كثير منا لم يسبق له أن سمع عن استخدام الولاياتالمتحدة والتحالف المضاد ل"هتلر" لسلاح الفن والفنانين خلال الحرب العالمية الثانية، وذلك عبر تكوين "الجيش الشبح"، حيث ساهمت تلك الفكرة في خداع الجيش النازي بشكل كبير، ودبت الرعب في نفوس جنوده، فكانت الهزيمة مصيرهم. الجيش الشبح عبارة عن فرقة من الجنود قوامها ألف جندي، نسبة قليلة منها مقاتلون، والغالبية العظمى منهم كانوا ممثلين ومصممين ومعلنين وفنانين، تم اختيارهم من أهم مدارس الفن والتصاميم في كافة أنحاء البلاد، وذلك حسبما ذكر موقع "سي إن إن" الأمريكي. هؤلاء الفنانون قاموا بتكوين أشكال مطاطية من الدبابات والمدرعات وغيرها من الأسلحة الحربية، وصمموها بطريقة فنية جعلتها قريبة بشكل كبير جدًّا من الحقيقية؛ لإيهام الجنود الألمان أن عتاد القوات الأمريكية مهول وأنهم لن يقدروا على التصدي له، وذلك ضمن خطة حربية نفسية. تغلبوا على مشكلة الصوت المتعلق بمحركات هذه المعدات الحربية عن طريق استخدام مهندسي الصوت لمكبرات أطلقت مؤثرات صوتية ضخمة مسجلة سابقًا لأصوات الدبابات وسير الجنود، قادرة على توصيل الصوت إلى 15 ميلًا. وبالنسبة لمشكلة الأثر الخاص بالمركبة لجؤوا إلى استخدام مركبات حقيقية؛ حتى يتم خداع سلاح الجو النازي إذا فكر في استطلاع أمر الفرقة جوًّا. ولمعالجة مشكلة عدم التواصل بين جنود الفرقة، تم اللجوء إلى استخدام شفرة وهمية، بحيث إذا تجسس الألمان على طريقة تبادل المعلومات بينهم، لم يكتشفوا غيابها. المهمة الأخطر لهذه الفرقة كانت عندما نجحت في تغطية 75 ميلًا بين فرقة حقيقية وأخرى مشابهة لها لمدة 7 أيام؛ لعدم امتلاك الجيش الأمريكي العتاد الفعلي والجنود المطلوبين لتغطية هذه المساحة. ولك عزيز القارىء أن تتخيل أن الألمان خدعوا أسبوعًا كاملًا بفرقة وهمية إذا اكتشفوا حقيقتها، كان من الممكن أن يتم تغيير ميزان الحرب بالكامل. وتعتبر هذه الفرقة هي الفرقة الوحيدة صاحبة أقل عدد من الخسائر في الأرواح خلال الحرب العالمية الثانية، حيث قتل منها ثلاثة جنود فقط، ولم تكشف الولاياتالمتحدة حقيقتها إلا بعد مرور 51 عامًا على انتهاء الحرب العالمية الثانية، وذلك عام 1996. في عام 1945 انتهت الحرب العالمية الثانية بانتصار دول الحلفاء على دول المحور، مخلفة وراءها 50 مليون قتيل وآلاف الجرحى والأرامل واليتامى، وقسمت ألمانيا إلى دولتين شرقية وغربية، وضم الاتحاد السوفييتي إلى أراضيه أستونيا، لتونيا، الأمر الذي نتج عنه اندلاع "الحرب الباردة".