التعليم العالي تنشر حصاد العام المالي 2024/2025 للتصنيفات الدولية: ظهور لافت للجامعات    60 جنيهًا ارتفاعًا في سعر جرام الذهب خلال أسبوع    هل تفجر الأحزاب الدينية حكومة نتنياهو؟    إصابة جندي إسرائيلي بجروح بالغة إثر تعرضه للقنص في حي الشجاعية بغزة    المجلس الوطني الفلسطيني: إسرائيل حوّلت غزة إلى مقبرة جماعية    إعلام عبري: جثة السنوار في قبضة إسرائيل    رونالدو يقود البرتغال أمام إسبانيا في نهائي دوري الأمم الأوروبية    هويلوند يرد على تقارير رحيله عن مانشستر يونايتد    محافظ القاهرة يحتفل بالعيد مع المواطنين في الحديقة الدولية    إصابة 18 شخصًا في حادث تصادم على طريق السخنة    من خروف العيد إلى «بوكس» المفاجآت.. هدايا المخطوبين بين التقاليد والابتكار    بإقبال كبير.. قصور الثقافة بأسيوط تواصل احتفالات عيد الأضحى    أكلات عيد الأضحى.. طرق تحضير الكوارع وأشهى الأطعمة    اجتاز الفحوصات الطبية.. تقارير: رايندرز أصبح لاعبا لمانشستر سيتي    رونالدو يكشف: عملت مترجمًا ل ميسي!    في ثالث أيام العيد.. مدير معهد بحوث أمراض النباتات يتفقد محطة سدس    تواصل حملات التعدي على أراضي أملاك الدولة في مطروح خلال العيد    التعليم العالي تقدم 8 نصائح لتناول اللحوم بطريقة صحية    إلهام شاهين من الساحل الشمالي.. «الله على جمالك يا مصر» | صور    براتب 10 آلاف جنيه.. الإعلان عن 90 وظيفة في مجال الوجبات السريعة    الخليفي: ديمبيلي يحافظ على الصلاة.. والتسجيل في إسبانيا أسهل من فرنسا    لدغة عقرب تُنهي حياة "سيف"| المئات يشيعون جثمانه.. والصحة ترد ببيان رسمي    سحب 1.7 مليون بيضة من الأسواق في أمريكا (تفاصيل)    هدف الزمالك.. خطوة واحدة تفصل زين الدين بلعيد عن الوكرة القطري    تنسيق الجامعات 2025، قائمة الجامعات المعتمدة في مصر    الدفاع المدني فى غزة: الاحتلال يمنع إنقاذ الأحياء فى القطاع    درة تخطف الأنظار بإطلالة كاجوال احتفالا بالعيد والجمهور يعلق (صور)    5 أيام يحرم صومها تعرف عليها من دار الإفتاء    عمال الشيوخ: خروج مصر من قائمة ملاحظات العمل الدولية للعام الرابع "مؤشر ممتاز"    عقرهما كلب شرس.. تفاصيل إصابة طالبين داخل "سايبر" بالعجوزة    لماذا تتجدد الشكاوى من أسئلة امتحانات الثانوية العامة كل عام؟.. خبير يُجيب    «الحج دون تصريح».. ترحيل ومنع «المخالفين» من دخول السعودية لمدة 10 سنوات    تجهيز 100 وحدة رعاية أساسية في الدقهلية للاعتماد ضمن مؤشرات البنك الدولي    196 ناديًا ومركز شباب تستقبل 454 ألف متردد خلال احتفالات عيد الأضحى بالمنيا    الداخلية تواصل تطوير شرطة النجدة لتحقيق الإنتقال الفورى وسرعة الإستجابة لبلاغات المواطنين وفحصها    بقرار من رئيس جهاز المدينة ..إطلاق اسم سائق السيارة شهيد الشهامة على أحد شوارع العاشر من رمضان    بنسب إشغال تصل إلى 100% جولات مستمرة من الإدارة المركزية للسياحة والمصايف في الإسكندرية    متحف شرم الشيخ يطلق فعاليات نشاط المدرسة الصيفية ويستقبل السائحين في ثالث أيام عيد الأضحى    لا يُعاني من إصابة عضلية.. أحمد حسن يكشف سبب غياب ياسر إبراهيم عن مران الأهلي    وزير الخارجية يبحث مع نظيره التركى تطورات الأوضاع فى غزة وليبيا    هل تشتهي تناول لحمة الرأس؟.. إليك الفوائد والأضرار    هل يجوز الاشتراك في الأضحية بعد ذبحها؟.. واقعة نادرة يكشف حكمها عالم أزهري    4 أبراج جريئة في التعاملات المالية.. عقلانيون يحبون المغامرة وخطواتهم مدروسة    ضبط شخصين لاتهامهما بغسل 50 مليون جنيه من تجارة المخدرات    بين الحياة والموت.. الوضع الصحي لسيناتور كولومبي بعد تعرضه لإطلاق نار    منافذ أمان بالداخلية توفر لحوم عيد الأضحى بأسعار مخفضة.. صور    موعد عودة الوزارات للعمل بعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2025. .. اعرف