المتغيرات المكانية بالشرقية تفحص 546 طلبا لاستخراج شهادات بيانات    "مفارقة تاريخية".. ريال مدريد يفوز بدوري الأبطال الأهلي يخسر اللقب الأفريقي    إلغاء امتحان طالبة إعدادي بعد تصويرها ورقة الأسئلة في بني سويف    بعد قرار سحبه من أسواقها| بيان مهم للحكومة المغربية بشأن لقاح أسترازينيكا    مقابل إلغاء سياسات بيئية.. ترامب يطلب تمويلا من الشركات النفطية    تخصيص وسائل تواصل لتلقي استفسارات المصريين بالخارج بشأن تسوية التجنيد    اتجاه للموافقة على تتويج الهلال بالدوري في ملعب المملكة أرينا    سعود بن مشعل يزف 21 ألف خريجٍ من جامعة أمِّ القرى إلى الميدان    بالصور- يسرا وأحمد عز وإلهام شاهين مع كريم عبد العزيز في جنازة والدته    بعد رحيله.. من هو الشيخ هزاع بن سلطان بن زايد آل نهيان؟    «الدفاع الشعبي» تنظم عددًا من الندوات والزيارات الميدانية للمشروعات التنموية    انعقاد برنامج البناء الثقافي بمديرية أوقاف البحيرة    على معلول يحسم مصير بلعيد وعطية الله في الأهلي (خاص)    انطلاق مبادرة المشروع القومي لرفع اللياقة البدنية لطلاب المدارس في قنا    قائمة مواعيد قطارات مرسى مطروح.. بمناسبة فصل الصيف 2024    سلوفينيا تعتزم الاعتراف بالدولة الفلسطينية في 13 يونيو المقبل    لمواليد برج القوس والأسد والحمل.. توقعات الأسبوع الثاني من مايو لأصحاب الأبراج النارية    وسائل الرزق في القرآن .. يوضحها عالم أزهري    فصائل عراقية مسلحة تستهدف قاعدة نيفاتيم الإسرائيلية بالمسيّرات    وزير الصحة: المدينة الطبية ل"المستشفيات التعليمية" نقلة نوعية في القطاع الطبي    وزير النقل يعلن عن تجربة التاكسي الطائر في موسم حج هذا العام    رئيس هيئة المعارض يفتتح معرض الأثاث والديكور بمركز القاهرة للمؤتمرات    نشرة «المصرى اليوم» من الإسكندرية: تأجيل محاكمة المتهمين بأحداث سيدي براني وسموحة يصطدم ب«زد»    وزير الاتصالات يفتتح المقر الجديد لشركة «أرتشر» الأمريكية في مصر    تنبيه مهم من «الإسكان الاجتماعي» بشأن تأخر دفع الأقساط للوحدات السكنية    تنفيذ 4 قوافل طبية للقرى الأكثر احتياجا في الدقهلية    عضو تضامن النواب تثمن دور القومي للمرأة في استقلالية إدارة المنح والمساعدات    بعد ظهورها مع إسعاد يونس.. ياسمين عبد العزيز تعلق على تصدرها للتريند في 6 دول عربية    حزب حماة وطن يكرم الآلاف من حفظة القرآن الكريم في كفر الشيخ    بنك ناصر يرعى المؤتمر العلمي الدولي ال29 لكلية الإعلام بجامعة القاهرة    نيكول سابا تكشف عن موعد أغنيتها الجديدة "خلصت خلاص"    استفز لاعبي الأهلي | نص مرافعة دفاع حسين الشحات في قضية الشيبي    محافظ الغربية يوجه بتسريع وتيرة العمل في المشروعات الجارية ومراعاة معايير الجودة    بعد أسبوع حافل.. قصور الثقافة تختتم الملتقى 16 لشباب «أهل مصر» بدمياط    حكم هدي التمتع إذا خرج الحاج من مكة بعد انتهاء مناسك العمرة    وفد صحة الشيوخ يتفقد عددا من المستشفيات ووحدات الإسعاف وطب الأسرة بالأقصر    وزيرة التضامن تشهد انطلاق الدورة الثانية في الجوانب القانونية لأعمال الضبطية القضائية    "العمل": تحرير عقود توظيف لذوي الهمم بأحد أكبر مستشفيات الإسكندرية - صور    تأجيل محاكمة المتهمين في قضية فساد التموين ل 8 يوليو    البيتي بيتي 2 .. طرد كريم محمود عبد العزيز وزوجته من الفيلا    21 مليون جنيه.. حصيلة قضايا الإتجار بالعملة خلال 24 ساعة    السيسي يستقبل رئيس وزراء الأردن    برلماني: توجيهات الرئيس بشأن مشروعات التوسع الزراعى تحقق الأمن الغذائي للبلاد    ما حكم قطع صلة الرحم بسبب الأذى؟.. «الإفتاء» تُجيب    لليوم الرابع على