تشهد زيمبابوي مظاهرات واسعة للمطالبة بإصلاحلات سياسية قبل إجراء الانتخبابات المقررة عام 2018، فيما قال الرئيس الزيمبابوي روبرت موجابي، غاضبا، إن بلاده لن تشهد "ربيعا عربيا"، كما يتخيل البعض. المظاهرات المناوئة للحكومة الزيمبابوية التي بدأت شهر أغسطس وتجددت في الأيام الماضية تحولت إلى أسوأ أعمال عنف شهدتها البلاد منذ عقدين، وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه على قادة المعارضة ومئات المتظاهرين المحتجين فى العاصمة هرارى. ووفقا للمتحدث باسم حزب المعارضة لوك تامبورينيوكا، أصيب 40 شخصا على الأقل، إثر استخدام الشرطة الهراوات والغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين الذين أشعلوا النار فى إطارات السيارات والمتاجر وأسواق السلع المستعملة، وتبادلوا التراشق بالحجارة مع رجال الشرطة، ودوّت أصوات آلات تنبيه سيارات الإسعاف فى منطقة المال والأعمال المركزية فى هراري بعد الإبلاغ عن إصابة عدد من الأشخاص. تدهور الأوضاع الاقتصادية لزيمبابوي تسبب في اندلاع الموجة الأخيرة من التظاهرات، ويتخوف المواطنون من أن يؤدي طرح الفئات الجديدة من أوراق النقد في أكتوبر المقبل إلى الغرق في دوامة جديدة من طباعة العملات المحلية التي لا يتوفر لها غطاء من الذهب أو العملات الصعبة، على غرار ما فعلت الحكومة عام 2008 وتسبب في موجة من ارتفاع الأسعار حينذاك وارتفاع معدل التضخم إلى أرقام غير مسبوقة. ويعد الرئيس موجابي المولود في 21 فبراير 1924 شخصا مثيرا للجدل نظرًا لطول الفترة التي حكم فيها البلاد، بقبضة من حديد، وذلك منذ استقلال بلاده في 1980، ويؤكد أنه سيحكم حتى يبلغ من العمر مائة عام، وأقام في فبراير الماضي احتفالا كبيرا لأنصاره بمناسبة عيد ميلاده ال92 وسط انتقادات واسعة من المعارضة، ويعتبره الكثيرون عميد رؤساء دول العالم. المعارضة هاجمت احتفال عيد الميلاد نظرا للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة في بلد يعاني ربع سكانه من أزمة غذائية، وفي ظل عدد من الكوارث الطبيعية في عدد من المناطق بسبب الجفاف، وقال رئيس جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان أوكاي ماشيزا "عندما ينفق رئيس 800 ألف دولار من أجل عيد ميلاده ولا يملك آلاف الأشخاص ما يقتاتون به فإننا نتساءل: أي نوع من الآباء يقودنا!"، في إشارة إلى اللقب الذي يطلقه موجابي على نفسه "أبو الأمة". وقال ماكواننزي، أحد منظمي التظاهرات في هراري: إن الدعوة إلى تنفيذ الإضراب العام، تشمل تجميد كافة الأنشطة الاقتصادية في البلاد من أجل الضغط على الحكومة. موجابي، قال إن بلاده لن تشهد الربيع الذي مر على الوطن العربي مقارنًا بين التظاهرات التي نشبت ضد نظامه بالثورات العربية التي ساعدت عام 2011 على إسقاط رؤساء عدة دول عربية، منوها إلى أن هذه الاحتجاجات لن تجدي نفعا، واتهم ممثلي المعارضة بأنهم أرادوا الإطاحة به عن طريق تأجيج الشارع، مثلما حدث في البلدان العربية، وتساءل عن الفائدة التي ستعود على المواطنين عند التظاهر في مختلف الشوارع والميادين وإلقاء الشرطة بالحجارة، معتبرا أن من فعلوا ذلك لا يريدون سوى تدمير الاقتصاد، ويعارضون بشكل خاص تغيير عملة البلاد واعتماد عملة جديدة بقيمة الدولار الأمريكي نفسها. على الصعيد الدولي، اتهمت زيمبابويفرنسا والولايات المتحدة بالتآمر ضدها بهدف إسقاط نظام موجابي، من خلال دعم الاحتجاجات والإضرابات التي أدت إلى توقف العمل بالمصانع والشركات، وإضراب عمال هيئة النقل العام الأسبوع الماضي وإصابة الحياة بالشلل، وقالت الحكومة إن لديها أدلة كافية تؤكد تورط سفارتي البلدين في هراراي في دعم الاحتجاجات وأعمال الشغب التي تشهدها البلاد، خاصة إضراب عمال النقل العام الأخير الذي أدى إلى توقف الحياة في العاصمة والمدن الأخرى. وقال وزير الدولة للشؤون الداخلية في زيمبابوي إغناطيوس شومبو، إن جهاز الاستخبارات رصد وجود دور رئيسي للسفارات الغربية في الاحتجاجات الأخيرة، خاصة سفارتي فرنسا والولايات المتحدةالأمريكية، ونقلت صحيفة صنداي ميل، المقربة من الحكومة عن شومبو قوله: "إن الأدلة التي جمعناها حتى الآن تؤكد أن السفارة الفرنسية في هراري والسفارات الأخرى جزء من هذه المؤامرة بهدف قلب نظام الحكم وزعزعة الاستقرار في البلاد".