«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عملية شرفة عابدين حسن البنا جاسوس رسمى للاستخبارات النازية
نشر في أكتوبر يوم 01 - 11 - 2015

التوثيق بلاغة تاريخية والأرشيف متاهة رسمية تسكنها أسرار ملفات الأرشيف الألمانى قسم الشرق الأوسط باب العلاقات السرية النازية الخارجية عالية التصنيف تكشف عدة مفاجآت غير عادية عن الشيخ "حسن البنا" مؤسس جماعة الإخوان المسلمين المصرية كلها حقائق سُجلت بدقة عقب فحص وتمحيص فى سجلات حكومية ألمانية رسمية لا تقبل التأويل نبشتُ ملفاتها مع تصاريح خاصة وتيممتُ بأتربة سجلات أسرارها الدفينة والثمينة حتى ظهرت الحقيقة.
وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها فى 2 سبتمبر 1945 وسقطت قبلها برلين عاصمة الرايخ الثالث عقب معارك طاحنة امتدت من 16 إبريل حتى 2 مايو عام 1945 انتصرت فيها قوات الجيش الأحمر- شكل فى 28 يناير عام 1918- السوفييتية على نخبة القوات الألمانية النازية.
فى العاصمة برلين صادرت جيوش الحلفاء المنتصرة قواعد بيانات وثائق وملفات عمليات نازية عالية التصنيف خلفتها القيادات الألمانية لدى استسلامها فتقاسمتها مؤسسات أرشيفية أوروبية متعددة بينها الصفحات التى تناولت أحداثاً مصرية فائقة السرية تُطالعُونها حصرياً الآن لأول مرة.استهل الحقائق من ملف ألمانى "سرى للغاية" فضح تفاصيل عملية عملاقة لتزييف الجنيه الورقى المصرى والبريطانى نفذتها الاستخبارات النازية وتعاون خلالها الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين المصرية مع النازى أدولف هتلر مستشار الرايخ الثالث لضرب الاقتصاد البريطانى خلال الحرب العالمية الثانية.
حمل الملف تاريخ الأول من مايو عام 1945 وعثر عليه عملاء الاستخبارات البريطانية سليماً داخل أقبية ضمت خزائن أسرار الرايخ الثالث مع آلاف المجلدات لملفات سرية لم يتسع وقت النازيين لتدميرها والتخلص منها قبل سقوط خطوط الدفاع الأخيرة فى برلين.
احتفظت به مؤسسة الأرشيف الملكى البريطانى فى العاصمة لندن إلى يناير عام 1955 عندما نسخته طبق الأصل ثم سلمته للأرشيف الفيدرالى الألمانى Bundesarchiv قسم الشرق الأوسط فى باب العلاقات السرية النازية الخارجية الموجود فى مدينة Koblenz للتوثيق كود ملف العملية التى تعاون فيها حسن البنا مع النازيين The Perfect Pound "الجنيه الكامل" كإشارة لدرجة اتقان تزييف العملتين الورقيتين المصرية والبريطانية التى نفذها جهاز استخبارات الرايخ الثالث بداية من 1 يناير عام 1942 إلى 1 مايو عام 1945 بالتعاون مع الشيخ حسن البنا وجماعة الإخوان المسلمين المصرية.
هدفت العملية إلى تقويض اقتصاد المملكة المتحدة والدول التابعة لها لضرب قدرتها على تمويل صناعة وشراء الأسلحة ونُفِذت على مرحلتين بدأت الأولى بتزييف الجنيه الورقى الاسترلينى الثابت طباعته لأول مرة فى عام 1158. وقلدت المرحلة الثانية من العملية الاستخباراتية الألمانية النازية العملة الورقية المصرية فئة الجنيه الملكى المصرى، وللتوثيق طبعت العملة الورقية فئة الجنيه الملكى المصرى لأول مرة فى القاهرة بتاريخ 3 إبريل عام 1899 وهناك مصادر أشارت أنها أصدرت يوم 5 يناير عام 1899 عن البنك الأهلى المصرى الذى تأسس فى القاهرة بتاريخ 25 يونيو عام 1898، وأنها صدرت فى عهد الخديوى "عباس حلمى الثانى بن محمد توفيق بن إسماعيل بن محمد على" الذى عاش فى الفترة من 14 يوليو عام 1874 حتى 19 ديسمبر 1944 وجلس على عرش مصر خلال الفترة من 8 يناير عام 1892 حتى 19 ديسمبر عام 1914، وساعتها أطلق المصريون عليها اسم "الجنيه أبو جملين" نظراً للرسم المطبوع عليها وكان المصريون لا يثقون بالعملة الورقية حتى كتب البنك الأهلى عليها "من حق حاملها استرداد كامل قيمتها ذهباً" حتى يثق الناس فى تداولها وقد تطورت عملية التزييف الألمانية النازية للجنيه الملكى المصرى حتى حققت تزييف فئة المائة جنيه التى صدرت بعد ذلك بأعوام.