التوالي.. إغلاق معبر كرم أبو سالم أمام المساعدات لغزة    مستشفى العباسية.. قرار عاجل بشأن المتهم بإنهاء حياة جانيت مدينة نصر    القبض على المتهمين بغسيل أموال ب 20 مليون جنيه    إيرادات فيلم "فاصل من اللحظات اللذيذة" بعد 4 أسابيع من طرحه بالسينمات    اكتشفوه في الصرف الصحي.. FLiRT متحور جديد من كورونا يثير مخاوف العالم| هذه أعراضه    دفاع حسين الشحات يطالب بوقف دعوى اتهامه بالتعدي على الشيبي    اليوم.. وزير الشباب والرياضة يحل ضيفًا على «بوابة أخبار اليوم»    جهاد جريشة يطمئن الزمالك بشأن حكام نهائي الكونفدرالية أمام نهضة بركان    دعاء الامتحانات مستجاب ومستحب.. «رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري»    معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية يسجل 31.8% في أبريل الماضي    الدفاع المدني اللبناني: 4 قتلى في غارة إسرائيلية على سيارة جنوب البلاد    موعد مباراة الإسماعيلي والداخلية اليوم الخميس بالدوري    طقس اليوم: شديد الحرارة على القاهرة الكبرى نهارا مائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالعاصمة 36    تامر حسني يقدم العزاء ل كريم عبدالعزيز في وفاة والدته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجميع دفع أثمانا فادحة لغياب دوره..الأزهر.. بشارة مصر لإفريقيا والعالم
نشر في الأهرام العربي يوم 24 - 11 - 2015

د. نادية عبدالفتاح: رؤية جديدة تناسب القارة السمراء
- د. محمود عباس: الطلاب الأفارقة النسبة الأكبرمن الوافدين
- خالد حنفى: منهج وسطى لا يكتسب عداء الحكومات الإفريقية
مخطئ من يظن أن الأزهر مجرد مؤسسة مصرية أو حتى إقليمية، لأنه واحد من أهم وأبرز المؤسسات العالمية باعتباره معقل العقيدة الإسلامية الوسطية وحامل لواء الإسلام السمح ومنبع الدعاة والعلماء الإسلاميين المتخصصين فى شئون الدين والدنيا، من كل الدنيا، وإلى كل الدنيا. وضع الله مصر فى إفريقيا وآسيا وقلب الأمة العربية لتكون رابطًا بين الأمم بأزهرها الشريف الذى لا يعرف إلا الوسطية والاعتدال، وهو بهذا المعنى أحد أبرز الكيانات التى جعلت من مصر دولة وجود لا مجرد دولة حدود خصوصا فى إفريقيا، فالمصرى إفريقى. وإذا كان نهر النيل هو شريان الحياة للبلاد التى يمر عبرها فى إفريقيا، فإن الأزهر هو شريان التنوير لكل إفريقيا فهو يدعو إلى قيم المحبة والسلام بين كل الناس، ولهذا عندما تراجع دور الأزهر إفريقيا على مدار العقود الأربعة الأخيرة، غابت مصر- أوكادت - وجودا وتأثيرا وتعاونا ودعما وعلى أصعدة إفريقية كثيرة، ودفعت مصر وإفريقيا معا أثمانا فادحة نتيجة هذا التغييب القسرى لأكبر وأهم مركز إشعاع إسلامى
والآن وقد أراد الله تعالى لمصر أن تستعيد حريتها بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو، فقد حان الوقت -الذى تأخر طويلا - أن تستعيد دورها وريادتها ووجودها عربيا وإقليميا وعالميا خصوصا فى محيطها الحيوى الأهم وهو إفريقيا، ولا أجدر من الأزهر- بالتضافر مع مؤسسات الدولة المصرية الأخرى بالطبع- بتحقيق هذا الهدف المصيرى الذى لا يقبل التأجيل أو التسويف أو حتى الإحالة إلى لافتة المستقبل، ولن يتم ذلك إلا بتلافى العقبات التى تعترض دور مؤسسة الأزهر من ناحية، ومن ناحية أخرى وبالتوازى صياغة توجه للتعامل مع القارة ينطلق من تحديد أى المناطق التى ينبغى للأزهر أن يعمل فيها، وتتوافق مع المصالح المصرية والعربية والإسلامية الآنية والمستقبلية، وهو ما تناقشه آراء نخبة من المسئولين والخبراء حول كيف نعيد للأزهر - الجامع والجامعة- ريادته فى إفريقيا، ليصبح من جديد بشارة مصر من أجل مستقبل أفضل لإفريقيا والعالم .
