كتب أحمد الأنصاري عمار عبد الواحد محمد الحسيني: أصبحت مشكلة التلوث وإلقاء مخلفات المصانع والصرف والتعديات، من أخطر السلبيات التي يواجهها نهر النيل، حيث أصبح مصرف الزنار بجزيرة الأكراد بأسيوط من أخطر المصارف، لما يحويه من ملوثات، بعد اختلاط مياهه بالصرف الصحي، وفي بني سويف تم رصد 25 دورة مياة تصب مخلفتها في النيل، إلى جانب 3 آلاف و500 حالة تعد على ضفافه، وتراكمت الحيوانات النافقة والقمامة، ومصبات الصرف الصحى المخالفة على ضفاف النيل بسوهاج. وفي دراسة بجامعة أسيوط، أثبتت أن المياه الملوثة تسبب ضررًا بالغًا على المادة الوراثية للإنسان، حيث كشفت نتائج الدراسة أن 60% من أمراض الكلي ناتجة عن المياه الملوثة. وقال الدكتور رأفت فؤاد عبده، أستاذ الوراثة وبيولوجيا الخلية بكلية الزراعة بجامعة أسيوط: إن البيئة المحلية بمدينة أسيوط بشكل خاص تشهد تلوثًا واضحًا بمياه الشرب، ناتج عن ارتفاع نسبة التلوث بمياه النيل، التي لا تستطيع الطرق المستخدمة في علاجها والقضاء عليها، فهناك شكوى مستمرة لسكان المدينة من التغير شبه اليومي لمياه الشرب، مما دفع البعض إلى استخدام المرشحات والفلاتر بمنازلهم أو إلى تخزين المياه. وتوجهت الدراسة لبحث تأثير المياه الملوثة على الناحية الوراثية، التي وجد أنها تؤثر على كل من الانقسام الخلوي «الميتوزي» والمادة الوراثية «الكروموسومات»، واستخدمت للاختبار خلايا القمم النامية لجذور نبات البصل، الذي يستدل به على إمكانية حدوث تأثيرات ضارة مماثلة على الإنسان الذي يستهلك هذه المياه. كما تم أخذ عينة مباشرة من أماكن الصرف الصحي بمياه نهر النيل، وتم التعامل معها ب3 تركيزات 25%، 50% 100%، وقد أظهرت النتائج مدى التأثيرات الضارة لمثل هذه المخلفات على المادة الوراثية للنبات، التي لا تختلف في جوهرها على المادة الوراثية للإنسان أو الحيوان وهي مادةDNA ، وبالتالي تأثيرها الضار المحتمل على الصحة العامة. وأوضحت الدراسة أن حوالي 60% من أمراض الكلي، على رأسها الفشل الكلوي وأمراض الكبد، تنتج من استعمال مثل هذه المياه الملوثة، لذا تنصح الدراسة لمعالجة هذه المشكلة بتجنب إلقاء مخلفات المصانع وغيرها بمياه النيل أو فروعه، أو على الأقل معالجتها قبل إلقائها. وشكا أهالي جزيرة الأكراد بأسيوط من أن مصرف الزنار كان مخصصًا لمياه الصرف الزراعي فقط، حتى عام 2010 تقريبًا، لكنه بعد ذلك أصبح يستقبل مياه صرف صحي، بعد أن تم توصيل ماسورة من عرب المدابغ حتى مصرف الزنار؛ لأن سعة المصرف لا تستوعب هذا الكم من الصرف الصحي، وكان الحل في توصيل تلك المسورة بمصرف الزنار، وهذا المصرف يصب بنهر النيل وبعد المصب بحوالي 500 متر في اتجاه سريان النيل تم إنشاء محطة مياه، وتلك المحطة تغذي مراكز أبنوب والفتح وأسيوط الجديدة، وتلك المناطق تعاني من سوء نوعية المياه. وقال المهندس محمد موسى إبراهيم، رئيس مدينه الفتح، إنه تم التواصل مع مسؤولي الصرف الصحي بمركز الفتح والمحافظة عدة مرات؛ بسبب الشكاوى من ضعف كميات الكسح، وتبين من المعاينة أن مصدر هذا التلوث هو الصرف الصحي المركز وغير المعالج من حطة عرب المدابغ، وكذلك إلقاء عربات الكسح للمخلفات في هذا المصرف، وتمت معاينة المصب على نهر النيل ووجد صرف صحي مركز وغير معالج يصب في نهر النيل. كما تشهد محافظة بني سويف مظاهر عديدة لتلوث