الجدير بالتوثيق أن التقرير الرسمى بشأن "الإحصائيات المصرفية والنقدية" على مستوى العالم الصادر عن بنك الاحتياط الفيدرالى الأمريكى واشنطن فى 31 ديسمبر عام 1948 أثبت أن الاقتصاد المصرى كان الأقوى على مستوى العالم خلال الفترة من عام 1926 حتى عام 1948 وكانت مجلة "اللطائف المصورة" التى أسسها "اسكندر مكاريوس" وصدرت لأول مرة فى مصر عام 1915 قد طورت البيانات الفيدرالية الرسمية الأمريكية وزادت عليها معلومات بنكية مصرية موثقة عام 1953 وأشارت بأحد أعدادها الأسبوعية- تمت مصادرته- التى كانت تصدر فى العاصمة المصرية القاهرة صباح كل اثنين أن التاريخ الفعلى لبداية التراجع بشأن سعر صرف العملة الملكية المصرية كان الأول من يناير عام 1953.
أما الثابت فى توثيق التقرير الفيدرالى الأمريكى الرسمى فى 31 ديسمبر عام 1948 أن الجنيه المصرى الورقى كان يساوى جنيه ذهب خالص عيار 21 زنة 7 جرامات ذهبية وكان سعر أوقية الذهب العالمية يساوى 4 جنيهات ذهب مصرية فقط لا غير بينما كان سعر نفس الأوقية يعادل 20.67 دولار أمريكى.
كما كان الجنيه الورقى مثله كالذهبى الملكى المصرى ولا فارق بين العملتين على مستوى القوة الشرائية الحقيقية بأسواق المال العالمية يساويان 8.3692 دولار أمريكى وذلك خلال الفترة من فبراير عام 1934 حتى ديسمبر عام 1941، وأن الجنيه المصرى بلغت قوته الشرائية الفعلية بأسواق العالم المالية ما يعادل حوالى ست دولارات أمريكية وكسور عالية من السنتات مثلما سجلت أرقام بنك الاحتياط الفيدرالى فى بداية يناير عام 1953.
الجنيه المصرى هدف للنازية
وللإخوان المسلمين
وصل الشيخ أمين الحسينى مفتى القدس الهارب من الاستخبارات البريطانية إلى مدينة برلين صباح 6 نوفمبر عام 1941 وفوجئ بمطارها العسكرى بمراسم استقبال رسمية كاملة أشرف عليها الجنرال هاينريخ هيملر قائد فرق SS النازية.
فى أول لقاء رسمى بينهما سأل الجنرال هيملر عن الشيخ المصرى حسن البنا بعدما لاحظ وصول مفتى القدس بمفرده من دون شريكه المصرى ومع أن هيملر قد علم بالأمر بمجرد وصول الحسينى إلى طهران فى طريق هروبه إلى العاصمة برلين لكنه أراد سماع الرواية الدقيقة من مصدرها مرة إضافية.
صاحب الشيخ أمين الحسينى الجنرال هيملر أقرب القادة النازيين إلى الفوهرر أدولف هتلر اثنين وعشرين يوماً كاملة أمضاها بألمانيا بصفته الممثل الرسمى للشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين المصرية فى أوروبا.
الذى تولى مسئولية إدارة الذراع السرية لفرع الدعوة الإسلامية- الإخوانية داخل فلسطين وشبه الجزيرة العربية وفى بلاد الشام والثابت للتوثيق أن الحسينى ترأس المكتب الخارجى الأول من نوعه فى تاريخ جماعة الإخوان المسلمين خارج مصر.
استغل القائد الألمانى الوقت لدراسة نفسية وإمكانيات مفتى القدس وعندما تأكد بنفسه من رغبة الحسينى والبنا للتعاون مع الرايخ الثالث حرر ملخصاً أرفق به تقريراً نفسياً خاصاً وضعه علماء عملوا لحساب SS أكدوا فيه إمكانية الثقة بالحسينى لكنهم نصحوا بإرسال خبير لفحص شخصية شريكه الشيخ المصرى فى القاهرة بعدما تعذر سفره إلى برلين.
احتاج الجنرال هيملر وخبراء SS الوقت لدراسة شخصية الشيخين ولهذا السبب قابل أدولف هتلر مفتى القدس بعد وصوله إلى ألمانيا باثنين وعشرين يوم كاملة وسجلت الوثائق السرية النازية أن الشيخ الحسينى شعر وقتها بالإهانة الشديدة بسبب إهماله بل أعلنها صراحة أمام قادة الرايخ الثالث أنه فكر فى العودة إلى الشرق الأوسط لغضبه من طول الانتظار. الأمر الذى يفسر السر فى أول جملة سمعها الحسينى من هتلر وقت مقابلتهما الأولى صباح الجمعة الموافق 28 نوفمبر 1941 عندما اعتذر الفوهرر إلى مفتى القدس مبعوث مؤسس جماعة الإخوان المصرية عن التأخير الزائد الذى أرجعه لانشغاله بإدارة وتوجيه المعارك المحتدمة على جبهات أوروبا ضد جيوش الحلفاء.