واجب خاص
أكد فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر أن الأزهر عليه واجب خاص نحو إفريقيا وشعوبها الطيبة وبينه وبين إخوانه الأفارقة علاقة حميمية وأخوية على مر العصور وتعليمهم فى جامعة الأزهر والتعاون معهم على البر والتقوى لخير العالمين، وأن الأزهر ينتمى إلى الشعوب الإفريقية الذى يجمع الآلاف من أبنائهم فى المدن الجامعية، خصوصا مدينة البعوث الإسلامية، مطالبًا بتوحيد الصفوف والكلمة فى ظل الربيع العربى الذى شمل الشمال الإفريقى وفتح له أبواب التاريخ.
وشدد الإمام الأكبر أنه على قوى الاستعمار الغربية ضرورة الانسحاب الفورى والنهائى من دول إفريقيا، التى يعمل الغرب على بقائها جميعاً أسواقاً لمصانعه، بالإضافة إلى ضرورة الكف عما تنفذه منظمتا الكومنولث والفرانكفونية من خطط استعمارية فى مختلف المجالات فى إفريقيا، كما دعا هذه القوى إلى الاعتذار عما ارتكبته من جرائم فى حق الإنسانية على مر التاريخ، خصوصاً ما ارتكبه فى دول إفريقيا.
وقال: إن الحضارة الغربية فشلت فى اختراق المجتمعات الإفريقية وتحويل الرجل الأسود إلى مسخ أبيض، مضيفاً:أن الأمل موجود فى عودة الريادة للحضارة العربية وثقافتها فى ظل مثول مآسى الغرب أمام أعين الجميع.
ودعا وزراء الخارجية وسفراء الدول العربية والإسلامية فى الدول الغربية إلى استخدام كل وسائل القوى الناعمة فى ذكاء وإخلاص لخدمة الشعوب التى تنتظر آفاق فجر الحرية والعمل على توحيد الكلمة والصفوف من أجل استعادة دورها التاريخي.
إستراتيجية
وتعتبرد. نادية عبدالفتاح مدرس العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن مؤسسة الأزهر إحدى المؤسسات الدينية التى يمكن أن تستخدم للدور المصرى فى إفريقيا، لاسيما أنها المؤسسة التعليمية الأكثر إقبالا من الطلاب الأفارقة الوافدين لمصر، كما أنها تقوم بإرسال مبعوثين إلى مناطق مختلفة داخل القارة لتعليم اللغة العربية، ونشر الدين الإسلامي. يضاف إلى ذلك وجود مراكز ومعاهد إسلامية تابعة له منتشرة داخل القارة.
ويتميز الأزهر عن غيره من المؤسسات التابعة لدول أخري، فى طرحه لنموذج إسلامى معتدل ووسطى يتلاءم مع المسلمين الأفارقة.
من هنا تأتى أهمية العمل على تفعيل دور المؤسسات الدينية فى إفريقيا. الأمر الذى من شأنه استعادة الروابط الدينية والثقافية بين مصر ودول إفريقيا. من خلال طرح لرؤية جديدة سياسيا واقتصاديا لدور الأزهر كإحدى أدوات السياسة الخارجية المصرية المهمة.
