول إلى روما في الرحلة الماضية وقضاء نحو 10 أيام هناك يصفها بأنها أحسن من ال19 سنة التي عاشها في مصر.
ويضيف العشريني، الذي رفض التصوير خوفا من إلقاء القبض عليه والقضاء على مستقبله: "في إيطاليا عملوا معانا اللي المصريين ماعملهوش معانا طول حياتنا، أكل وشرب وعلاج وحجزوا المرضى منا وحدهم، وفيه طبيب مختص بيتابعهم صبح وضهر ومغرب وبدل الدكتور في 12 يعملوا لهم التحاليل والفحوصات والأشعة اللازمة، ولما وصلتنا الطيارات واللنشات الحربية قالوا لنا ماتخافوش انتم حياتكم تهمنا وركبونا مركب وأعطوا كل واحد منا شنطة هدوم وأكل نظيف وعصائر وعيشة هناك أفضل من بلدك".
وفي المقابل، يوضح الشاب العائد من مركب الموت عن سوء معاملة الأمن في مصر لهم عقب إلقاء القبض عليهم، بعد أن رحلتهم إيطاليا لتجاوزه سن 18 عاما، قائلًا: "المعاملة من الأمن المصري سيئة جدا، وكانوا مش واثقين إننا مصريين غير لما يشوفوا شهادات الميلاد التي تثبت هويتنا، لدرجة إن واحد أعرفه كان بيموت قدامهم وسابوه بدون إسعافات أو علاج حتى يستلمه أهله بعكس اللي كان بيحصل معانا في إيطاليا".
حالة أخرى بطلها متولي محمد، 28 عامًا من مركز فاقوس بمحافظة الشرقية، فقد زوجته وطفله الصغير على متن المركب، ولا يعد يعرف عنهما شيئا، يعمل حدادًا ويوميته تصل إلى 100 جنيه، لكن العمل غير دائم ودخله غير مستقر، بحسب تعبيره، عندما رأى جيرانه وزملاءه سافروا إلى إيطاليا وكونوا ثروات، اتفق وصديقه بدر محمد عبد الحافظ على السفر واصطحاب أسرتيهما، ودفع إلى السمسار مبلغ 55 ألف جنيه مقابل سفره وزوجته ونجله، الذي يبلغ من العمر عامين.
وأضاف متولي ل"البديل": "بمجرد تحرك المركب من شاطئ البحر، اكتشفنا زيادة الحمولة التي لا تستوعب أكثر من 120شخصا على الأكثر، وطلبت من الشباب القفز في المياه حتى نخفف الحمل وتستطيع المركب عودتنا إلى الشاطئ، وفعلاً قفزت لكننى فوجئت بغرق المركب فجأة، ولا أعرف شيئًا عن زوجتى وابنى، وأنقذني صياد يستقل مركب صغير من الغرق، وتمكن أهالى رشيد من إنقاذ عدد آخر من زملائي".
ووسط صمت وقلق وترقب، قالت أمل محمد، إن شقيقها وابن عمها من الناجين، مضيفة أن أنهما وقعا على إيصال أمانة بمبلغ 20 ألف جنيه حتى يتمكنا من السفر؛ لأنهما لم يستطيعا سداد كل المبلغ وهو 30 ألف جنيه، لكل منهما، مؤكدة أن الشباب فى منطقة الجزيرة الخضراء يهربون بهذه الوسيلة؛ لعدم توافر فرص العمل.
الأهالي: الحكومة بتقبض الثمن
"إحنا بلدنا فضيت من الشباب لأننا باختصار مش على خريطة المسؤولين".. كلمات قالها أحد أهالي المهاجرين بالجزيرة الخضراء، متحفظا على ذكر اسمه، وأضاف أن الحكومة مشاركة في جريمة هجرة ذويهم خارج البلاد وغفر السواحل وقوات حرس الحدود الذين يتقاضون نسبة على كل رأس تهاجر خارج الحدود تبدأ من ألف جنيه ولا تزيد عن 5 آلاف جنيه، بحسب تأكيده.
وتابع: "ولادي الاتنين شافوا الموت بعنيهم أكتر من مرة وقعدوا أكتر من أسبوع في البحر من غير مية أو أكل ومستعدين يهاجروا تاني وتالت لأنهم مش باقيين على حاجة هنا بعد ما كرامتهم اتهانت في بلدهم والغريب أكل خيرهم وبره مصر لما ابني صباعه وجعه كانوا هيشيلوه من على الأرض عشان يعالجوه ولما وصل مطار القاهرة الضابط قابلهم هناك شتمهم بالأم والأب.. يبقى لما ابني يسافر افرح ولا أزعل"!
النواصرة والسكري والجزيرة.. "ترانزيت" المهاجرين
"النواصرة، السكري، الجزيرة الخضراء".. ثلاث مناطق ارتكاز رئيسية تقع بين محافظتي البحيرة وكفر الشيخ يتم فيهم تخزين المهاجرين عبر مراكب الهجرة غير الشرعية داخل شقق مستأجرة من قبل سماسرة التهريب الذين يقطنون "الجزيرة الخضراء"، "أبو خشبة"، " برج مغيزل" ك"ترانزيت" لهم قبل خروجهم للبحر على متن قوارب الهجرة إلى ايطاليا، ويتقاضى السمسار من كل شخص يرغب في الهجرة مبالغ مالية كبيرة تتراوح ما بين 15- 20 ألف جنيه لتهريبه خارج حدود البلاد.
في الوقت ذاته، يمنح السمسار الفرصة أمام العديد من شباب الجزيرة الخضراء الفقراء الذين لا يملكون تسعيرة "الهجرة" إلى الخارج بالسفر مجانًا مقابل اصطحاب 5 أفراد آخرين معهم من القرى المجاورة في ضواحي رشيد ومطوبس والمحمودية ومحافظات الجمهورية كافة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.