استغرق اللقاء الأول بين الشيخ أمين الحسينى وأدولف هتلر سبعة ساعات متصلة تخللتها مأدبة طعام رسمية حضرها كبار القادة النازيين على شرف الضيف العربى مفتى القدس بعدها استمع الفوهرر إلى وضع القوات البريطانية فى فلسطين ومصر ثم لخطط الضيف وشريكه المصرى حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين وهدفهما الحقيقى للتعاون مع برلين.
وكشف ملف اللقاء المثير أن أدولف هتلر أجرى اتصالاً هاتفياً سرياً مع الشيخ حسن البنا فى مصر عقب انتهاء مأدبة الغداء الرسمية وأن مفتى القدس اتصل مع البنا بالقاهرة عبر الجهاز اللاسلكى المشفر الخاص بمكتب الفوهرر نفسه. وكان جهازاً حديثاً طبقاً للوصف الفنى الذى ورد بين السطور بشأنه وأمكن للجهاز التراسل بالصوت لمدة دقيقة بكل مرة لمنع عمليات التنصت والرصد المضادة والإرسال والاستقبال البريدى على مدار الساعة دون مشاكل. وأن الاتصال يومها سبقه ترتيباً خاصاً بين الشيخين علم أدولف هتلر بتفاصيله بعدما اتفقا عن طريق مرسالهما السرى "محمود مخلوف" وحددا الموعد حيث انتظر البنا فى مكتبه بالعاصمة المصرية القاهرة واستعد للإجابة عن كافة تساؤلات الفوهرر ربما احتاج أمين الحسينى إليها خلال لقائه والزعيم النازى الذى رغب بوضع النقاط على الحروف وإتمام صفقة التعاون السرى للغاية مع جماعة الإخوان المسلمين ذلك اليوم.
اللافت بناء على معلومات الملف النازى غير المسبوقة أن اتصال مفتى القدس بالشيخ البنا عصر 28 نوفمبر 1941 لم يكن الأول ساعتها بعدما سبقه اتصال لاسلكى مساء 6 نوفمبر عام 1941 تكاتب البنا خلاله مع الجنرال هاينريخ هيملر بشأن تكوين الفيلق العربى الحر. وطلب فى نهايته الشيخ أمين الحسينى من شريكه الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان انتظاره خلال الأيام التالية يومياً بعد العصر فى مكتب محاماة مجاور لقصر عابدين وسط القاهرة لم يكن مكشوفاً أمام السلطات المصرية والبريطانية لتلقى اتصالاً هاماً فأدرك البنا يومها على الفور أن المقصود هو محادثة مباشرة سيرتبها الحسينى مع أدولف هتلر حتى أبلغه المرسال السرى وأكد على الموعد الدقيق حيث تحدث مباشرة مع الفوهرر النازى.
كما كشف الملف النازى فى معلومة حصرية شديدة الأهمية أن الشيخ حسن البنا حاز طيلة الوقت جهازاً لاسلكياً ألمانياً متطوراً تسلمه بالقاهرة من ضابط نازى فى نهاية عام 1940 بعدما دربه على استعماله وأنه كان الجهاز الرابع من نوعه فى مصر تلك الفترة الزمنية. وإن ذلك الضابط كان خبيراً فى علوم اللاسلكى سلم البنا الجهاز ودربه عليه ثم وجهه إلى استئجار مسكن آمن- شقة- لإجراء الاتصالات من محيط قصر عابدين فى قلب القاهرة وعندما سأله البنا عن سبب تحديده لذلك الموقع الحساس بالذات أبلغه ممثل الاستخبارات الألمانية أنها التعليمات الفنية التى زُود بها فى برلين ولا يملك حق الإجابة عليها.
السر وراء اختيار استخبارات هتلر محيط قصر عابدين للتراسل مع برلين؟
مع أن السبب الحقيقى لتحديد الضابط الألمانى لموقع المسكن كان لوجود جهاز مشابه فى حوزة الملك فاروق الأول راسل بواسطته الاستخبارات النازية طيلة فترة الحرب العالمية الثانية بسرية تامة من غرفة خاصة داخل بدروم قصر عابدين اعتاد الملك الاختلاء بنفسه فيها واحتفظ بداخلها بكل ألعابه القديمة مع ذكرياته الشخصية وسجلات عائلته المالكة.
وإن الخطة الألمانية وضعت فى الاعتبار بشكل مبكر احتمال رصد البريطانيين لإشارات الجهازين بأى وقت بالمستقبل وبسبب الموقع سيبدو لهم كأنه جهازاً واحداً فإذا سقط الأول لأى سبب طارئ سيظل الآخر عاملاً بالقطع ولو لفترة قصيرة فى خدمة تدفق المعلومات النازية.