التفاصيل    الكنيسة القبطية تحتفل ب"صلاة السجدة" في ختام الخماسين    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 996 ألفا و150 فردا    إصابة سيدة في حادث انقلاب سيارة بالعريش    أمين المجلس الأعلى للآثار يتفقد أعمال الحفائر بالأقصر    محافظ أسيوط: لا تهاون مع مخالفات البناء خلال إجازة عيد الأضحى    حكم وجود الممرضة مع الطبيب فى عيادة واحدة دون محْرم فى المدينة والقرى    كامل الوزير يتابع حركة نقل ركاب القطارات ثالث أيام العيد، وهذا متوسط التأخيرات    أسعار الدولار اليوم الأحد 8 يونيو 2025    من قلب الحرم.. الحجاج يعايدون أحبتهم برسائل من أطهر بقاع الأرض    النسوية الإسلامية «خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى» السيدة هاجر.. ومناسك الحج "128"    استشهاد 11 شخصا وإصابة العشرات في قصف إسرائيلي قرب مركز توزيع مساعدات بغزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابن تيمية وفلاسفة الإسلام
نشر في البديل يوم 25 - 08 - 2016

انتقد ابن تيمية ظهور الفلسفة في أرض الإسلام حيث عمد المأمون لنقلها إلى العالم الإسلامي اعتقادًا منه أن ذلك هو العلم والعقل، وكان من وجهة نظر ابن تيمية ينم عن جهل، مما جعله حانقًا على المأمون في مؤلفاته بسبب ترغيبه في كتب الفلسفة، ومن وجهة نظره فإن هذه الكتب حملت من الكفر والضلال الكثير.
كان يرى أن محاولات الفلاسفة المسلمين للتوفيق بين الدين والفلسفة باطلة، ويقول عنها: «حينما حاول ابن سينا وأمثاله أن يجمعوا بين النبوات وبين الفلسفة فلبسوا ودلسوا»، ويضيف في موضع أخر: «أن متأخري الفلاسفة حينما أرادوا أن يلفقوا بين كلام أولئك -الفلاسفة- وبين ما جاءت به الرسل، فأخذوا شيئًا من أصول الجهمية والمعتزلة، وركبوا مذهب قد يعزى إليه المتفلسفة من أهل الملل، وفيه من الفساد والتناقض ما نبهنا على بعضه».
ويُحمل ابن تيمية الفلاسفة مسئولية تشويه عقائد الإسلام ويقول عنهم: «والله ما رأيت فيهم أحدًا ممن صنف في هذا الشأن وادعى علوم المقام، إلا وقد ساعد بمضمون كلامه في هدم قواعد الدين، وسبب ذلك إعراضه عن الحق الواضح المبين، وعما جاءت به الرسل الكرام عن رب العالمين واتباعه طرق الفلسفة في الاصطلاحات التي رسموها بزعمهم حكميات وعقليات، وإنما هي جهالات وضلالات».
ويُقيم ابن تيمية الفلسفة وإنتاجها وأثرها في ضوء القرب والبعد عن الكتاب والسنة، فقيمة العلم وشرفه بالنسبة إليه بمقدار البعد والقرب من المروي والمنقول، والاعتقاد بالكتاب والسنة هو مناط الوحدة والاتفاق في حين أن البعد عنهما هو أساس التشرذم والاختلاف، ولذلك وضع أهل السنة على القمة، ثم المعتزلة، ثم الخوارج، ثم الشيعة، ثم يكون وضع الفلاسفة في أسفل الترتيب وذلك من منطلق أنهم الأبعد عن كلام الأنبياء، ويؤكد على ذلك بقوله: «لما كان المتفلسفة أبعد عن اتباع الأنبياء كانوا أعظم اختلافًا من الخوارج والمعتزلة والروافض».
وبناء على ما سبق يشوه ابن تيمية صورة الفلاسفة إما بالتشكيك في مسلكهم الإنساني أو من خلال تكفيرهم، والتشنيع عليهم، حتى يُنفر الناس من الفلسفة وتعلمها، وكان ينظر إلى رسائل إخوان الصفا أو كلام أبي حيان التوحيدي على أنها من جنس كلام الباطنية الإسماعيلية، ووصل به الأمر إلى تكفير ما ورد في رسائل إخوان الصفا بقوله أن: «هذه الرسائل صنفها جماعة في دولة بني بويه ببغداد، وكانوا من الصابئة المتفلسفة المتخفية، جمعوا بزعمهم بين الصابئة المبدلين، وبين الحنيفية وأتوا بكلام من المتفلسفة، وبأشياء من الشريعة وفيه من الكفر والجهل شيء كثير». ولا شك أن مثل هذه النصوص تؤثر كثيرًا في موقف كل من ينتمي إلى فكر التيار السلفي، ومن يقرأ كتب ابن تيمية، حيث يرسم فيها صورة للفلاسفة تبرزهم على أنهم لا يلتزمون حدود التعاليم والتكاليف الشرعية.
