كشف المؤتمر السنوي للطاقة ال21 والذي عقد بمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بأبوظبي أن انهيار أسعار البترول الذي شهده السوق العالمي مؤخرا يحمل تهديدا مباشرا إلي اقتصاديات الدول حيث يؤدي إلي انكماش وتراجع حركة الاستثمارات إلي جانب تقليص المساعدات الخليجية للعديد من الدول العربية. أكد المشاركون في المؤتمر من 11 دولة عربية وأوروبية وآسيوية ان رفع الحظر عن النفظ الإيراني بعد توقيع الاتفاق النووي مع أمريكا سوف يؤدي إلي تغلغل نفوذها بالمنطقة. قالوا انه في ظل التطورات والتغييرات الجيوسياسية الاقليمية والدولية يستلزم الاهتمام بقضايا الطاقة باعتبارها تلعب دورا هاما وحيويا في التنمية الشاملة. طالبوا بوضع تصورات وسيناريوهات جديدة للتطورات القادمة بما يتناسب مع المستجدات في الأسواق العالمية. أوضحوا ان الابتكار والتطوير والأبحاث ضرورة ملحة لمعالجة المشكلات المختلفة لتعظيم الاستفادة من مصادر الطاقة المختلفة وطرق الحفاظ عليها واستدامتها مع ضمان ترشيد استخدامها وتدفقها إلي المستفيدين في الأسواق العالمية وبما يضمن استمرار عمليات التنمية الشاملة بما يحفظ الاستقرار والأمن في دول المنطقة في هذه الفترة الحرجة التي تعيشها أسواق الطاقة العالمية. * د.جمال سند السويدي مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية أكد ان الطاقة تمثل قضية محورية بين جميع دول العالم خاصة في هذه الفترة الحرجة التي تمر بها سوق الطاقة العالمي وما يمثله تأرجح أسعار البترول من تحديات متنوعة. أضاف ان الامارات تضع القضية أولوية الاهتمام والعمل كما ان القيادة تحرص وتسعي ان تكون في صدارة دول العالم في مجال الطاقة المستدامة وفي طرح أفكار مبتكرة وخلاقة في هذا المجال لذلك جاءت الدورة ال21 من أعمال المؤتمر تلقي الضوء علي عدة قضايا حيوية منها تأثير العوامل الجيواسترايتجية في النفط وموقع نفط دول مجلس التعاون في سوق الطاقة العالمي إلي جانب التطور التكنولوجي وتأثيره في العرض والطلب في ظل المتغيرات الاقتصادية العالمية وذلك من خلال نخبة من الخبراء والمتخصصين من 11 دولة عربية وأجنبية إلي جانب مسئولي كبري الشركات المتخصصة. قال ان منطقة الخليج العربي تشهد أحداثا سياسية واقتصادية لها أثر بالغ في اقتصاديات دولها التي تعتمد بشكل رئيسي علي عوائد النفط والغاز وتصديرهما. أشار إلي أن حالة عدم الاستقرار التي تشهدها أسواق البترول العالمية التي شهدت تراجعا كبيرا في الأسعار خلال العام الماضي نتيجة عدة عوامل منها التباطؤ الاقتصادي العالمي وضعف الطلب علي البترول وزيادة المعروض منه الأمر الذي قد يلقي تبعات علي اقتصاديات الدول المنتجة ولاسيما إذا استمر التراجع فترة طويلة. اضاف ان الابتكار في مجال الطاقة مطلوب وهام إلي جانب إجراء الأبحاث التي تساعد في التوصل إلي تقنيات حديثة وتقود إلي حدوث ثورة جديدة في مجال الطاقة مما يساهم في تقويم الأوضاع الراهنة والمضي قدما في استمرار عمليات التنمية. * د.عمر العبيدلي.. مدير برنامج الدراسات الدولية والجغرافية أشار إلي ان أسواق البترول العالمية قد تغيرت خلال العشر سنوات الماضية بسبب ثورة النفط الصخري من ناحية العرض وبسبب ضعف الاقتصاد العالمي من ناحية الطلب. ومنذ عام 2014 شهدت الأسعار العالمية تراجعا وصل إلي 60% ومن المؤكد انه لو استمر الانخفاض سيكون له تأثير سلبي علي دول منطقة الخليج واقتصادها وخططها ومشروعاتها المستقبلية. اضاف ان انهيار الأسعار قد يدفع حكومات الدول علي تقليص الدعم علي السلع والخدمات موضحا ان الانعكاسات السلبية متعددة منها ما يؤثر نحو تزايد حركة الاستثمارات العربية وكذلك يحد من قدرتها علي تقديم المساعدات الخارجية للدول التي تعاني من عدم الاستقرار في الوطن العربي. ولعل أخطر ما يهدد المنطقة هو تزايد النفوذ الاقليمي لإيران والتدخل في الشئون العربية بشكل أكبر مما يهدد باشعال التوترات والنزاعات. * د.