"الربيع للأمام والخريف إلى الخلف".. عبارة أمريكية شهيرة تذكرنا جميعا بتغيير التوقيت الزمني كل عام وتغيير الوقت لساعة بالزيادة أو النقصان، لكنها في مصر تحولت خلال صيف العام الجاري إلى "الحكومة للأمام ومجلس النواب للخلف در" عقب الأزمة الأخيرة التي وقعت بين الحكومة والبرلمان بشأن تطبيق التوقيت الصيفي أو إلغاء العمل به بصورة نهائية، وما يترتب على ذلك من أعباء مالية ضخمة وخسائر كبيرة على قطاعات الطيران والكهرباء والبترول والتموين تتكبدها ميزانية الدولة. قرر مجلس الوزراء، برئاسة المهندس شريف إسماعيل، عدم تطبيق التوقيت الصيفي الذي كان مقرر تطبيقه اعتبارًا من يوم الجمعة المقبل، وجاء القرار في ضوء ما ورد من مجلس النواب بشأن تعديل القرار بقانون رقم (24) لسنة 2015 بوقف العمل نهائيا بالتوقيت الصيفي وعدم تطبيقه مستقبلًا. غالبية أعضاء مجلس النواب يرفضون بشكل قاطع قرار تطبيق العمل بالتوقيت الصيفي الذي لا فائدة من ورائه، واستمراره مجرد استنزاف لموارد الدولة وقدرات المواطنين، بحسب ما قال النائب أسامة هيكل، أحد المؤيدين لقرار وقف العمل بالتوقيت الصيفي تحت القبة، موضحا أن قرار تطبيق التوقيت الصيفي خاطئ، بحسب تقارير رسمية عديدة صادرة عن وزارة الكهرباء خلال العام الماضي بشأن توفيره 0.07% أي أقل من 0.1% من الطاقة، وهي نسبة ضئيلة وتوفير طفيف للغاية. وتوصلت نتائج استطلاع مركز معلومات مجلس الوزراء إلى وجود نحو 78% من المصريين الرافضين لتطبيق التوقيت الصيفي، في حين 22% بين مؤيد ولا يفرق معه تطبيقه من عدمه، خاصة مع عدم وجود فائدة فعلية للتوقيت الصيفي في مصر وسط عمل معظم المحال التجارية على مدار 24 ساعة. وأضاف هيكل ل"البديل" أنه ليس لديه أي قناعة أو فائدة تُذكر من وراء تطبيق التوقيت الصيفي في مصر، خاصة أن معظم الوزراء الحاليين رافضين للقرار والقلة تؤيده، ومن بينهم وزيري الطيران والكهرباء، على حد قوله. على صعيد آخر، أعلنت قطاعات الدولة الرسمية عن رفضها لقرار وقف العمل به بحسب ما أقرّ أعضاء مجلس النواب، معلنين تأثرهم بسبب إلغاء العمل بالتوقيت الصيفي، بداية من وزارة البترول ومرورًا بالكهرباء والتموين، ووصولًا إلى وزارة الطيران التي أعلن رئيس شركة مصر للطيران القابضة، صفوت مسلم، أن قرار إلغاء التوقيت الصيفي سوف يكبد الشركة خسائر مالية تقدر بنحو 18 مليون جنيه، خلال الأشهر الأربعة المتبقية من العام. كما توقفت منظومة صرف الخبز والسلع التموينية الإلكترونية يوم 30 أبريل، بحسب محمود دياب، المتحدث باسم وزارة التموين والتجارة الداخلية؛ بسبب تغيير التوقيت تلقائياً إلى العمل بالتوقيت الصيفي وتقديم الوقت 60 دقيقة بسبب عملية ضبط التغيير الإلكتروني التي تم تفعيلها لأنظمة ماكينات الصرف التموينية. تعد "الكهرباء" من أكثر الوزارات الرسمية التي تطالب بعودة العمل بالتوقيت الصيفي الذي يقلل من استهلاك الكهرباء ويحد من الانقطاع المتكرر لها، وهو ما كشف عنه الدكتور حافظ السلماوي، المدير التنفيذي لجهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك، أن نسبة ما يوفره تطبيق التوقيت الصيفي من الطاقة المستهلكة في مصر تتراوح بين 1 -1.5% لترشيد استهلاك الكهرباء في المنازل والشركات وقطاعات الدولة الرسمية. وقال الدكتور محمد اليماني، المتحدث باسم وزارة الكهرباء، إن أي نسبة وفرة في الكهرباء وإن كانت ضئيلة تؤثر على استهلاك المواطن للكهرباء والوقود، ونحن في حاجة ماسة إليها لتخفيف الضغوط المالية على القطاعات الحيوية والعمل لصالح الدولة المصرية. وأوضح اليماني ل"البديل" أن التوقيت الصيفي يجعل وقت الذروة يبدأ ساعة مبكرة عن الشتوي، مؤكداً أن مدة الذروة التي ترتفع فيها الأحمال لا تقل كثيرًا عن التوقيت الشتوي. وذكر الطيار هشام النحاس، رئيس شركة مصر للطيران للخطوط الجوية، أن وقف العمل بالتوقيت الصيفي له تأثير سلبي كبير على رحلات الطيران من وإلى القاهرة، حيث أثر على 15% من رحلات الطيران الداخلي وتم دمج أكثر من رحلة، ما أضاع عشرات الملايين على الدولة. وتقدم المهندس عبد الحميد عامر، عضو مجلس إدارة المجلس الأعلى للشحن الجوي، بدعوى قضائية قبل نهاية الأسبوع الماضي يطالب فيها بإلغاء قرار تأجيل تطبيق التوقيت الصيفي ليبدأ 7 يوليو وحتى نهاية أكتوبر المقبل بعد أن كان مقرر له 29 أبريل الماضي لما سببه من خسائر كبيرة في الاقتصاد المصري خاصة في الطاقة والإنتاج.