وعن رؤيتها لدور الأزهراقتصاديا، توضح أن النشاط الاقتصادى فى معظم الدول الإفريقية ينقسم إلى نوعين الاقتصاد المعيشى والاقتصاد الحديث، والذى ينقسم تنوعه بناء على الطبيعة الجغرافية وتنوع الموارد بالدول الإفريقية، فضلاً عن الأهمية الكبرى لعنصر العمل والذى يلعب دوراً كبيراً فى التنمية الاقتصادية، حيث إن الشعوب تستفيد من مكاسب التنمية الاقتصادية وتشارك فى تحقيقها، وبالنظر إلى القارة الإفريقية بما تملكه من هذا المورد المتوافر والمتنوع، فما تحتاج إليه فى الوقت الراهن هو الاهتمام بنوعية عنصر العمل وتحقيق التنمية البشرية حتى يمكن من خلال هذه القوى البشرية الكفء بما تملكه من قدرات انتاجية وإبداعية أن تحقق التكامل الاقتصادى بين الدول الإفريقية لتصبح القارة كتلة واحدة فى تعاملها مع العالم الخارجى ومستجداته. ومن ثم يمكن للأزهر تخصيص برامج تعليمية وتدريبية لتنمية مهارات هذا العنصر البشرى على نحو يمكنهم من العودة إلى بلادهم والإسهام فى عملية التنمية الاقتصادية، وليكن هذا الدور من خلال الاستعانة بالمؤسسات البحثية ومنظمات المجتمع المدنى العاملة والمهتمة بالقارة الإفريقية.
ولفتت النظر إلى أهمية تعاون الأزهر فى هذا السياق مع مشروع جمعية شباب إفريقيا فى مجال تدريب وتأهيل الشباب الإفريقى والذى يهدف لتأهيل الشباب للعمل فى المجالات الفنية والإدارية، وذلك تمهيداً لإعادة توطينه داخل دولته دون أن يمثل ذلك عبئاً على الدولة، ليكون هؤلاء المتدربون نواة لمجتمع صناعى زراعى جديد يستطيع استغلال ثروات بلاده ويعمل على إضافة قيمة جديدة إلى تلك الموارد الطبيعية مما يزيد من إجمالى الناتج القومى لدولته، وفى هذا تعظيم لشعار "إفريقيا للأفارقة"، والذى ترفعه جمعية شباب إفريقيا.
وسياسيا ترى د. نادية عبدالفتاح ضرورة وضع إستراتيجية معينة تجاه دور الأزهر الإفريقى باعتباره إحدى أهم الآليات السياسية لتفعيل حوار إيجابى مع الدول الإفريقية التى تم تهميشها خلال الثلاثين عام الماضية، بالتالى لابد من البدء بالداخل بعمل أبحاث ودراسات حول القارة الإفريقية ودراسة الدول التى تم استبعادها ومحددات البدء بالحوار، وكذلك بالنسبة للطلاب الأزهر الأفارقة الوافدين، فلابد من عمل قسم للأبحاث يدور حول الثقافات الإفريقية وتطوير أسلوب التعامل مع الثقافات الإفريقية، وتقليل حدة البيروقراطية الإدارية التى تسبب العديد من العقبات أمام الطالب الإفريقى، توفير سبل معيشة للطالب الإفريقى من مسكن ومبالغ المنح والاستعانة بجهات مانحة لرفع المنح المخصصة للطلاب الأفارقة، وتطبيق معايير سليمة فى اختيار الطلاب الأفارقة الوافدين حتى لا يصطدم الطالب بواقع دراسة مختلف عما هو متوقع، كذلك لابد من تفعيل دور الأزهر فى المصالحات بالنسبة للدول التى تعانى من فتن طائفية تصل إلى حروب أهلية، كما يجب أن يكون له دور فى الدول ذات العلاقات الخلافية مع مصر مثل إثيوبيا، فقد اصطدمت مصر مع إثيوبيا سياسيا، بالتالى يمكن اللجوء إلى سياسة القوة الناعمة وهى التى تخاطب ثقافة الشعب والتى تعتبر آلية لإعادة الحوار مرة أخرى، ويمكن فى هذا الشأن التنسيق مع وزارة الخارجية، ومع الإعلام لتأكيد دور الأزهر والتوعية بأهميته بالنسبة للقارة الإفريقية وتأكيد نشاطاته على المستوى الإقليمى والدولى .
