محاولات لا تتوقف من قبل البعض لهدم بيت المساجيرى، أقدم منازل محافظة السويس، والذى تم إنشاؤه قبل 300 عام ووقف شاهدا على الأحداث. اتخذ نابليون بونابارت "المساجيرى" مقرا له أثناء حملته على مصر والشام، ونزلت به الإمبراطورة أوجيني، ملكة فرنسا، أثناء افتتاح قناة السويس فى 1869 وكانت تدار منه حركة الملاحة لوقت طويل، إلى جانب إيوائه أفراد المقاومة الشعبية وضباط الجيش أثناء حرب الاستنزاف وأكتوبر، وغيرها الكثير من الأحداث التي جعلت من المبنى قيمة تاريخية وأثرية يحاول البعض هدمها في محاولات مستمرة لاستغلال الأرض والموقع وإنشاء برج سكنى بدلا منه ضاربين بالتاريخ والآثار عرض الحائط. آخر هذه المحاولات قام بها أحد رجال الأعمال الذى ادعى حصوله على أوراق وتراخيص تفيد بأحقيته في هدم المبنى مستغلا نفوذه وعلاقاته بالمسؤولين وحاول رجاله هدم المبنى لولا تدخل شباب وأهالي السويس، وسط غياب تام للمسؤولين، وهو أمر يتكرر منذ التسعينات بنفس الطريقة مع تغير شخصية المعتدى ومدى علاقاته بالمسؤولين، ورغم دخوله ضمن المباني والقصور الأثرية التي حددت 9 قصور ومبان وكنائس أثرية من ضمنها "بيت المساجيرى". وقال الدكتور على السويسي، أستاذ التاريخ بجامعة السويس، إن كلمة "مساجيري" تطلق على الأماكن التى تستضيف الركاب، وبيت المساجيرى بالسويس من ضمنها، وقامت بإنشائه شركة مستعمرات الهند البريطانية منذ ما يقرب من 300 عام طبقا للمستندات الرسمية، ليكون ضمن "طريق الحرير" للبضائع القادمة من الهند إلى ميناء السويس. وأوضج أنه أنشئ على الكورنيش "القديم حاليا" بمنطقة الخور بحي السويس بغرض رؤية ومراقبة حركة السفن العابرة للقناة من المدخل الجنوبي، وكان استراحة لتجار التوابل والزيوت القادمين من الهند والصين ودول جنوب شرق آسيا، ويضم مخازن للغلال، وبعدها استغل كمقر لأفراد المقاومة الشعبية وقيادة العمليات السرية وإيواء المرضى من أفراد الجيش، ولم تجد السينما وأجهزة الإعلام مكانا آخر أفضل منه لتصوير وتجسيد تلك المرحلة. وقال عامر عبد الله عبد القادر، مفوض شركة النقل والمحطات، إن المساجيري مهدد من قبل أحد رجال الأعمال، ونفوذه يمنع المسؤولين من التدخل كما أن رجاله وبلطجيته يرهبون كل من يعترض طريقهم، ولولا تدخل شباب وأهالي السويس لكان قد هدم "المساجيري". وأكد أن الحركة الملاحية كانت تدار من بيت المساجيرى بالمدخل الجنوبي لقناة السويس عقب افتتاحها 1869، وتولت الشركة الفرنسية للملاحة تجهيز المكان بالمعدات ليكون مركزًا للتحكم بحركة المدخل الجنوبي ومرور السفن التجارية، وكان يشهد تواجد المرشدين الملاحيين ومشرفي الحركة، واستمر العمل به حتى إنشاء استراحات جديدة للمديرين وكبار البحريين بمنطقة بورتوفيق، كما تم إنشاء مبان لإدارة الأشغال والحركة التى ما زال العمل بها حتى اليوم، وانتقلت الشركة الفرنسية للعمل من بيت المساجيري إلى مبنى الأشغال ومبنى الحركة بعد 30 سنة من افتتاح القناة، ومنذ ذلك الحين تم هجر المبنى وأصبح بمرور الوقت مهملًا للغاية. وتعتبر شركة القناة للتوكيلات الملاحية هى مالكة المبنى الأثرى الذي يحمل حتى الآن لافتة باسمها، حيث كان يتبع شركة "عبر البحار" التى تغير اسمها بعد تأميمها عام 1956. وقالت شيماء السيد، محامية، إن هناك محاولات من البعض للالتفاف على القانون والاستيلاء على المبنى وهدمه لبناء أبراج سكنية، وطالبت بضرورة التصدي لهم ومناشدة المحافظة بالحفاظ على ما تبقى من المباني الأثرية. من جانبه، قال اللواء أحمد محمد حامد، محافظ السويس، إنه طلب من مدير الآثار بالسويس والشؤون القانونية إعداد مذكرة بشأن بيت المساجيري، وإنه لن يتم المساس بالمنزل حتى الاطلاع على المذكرة ومعرفة الوضع القانوني، مؤكدا أنه سيعمل على تطوير المنازل والقصور الأثرية بالمحافظة خلال الأيام المقبلة. وكان المحافظ السابق اللواء أحمد الهياتمي، ومسؤولو مديرية الآثار، قد قاموا بجولة داخل بيت المساجيرى بمنطقة الخور بحى السويس، وأكدوا تسجيل المنزل كأثر ضمن الآثار المصرية، وحذر الهياتمي من التعامل عليه بأى شكل أو صورة مهما كانت.