المصالحة الإسرائيلية التركية التي اقتربت من التنفيذ، بعد خطوات ومؤشرات عدة أشار لها الجانبان في عدد من التصريحات والتقارير، ستسهم بشكل كبير في فك العزلة الصهيوينة في الكثير من الملفات، أسرعها وأبرزها وضع الكيان الصهيوني موطئ قدم له داخل الناتو، فبعد أيام قليلة من إعلان أنقرة وتل أبيب خوضهما مفاوضات للتوصل إلى اتفاق يقضي بإعادة العلاقات المقطوعة منذ ما يقارب الخمسة أعوام، أعلن الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين أن بلاده ستفتح بعثة دبلوماسية في مقر الناتو ببروكسل؛ في إطار جهودها لتعزيز التعاون مع الحلف في مواجهة ما وصفه الكيان بالمتطرفين. وعلى مدى السنوات الماضية كانت عملية فتح الممثلة الإسرائيلية في مقر الناتو تواجه معارضة شديدة من تركيا، التي تعد عضوًا رئيسيًّا في حلف شمال الأطلسي، حيث كانت أنقرة التي ظلت حتى عام 2010 من أهم حلفاء الكيان الصهيوني في منطقة الشرق الأوسط، تعرقل اتخاذ هذه الخطوة من خلال فرض الحظر على تعاون الناتو مع إسرائيل، وذلك على خلفية تدهور العلاقات بين الجانبين عام 2010، بعد اقتحام قوات كوماندوزإسرائيلية سفينة المساعدات مرمرة، التي كانت متجهة إلى غزة، ما أدى إلى مقتل 10 نشطاء كانوا على متنها، إلا أن تركيا رضخت الشهر الماضي، في ظل عمل البلدين على إصلاح العلاقات، لإقامة مكتب لإسرائيل في مقر الحلف في بروكسل يعمل به ممثلون لها. الكيان الصهيوني والناتو وثمة من يرى أن الخطوة التركية التي اتخذتها بعدم التحفظ على مشاركة الكيان الصهيوني في نشاطات عسكرية ضمن إطار حلف الشمال الأطلسي تعكس عدم وجود خطوط حمراء في تعامل أنقرة مع الاحتلال خلال مفاوضاتها المتعلقة بالمصالحة، حيث ستدفع هذه الخطوة الكيان الصهيوني إلى المطالبة بمزيد من الاعتراف بشرعيته الدولية الوهمية، والتي يستخدمها في تنفيذ مزيد من الانتهاكات ضد الشعب الفلسطيني. وفي الآونة الأخيرة عرض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعزيز العلاقات بقدر أكبر مع حلف شمال الأطلسي خلال استضافة الكيان الصهيوني لسفراء من دول الحلف، وقال نتنياهو إن «إسرائيل لديها الكثير لتقدمه للحلف، وأعتقد أن الناتو لديه الكثير ليقدمه لإسرائيل». وبهذه الخطوة تكون تركيا قد سمحت لإسرائيل بدور أوسع في الحوار المتوسطي الذي يرعاه حلف شمال الأطلسي، والذي يشمل إجراء اتصالات أمنية مع عدة دول عربية بحجة محاربة الإرهاب. وقال يسبر فاهر السفير الدنماركي لدى إسرائيل، وهو عميد سفراء دول حلف شمال الأطلسي لدى الكيان الصهيوني في تصريحات علنية، إن «الجماعات الإرهابية نشرت الفوضى والعنف في الشرق الاوسط، وهو ما يشكل تهديدًا لأمننا ونمط حياتنا». كما يرى المراقبون أن انضمام الكيان الصيهوني لقوات الحلف البحرية يمنحه ميزة التواجد في أماكن بعيدة، دون لفت نظر أو اشتباه، مما يجعل إشراكه في قوات الحلف قفزة في علاقاته الاستراتيجية مع الغرب، وبداية القبول العلني له في الدخول رسميًّا إلى حلف الناتو الذي يزعم أنه يحارب الإرهاب، بينما في الحقيقة يترك آثارًا سلبية في كل الدول التي يدخلها. المصالحة التركية الإسرائيلية تقترب وخلال الأشهر الأخيرة كثفت تركيا وإسرائيل المباحثات بشأن إعادة العلاقات بينهما إلى مستواها الطبيعي، في عملية أدت إلى تقارب ملموس بين أنقرة والكيان الصهيوني، لا سيما بعد رفع الأولى الحظر عن افتتاح البعثة الدبلوماسية، وذكرت صحيفة "حرييت" التركية أن تركيا وإسرائيل ستعلنان الأسبوع المقبل قرارهما بتطبيع العلاقات الدبلوماسية. ونقلت الصحيفة عن "مصادر عالية المستوى"، طلبت عدم الكشف عن هويتها، أن مسؤولُا في وزارة الخارجية التركية ومبعوثًا خاصًّا لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، سيلتقيان، الأحد، لإعلان التطبيع الكامل للعلاقات. ونسبت تقارير إسرائيلية عن مصادر تركية القول إن الاتفاق سيكون مجرد مقدمة، على أن تستكمل صياغته وتوقيعه في مطلع يوليو، ويجري في أواخر الشهر تبادل السفراء بين البلدين، وحسب الإذاعة الإسرائيلية فإن تركيا – كما يبدو – تراجعت في قضية رفع الحصار عن قطاع غزة، وتوصلت مع إسرائيل إلى «حل وسط» ، يقضي باتخاذ سلسلة خطوات لتخفيف الحصار، بما فيها نقل المساعدات التركية إلى القطاع عبر ميناء أسدود. وبالنسبة لطلب إسرائيل طرد قادة حماس من تركيا واغلاق مكتبها، فقد تم تجاوز العقبة، بالاتفاق على أن يبقى مكتب للحركة دون توجيه نشاطات معادية ضد الكيان الصهيوني من هناك، لكن وزير الاستخبارات والمواصلات الإسرائيلي يسرائيل كاتس، قال في خضم الحديث عن قرب تطبيع العلاقات بين تل أبيب وأنقرة، إن مشروع إقامة ميناء قبالة بحر غزة «يحرز تقدمًا». ونقل عنه قوله إن مشروع بناء الجزيرة الصناعية قبالة سواحل غزة يحرز تقدمُا، وذلك خلال اجتماع خاص في وزارته عقد قبل أيام قليلة تناول فيه تفاصيل المشروع المقدر أن تصل تكلفته إلى خمسة مليارات دولار، وحسبما نقل عن كاتس فإن فكرة بناء الجزيرة الصناعية كانت تحوم منذ سنين، إلا أنه خلال الأشهر القليلة الماضية شرع العمل الجدي في هذه المسألة.