دور تاريخى
من جانبه ينبه الكاتب والباحث خالد حنفى، إلى أن الأزهر هو إحدى الأدوات المؤثرة على الدور المصرى فى قارة إفريقيا، لاسيما أنه المؤسسة التعليمية والدينية التى يقبل عليها الطلاب الأفارقة الوافدين إلى مصر، كما ينتشر مبعوثو الأزهر فى مناطق مختلفة داخل القارة لتعليم اللغة العربية، ونشر الدين الإسلامي، يضاف إلى ذلك وجود مراكز ومعاهد إسلامية تابعة له منتشرة داخل إفريقيا. ويتميز الأزهر عن غيره من المؤسسات الإسلامية التابعة لدول أخرى تعمل فى إفريقيا، فى طرحه لنموذج إسلامى معتدل، ووسطى يتلاءم مع المسلمين الأفارقة الذى يربو عددهم على نصف سكان القارة. كما يملك الأزهريون زخما تاريخيا فى القارة، بفضل الدور التاريخى لمؤسستهم فى دعم الحركات الإصلاحية المعارضة للاستعمار مثل: حركات عثمان بن فودى والحاج عمر التكرورى، وأحمدو لوابو فى غرب إفريقيا، وكذلك الحركة السنوسية فى ليبيا والمهدية فى السودان. ولعل هذا الدور القوى للأزهر فى إفريقيا، جاء انعكاسا لأدواره المتعددة التى لعبها قبل ثورة يوليو، حيث كان بمثابة البيت السياسى الذى يلجأ له الأفارقة مثلهم مثل العرب والمصريين لمقاومة الاحتلال وظلم الحكام، غير أنه مع ثورة يوليو 1952، انحسرت السياسة عن الأزهر وتركز دوره الإفريقى خصوصا على المساحة الثقافية والتعليمية، سواء باستقبال طلاب لتعليمهم الإسلام واللغة العربية، أم إرسال دعاة أم إنشاء مراكز إسلامية لدعم عملية نشر الإسلام إفريقيا.
معوقات
ويشير خالد حنفى إلى أنه حتى هذه المساحة التى ركز فيها الأزهر على مدار أكثر خمسة عقود بدت أمامها معوقات ضيقت من مساحة فعاليته كمؤسسة يمكن أن تلعب دورا فى دعم الدور المصرى فى إفريقيا، خصوصا إذا علمنا أن 65 % من الطلاب الوافدين للدراسة بالأزهر هم من الأفارقة، كما أن 75 % من المبعوثين الأزهريين للعالم يذهبون إلى قارة إفريقيا، وفق مصادر بالأزهر. ولعل أبرز المعوقات، هى اقتصار منح مؤسسة الأزهر للطلاب الأفارقة الوافدين من الدول الإفريقية على الكليات الشرعية والدينية، بينما الدخول للكليات التطبيقية (الهندسة، والطب، والزراعة) يستلزم إجراءات معقدة منها أن تطلب الدولة الإفريقية باحتياجها لهذا التخصص، وموافقة السلطات المصرية على هذا الطلب. وتكشف إحدى الدراسات المصرية عن تركز معظم الطلاب الوافدين من إفريقيا فى الكليات الشرعية واللغوية، حيث تصل نسبتهم إلى حوالى 85 %، فيما تحوز الكليات التطبيقية والعملية على 15 %. ويرى البعض ذلك الأمر على أنه ثغرة فى دور الأزهر فى إفريقيا، لاسيما أنه من المفروض مراعاة الاحتياجات التنموية للقارة، سواء أكانوا أطباء أم مهندسين. كما أن التركيز على تخريج دعاة قد لا يكون ملائما للمصالح المصرية نفسها فى إفريقيا، لأن الطالب الذى يتخرج في الكليات التطبيقية ربما يكون أكثر إيجابية لمصالحنا من ذلك المتخرج من الكليات الشرعية حينما يعود لبلاده. فعلى