بعدها عرض مستشار الرايخ الثالث فى الجزء الثانى من مقابلته الموثقة على مفتى القدس الشيخ أمين الحسينى الممثل الرسمى للشيخ البنا التعاون مع ألمانيا لضرب مصالح المملكة المتحدة البريطانية فى المملكة المصرية وفلسطين ومنطقة الشرق الأوسط كلها فى مقابل امتيازات مادية وسياسية خاصة يستحقها الشيخان وجماعة الإخوان المسلمين إذا انتصرت ألمانيا النازية فى نهاية الحرب العالمية الثانية.
فأعلن الحسينى موافقته غير المشروطة بالأصالة عن نفسه ثم بالنيابة عن شريكه سبقتها موافقة مكتوبة حررها مرشد جماعة الإخوان المسلمين المصرية إلى برلين قبل الشفوية التى سمعها هتلر بأذنيه يومها على جهاز اللاسلكى بصوت الشيخ حسن البنا عبر نسخة الجهاز الألمانى الحديث الذى تسلمه وتراسل عبره من العاصمة المصرية القاهرة. فوجدها هتلر فرصة وفاتح الشيخ الحسينى للتعاون معه فى تنفيذ خطة نازية سرية للغاية لتقويض اقتصاد بريطانيا ومستعمراتها التابعة فى منطقة الشرق الأوسط فأبدى الحسينى مخاوفه وأكد إلى الفوهرر تألم الشعوب العربية اقتصادياً من ظروف الحرب الصعبة.
وإن سكان عرب فلسطين مع عدد كبير من الشعب المصرى البسيط لا يجدون قوت يومهم وتكاد الظروف الاقتصادية القاسية بسبب الحرب أن تقضى عليهم فوعده هتلر مساعدة تلك الفئات فور انتهاء المعارك وأقنعه أن التعاون لإسقاط بريطانيا بأسرع وقت يصب بمصلحة حرية ورفاهية الشعبين العربيين فى فلسطين ومصر وسائر الدول العربية على حد زعمه. ثم كشف هتلر إلى الشيخ أمين الحسينى ملامح الخطة النازية لتزييف العملتين الورقيتين فئة الجنيه الإسترلينى والمصرى، مؤكداً إمكانية استفادته مع شريكه حسن البنا بشكل مباشر من تحقيق أهداف العملية السرية الألمانية التى بدأت على حد تأكيد هتلر فى مطلع شهر فبراير عام 1940، ألمح مفتى القدس للزعيم النازى رغبته فى عرض الأمر على شريكه البنا ثم استفسر فى قلق عن النتائج المحتملة إذا كشفت السلطات البريطانية والمصرية عملية التزييف خاصة أنها ستكون منهجية وعملاقة على حد تعبير هتلر ثم سأل عن دوره مع البنا بتلك العملية.
فضحك مستشار الرايخ الثالث ثم تأسف إلى ضيفه عندما لاحظه وهو يرتعد لعدم شرعية الكحوليات لدى المسلمين حيث كانت ستُساعده على التغلب على قرصات برد ألمانيا فى شهر نوفمبر مؤكداً أن عملية الاستخبارات النازية بلغت حد الكمال لإتقان تزييف العملة ولذلك كان الكود السرى للعملية الألمانية The Perfect Pound ، حتى بات من الصعب إن لم يكن من المستحيل حتى على خبراء البنك المركزى البريطانى- تأسس فى 27 يوليو 1694- اكتشاف التقليد وأن الجنيه الورقى المصرى مع البريطانى الحقيقى تطابق مع المزيف وكانت المفاجأة الفعلية بالنسبة للحسينى ذلك اليوم تأكيد أدولف هتلر أن تقليد الجنيه الكامل تم تداوله بالفعل فى أسواق المال المصرية بكميات كبيرة دون مشاكل.
تحدث الفوهرر إلى ضيفه مفتى القدس بثقة بالغة وكانت الحقيقة أنه كلف جهاز استخباراته فى بداية شهر نوفمبر 1939 بضرورة البحث عن أقوى المزورين فى كل ألمانيا لتجنيدهم بشكل رسمى ضمن مجموعة أسند إليها عملية "الجنيه الكامل" The Perfect Pound، حتى أنه كلف الجنرال هاينريخ هيملر منح المزور المحترف رتبة عسكرية شرفية عادلت رتبة الملازم الرسمية مع إلحاقه بأمر شخصى من الفوهرر بصفوف فرق SS تحت قيادة فرع العمليات السرية النازية بأوروبا وهى مكانة حلم بها كل الشرفاء من مواطنى الرايخ الثالث فى تلك الفترة الزمنية.