نورة اليوسف.. نائب رئيس قسم الاقتصاد بجامعة الملك سعود قالت: انه بعد مرور عدة سنوات متواصلة وصلت فيها أسعار النفط إلي مستويات قياسية انخفضت تلك الأسعار إلي أكثر من 60% منذ يونيو 2014 بشكل غير متوقع وذلك نتيجة تغييرات هيكلية في السوق النفطية وقد أدي هذا التراجع إلي انخفاض حجم الاستثمارات في المشروعات النفطية في دول خارج "أوبك" خاصة الولاياتالمتحدة. أوضحت ان هناك الكثير من العوامل التي قد تؤثر في الطلب علي النفط علي المدي الطويل منها السياسات البيئية والتطور التقني وتزايد كفاءة الطاقة أما علي المدي القصير فهناك عودة إيران إلي السوق العالمي وتوقعات بزيادة إنتاج النفط الصخري في الولاياتالمتحدة مما سيكون له أثر ملموس في الأسعار. أشارت إلي ان معظم المؤسسات الدولية مثل أوبك ووكالة الطاقة الدولية وإدارة معلومات الطاقة الأمريكية تتوقع عودة سوق النفط إلي التوازن خلال السنوات القليلة القادمة حيث يعود السعر إلي مستوي 80 دولارا للبرميل وذلك بحلول عام .2020 * كامل عبدالله الحرمي - الكويت.. قال: انه من المرجح ان تستمر حالة الانخفاض في الأسعار لوقت طويل فقد دخل العالم نهاية حقبة "المنتج المرجح" وقد يجد أعضاء "أوبك" أنفسهم في خضم منافسة شرسة بعضهم مع بعض للحفاظ علي حصصهم في السوق. أشار إلي سلسلة من التحديات غير المسبوقة سوف تشهدها أوبك أهمها انشاء نظام حصص جديدة ووضع خطة لاستيعاب الزيادات المستقبلية في الإنتاج من إيرانوالعراق وترسيخ سعر متوازن يكون مقبولا لدي جميع الأعضاء موضحا ان استقرار الأسعار يحتاج إلي معجزة أو تدخل دبلوماسي. * روبن ميلز رئيس قسم الاستشارات بشركة المنار للطاقة - الامارات.. قال: ان دول مجلس التعاون الخليجي تواجه 5 تحديات في تحديد وتنفيذ سياسة نفطية متوسطة وطويلة الأمد. أوضح ان التحدي الأول يتمثل في ارتفاع إنتاج النفط والغاز الصخري الأمريكي والثاني رد الفعل لدي الدول والمتمثل في زيادة الإنتاج ومن ثم انخفاض أسعار النفط أما التحدي الثالث يتمثل في المنافسة داخل "أوبك" علي الحصة السوقية لاسيما من عودة العراقوإيران إلي السوق. والرابع في زيادة المستهلكين الآسيويين ستؤدي إلي تغيير منطقة الطلب علي النفط وصادرات الخليج إلي الشرق سيؤدي إلي منافسة جديدة في السوق. أما الخامس فهو يتطلب من كل دولة من دول مجلس التعاون ان يولي اهتماما باستخراج النفط المحسن وبالمصادر غير التقليدية. * د.اويستاين نورنج بجامعة النرويج.. أوضح ان التغير الذي يشهده الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن يتسبب في إعادة هيكلة تدفقات التجارة والاستثمار في آسيا مضيفا انعكاسه وتأثيره بشكل ملحوظ علي أسواق النفط ليتمخض نظام نفطي جديد حلت فيه الصين محل أمريكا بصفتها أكبر مستورد وتنافس روسيا مع السعودية علي مرتبة أكبر منتج ومصدر للبترول في العالم وبالتالي نجد ان المعاملات بين الصين والشرق الأوسط وروسيا هي التي تحدد ملامح التجارة الدولية مشيرا إلي انه في سوق النفط البديل الآن تعميق العلاقات بين الصينوروسيا. * د.