تحرص الحكومات الإسرائيلية على توثيق علاقاتها مع حكومة إثيوبيا، حيث إن الاستراتيجية الإسرائيلية تقوم على أساس أن العلاقة مع إثيوبيا بإمكانها أن تشكل عامل ضغط في المنطقة الإفريقية، خاصة مصر والسودان. وأدركت الحكومة الاسرائيلية أنه بواسطة العلاقة مع إثيوبيا يمكن تهديد مصالح مصر الاستراتيجية في منابع نهر النيل، وهو ما راق لإثيوبيا، وحاولت استغلاله لصالحها، بعد قرار بناء سد النهضة على نهر النيل الأزرق ومحاولة تمكين إسرائيل داخل القارة بكل الطرق، ولم تكتفِ إثيوبيا بتعاونها مع إسرائيل فيما يتعلق بشركات الكهرباء والاتصالات وإمداد إسرائيل لها بالأسلحة والمعدات العسكرية والذخائر، وكذلك الدعم في المجال الأمني وحرب العصابات، فضلًا عن تدريب الطيارين الإثيوبيين بالقوات الجوية الإسرائيلية، وتطوير نظم الاتصالات بين القيادة الجوية فى البلدين، إضافة إلى تبادل الزيارات بينهما على المستويين السياسي والأمني، بل وصل الأمر إلى حد صارخ لكل الدول الإفريقية بشكل عام ولمصر بشكل خاص، عندما أعلنت إثيوبيا مؤخرًا دعمها لمساعي إسرائيل لمنح "صفة مراقب" في الاتحاد الإفريقي، بعد زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو البلاد خلال جولته فى أربع دول من شرق إفريقيا. وقال موقع إثيوميديا الإثيوبي إن منصب مراقب في الاتحاد الإفريقي يتم منحه لبعض الدول غير الإفريقية التي ترغب في التعامل مع الاتحاد الإفريقي ومتابعة الإجراءات ومعالجة القضايا الخاصة بالاتحاد. والجدير بالذكر أن تلك ليست المرة الأولى التي تحصل فيها إسرائيل على هذا المنصب، بل سبق وأن احتلته عند تأسيس الاتحاد عام 2002، ولكنه لم يتجدد مرة أخرى. المشكلة الحقيقية الآن هي أنه بوجود إسرائيل داخل أروقة الاتحاد الذي يضم 54 عضوًا إفريقيًّا، ومقره أديس أبابا، ستكون إثيوبيا حليفًا دبلوماسيًّا هامًّا لإسرائيل بشكل علني، قد يصل للدفاع العسكري، وسيعزز ذلك الحلف المنصب الذي حازته إثيوبيا مؤخرًا ولمدة عامين كعضو غير دائم في مجلس الأمن للأمم المتحدة في عام 2017. كما أن وجود إسرائيل في ذلك المنصب سيؤثر سلبًا على القضية الفلسطينية، ففي عام 2013 حصلت فلسطين على صفة مراقب عام، واستخدم الرئيس الفلسطيني وقتها محمود عباس تقديم عناوين وحشد الدعم الدبلوماسي في النزاع المستمر منذ فترة طويلة مع إسرائيل، مما جعل إسرائيل تهرع نحو إفريقيا، خاصة الاتحاد الإفريقي، الذي أثبت فاعليته وآراءه النابعة من قلب الدول الإفريقية، وأعرب نتنياهو عن أن إفريقيا بالنسبة لإسرائيل منطقة استراتيجية كبيرة، ويمكن لجميع البلدان الإفريقية أن تستفيد من تجديد التعاون مع إسرائيل. مراحل تطور العلاقة بين إفريقيا وإسرائيل توترت العلاقات بين إفريقيا وإسرائيل على مر السنين، خاصة في الستينيات من القرن الماضي؛ بسبب الصراع العربي الإسرائيلي بين البلدان الإفريقية منها، وكثير منها كان متورطًا في صراعات التحرير وإسرائيل. وفي وقت لاحق أدت الحروب بين إسرائيل ومصر في عام 1967 و1973 لحث الدول الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى إلى قطع العلاقات مع إسرائيل، كما يعتبر دعم إسرائيل لنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا – الذي انتهى في عام 1994 – واحدًا من أهم أسباب توتر العلاقات مع الكثير من دول القارة. ولكن لأن الكيان الصهيوني في أشد الحاجة لإفريقيا، وتعلم أهميتها جيدَا؛ حاولت كسب ودها بكل الطرق، ولم تسعَ تجاهها سوى إثيوبيا، والتي قال عنها هيلي مريام ديسالين "يمكننا التغلب على الخلافات من قبل الصداقة وليس العزلة، فكما أن إسرائيل بحاجة إلى التواصل مع إفريقيا، نحن بحاجة إلى التعامل مع إسرائيل".