مع تسليم المزور قراراً رسمياً وقعه الفوهرر على أمر بشمول العفو العام ومحو السجل الإجرامى مع إخلاء السبيل الفورى لمن يُثبت قدراته الإجرامية من المساجين المزورين فانطلق هيملر من مقر القيادة النازية إلى مجمع السجن المركزى ببلدة Oranienburg الواقعة على بعد 35 كيلو متراً شمال مدينة برلين لفحص أعضاء العملية المحتملين.
قطع الموكب العسكرى المعروف للجنرال هاينريخ هيملر المسافة فى حوالى ثلاثين دقيقة تقدمه حارسه برتبة الملازم أول SS جلس فى دراجة بخارية ثنائية قادها جندى من النخبة النازية حتى مدخل سجن Sachsenhausen الدموى المثير للجدل بالنسبة لتاريخ أحداثه على الأقل خلال الحرب العالمية الثانية.
الثابت أن سجن Sachsenhausen تأسس عام 1936 وضم قيادة معسكرات الاعتقال النازية خلال الحرب العالمية الثانية وكان الأقرب للعاصمة برلين من حيث الموقع مما جعله أشرس السجون الألمانية على حد الإطلاق ناهيك عن استخدامه كمركز لتدريب ضباط سلاح الدفاع والاستخبارات SS على إدارة مراكز الاعتقال والإبادة فى أوروبا للتوثيق لسجن Sachsenhausen تاريخ خاص به حيث كان أول السجون النازية التى حددت نوعية جرائم النزلاء بواسطة علامة مثلث ملون قمته مقلوبة لأسفل صنعت من القماش السميك خيطت على ملابس - زى - النزلاء والجنائيين فى السجن ناحية القلب.
فمثلاً ألزمت إدارة السجن الخارجين عن القانون مرتكبى جرائم الاغتصاب والقتل والعمل بالشيوعية لارتداء مثلث أحمر اللون بينما حددت ارتداء المثلث باللون الأرجوانى لسجناء جماعة "شهود يهوه" التى تأسست فى أوروبا عام 1879 لمكافحة التجنيد والحروب، بينما خصصت للسجناء الشواذ جنسياً ارتداء مثلث باللون الوردى وللتمييز بينهم وبين سائر النزلاء خصصت الإدارة المُثلث الشهير باللون الأصفر للسجناء والمعتقلين من يهود ألمانيا والدول الأوروبية وهى علامة مثيرة اعتبرت من أشهر علامات التمييز العرقى فى العصر الحديث.
وطبقاً لليوميات الموثقة اجتاحت القوات السوفييتية سجن Sachsenhausen فى 22 أبريل عام 1945 مع الفرقة الثانية من مشاة الجيش البولندى التى شكلت عام 1943 وتعتبر أقوى فرقة بقيادة الجنرال Henryk Dabrowski وحررت يومها من نجا من آلة الإبادة النازية.
عقب فحص وتمحيص دقيق لمواهب وقدرات نزلاء سجن Sachsenhausen من عتاة المزورين اصطحب الجنرال هيملر خمسة منهم أعاد لهم حريتهم بعدما وافقوا على خدمة الرايخ الثالث وفى مساء نفس اليوم بدأ الخمسة تنفيذ عملية The Perfect Pound وفرت القيادة النازية داخل مقرها قبو خاص لصالح مجموعة عملية الجنيه الكامل جلب إليه الجنرال هاينريخ هيملر ما احتاجه المزورون الخمسة من أدوات مع أحدث أجهزة التزييف والتزوير التى توافرت على مستوى العالم فى تلك الفترة كى يحققوا نسبة التقليد المثالية.
سابقت مجموعة عملية التزييف الزمن بعدما حدد هتلر بداية عام 1940 لاجتياح بريطانيا وكانت خطة الجنيه الكامل جزءًا من العملية النازية العسكرية الشاملة حتى نجحت بعد أقل من أسبوعين فى تقليد وتصميم النموذج الكامل للعملة الورقية للجنيه البريطانى والمصرى وطبعهما على صفائح معدنية فولاذية أصلية من وجهين تمهيداً لطباعة أى كميات منهما.
طبع الرايخ الثالث بواسطتها خلال شهر فبراير 1940 وحده مبلغ وقدره 134 مليون جنيه إسترلينى عملات ورقية قدرت يومها بعشرة فى المائة من مجمل حجم الأموال البريطانية الرسمية المتداولة داخل أسواق العملات المالية والبنوك على مستوى العالم فى ذلك الوقت، كما طبعت مجموعة العملية النازية مبلغ خمسين مليونًا فئة الجنيه المصرى عملات ورقية خلال نفس الفترة من شهر فبراير عام 1940 وضعت بالكامل تحت تصرف الاستخبارات الألمانية لتنفيذ وتمويل معظم عملياتها داخل المملكة المصرية ومنطقة الشرق الأوسط.