تانيا ناتروفا بمعهد بحوث الطاقة بالأكاديمية الروسية للعلوم.. أوضحت ان انضمام لاعبين جدد إلي السوق العالمية علي سبيل المثال استراليا بما لديها من كميات هائلة من الغاز الطبيعي المسال وشرق إفريقيا والبرازيل بالاضافة إلي الدول التي هي جزء من ثورة الغاز الصخري الأمريكي تأثير واضح في تدفقات الطاقة التقليدية بالاضافة إلي تأجيج المنافسة واشعال التوترات وخلق نقاط صراع محتملة. اضافت انه قد تزامن عصر إعادة تقسيم الأسواق مع ضعف الاقتصاد العالمي وتباطؤ الطلب ليس في البلدان الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي فحسب بل في البلدان غير الأعضاء فيها مما أوجد مجموعة من التحديات تواجه المنتجين وبالتالي ستكون حروب الأسعار أمرا حتميا مما يؤكد اننا سنشهد فترة من انعدام اليقين والاضطرابات. * المهندس سهيل المزروعي وزير الطاقة بالإمارات.. أشار إلي ان الطاقة تلعب دورا حيويا في عمليات التنمية المستدامة ومن المتوقع ازدياد الطلب عليها بنسبة تقارب 50% عام 2040 مؤكدا ان الوقود الاحفوري والنفط سيظلان مصدرا رئيسيا للطاقة مع تنامي الطلب علي الطاقة المتجددة. أوضح ان ما تشهده الأسعار حاليا من انخفاض هي حالة مؤقتة لا يمكن ان تستمر طويلا مشيرا إلي ان الإمارات تسعي لبناء علاقات متينة مع المستهلكين والمنتجين في سوق الطاقة العالمي فاظا علي معدلات الاستقرار. * د.مأمون حلبي مركز أبحاث البترول بمعهد الكويت للأبحاث العلمية.. قال: ان منظومة البحث والتطوير لعبت دورا مهما في الحفاظ علي النفط والغاز كأهم مصدرين للطاقة خلال القرن الماضي وقد مكنت المنظومة الصناعية من مواجهة العديد من التحديات ومن أهم هذه التحديات ضمان وفرة احتياجات الغاز والنفط للأجيال القادمة وقد أسهم التطوير في مساندة الصناعة علي التكيف مع المتغيرات في متطلبات الأسواق العالمية من حيث كمية المنتجات وجودتها وضبط الأنشطة الإنتاجية والحد من الآثار السلبية علي البيئة وهذا النمط من الابتكار عادة يؤدي إلي خفض التكاليف تدريجيا علي مدي فترة تمتد من عقد إلي عقدين ما لم تواجه الصناعة تحديات أو مشاكل. وبصفة عامة فإن أي تحسينات يمكن تحقيقها في مجال البحث والتطوير سيكون لها انعكاسات ايجابية علي احتياطيات وخفض تكلفة إنتاج النفط التقليدي. * د.محمد عبدالعزيز أستاذ الاقتصاد - جامعة الملك فهد.. أوضح ان ارتفاع أسعار النفط أدي إلي انخفاض في استهلاك الطاقة مما شجع الدول المستهلكة للطاقة علي تطوير أساليب الحفاظ عليها باستخدام التكنولوجيا الجديدة وأصبحت زيادة الكفاءة والإنتاجية من القضايا السياسية الهامة. وتشير التقديرات إلي ان كثافة الطاقة انخفضت في جميع أنحاء العالم بأكثر من 5.1% سنويا علي مدي الأربعين عاما الماضية نتيجة تطوير تكنولوجيات جديدة. * د.جينس شميدت رئيس مركز أبحاث الطاقة بمعهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا بأبوظبي.. أكد انه مع زيادة عدد السكان سوف يزداد الطلب علي المياه والكهرباء موضحا ان حكومة الامارات تعمل علي وضع استراتيجيات لضمان كفاية الامدادات تلبية للطلب المتوقع مع الأخذ في الاعتبار محدودية توافر موارد الوقود الاحفوري وخطط استخدام تكنولوجيا الطاقة المتجددة. قال ان الدراسات الحالية تهدف إلي تقييم تكنولوجيات الطاقة المتجددة المتوفرة والتي يمكن ان تكون قابلة للتطبيق وقد تم تقييم مجموعة 7 تكنولوجيات مختلفة وهنا ثلاث مجالات قابلة للتطبيق مثل طاقة الرياح البحرية والطاقة الحرارية الشمسية والطاقة الفولتضوئية. ومن المتوقع ان تبلغ تكلفة الاستثمار 5.4 مليار دولار و4.8 مليار دولار لمزارع الرياح ومحطات الطاقة الشمسية وحاليا يجري تكاليف الاستثمار في الطاقة الفولتضوئية أما الطاقة المتجددة المستمدة من البحر فليست خيارا قابلا للتطبيق في أبوظبي نظرا للظروف الطبيعية.