رغم أن الدستور نص على زيادة ميزانية البحث العلمي سنويا وربطه بالدخل القومي، إلا أن الحكومة لم لاتلتزم به، بل نفذت العكس، الأمر الذي يهدد بإغلاق المراكز البحثية، في ظل حاجتنا لتطوير البحث العلمي للخروج من الأزمات المقبلة، كنقص المياه بعد استكمال إنشاء سد النهضة الإثيوبي، فضلا عن ضرورة توفير محاصيل ذات قيمة عالية. في الوقت الذي تسعى فيه الدول لزيادة ميزانية الأبحاث العلمية، خفضت الحكومة المصرية الميزانية بنسب شديدة، ففي مركز البحوث الزراعية، تم تخفيض ميزانيته من 70 مليون جنيه العام الماضى إلى 3 ملايين فقط، وميزانية مشروع تطوير الري الحقلي والثروة السمكية من 160 مليون جنيه إلى 38، ومركز بحوث الصحراء من 32 مليون جنيه العام الماضى إلى 4 ملايين هذا العام. قال الدكتور جمال صيام، خبير الاقتصاد الزراعي ومدير مركز الدراسات الاقتصادية بجامعة القاهرة: «يبدو أن هذه الأرقام خصصت للقضاء على الأبحاث الرزاعية والمائية؛ لأنها تعد بمثابة صفر لمخصصات المراكز في الثمانينات، التي وصلت إلى 80 مليون جنيه رغم فارق الوقت في قيمة العملة، ورغم شدة احتياجنا للأبحاث في الزراعة والماء بعد أزمة سد النهضة لتوفير البديل؛ من معالجة مياه الصرف أو استخلاص عينات زراعية لديها قدرة على تحمل نقص الماء، إلا أن تخفيض الميزانية جاء عشوائيا من متخذي القرار، ويعد الأمر بمثابة كارثة كبرى». وأضاف صيام ل«البديل» أن تخفيض ميزانية المراكز البحثية يعني إغلاقها عمليا، لكنها مفتوحة شكليا، ويتقاضى العاملون بها رواتبهم دون عمل، مطالبا متخذي قرار التخفيض بإعلان الأسباب عن ذلك، ولا ينبغي التبرير بحجة عجز الموازنة، فمن المفترض أن تكون المراكز البحثية آخر شيء يتم تخفيض ميزانيتها. وأوضح الدكتور عبد الغني الجندي، أستاذ الري بكلية الزراعة جامعة عين شمس ونائب وزير الزراعة السابق، إن الميزانية التي وضعت للمراكز البحثية تكفي لرواتب الباحثين فقط، ولن يكون للأبحاث والتجارب نصيب منها، ما يمثل خطرا على هذه المراكز، لافتا إلى بعض البدائل أمام الباحثين بالذهاب إلى الأكاديمية البحثية بمدينة برج العرب «stdf» التي تقدم دعما وتشجيعا للباحثين. وأكد الدكتور عاطف أحمد، الخبير في الإنتاج السمكي، أن الاهتمام بالثروة السمكية يحتاج إلى عاملين، أولهما، زيادة الميزانية الخاصة بها، وثانيهما، تشجيع الكوادر العاملة في المجال، مضيفا أن تخفيض الميزانية المعدة للثروة السمكية يقوض المحاولات التي تسعى لجعل مصر أكبر الدول المصدرة للأسماك، خاصة مع امتداد شواطئها.