أصاب «الهباب الأسود» ثمار المانجو بمحافظة الإسماعيلية، وهو مرض يغطي معظم أشجار المانجو بالسواد، حيث أطاح بغالبيه المحصول في العديد من المزارع وتسبب في غلاء الأسعار هذا العام، ولم توفر الجهات المسؤولة المبيدات والإرشاد الزراعي للقضاء على المرض، فضلًا عن مشكلات الديون المتراكمة والمستحق سدادها لبنك التنمية والائتمان الزراعي، بخلاف عدم توفر مياه الري بالقدر الكافي لتحقيق الإنتاج المناسب هذا العام. مع منتصف فصل الصيف تستقبل محافظة الإسماعيلية المئات من التجار والمواطنين من المحافظات الأخرى، حيث ينتظرون موسم الحصاد ليتهافتون على شراء ثمار المانجو المتدلية من الأشجار بطول الطريق، وبائعيها الذين يمسكون بالمانجو لبيعها للمسافرين، فهذه الثمار تشكل روح «مدينة المانجو» وحياة بأكملها لسكانها الذين يعملون في زراعتها. تنتشر مزارع المانجو على مساحات تقدر بنحو 88 ألف فدان، تعد من أجود أنواع الأراضي الرملية التي تتميز بإنتاج عالي الجودة، يصل إلى 200 ألف طن سنويًّا، ومن أشهرها المانجو العويس، السكري الممتاز، السكري الأبيض، الزبدة، خد الجميل، فص عويس، والبربري والعزيز وقلب الطور الدبيش وصديقة وهايدي. وقال سعيد عبد الله، أحد مزارعي المانجو: المانجو هو المحصول الرئيس لفلاحي الإسماعيلية، وقد تعرض للتدمير بسبب نقص مياه الري بشكل دائم، وإصابة الأشجار بمرض الهباب الأسود، ناتج من انتشار حشرة المن، حيث تترك سائلًا لزجًا عفنًا يتسبب في سد مسام الأوراق ويمنع عملية التمثيل الغذائي الضوئي، وبالتالي يؤثر على عملية الإثمار وإنتاجية المحصول، مؤكدًا أن غياب الرقابة الزراعية بالمحافظة ساعد على انتشار المبيدات المغشوشة. وتسببت هذه العوامل في خسارة كبيرة، حيث إن تكلفة الفدان طوال العام تبلغ 10 آلاف جنيه في حين أن إنتاج الفدان لم يتعد الطن، وهو يمثل خسارة كبيرة للمزارعين، في حين أن إنتاجية البعض لم تتعد ال100 كيلو للفدان، وتابع أن الفلاحين يعتمدون في تمويل زراعتهم على بنك التنمية والائتمان الزراعي التابع للدولة، وهو ما أدى إلى تراكم الديون عليهم، وبالتالي تراجعت الزراعة؛ رغم وعد الدولة بإسقاط ديون الفلاحين بشكل نهائي، إلَّا أنها تظل مجرد وعود زائفة، حيث يجد المزارعون أنفسهم ملاحقين قضائيًّا، مما أثر بشكل كبير على الإنتاج، فضلًا عن غلق المياه لمدة تقارب 8 أيام وتفتح للري فقط بين 4 و6 أيام، وهو أمر لا تتحمله أشجار المانجو، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة. وقال عبد المعبود فؤاد، أحد تجار سوق العبور: اعتدت شراء المحصول قبل الطرح على الشجر، مما تسبب في خسارة كبيرة لي، فاستكملت مخزون المانجو الإسماعلاوى بشراء كميات ضخمة من السوق العمومية الموجودة بمنطقة الفردوس القريبة من الشواطئ؛ لالتزامي بعقود توريد لعدد كبير من الأسواق والفنادق والقرى السياحية، مشيرًا إلى أن موسم الحصاد لم يستوعب عدد العمالة المؤقتة المعتادة؛ لتدني كمية المحصول، مما تسبب في حرمان الكثيرين من دخول كانوا يعتمدون عليها. وأضاف أحمد سمير، مهندس زراعي أن المانجو تشكل أحد ملامح مدينة الإسماعيلية المعروفة بزراعة أفضل أشجارها؛ لوجود نحو 88 ألف فدان من الأراضي الرملية والمخلوطة، المفضلة لزراعة المانجو، وتنتج ما يقرب من 200 ألف طن سنويًّا من الأصناف التي تجود زراعتها بالمحافظة، وتتركز زراعة المانجو بمصر في محافظة الإسماعيلية، وتحقق دخلًا وفيرًا للمزارع مقارنة بكثير من الفواكه الأخرى. وتابع: في السنوات الأخيرة تعرضت أراضي المانجو للحرق والتلف؛ بسبب الصقيع الذي كبد أصحابها خسائر فادحة لم تشهدها الإسماعيلية من قبل، مما أدى إلى تراجع الإنتاج خلال العامين الماضيين، وارتفاع مديونيات الفلاحين لدى البنوك، محذرًا من وقوع كارثة جديدة تهدد مستقبل زراعة المانجو في مصر. وقال المهندس الزراعي: الأراضى في الإسماعيلية رملية لا تحتاج إلى أسمدة اليوريا، التي تصرف من الجمعيات الزراعية؛ لأنها سريعة الذوبان وتؤدي إلى سقوط الأزهار، لذلك لا يقبل عليها المزارعون، وتتطلب المانجو كميات وفيرة من المياه في الوقت الذي توفر مديرية الري المياه كل 8 أيام لمحصول المانجو، ويجب استخدام سماد النترات ونوبات الري؛ لتصل إلى 7 أيام أسبوعيًّا لطبيعية الأرض الرملية. وطالب بعمل معاينات من قِبَل الجمعيات الزراعية لتحديد مدى الضرر على الفلاح من العوامل الجوية؛ حتى يتم تعويضه أو جدولة ديونه طبقًا للضرر؛ لأن خسائر محصول المانجو لن تقتصر على هذا العام فقط، وإنما على السنتين المقبلتين؛ لأن الشجر والثمار تضررا ويحتاجان إلى وقت للاسترداد الجودة. من جانبه قال اللواء يس طاهر، محافظ الإسماعيلية: مشكلات المزارعين تم حل معظمها، ونتولى حل مشكلاتهم تباعًا، وفقًا للجدول الزمني الذي تم وضعه للقضاء على مشكلاتهم نهائيًّا، لما يمثله محصول المانجو من أساسيات وهوية المحافظة، وأشار إلى أنه تم تحقيق زيادة ملحوظة في حجم الصادرات هذا العام مقارنة بحجم الصادرات عن نفس الفترة من العام الماضي.