شهد الوضع في البحرين مؤخرًا تسترًا من الدول التي تدعي دعمها لملف حقوق الإنسان على جرائم الحكومة البحرينية ضد المظاهرات السلمية للشعب البحريني، ففي 17 مايو الماضي قضى قرار بجلوس ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة إلى جوار ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، أثناء احتفالها بعيد ميلادها التسعين في قصر «ويندسور»، خارج العاصمة البريطانية. واعتبرت منظّمة مراقبة حقوق الإنسان أنّ إعطاء مقعد لملك تسجّل بلاده «انتهاكات لحقوق الإنسان إلى جانب الملكة» خطأ في التقدير، واعتبر مراقبون أنها إشارة واضحة لغض طرف هذه الدول عن انتهاكات الملك، في ظل احتجاز حكومته لطفل رضيع في سجون المملكة. الرضيع والسجن بعد انقضاء أكثر من شهر ونصف على الوعود التي قطعها وزير خارجية البحرين خالد الخليفة لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري، خلال زيارته الأخيرة للمنامة إبريل الماضي، بإطلاق سراح الناشطة البحرينية زينب الخواجة، ما زالت الخواجة حبيسة جدران السجن مع رضيعها عبد الهادي، حيث أعلنت منظمة غير حكومية أن السلطات البحرينية رفضت طلبًا بتسليم طفل الناشطة الحقوقية زينب الخواجة الموجود في السجن برفقة والدته إلى عائلتها. الطفل الرضيع مسجون بسبب صورة للملك، حيث سجنت والدته «الخواجة» في مارس بعد إدانتها ب«إهانة الملك»؛ لأنها مزقت صورته في المحكمة، وأوضح مركز الخليج لحقوق الإنسان أن الخواجة أبلغت أسرتها بأنها تعاني من الإنفلونزا، ولم تعد قادرة على رعاية ابنها عبد الهادي البالغ من العمر 17 شهرًا، الأمر الذي دفع زوج الخواجة للتوجه إلى السجن، مطالبًا بأن يأخذ ابنه خارجًا حتى تتعافى زوجته، لكن إدارة السجن أبلغته أن ذلك لا يجوز، وأن الطفل لا يمكن أن يترك السجن. بغض النظر عن الوضع الصحي لوالدته. وتعد هذه المحاولة الثانية لفك الارتباط السياسي والتعسفي بين الأم وطفلها، حيث إن والدة زينب توجهت إلى السجن في محاولة لاصطحاب حفيدها من السجن، لكن تم إبلاغها بأنه لن يسمح لها باصطحاب حفيدها، وحتى الآن يقبع الرضيع في السجن معها، ويُخشى أن يصاب بالمرض جراء تعنت السلطات البحرينية. وكانت المحكمة قد حكمت على زينب بالسجن ثلاث سنوات وشهرًا، إثر إدانتها بتمزيق صورة ملك البحرين و«إهانة ضابط شرطة». المتحدث باسم وزارة الخارجية البحرينية كان قد أعلن، مطلع الشهر الحالي، أنه سيتم إطلاق سراح زينب الخواجة، وسيفرج عنها كأجنبية لأسباب إنسانية تتعلق بأطفالها، حيث تمتلك زينب وهي ابنة الناشط عبد الهادي الخواجة الجنسية الدنماركية. يذكر أن هذا الانتهاك ليس الأول في عالم الطفولة، حيث ألغت السلطات جنسية بحرينيين أدينوا بأعمال غير مشروعة، حسب زعم السلطات، فجردت ما لا يقل عن 208 أشخاص، بينهم تسعة أطفال من جنسيتهم؛ ليصبح العديدون منهم عديمي الجنسية. كما تم قتل العديد من الأطفال إما برصاص الشوزن، كما حدث للطفل حسام الحداد، 16 عامًا في أغسطس 2012، أو بطلق مباشر كما حدث للطفل علي الشيخ، 14 عامًا، وإما بسبب الدهس بسيارات الأمن كما حدث للطفل علي بداح، 16 عامًا، وعلي إبراهيم الدمستاني، 17 عامًا، أو بسبب التعذيب والقتل المتعمد بطلق ناري في الوجه كما حدث للطفل سيد أحمد سعيد شمس، 15 عامًا، والشهيد سيد هاشم سعيد 15 عامًا، ففي القانون الدولي كل من هم دون 18 سنة يعدون من الأطفال. ووفقًا لتقديرات أحد مراكز الرصد الحقوقية في البحرين فإنه وجد في عام 2012 ما يزيد على 60 طفلًا معتقلًا في السجون البحرينية لأسباب سياسية. علاقة البحرينبواشنطن ولندن رغم انتهاكات الحكومة في البحرين، إلَّا أن علاقتها بالدول، التي من المفترض أن تشكل ضغطًا عليها في مجال حقوق الإنسان كالولاياتالمتحدةالأمريكيةوبريطانيا، تتسم بالقوة والتنسيق والتعاون، فرغم أن البحرين لم تفِ بوعودها مع واشنطن في الكثير من الشؤون الحقوقية، كاستمرار ممارساتها في قمع المظاهرات السلمية والاعتقالات التعسفية، إلَّا أن الولاياتالمتحدة ما زالت تتعاون مع الحكومة البحرينية بشكل وثيق، حيث استقبل القائد العام لقوة دفاع البحرين خليفة بن أحمد آل خليفة، الثلاثاء الماضي في البحرين، قائد الأسطول الخامس قائد القيادة البحرية المركزيةالأمريكية اللواء بحري كيفن دونجن والوفد المرافق له، حيث استعرضا علاقات التعاون والصداقة القائمة بين مملكة البحرينوالولاياتالمتحدةالأمريكية، وسبل تعزيزها، وما تشهده من تطور على مختلف الأصعدة، خاصة فيما يتعلق بالتنسيق العسكري والتعاون الدفاعي بين البلدين، كما تم بحث عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك. وفي يونيو من العام الماضي رفعت الحكومة الأمريكية الحظر المفروض على مبيعات الأسلحة إلى «الحرس الوطني البحريني» و«قوات دفاع البحرين»، وفي أغسطس أقرت صفقة بقيمة 150 مليون دولار أمريكي لتوريد قطع غيار للطائرات العسكرية وذخائر ومعدات اتصالات إلى البحرين. وفي علاقة بريطانيابالبحرين تم البدء في بناء قاعدة عسكرية بريطانية في البحرين، ستكلف حوالي 19 مليون يورو، وسيتم الانتهاء من أعمال البناء هذا العام. الجدير بالذكر أن بريطانيا تتعرض لانتقادات كثيرة كان آخرها من منظمة العفو الدولية؛ لدعمها المملكة السعودية بأسلحة محظورة استخدمتها باليمن، والسعودية هي الدولة الداعمة لبقاء الملك البحريني في الحكم، رغم الاحتجاجات الشعبية المطالبة برحيله. يذكر أن الاحتجاجات الشعبية في البحرين بدأت في فبراير 2011؛ للمطالبة بإصلاحات اقتصادية وسياسية، كإقامة الملكية الدستورية عن طريق صياغة دستور جديد للمملكة، يتم بموجبه انتخاب الحكومة من قِبَل الشعب على غرار الديمقراطيات العريقة، بدلًا من النظام الحالي الذي ينتخب بموجبه برلمان له سلطات محدود، كما طالبت بالإفراج عن المعتقلين السياسيين.