التدخل الحكومي سيكون ضروريا لخلق سوق للطاقة المتجددة الاستقرار السياسي والسوق الاقتصادي الآن متقلب بشكل كارثي ثورة النفط الصخري سيتم استخدامها لدعم الأهداف الدولية للبلدان من بداية القرن العشرين وهناك ارتباط دائم بين أسعار الطاقة والجغرافيا السياسية، لكن مع توسع العولمة، وزيادة التصنيع، وكثافة إمدادات الوقود الأحفورى، بدأ هذا الارتباط في التقلص بشكل ملحوظ. بينما تستطيع دول منتجة للطاقة مثل المملكة العربية السعودية وروسيا وإيران، والولاياتالمتحدة بإجراءاتها السياسية التأثير على أسعار الطاقة، تتأثر دول أخرى كالصين والهند في قراراتها السياسية بأسعار الطاقة. فالتقلبات الكبيرة في قطاع الطاقة أعادت كتابة العلاقة بين الجغرافيا السياسية والاستثمارات. فهم عملي لهذين المكونين المنفصلين ضروري للتبحر في الأمن القومي وفهم الأسواق المالية ذات الصلة بالوقود الأحفوري. وفهم الجغرافيا السياسية هو أمر بالغ الأهمية لتحقيق استثمارات نفط وغاز مربحة. على سبيل المثال، نتيجة للاتفاق النووي الإيراني مع الدول الأوروبية بقيادة الولاياتالمتحدة – أعلنت المملكة العربية السعودية الحرب على إنتاج النفط والغاز الأمريكي. القرار السعودي لتسييل أسعار النفط كان جهدا واعيا، حيث تعرض الأمن القومي والاقتصادي السعودي للتهديد نتيجة تحسن العلاقات الإيرانية مع الغرب، وما ينجم عنه من تدفق النفط الإيراني في السوق. الموقف المتردد للدول الأوروبية تجاه العدوان الروسي في أوكرانيا، مثل غزو شبه جزيرة القرم عام 2014، هو نتيجة مباشرة للاعتماد الأوروبي – لاسيما ألمانيا – على النفط والغاز الطبيعي الروسي. لكن مع رفع الحظر المفروض منذ عقود على صادرات الغاز الطبيعي الأمريكي، ستكون أوروبا على الأرجح أكثر تحررا من ضغط المحاولات الروسية لاستخدام النفط والغاز الطبيعي كسلاح جيوسياسي. الآن، زيادة صادرات الطاقة الأمريكية يمكن أن يؤدي إلى أن تصبح روسيا أكثر عدوانية واستياء تجاه الغرب، وتحديدا الولاياتالمتحدة، وعلاوة على ذلك، ليس هناك سبب للتوقع بأن منظمة الأوبك (مجموعة الدول المصدرة للبترول)، بالتعاون مع روسيا، سوف تثبت مستويات إنتاجها. الاستقرار السياسي والأسواق الاقتصادية وإنتاج الطاقة الآن متقلبة بشكل كارثي. لهذه الأسباب، التطورات الجيوسياسية تؤثر بشكل كبير على إنتاج الطاقة، والأسواق الاقتصادية، وقرارات الاستثمار. البلدان في جميع أنحاء العالم مرتبطة الآن بطرق أبدا لم يكن يمكن تصورها حتى قبل عقدين من الزمن. لذلك، سوف تستمر أسواق الطاقة العالمية في التغير كنتيجة لهذا الواقع الصارخ. موارد الطاقة المستغلة حديثا التي أشعلتها ثورة النفط الصخري سيتم استخدامها الآن لدعم الأهداف الدولية للبلدان، والتداخل مع أسواق الطاقة الجيوسياسية يتسبب في عواقب غير مقصودة يمكن أن تقوض مصالح استثمارات النفط والغاز الطبيعي المحلية والدولية. الشركات يجب أن يكون لديها الآن فهم أفضل للتغيرات في أسواق الطاقة العالمية، مثل التغيرات في الطلب العالمي على الطاقة، والحد من الاعتماد من خلال وسائل اصطناعية، وزيادة المنافسة في أسواق الغاز العالمية. وعلاوة على ذلك، يجب على الشركات فهم التفاعل بين الدول، حيث الاضطرابات الجيوسياسية في جزء واحد من العالم يثير ردود فعل في مناطق أخرى. السياسة الخارجية وقرارات الأمن القومي أصبحت الآن مؤثرة في اتجاهات قيادة الاستثمار في الطاقة تماما مثل الإجراءات الاقتصادية والاتفاقات التجارية. يعتقد كثيرون أن مصادر الطاقة المتجددة سوف تعزل الأسواق وتحصن المستثمرين