وكان الهدف الرئيسى من وراء تقليد وتزوير الجنيه الملكى المصرى طبقاً لبيانات الملفات النازية الرسمية كى يتخلص الرايخ الثالث من مشاكل اضطراره تحمل نفقات مالية إضافية لإدارة عملياته الاستخباراتية فى الشرق الأوسط تُضعف من تركيزه على المجهود الحربى داخل أوروبا، بينما أكدت السجلات الألمانية الرسمية أن العملية كانت كارثية على الاقتصاد المصرى حيث انهارت الأسهم الملكية المصرية بشكل مفاجئ وحاد فى بورصات العالم فضُربت معها القيمة الشرائية الفعلية للعملة المصرية بشكل خاص والجنيه البريطانى بشكل عام وبالتالى انهارت الودائع المصرية والبريطانية المتداولة فى معظم بورصات العالم فى غضون أسابيع قليلة.
ثم فشل الخبراء المصريون والأجانب على حد سواء بعدها فى كشف الأسباب العلمية الحقيقية المسئولة عن الانهيارات المالية المروعة طبقاً للوصف الدقيق الذى ورد فى ملفات ووثائق وسجلات الأرشيف السرى النازى- الألمانى.
المثير أن كافة الأموال التى دُفعت بالسر إلى الملوك والقادة والسياسيين وحتى للجواسيس وعملاء الدول العربية المتعاونة مع ألمانيا النازية وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمين فى الفترة من فبراير عام 1940 حتى مايو عام 1945 كانت إنتاج عملية الجنيه الكامل.
وأبرز دليل من واقع الملفات الرسمية شهادة موثقة أدلى بها أشهر العملاء النازيين خلال الحرب العالمية الثانية الملقب بالكود Cicero حيث حصل وحده على مكافأة تقاعد خاصة من الرايخ الثالث قدرها ثلاثمائة ألف جنيه إسترلينى عملات ورقية مزيفة كانت من فئة الجنيه الملكى البريطانى- الكامل.
عانت جماعة الإخوان المسلمين المصرية فى تلك الفترة من ضعف الموارد المالية التى حالت دون حلم تحولها لميليشيا نظامية مسلحة يمكنها ابتلاع المملكة المصرية لاستعادة دولة الخلافة العثمانية فى وقت عجزت تركيا بسبب ظروفها الداخلية والسياسية الصعبة عن مساعدة الإخوان فى مصر.
حقق الشيخ حسن البنا بالفيلق العربى الحُر حُلم الجماعة فى جيش مدرب جاهز وحليف ألمانى قوى دون مقابل مادى ولم يهتز البنا بفقد آلاف الأرواح من خيرة شباب جماعته الذين جندهم للقتال على جبهات العمليات النازية المشتعلة فى الشرق الأوسط وأوروبا.
خلال لقائه الأول مع أدولف هتلر اقتنع مفتى القدس بأن الفوهرر صدق للحفاظ على أمان وسلامة جماعة الإخوان المسلمين فى مصر وفلسطين حتى أن أمراً عسكرياً صدر بشأن معاملة مكاتبات واتصالات الشيخ حسن البنا والشيخ أمين الحسينى كأولوية للأمن القومى النازى لدى الرايخ الثالث.
وعلى ذلك أحاط أدولف هتلر الشيخ أمين الحسينى بتفاصيل عملية الجنيه الكامل بعدما نال موافقته مع شريكه البنا على الاشتراك بالخطة وأسند هتلر إلى الحسينى مهمة شراء أسلحة بمبلغ نصف مليون جنيه استرلينى مزيف إلى رجاله فى فلسطين مع إدخال خمسة ملايين أخرى إلى المنظومة المالية بالقدس كبداية وكتجربة لقدرات مفتى القدس فى خدمة النازية والرايخ الثالث، بينما احتفظ الفوهرر للشيخ حسن البنا بالمهمة الأصعب والأخطر بمصر وقبلها أمر هتلر لمؤسس جماعة الإخوان المسلمين بمبلغ نصف مليون جنيه إسترلينى كتمويل سرى خاص من خزانة الرايخ الثالث الألمانى لا يرد للجماعة مقابل تعاون البنا فى عملية تجنيد مؤيديه للخدمة العسكرية النظامية فى صفوف الفيلق العربى الحُر التابع للجيوش النازية.
حاول الشيخ أمين الحسينى الممثل الرسمى للشيخ البنا فى برلين معرفة معالم المهمة التى أعدها أدولف هتلر لمؤسس جماعة الإخوان بمصر لكن الفوهرر فضل مناقشة التفاصيل السرية للغاية مع الأصل- حسن البنا- فى القاهرة وكان البنا قد شرع بالتعاون مع هتلر فى سرية تامة دون معرفة مفتى القدس قبل ذلك بفترة طويلة.
