تمثل القارة الإفريقية أهمية بالغة لمصر التي كان لها دور تاريخي كبير في مساندة دول القارة لا سيما في حقبة الخمسينات والستينات، كما كان لمصر دور مهم في تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية عندما وقع قادة 30 دولة إفريقية مستقلة ميثاق التأسيس في أديس أبابا، قبل 48 عاما. قال حسين محمود، المنسق العام لحركة مصر السمراء، إن الحركة هي مشروع ثقافي وحضاري كامل يهدف لإعادة إحياء الثقافة والهوية ونزعة الاهتمام بإفريقيا في المجتمع المصري بعد حالة التغيب التي طالت خلال السنوات الماضية. وأضاف محمود، أن الحركة تسعى إلي تقريب إفريقيا للمجتمع المصري، من خلال تدشين فعاليات نقاشية وفنية وثقافية مع الجاليات الإفريقية الموجودة بالقاهرة، ومشاركتهم الاحتفال بالأعياد القومية لبلادهم، خاصة أنه يتواجد بمصر أكثر من 15 الف طالب إفريقي من معظم الدول الإفريقية . وعن تطور العلاقات المصرية الإفريقية، قال محمود، أسوأ فترة شهدتها العلاقات كانت في عهد مبارك، واقتصر التعاون على العلاقات الرسمية السياسية بعكس ما كان يحدث في الخمسينيات والستينات، عندما قادت القاهرة حركات التحرير الوطني في إفريقيا، وهو ما كان يمثل عصرا ذهبيا للعلاقات، معربا أن القيادة الحالية تسعى لإعادة دور مصر الرائد في إفريقيا. وأكد محمود، أن إنشاء لجنة حديثة في مجلس النواب تختص بالشؤون الإفريقية تعكس الوعي التام بأهمية إعادة العلاقات، سواء على المستوى الشعبي أو السياسي، خاصة بعد عودة مصر لعضوية البرلمان الإفريقي بعد انقطاع دام ثلاث سنوات، وهو ما يساعد على كشف سبل التعاون بين مصر والعمق الإفريقي، والمساهمة في إحداث مزيد من التعاون المشترك في مختلف المجالات سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية. وعن دور "حركة مصر السمراء" في احتفالية يوم تأسيس المنظمة الإفريقية، قال محمود، إن الحركة تسعى إلي إطلاق احتفالية على مدار العام لتقديم مجموعة من الليالي الإفريقية الفنية والثقافية، وتجوب محافظات مصر بمشاركة ممثلين للجاليات الإفريقية، من خلال التعاون مع وزارة الشباب والرياضة، وبحث التواصل مع وزارة الثقافة لتستقبل قصور الثقافة هذه الفعاليات الفنية المختلفة. في نفس السياق، قال الدكتور محمد زيدان، مؤسس مبادرة "إفريقيا الأمل"، آن الآوان عودة دور مصر في إفريقيا بعد غياب دفعت ثمنه باهظا ليحل محلها لاعبين آخرين مثل إسرائيل، التي لعبت دورا خطيرا في القرن الإفريقي، مما انتهي ببناء سد النهضة، ودخلت مصر في حزام الفقر المائي، ومن ثم على الدولة المصرية الإسراع لإنقاذ العلاقة المشتركة، والتغلب على الأثار الجانبية للسد الذي أصبح اأمرا واقعا، وأن تسعي لتنمية مواردها المائية مع دول حوض النيل خاصة ان مصر أحد دول المصب. وعن مكافحة الإرهاب، أوضح زيدان، أن مصر تترأس هذا العام لجنة الأمن والسلم الإفريقي بالاتحاد الإفريقي، وهذا يتيح لها فرصة كبيرة في مواجهة النزاعات قبل نشوبها، وإخماد نيرانها، فنشهد "بوكو حرام" وغيرها من الخلافات القبلية التي تهدر طاقة البشرة السمراء ومواردها الثمينة، معربا أن مكافحة الإرهاب أصبحت ضرورة ملحة من أجل التنمية وخلق بيئة جاذبة للاستثمار وتوفير آلاف فرص العمل. وعن دور مبادرة "إفريقيا الأمل"، أكد زيدان، أنها انطلقت من قسم خدمة البيئة والمجتمع بكلية حقوق بنها ونقابة العامة للفلاحين، من أجل توثيق العلاقات الإنسانية بين الشعبين، واستخدام قوة مصر الناعمة في توطيد العلامة مع القارة السمراء سواء من خلال الأزهر أو الكنيسة أو الجامعات المصرية، وتتبني المبادرة أنشطة لدعم أبناء الجاليات الإفريقية بمصر وتوفير منح دراسية لهم للماجيسيتر والدكتوراه بالجامعات، بجانب توفير فرص للتدريب بمراكز ثقافية وقانونية وتنمية بشرية. وفي سياق متصل، قال مأمون حساني، أحد أفراد الجالية النيجيرية بمصر، إنه يدرس في الأزهر بكلية الدراسات الإسلامية والعربية، لتحضير الماجيستير، ويعيش في مصر منذ 6 سنوات بمدينة البعوث، وأنه لم يتعرض لمشكلة كبيرة منذ سفره من بلاده، بل كان هناك تعاون ودعم من المصريين، مشيرا إلى أن أسرته بذلت جهودا كبيرا لتوفير الإنفاق على تعليمه والانتهاء من مراحل تعليمه الأساسي لكي يلتحق بالأزهر. وطالب مأمون بمزيد من التعاون الاقتصادي والتجاري بين نيجيريا ومصر، موضحا أنه يتابع بالجرائد استيراد مصر لكثير من المحاصيل الزراعية من الدول الأوربية وآخرها استيراد الأرز لسد احتياجات السوق المصري، متسائلا لماذا لاتذهب مصر لنيجيريا التي تتمتع بالأراضي الزراعية الواسعة، وتسفيد بالقرب المكاني وانخفاض تكاليف النقل والشحن عن أوروبا؟. وقال عبد الرازق حمادو، أحد أفراد الجالية "كونغو"،ويدرس بطب الأزهر، إنه يحلم باليوم الذي تتمكن الدول الإفريقية بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي أمس، من تدشين سوق إفريقية مشتركة على غرار السوق العربية المشتركة، ولكن بإنجاح هذا السوق، من خلال رسم سياسات واستراتيجيات اقتصادية مشتركة تغطي القارة بأكملها وتحقق الرخاء لصالح إبناء هذه القارة السمراء. أما عن علاقة مصر بأفريقيا، قال عبد الرازق، أنه يدرس منذ ثلاث سنوات ويعيش بالقاهرة، ولا يرى أنه يعيش غريبا عن بلاده، بل يتمتع بنفس حقوق الشعب المصري غالبا، فهو يركب المترو والمواصلات بنفس ثمن الذي يدفعه المصري، ويحصل على نفس الخدمة الصحية كالمصري دون رفع سعرها لكونه أجنبي.