سبيل المثال، فإن المصالح المائية لمصر على طول خط دول حوض النيل تقتضى من الأزهر التركيز على تخريج مهندسى رى وزراعيين قد يسهمون عند عودتهم إلى بلادهم فى تفهم مدى أهمية هذا المورد المائى لمصر. إلا أن رجال الأزهر يختلفون مع وجهة النظر تلك، ويعتبرونها تحمل مؤسستهم أكثر مما تحتمل، ويرون أنه يجب النظر لوجود جامعات مصرية أخرى من الضرورى تفتح ذراعيها بشكل أكبر للطلاب الأفارقة الراغبين فى دراسة العلوم التطبيقية، ومن ثم يتحقق التأثير المطلوب للمصالح المصرية. اللافت للنظر أن بعض المصريين المهتمين بالشأن الإفريقى يعتبرون أن تأثير الداعية فى المجتمعات الإفريقية قد يفوق تأثير خريجى العلوم التطبيقية، خصوصا فى ظل عدم الاستقرار السياسى سواء فى الحكومات، والذى يتبعه فى الغالب تغيير القيادات البيروقراطية. فوفقا لوجهة نظر هؤلاء، فالدعاة لهم تأثيرهم العميق على هذه المجتمعات، ويمكن أن يرسموا إما صورة إيجابية أو سلبية عن مصر وهذه التأثيرات لا تتغير بتغيير الأجواء السياسية، فالعامل الثقافى دائما هو أقوى من السياسى وحتى الفنى فى مجتمعاتهم تتراجع فيها أهمية العلم. كما أن الدور الأوروبى يركز على الجوانب الفنية فى استقدام الطلاب الأفارقة، وهو ما يجعلنا نركز على الميزة النسبية للأزهر، وهى امتلاكه لسمعة محترمة فى العالم ومنهج وسطى لا يكتسب عداء الحكومات الإفريقية، على عكس المناهج الإسلامية المتشددة التى تروج لها بعض الدول الراغبة فى مزاحمة دور الأزهر. وحتى بافتراض التركيز على الميزة النسبية للأزهر فإن بها مشاكل عدة لابد من مواجهتها، فالطالب الإفريقى الذى يحظى بمنحة فى الأزهر يصرف له 200 جنيه مصريا فى الشهر. ولا شك أن هذا المبلغ قليل للغاية، ولا يتناسب مع مستويات الأسعار التى ترتفع يوما بعد يوم فى مصر، إلا أن المسئولين بالأزهر يرون أن ذلك ليس بأيديهم، وإنما الموازنة المخصصة لمنح الأفارقة ضعيفة، وتحتاج إلى مضاعفتها من قبل الحكومة، فهناك 1650 طالبا إفريقيا من إجمالى 3 آلاف طالب بمدينة البعوث الإسلامية التى واجهت ضيق مرافقها بوضع طالبين فى كل غرفة، بدلا من طالب واحد. غياب الثقافة الإفريقية وهناك شكاوى من الطلاب الأفارقة بغياب ثقافاتهم المحلية، وهيمنة الثقافة والتاريخ المصرى عن المناهج الشرعية والدينية، فالطالب الإفريقى مثله مثل الآسيوى والمصرى يدرس مناهج متشابهة. وحتى إذا دافع البعض بأن هذه المناهج دينية عامة، إلا أنه لابد من مراعاة أن الداعية المتخرج يذهب إلى بلاده ليجد واقعا قد لا يتواءم مع ما درسه، وبالتالى فإدخال مواد دراسية خاصة بالثقافات الإفريقية، وعلاقتها بالدين قد تيسر للمتخرج عمله حين يعود لبلاده. كما يعانى هؤلاء الطلاب الأفارقة من معاملة سيئة وجافة بل عنصرية أحيانا من بعض موظفى الأزهر، بسبب المدركات السلبية لدى عامة الشعب المصرى عن قارة إفريقيا بأنها قارة الجوع والإيدز، ويتولد مع ذلك شعور لدى