تاريخ تعاون حسن البنا
مع الاستخبارات النازية
فى 15 يناير عام 1941 وصل لمدينة القاهرة ضابطان من سلاح الدفاع والاستخبارات النازية SS ذوى ملامح شرقية عربية كلفهما الجنرال هاينريخ هيملر بمهمة سرية للغاية للقاء الشيخ حسن البنا فى مكتبه الآمن الذى استأجره بناء على التعليمات الألمانية بجوار قصر عابدين فى قلب العاصمة المصرية.
كان المكتب عبارة عن شقة بالطابق الأخير فى عقار أطل مباشرة على شرفة قصر عابدين الرسمية التى اعتاد الملك فاروق الأول مخاطبة شعبه منها استأجرها المحامى "محمد فهمى أبو غدير" أفندى عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين المصرية بدعوى استخدامها كمكتب محام طبقاً لتعاقده المدنى مع مالك العقار مع أنه لم يفتتح المكتب نهائياً للجمهور.
فى تلك الأثناء اعتاد سكان ذلك العقار بين الفينة والأخرى على مشاهدة شيخ معمم ارتدى نظارة سوداء سميكة غطت نصف وجهه ذو لحية طويلة تكفلت بإخفاء باقى ملامحه تردد على الشقة فى غياب صاحبها بصفته ابن خالة محمد أبو غدير جارهم الجديد جاء للقاهرة للعلاج بمستشفياتها المتقدمة عن الوحدات الصحية البدائية بريف دلتا مصر حيث سكن. غير أن ذلك الشيخ الغريب الشكل كان نفسه الشيخ حسن البنا المرشد العام الأول لجماعة الإخوان المسلمين المصرية الذى اعتاد استقبال أحد الشيوخ من أتباعه بمنزله مرتين فى الأسبوع بحى الحلمية الجديدة القريب للغاية من قصر عابدين مقر الملك فاروق الأول.
فى منزل مؤسس الإخوان عقب استقبال ضيفه الشيخ المعمم كان البنا يستبدل ملابسه بالجبة والقفطان والعمامة مع لحية اصطناعية ثم يترجل إلى الشارع بشكل طبيعى على قدميه دون إثارة أية شكوك فى طريقه لمكتب المحامى عضو مكتب إرشاد الجماعة أمام قصر عابدين.
الغريب أن معلومات الوكالة اليهودية التى قايضتها مع الاستخبارات البريطانية عن تعاون حسن البنا والشيخ أمين الحسينى مفتى القدس مع الرايخ الثالث لم تحرك الفرع MI6 حتى يشدد رقابته ومتابعته للبنا فتحرك فى مصر ومارس أعماله العلنية والسرية بشكل روتينى من دون إزعاج أجهزة الاستخبارات والمعلومات المعادية لجماعة الإخوان المسلمين.
فى خلفية المشهد انتظر فى منزله ضيفه الشيخ الحقيقى لحين عودة البنا من الشقة الآمنة التى أجرى منها اتصالاته اللاسلكية السرية بأمان بناء على جدول توقيتات إرسال اتفق عليه مسبقاً واعتمدته القيادة النازية ببرلين مع تعديلات دورية صعَّبت على البريطانيين ومحطات فرع MI6 فى القاهرة رصد نمط الاتصالات الصادرة من الشقة وموقع بث الإشارات.
على مدار أسابيع أقام الضابطان النازيان فى داخل الشقة الآمنة دون أن يشعر بهما سكان العقار فى الوقت الذى تردد عليهما الشيخ حسن البنا ثلاث مرات أسبوعياً للتفاوض معهما على شكل التعاون والانصات إلى تفاصيل مهمته ثم الدور المطلوب منه فى إطار عمليتى الجنيه الكامل وتجنيد شباب الإخوان حول العالم للخدمة العسكرية لحساب الفيلق العربى الحُر التابع لقوات الرايخ الثالث.
اختبر ضابطا الاستخبارات النازية داخل شقة حسن البنا بجوار قصر عابدين جهازاً ألمانياً لرصد الاتصالات كان الأحدث وقتها اعترضا بواسطته الرسائل اللاسلكية البريطانية حيث اكتشفا عن طريق الصدفة ثلاث مواقع سرية لبث لاسلكى منتظم كان تابعاً لشبكات تجسس صهيونية عملت من مدينتى القاهرة والإسكندرية لحساب الوكالة اليهودية ولم تكن معروفة قبلها إلى الألمان ولا حتى للبريطانيين تناقلت معلوماتها الاستخباراتية بين مصر وفلسطين.
كشف تحليل رسائل الشبكات الصهيونية الثلاثة عن عشرات الأسرار الخاصة بتحركات القوات البريطانية المعادية للرايخ الثالث فى المنطقة فقرر هتلر تطوير العملية وأوصى بالاستمرار فى استغلال الموقع الاستراتيجى لشقة الشيخ حسن البنا وسط القاهرة.
