اشتعلت مسألة حذف جوجل لفلسطين من على خرائطها، واتهمها منتدى الصحفيين الفلسطينيين المؤامرة، مؤكدا أن شركة التكنولوجيا العملاقة متواطئة مع السياسات الإسرائيلية، حيث الاستيطان في الأراضي المحتلة، وردت جوجل أنها منذ البداية لم تضع فلسطين على خرائطها، وألقت اللوم على خلل تقني أزال قطاع غزة والضفة والغربية، لكن الكثير من المعلقين استشهدوا بخرائط الآثار القديمة لإثبات الوجود الفلسطيني. بسبب حذف جوجل لفلسطين، أشار العديد لوجود خرائط ورقية قديمة، للأراضي المقدسة والإمبراطوريتين الرومانية والعثمانية، منذ عصر الانتداب البريطاني، تثبت وجود فلسطين، أما في العصر الرقمي الحديث واستخدام "خرائط جوجل" توجد فقط إسرائيل دون فلسطين، تعرض الخرائط المناطق الحضرية في إسرائيل حتى أنها تضم معالية أوديم، مستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربيةالمحتلة، وفي نفس الوقت لا تظهر أي من المراكز الحضرية الفلسطينية، ولا حتى المدن الكبرى مثل غزة وخان يونس ونابلس. يشير العديد من المعلقين إلى أن فلسطين ليست ضمن الأراضي الوحيدة المتنازع عليها في العالم، مقارنة بشبه جزيرة القرم، لكن القضية الفلسطينية على المحك، كما أن فلسطين تعد الدولة الوحيدة الحالية التي تعترف بها الأممالمتحدة ولم تظهر على خرائط جوجل. درس مؤرخو رسم الخرائط لفترات طويلة، النتائج المترتبة على امتناع رسم الخرائط، وفي الدراسة التاريخية "رسم خرائط إنجلترا الجديدة وسكان أمريكا الأصليين"، نشرت للمؤرخ البريطاني، جي بي هارلي في عام 1994، وحلل المؤرخ الخرائط للقرن السابع عشر وسط متابعة الاستبدال التدريجي للهنود الحمر بالمستوطنين الأوروبيين، وفي تحليل هارلي، كانت الخرائط أكبر سجلات تاريخية لهذه العملية، نظرا لما فعله المستعمرون على حساب السكان الأصليين، ووضعوا صكوكا شرعية للاستعمار. ترك صانعو الخرائط الاستعمارية مناطق فارغة تشير إلى وجود أغلبية من السكان الأصليين، بدلا من إنتاج منطقة جغرافية للسكان الأصليين، وبدأت دراسة هارلي، كورقة في مؤتمر بعنوان "ضحايا الخريطة"، وهو مقتبس من مختارات الشعر الفلسطيني واللبناني المعاصر، وناقش الآثار المترتبة على عدم تحديد أماكن الهنود الحمر على الخرائط الاستعمارية. ونقل هارلي عن المؤرخ الإسرائيلي ميرون بنفستي، نائب رئيس البلدية ورئيس قسم التخطيط في القدس، 1971 – 1978، والذي وصف عملية تهويد فلسطين والمناطق المحتلة: "مثل كل المجتمعات المهاجرة، حاولنا محو كل الأسماء الغريبة، الخريطة العبرية في إسرائيل تشكل طبقة وعي لدي، وركيزة أساسية من قبل خريطة الطبقة العربية السابقة". في منطقة الشرق الأوسط التي تمزقها الصراعات، تكون الخيارات سياسية بشكل صارخ، الخريطة الرسمية لإسرائيل متاحة على الصفحة الرسمية للحكومة الإسرائيلية، وتدمج بها الأراضي المحتلة وتخلو من أي أسامي فلسطينية، وعلى العكس، تحمل الخريطة الفلسطينية الأسماء الفلسطينية للمدن رافضة الاعتراف بالتطورات منذ عام 1948. بناء على ما سبق، هل علينا أن نشك بأن جوجل لها أي أجندة سياسية؟ تظهر جوجل الأراضي المتنازع عليها، وفقا للبلد الذي تتواجد فيه حين ترغب في الوصول إلى هذه المناطق. بعد كل شيء، جوجل هي ممثل تجاري، تتقاضى المليارات من خلال إرضاء عملائها، وفي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المستقطب، عدم وضع المناطق المحتلة سيثير الغضب الإسرائيلي والفلسطيني، وهناك أحد الحلول الممكنة، إذا رسمنا الحقائق السياسية بدلا من تضارب المثل العليا السياسية، وربما قد تضع جوجل فلسطين كأراضي محتلة بدلا من دولة مستقلة. الخريطة ليست أرضا، وإدخال أو إزالة اسم على الخريطة لا يبطل وجود شيء، حيث حقيقة وجود المستعمرين الأوربيين في الولاياتالمتحدة وما فعلوه في الهنود الحمر، لكن كل شخص ذهب إلى المدرسة وأبحر مع الخريطة يعرف كيفية توجيه انتباهنا وتشكيل خبرتنا، وذاكرتنا للحقيقة. راسمو خرائط الحقبة الاستعمارية يرون الأراضي من المنظور الخاص بهم منغمسين في قيمهم وأخلاقهم، وفي محاولة للبقاء على الحياد في نظر عملائها والمجتمع المحيط، اتبع راسمو خرائط جوجل نفس النظرية، حيث يرون العالم من وجهة نظرهم الثقافية المشفرة، وحين اختاروا عدم وضع فلسطين على خرائطهم، قننوا صورة رسم الخرائط، واتبعوا نظرة زملائهم الغربيين للعالم. جارديان