البعض بالاستعلاء على الأفارقة. وفى الوقت الذى يقبل الأزهر على قدوم طالبات للدراسة، وذلك خلافا لمؤسسات أخرى فى العالم الإسلامى التى تطلب وجود محرم، إلا أن هذه الميزة النسبية لا تفعل بالقدر المطلوب، فلا يزيد نسبة الطالبات على 10 % من إجمالى الأفارقة الذين يأتون إلى مصر للدراسة بالأزهر. وبرغم كل هذه المشاكل، فإن الأزهر مازال عليه إقبال من الطلاب الأفارقة أكثر من الجامعات التعليمية المصرية، حيث يحوز على 70 % من إجمالى الطلاب القادمين إلى مصر، بل إن عدد الطلاب يزداد من عام إلى آخر وفقا للدراسات، فأعداد الطلاب الأفارقة فى الأزهر عام 1985 بلغ ألفى طالب فى عامى 1988، إلا أن هذا العدد ارتفع فى عامى 2003 ليصل إلى خمسة آلاف طالب، وفق مصادر بالأزهر. مشاكل مبعوثى الأزهر، أما بالنسبة للشق الثانى والمتعلق بإرسال الأزهر، فإما مبعوثون أو معارون أو متعاقدون وغالبا يكونون من المبعوثين، لاسيما أن قدرات الدول الإفريقية لا تستطيع استقدام معارين أو متعاقدين. ويواجه المبعوثون من الدعاة الذين يوفدهم الأزهر إلى القارة السمراء عوائق كبيرة لتفعيل دورهم فى القارة أبرزها: عدم معرفة لغة البلدان الإفريقية التى يسافرون إليها، فمعظم المعارين من الدعاة ضعاف فى اللغتين الفرنسية أو الإنجليزية اللهم إلا قليل منهم، ناهيك عن عدم إدراكهم أو فهم لعادات الشعوب الإفريقية وثقافتها أو حتى إلمامهم بطبيعة الأوضاع السياسية فى هذه البلدان. ويخلق هذا الأمر فجوة وعزلة فى آن واحد بين الداعية المصرى والمجتمع الإفريقى، فإبان الفتح الإسلامى كان المسلمون يدرسون عادات وثقافة الشعوب التى يدخلون أراضيها، حتى لا يصدمون مشاعرهم بسلوك قد لا يعجبهم، وبالتالى يتحقق التأثير المطلوب. ويروى بعض من ذهبوا إلى إفريقيا أن بعض الدعاة المصريين تنتابهم حالة من الاستياء جراء العادات التى يرونها فى القارة، ولا يستطيعون التكيف معها، بل إنهم يحرصون على الادخار وجمع الأموال بسبب ضعف مستواهم المعيشى فى مصر، حيث يرى معظمهم أن فترة البعثة إلى إفريقيا، هى لعمل مدخرات العمر، حتى ولو على حساب المظهر العام للداعية المصرى. وبرغم أن إفريقيا تحوز على 75 % من إجمالى المبعوثين من الأزهر إلى العالم البالغ عددهم حاليا بحوالى 400 داعية، فإن المشكلة أيضا تركزهم فى الغرب والوسط الإفريقى، وبعض بلدان القرن الإفريقى مثل السودان والصومال. ويعود ذلك لأسباب سياسية واجتماعية وتاريخية، فالغرب الإفريقى معظم دوله تدين بالإسلام ومحبة للغة العربية، كما أن لديهم علاقات تاريخية مع مصر أيام مكافحة الاستعمار، وكذلك لعب انتشار الطرق الصوفية فى هذه المنطقة دورا فى التواصل مع الأزهر. غير أن هناك مناطق فى إفريقيا يقل فيها تركز الأزهر، برغم عظم المصالح المصرية فيها مثل إثيوبيا التى يوجد بها مسلمون لا تقل نسبتهم عن 40 %، وهو ما يبرره البعض بضعف الميزانية المخصصة لنشاط الأزهر فى إفريقيا.