من التحولات الدراماتيكية في أسعار الطاقة الناتجة من الوقود الأحفوري التي هي رهينة للمفارقات الجيوسياسية. لكن حتى الآن الطاقة المتجددة لا تشمل سوى 11٪ من مصادر الطاقة في جميع أنحاء العالم، ويقدر أنه بحلول 2040 الطاقة المتجددة سوف توفر فقط 15٪ من الإمداد العالمي. هذه التقديرات تسلط الضوء على التحديات الرئيسية الثلاث التي تقدمها مصادر الطاقة المتجددة في حالتها الحالية. الأولى والثانية من هذه التحديات هي قضايا متعلقة بكيفية تخزين ونقل هذه الطاقة المنتجة، حيث عدم وجود التكنولوجيا الكافية للاستفادة من ضوء الشمس الطبيعي المتاح والرياح يستدعي ضرورة استخدام الوقود الأحفوري كبديل خلال فترات نقص الطاقة والتقلبات المناخية. وعلاوة على ذلك، توصيل تلك الطاقة للمستخدمين النهائيين على نطاق عالمي يتطلب تحديث الشبكة، والتي تعد تكلفة من شأنها أن تصعد إلى تريليونات الدولارات، وهذا هو التحدي الثالث ( التكلفة الباهظة). معظم الدول ليس من المرجح أن تنفق هذا المبلغ نظرا لوفرة مصادر إنتاج النفط والغاز الطبيعي الذي يمكن استخراجه ونقله واستخدامه بتكاليف أقل بكثير. لذلك فإن هذه التحديات تؤكد على التكلفة المتزايدة للطاقة المتجددة، والتي هي أكثر من ضعف تكلفة الوقود الاحفوري التقليدي. في الولاياتالمتحدة، نجحت الطاقة المتجددة في عدد من المناطق نتيجة الدعم الحكومي المكثف، عندما يصبح إنتاج الطاقة المتجددة بتكلفة تنافسية، كل من المستهلكين والموردين للطاقة سوف يتبنون الأساليب الإنتاجية، وسوف يزيد إنتاج الطاقة المتجددة دون استهلاك قسري. عندما يترك الدعم الحكومي مصادر الطاقة المتجددة، على الأرجح محفظة المستهلك سوف تعاني. ويعتقد الخبراء أيضا أن إنتاج وقود الإيثانول الحيوي – الذي يتم استخراجه من مصادر طبيعية أو بيولوجية – على نطاق واسع سوف يؤدي إلى زيادة أسعار المواد الغذائية، مما قد يخلق مجاعة ونقصا في التغذية للأجزاء الفقيرة في العالم. وعلى الرغم من أن طاقة الرياح والشمس يمكن أن توفر مصدر طاقة غير محدود، فإن أساليب الإنتاج يجب أن تكون مدعومة احتياطيا عن طريق مولدات الوقود الأحفوري. وبالإضافة إلى ذلك تتطلب الطاقة الشمسية كميات كبيرة جدا من المياه لتنظيف اللوحات الشمسية المستخدمة لإنتاج الطاقة الأمثل، الأمر الذي قد يزيد من عبء دول العالم المفتقرة لوفرة المياه. في حين الدول الغربية قد تستمر على الأرجح في تنفيذ تكنولوجيات الطاقة المتجددة، فإنه لا يمكن أن يتوقع أن هذه الاتجاهات سوف تصبح شعبية على مستوى العالم. النفط والغاز الطبيعي يتم استخدامهم على نطاق واسع ومن مصادر وفيرة. دول مثل فنزويلا ونيجيريا وروسيا وإيران والمملكة العربية السعودية لديها وسائل بأسعار معقولة لإنتاج وتوزيع هذه الموارد. الصين والهند ليس لديهما حافز كبير للتخلي عن الوقود الأحفوري عندما هم بأمس الحاجة للطاقة، وهناك موردون عالميون على استعداد للبيع. لذلك فإن أهمية الجغرافية السياسية للوقود الأحفوري لن تتقلص، ولا الأهمية الاقتصادية. الوقود الأحفوري، لاسيما الغاز الطبيعي، هم أفضل الاستثمارات لتحقيق استقرار السوق. وقالت وكالة الطاقة الدولية أن التدخل الحكومي سيكون ضروريا لخلق سوق للطاقة المتجددة، ولتمويل الفجوات في البحث والتطوير في هذا المجال، ولدفع عملية الانتقال من الوقود الأحفوري وتشجيع التعاون الدولي. على الرغم من أن مصادر الطاقة المتجددة مجدية جدا من الناحية التقنية، إلا أنها حتى الآن لا تشكل بديلا كاملا للنفط والغاز الطبيعي. تود رويال – جيوبوليتيكال مونيتور