مياه النيل، على إثر إلقاء مخلفات بعض المصانع والورش، وتأتي مشكلة القرى الكائنة بشرق النيل من أكبر المشكلات التي تؤرق خطط الجهاز التنفيذي؛ لعدم مد تلك القرى بخدمة الصرف الصحي حتى الآن، رغم إنشائها منذ سنوات طويلة, وتأتي قرى «بني سليمان العلالمة تل أبو ناروز» وغيرها، من أكثر القرى التي تصرف مياه بنهر النيل، والتي تظهر بصورة كبرى في الصور التي التقطتها عدسة «البديل». في الوقت ذاته ينتظر العديد من أهالي بني سويف تنفيذ الاقتراح الخاص بإنشاء مركز لمكافحة التلوث النهري؛ لحماية نهر النيل والمجارى المائية، والذي سبق أن تم تخصيص قطعة أرض بمساحة 5 آلاف متر مربع، بناحية جبل النور، بمركز ببا لصالح الهيئة العامة للبترول، التي ستتولى إنشاء المركز، ليكون مركزًا بيئيًّا لمكافحة التلوث، بالتنسيق مع وزارة الري، فى إطار تنفيذ قرارات المجلس الأعلى لحماية نهر النيل والمجاري المائية من التلوث، بخصوص إنشاء مراكز لمكافحة التلوث. وفي تعدٍّ من نوع آخر على مياه نهر النيل، تصرف بعض المساجد والزوايا، الواقعة على نهر النيل والترع، مخلفاتها داخل المياه، حيث قررت مديرية أوقاف بني سويف غلق 25 دورة مياه لمساجد وزوايا بمراكز المحافظة السبعة، تصرف مياهها في الترع والمصارف ونهر النيل، وأشار مسؤولو الأوقاف إلى عدم إعادة فتح دورات المياه بالمساجد إلَّا بعد توصيل الصرف الصحي بها؛ حفاظًا على مياه نهر النيل من التلوث، وحماية صحة المواطنين. فيما قال محمود عزت، عضو مجلس النواب: إن بعض نواب البرلمان اقترحوا في وقت سابق البدء في تنفيذ مشروعات الصرف الصحة، ومنح الأولوية لجميع القرى الموجودة على ضفاف نهر النيل؛ حفاظًا على الصحة العامة وعلى نهر النيل من التلوث, ونتمنى تنفيذ هذا المقترح بأقصى سرعة، ويجب أن تكون هناك مراقبة من جانب الجهاز التنفيذي بالمحافظات، للمخالفات التي تتم، والتعامل معها بحزم. تحول مجرى نهر النيل بمحافظة سوهاج، بعدما اعتمده أهالي القرى المشرفة عليه، والمنشآت المخالفة المقامة على ضفتيه، إلى مرتع للتعديات ومصرف كبير ومقلب للحيوانات النافقة، في ظل غياب تام وتقاعس المسؤولين عن أداء عملهم ودورهم الرقابي في المتابعة لمواجهة المخالفين، مما ترتب عليه استمرار صرف المخلفات بمجرى النهر، وانتشار الأمراض والأوبئة الخطيرة بين الأهالي، خاصة أن هناك العديد من مآخذ محطات مياه الشرب قريبة من التلوث. ففي مدينة المراغة تجد المخلفات كافة على الضفة الغربية لنهر النيل، كما تلقي بعض المنازل بجزيرة الشورانية المتواجدة وسط النيل، بمخلفاتها الناتجة من الصرف الصحي في مياه النهر مباشرة. وفي مركز المنشأة أيضًا تحولت ضفتا نهر النيل إلى مقلب قمامة عمومي، خاصة منطقة السماكين، وهي ضمن المناطق العشوائية بمحافظة سوهاج، حيث تلقي مخلفات الصرف الصحي في نهر النيل على مرأى ومسمعمنالجميع،وكذلك في مركز جرجا يلقي مصنع سكر جرجا بمخلفاته في مياه النهر مباشرة دون أدنى معالجة للمياه، مما يهدد بالأخطار الناتجة عن إلقاء هذه المخلفات دون معالجة. من جانبه أكد على عبد الحفيظ، وكيل وزارة الري بسوهاج، أن مسؤولي حماية النيل يحررون محاضر لأي أنشطة مخالفة، سواء بالتعدي أو صرف المخلفات في النهر، نافيًا وجود حيوانات نافقة في مجرى نهر النيل، موضحًا أن عمليات التنظيف والتطهير بمياه النيل تتم بصفة مستمرة.