ومن الأمثلة التي تؤكد ذلك تكفيره للفارابي وابن سينا في ترويجهم لنظرية الفيض وكلامهم عن العقل الأول، والعقل العاشر، فيقول: «إن ما يثبته الفلاسفة من العقل باطل عن المسلمين بل هذا أعظم من أعظم كفر، فإن العقل الأول عندهم مبدع كل ما سوى الله، والعقل العاشر مبدع ما تحت فلك القمر، وهذا أعظم الكفر عند المسلمين واليهود والنصارى»، ويحاول ابن تيمية أن يكفر ابن سينا ليس على لسانه هو ولكن على لسان أهل عصره فيقول: «كان فقهاء بخارى يقولون في ابن سينا كان كافرًا ذكيًا».
ورغم تشويه وتكفير ابن تيمية للفلاسفة إلا أنه يميز في كلامهم بين الطبيعيات والإلهيات، فيرفع من شأن كلامهم في الطبيعيات، وبالمقابل يحقر من شأن كلامهم في الإلهيات فيقول: «وإنما يتكلمون جيدًا في الأمور الحسية والطبيعية وفي كلياتها فكلامهم فيها في الغالب جيد، وأما الغيب الذي تخبر به الأنبياء، والكليات العقلية التي تعم الموجودات كلها، وتقسم الموجودات كلها قسمة صحيحة فلا يعرفونها ألبته».
ولا يعني مشروعية عمل الفلاسفة بعلوم الدنيا عند ابن تيمية مشروعية عملهم بعلوم الدين حيث يكفرهم -في معظم كتبه- في مسائل الدين ويمكن تلخيص رؤيته في ذلك بقوله: «فالفلاسفة المتظاهرون بالإسلام يقولون إنهم متبعون للرسول، لكن إذا كشف حقيقة ما يقولونه في الله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر تبين عدم معرفتهم ما جاء به الرسول، وما يقولونه ليس قول المؤمنين بالله ورسوله والمسلمين بل فيه من أقول الكفار والمنافقين شيء كثير».
واستفاد ابن تيمية من الغزالي في هجومه على الفلاسفة، ويشير إليه في بعض صفحات كتبه فيقول: «صنف الغزالي كتابًا في تهافتهم وبين كفرهم بسبب مسألة قدم العالم، وإنكار علم الله بالجزئيات، وإنكار المعاد، وبين في آخر كتبه أن طريقتهم فاسدة، لا توصل إلى يقين، وذمها أكثر مما ذم طريقة المتكلمين، وبين أن طريقتهم متضمنة من الجهل والكفر ما يوجب ذمها وفسادها أعظم من طريقة المتكلمين، ومات وهو مشتغل بالبخاري ومسلم»، ودائمًا ما يكرر ابن تيمية مقولة موت الغزالي وهو مشتغل بالبخاري ومسلم، وكأنه أراد أن يظهره أنه قد تطهر من العمل بالفلسفة، وكأن الاشتغال بالفلسفة هو اشتغال بالكفر والزندقة.
وعلى الرغم من مواقف ابن تيمية الحادة من الفلاسفة، لكن ذلك لم يمنعه من الإشادة ببعضهم كأبي البركات البغدادي، وابن رشد الذي يعده أقربهم إلى الإسلام، ولكنه يؤكد في بعض كتبه على أن ابن رشد واحد من هؤلاء الفلاسفة الذين أخطؤوا في المطالب العالية، والمقاصد السامية، وأن آراءه في ذلك غير مطابقة لصحيح المنقول أو صريح المعقول.
وفي المجمل فإن ابن تيمية اهتم بالرد على الفلاسفة في معظم الموضوعات التي رأى أنهم خرجوا فيها عن أصول الديانة الإسلامية ومعتقداتها، مثل قضايا حشر الأرواح دون الأجساد، وقدم العالم، وعلم الله بالكليات دون الجزئيات، وتصور النبوة على أنها أحد أشكال المنام، والمساواة بين النبي والفيلسوف، وفي مناقشاته وردوده كانت محاكمات ابن تيمية لفلاسفة الإسلام على أساس من الشرع أحيانًا، وحجج العقل أحيانًا أخرى، ويبدو واضحًا أن معظم هذه القضايا تتعلق بالأمور الإلهية دون غيرها من القضايا التي تناولها الفلاسفة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.