تحولت جمهورية جيبوتي، الدولة الصغيرة الواقعة في شرق إفريقيا ويبلغ عدد سكانها أقل من 9 ملايين نسمة، إلى محور للقوى العالمية، وتكمن أهميتها بمنطقة القرن الإفريقي في أنها تحمل مفتاح المعاملات البحرية الدولية الرئيسية التي تمر عبر خليج عدن والبحر الأحمر في شرق البلاد، كما أنها جزء لا يتجزأ من الإمبراطورية الفرنسية في القارة السمراء، فحتى اليوم، لا نستطيع الجزم بأن الدول التي كانت تحت الاستعمار الفرنسي نالت استقلالها بشكل كلي؛ خاصة أن الحكومة الفرنسية لديها اتفاق للدفاع عن مستعمرتها السابقة. وتساءل موقع إثيوميديا: لماذا أصبحت جيبوتي العنوان الساخن لصراع القوى العظمى في المنطقة مثل الولاياتالمتحدة؟، مجيبا: «منذ إعلان جيبوتي استقلالها عن فرنسا عام 1977، لم يكن لديها أي موارد ذات أهمية عالمية باستثناء الرمال والملح و20 ألف جمل، تطور الأمر على مر السنين، وفي الوقت الذي أصبح جيرانها مشغولين جدا بالمجاعة والحروب الأهلية والإيدز، ظلت جيبوتي أمة بمنأى عن الويلات التقليدية في القارة». وأضاف الموقع الإثيوبي: «بعد هجمات 11 سبتمبر الإرهابية، هرع الجيش الأمريكي لافتتاح أول قاعدة عسكرية في تاريخه مخصصة لمكافحة الإرهاب، تحت مسمى معسكر ليمونير، وكان أهم جزء للمعسكر، أنه يستضيف قاعدة استثنائية لإطلاق عمليات الطائرات بدون طيار في الصومال واليمن»، متابعا: «عندما أقام الجيش الأمريكي قاعدة عسكرية في جيبوتي عام 2002، واستولت الولاياتالمتحدة على 79 فدانا لخدمة القاعدة، ظلت تتوسع بها حتى وصلت إلى 600 فدان، وتمركزت عليها المنشآت العسكرية لمجابهة أي هجوم إرهابي، ثم رفعت الولاياتالمتحدة كفاءتها إلى 1.4 مليار دولار في عام 2013». وأوضح إثيوميديا: «استمر إرث القوى الاستعمارية السابقة في جيبوتي، فمازلت فرنسا تحافظ على أكبر قاعدة عسكرية هناك، وأصبحت موجودة بقوة في المنطقة أكثر من أي وقت مضى؛ بسبب القاعدة واتفاقية الحماية التي يزعمون أنها إحدى إجراءات مهمتهم الحضارية في إفريقيا، ونجح الفرنسيون في زراعة فئة النخبة السوداء الصغيرة لمن لهم حقوق كاملة كمواطنين بشرط أن يقبلوا الذوبان في المجتمع الفرنسي ورفض التراث الإفريقي وقانون الأسرة وعاداتها». وتابع الموقع: «كانت ألوية ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا الانضمام لفرنسا وتشكيل القرصنة المضادة ليكون للاتحاد الأوروبي قوة في مواجهة القراصنة الصوماليين، وبحلول عام 2011، أطلقت اليابان في جيبوتي أول قاعدة عسكرية في الخارج منذ الحرب العالمية الثانية، ومؤخرا، انضمت الصين إلى القائمة؛ عن طريق فتح أول نقطة عسكرية في إفريقيا مدفوعة ليس فقط لاعتبارات اقتصادية، لكن أيضا لأسباب أمنية، وجاء ذلك نتيجة لاتفاقية الأمن والدفاع بين بكين وجيبوتي التي وقعت في أوائل 2014، وبعد وضع اللمسات الأخيرة على الصفقة، اشترت شركة الصين القابضة، حصة كبيرة في ميناء حيوي في البلاد من جيبوتي، بقيمة 185 مليون دولار، وعرضت تطوير مرافق البنية التحتية في الميناء تحت إشراف شركة هندسة البناء الحكومية الصينية بقيمة 420 مليون دولار». واختتم الموقع: «من ناحية أخرى، تكمن أهمية جيبوتي أن أسيا تبعد عن الساحل الشرقي منها 30 كيلومترا فقط، فيفصل باب المندب جيبوتي عن اليمن، أي أن البلاد تقع عند التقاء ثلاثة أنظمة جيوسياسية، حيث إعادة تحديد معالم السياسة العالمية في القرن الحالي، لكن الوضع الحالي يؤكد أن جيبوتي ستكون في المستقبل القريب مسرح الحرب لمنافسة القوى العالمية».