واجهت توصية الفوهرر مشكلة كيفية نقل ملكية الشقة من المحامى المصرى معاون البنا إلى الاستخبارات الألمانية دون إثارة الشكوك لدى مالك العقار وسكانه مما يشكل مخالفة صريحة لعقد الإيجار مع تعريض الموقع كله للخطر بالرغم أن القانون الملكى المصرى رحب باستثمارات وعمل وإقامة الرعايا الأجانب من كافة الجنسيات فى مصر.
فى التوقيت نفسه أكد الشيخ حسن البنا أن الشقة مهمة للغاية لجماعته لأنها غير مكشوفة لأحد فعرضت عليه الاستخبارات النازية مبلغ مائة ألف جنيه مصرى مقابلها فأصبحت أغلى شقة مؤجرة بمنطقة الشرق الأوسط كلها على وجه الإطلاق فى تلك الفترة الزمنية.
الغريب أن الشيخ حسن البنا وافق بعدما سمع المبلغ المعروض عليه غير أن الاستخبارات الألمانية رفضت مبدأ مشاركة جماعة الإخوان المسلمين المصرية بالمحطة لدواعى سرية العمليات النازية فى مصر والشرق الأوسط وبالوقت نفسه رفضت الاستخبارات الألمانية فكرة ومبدأ مشاركة البنا فى الشقة.
ومع ذلك وافق مالك العقار دون مشاكل على طلب المحامى محمد أبو غدير لإدخال شريك مهنى له من أصول أوروبية بصلب عقد الإيجار حتى يتولى معه قضايا الأجانب فى مصر وكلفت الاستخبارات الألمانية بالفعل محامى مسجل لدى نقابة المحاماة المصرية تابعاً لها للتوقيع على العقد كشريك والاحتفاظ بقانونية التعاقد أمام القانون المصرى الذى احترمه الملك وقتها قبل الرعية. ومن يومها أصبحت مشاهدة الأجانب فى العقار أمراً روتينياً للغاية ولم تُكشف الشقة وظلت عاملة فى خدمة الاستخبارات النازية حتى 25 إبريل عام 1945 عندما هجرها سكانها دون سابق إنذار وتنبيه وعادت ملكيتها كاملة مرة ثانية إلى محمد فهمى أبو غدير محامى جماعة الإخوان المسلمين المصرية أما الشيخ البنا فقد أكل الثمن الخيالى الذى دفعه إليه هتلر مقابل شراء الشقة ولكن قبل أن يحدث كل هذا كانت هناك وقائع مثيرة للغاية بشأن نفس الشقة.
فقد تصادف بعدها بأسبوع واحد عقب موافقة مالك العقار للتوقيع على تعديل عقد إيجار شقة الطابق الخامس أن الشقة المماثلة لها فى الدور الرابع من نفس العقار أُخليت فجأة بسبب انتقال العائلة المصرية التى سكنتها إلى حى آخر وسط القاهرة فوجدها أبو غدير المحامى التابع للبنا فرصة وقام بتوقيع عقدًا مدنيًا جديدًا لإيجارها لكن باسمه.
وهكذا على مدار الفترة الممتدة من 15 يناير عام 1941 وحتى 25 إبريل عام 1945 أصبحت عملية "شرفة الملك فاروق" النازية مثلما سميت لدى الرايخ الثالث أهم وأنجح العمليات الاستخباراتية الألمانية ليس فقط فى المملكة المصرية بل على مستوى منطقة الشرق الأوسط كلها على حد الإطلاق. بعدها استمر الشيخ حسن البنا فى إجراء اتصالاته اللاسلكية الأسبوعية مع برلين ومع هذا لم يتم اكتشافه نهائياً طيلة الحرب العالمية الثانية بسبب أجهزة منع الرصد الألمانية الحديثة للغاية بالنسبة لتلك الفترة التى عملت ليل نهار من شقة محطة الطابق الخامس مثلما سميت بملفات ألمانية تاريخية عالية التصنيف تسكن حالياً أدراج الأرشيف الألمانى الرسمى. حيث أمنت تلك الأجهزة بالضرورة التقنية والفنية كافة اتصالات الشيخ حسن البنا الصادرة من شقة الطابق الرابع إلى الرايخ الثالث النازى فى ألمانيا بل الأكثر إثارة أنها أمنت إرسال الشفرة اللاسلكية للملك فاروق الأول نفسه من داخل القبو الذى استخدمه فى قصر عابدين.
اكتملت عملية الاستخبارات النازية السرية لتدريب وتكليف الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين المصرية بالتجسس لحساب جهاز استخبارات الرايخ الثالث النازى مساء الأحد الموافق 30 نوفمبر عام 1941، عندما ودع ضابطى الاستخبارات الألمانية اللذين درباه على التجسس حاملين معهما لبرلين وثائق تجنيده وتوقيعاته الشخصية على اتفاقية "سرية للغاية" وقعها عن جماعته مع الرايخ الثالث كان أبرز بنودها تشكيل الفيلق العربى الحُر وإدارة محطة إرسال وتجسس لاسلكى من قلب مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.