تحديات
وخلافا للمعوقات التى ترتبط بأداء الأزهر نفسه، يرى حنفى أن هناك تحديات خارجية يواجهها الأزهر حاليا، وتفرض عليه صياغة إستراتيجية واضحة للتعامل معها، حتى لا تقل فاعليته فى إفريقيا وغيرها من مناطق العالم، وأبرز هذه التحديات هى تداعيات الحملة على الإرهاب التى تقودها الولايات المتحدة والتى انتقلت إلى الدول الإفريقية، كما أن بعض المؤسسات الدينية التابعة لدول عربية وإسلامية تزاحم الأزهر بخاصة فى غرب إفريقيا التى يملك فيها ثقلا كبيرا. يضاف إلى ذلك، غياب أى تنسيق بين المؤسسات العربية التى تلعب نفس الأدوار التى يلعبها الأزهر مثل جمعية الدعوة الإسلامية العالمية التى تنطلق من ليبيا. أيضا هناك بيئة معادية للعرب فى بعض الدول الإفريقية، وهو ما ينعكس على مبعوثى الأزهر، فمازال بعض الأفارقة ينظرون للعربى على أنه تاجر رقيق يحتقر السود الأفارقة، ولتلافى العقبات التى تعترض دور مؤسسة الأزهر يستلزم صياغة إستراتيجية جديدة للتعامل مع القارة بإفريقيا، تتوافق مع المصالح المصرية، كما أن ذلك يستتبعه دراسة لمخرجات الأزهر من الطلاب، وهل بالفعل مارس خريجوه بعد عودتهم لبلادهم دورا إيجابيا لصالح السياسة المصرية فى إفريقيا أم لا؟ أما على مستوى الدعاة ومراكز الأزهر، فإذا تم تحديد المناطق الأكثر أهمية للسياسة المصرية، فهذا سينعكس على ضرورة إعداد مبعوثى الأزهر وتأهليهم لغويا وثقافيا، وكذلك إنشاء مراكز أو معاهد للأزهر فى المناطق التى تهم السياسة المصرية. كما أن التعاون والتنسيق بين الأزهر والمؤسسات المصرية الفنية والإعلامية وكذلك العربية العاملة فى إفريقيا، أصبح مهما حتى لا تضيع الجهود وتتكرر
عمق إستراتيجى
أما مدحت حمّاد رئيس المركز المصرى للدراسات السياسية والتنموية فيشدد على أن إفريقيا هى العمق الإستراتيجى الأول للأمن القومى المصريين، وأنه فى هذا الإطار يجب على الأزهر أن يقوم بدور فى وأد سيناريو الصراعات الكبرى فى قارة إفريقيا، فهناك قوى إقليمية تسعى لإحياء الفكر الاستعمارى كالصين، الهند، إيران، روسيا، واسرائيل، كما يجب على الأزهر أن يستوعب المد الشيعى لا أن يواجهه بالصدام والنزاع.
ويطالب حماد بسرعة إنشاء مركز بحثى خاص بالدراسات والأبحاث الإفريقية بجامعة الأزهر، مع تشكيل فرق عمل بحثية من الدعاة على أن تتوافر فيهم القدرة على استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة والتمكّن من لغة البلد المُعارين إليها والقدرة على استيعاب الآخر.على أن يتم عمل تقييم سنوى للدعاة. وتعيين نائب عن شيخ الأزهر فى كل دولة يكون من الأزهريين من أبناء هذا البلد. ولن تتحقق هذه الاهداف أويتم تفعيل دور الأزهر فى إفر يقيا إلا إذا ضمنت - خصوصا فى ظل أجواء الحرية عقب ثورة يناير - ضمنت الدولة استقلال الأزهر التام عن السلطتين التنفيذية والتشريعىو لذايجب أن يتضمن الدستور الجديد مادة تضمن استقلال الأزهر، وطريقة اختيار شيخه بحيث يقوم باختياره 5 من أعضاء لجنة كبار العلماء، كما يجب على هذه اللجنة الحرص على عدم مخالفة القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية للشريعة الإسلامية والأهم دعم كل مؤ سسات الدولة لدور الأزهر فى إفريقيا باعتباره أولوية وطنية قصوى.
اعتراف
ويتفق معه السفير وائل نصر، خبير شئون الشرق وإفريقيا معترفا بأنه لا يوجد دور مصرى فى إفريقيا الآن برغم أن الدور المصرى إفريقيًا. بدأ منذ أيام الفراعنة، ثم استمر أيام محمد علي، وكانت آخر مرحلة شهدت إستراتيجية مصرية بإفريقيا فى عهد جمال عبد الناصر.
ولاستعادة الدور المصرى فى إفريقيا وفى ظل غياب الإمكانات المادية، يجب استغلال القبول العام لمؤسسة الأزهر فى إفريقيا، فما يميز مصر هو عدم وجود دوافع خفية لسياستها الخارجية الإفريقية. وعلى الأزهر التنبه للخطر الداخلى والخارجى الذى يواجه مصر. كما يجب علينا مواجهة البعثات التبشيرية بالبعثات الأزهرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.