يخيم علي أسواق البترول العالمية حالة من عدم الاستقرار والتخبط وسط توقعات هنا وهناك تشير إلي حدوث انخفاض دراماتيكي في مستويات الأسعار وسط مخاوف من تكرار سيناريو الثمانينات عندما هوت أسعار البترول إلي حوالي أقل من 10 دولارات للبرميل الواحد.. وعلي الرغم من ان كل الظروف كانت تشير إلي حدوث ارتفاع في أسعار البترول مع قدوم الشتاء وزيادة الطلب العالمي مع وجود توترات إقليمية في عدد من الدول البترولية المهمة مثل ليبيا والعراق ونيجيريا، الا أنها ذهبت بعيداً بتوقعات إنخفاض الأسعار وجاءت الرياح بما لا تشتهي السفن دائماً ففي فترة قصيرة هوت أسعار البترول من أكثر من 100 دولار إلي مستوي ال 60 دولاراً خاصةً بعد أن أقرت منظمة أوبك في إجتماعها الأخير في نوفمبر الماضي بالإبقاء والحفاظ علي مستوي إنتاج أوبك عند 30 مليون برميل يومياً علي الرغم من انخفاض أسعار البترول إلي مستوي ال 70 دولاراً مع إجتماعات الأوبك، إلا أن إنتصار فريق من داخل الاوبك تدعمه دول الخليج العربية بزعامة السعودية علي حساب عدد من الدول من أهمها إيران وفنزويلا حسم الموقف واستمرت الاسعار في منحني الإنخفاض حالة من الفوضي تعتري السوق العالمية. وارجع مدير ادارة البحوث بالمجموعة المالية هيرمس هبوط اسعار النفط عالميا الي ثلاثة اسباب وهي، تحسن مؤشرات الاقتصاد الامريكي والتي ادت الي قوة الدولار وتراجع اسعار السلع، والسبب الثاني تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي في اوروبا وبالتالي تراجع الطلب علي النفط، و السبب الاخير يعود الي تباطؤ الطلب الصيني علي النفط. وفي بدايات صيف 2014 كان سعر برميل البترول الخام حوالي 105 دولارات ولم يتجاوز حاجز 65 دولارا مع منتصف الشهر الجاري اي انه خلال فترة ثمانية اشهر قد انخفض سعر برميل الترول بنسبة لا تقل عن 40%. ويقول الدكتور صلاح جوده مدير مركز الدراسات الاقتصادية ان هناك عددا من الحقائق لابد معرفتها في هذا الانخفاض، منها استيلاء منظمة داعش الارهابية علي معظم ابار البترول، وتخوف امريكي من زيادة النفوذ الروسي والصيني خاصة بعد اعلان منظمة بريكس وهي التي تضم روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب افريقيا عن انشاء صندوق للتنمية علي غرار صندوق النقد الدولي وبنك للتنمية علي غرارالبنك الدولي، مضيفا ان الخسائر التي لحقت بمصر تتمثل في انخفاض الموارد المصرية نتاج انخفاض اسعار البترول التي تقوم بتصديرها. كما توقع البنك الدولي في احدث نقرير له عن اسعار الطاقة استمرار انخفاض اسعار النفط عالميا خلال الايام المتبقية من العام الحالي واستمرار الانخفاض خلال العام المقبل ويرجع هذا الانخفاض الي تزايد القلق من حدوث تباطؤ في منطقة اليويو والاقتصادات الناشئة مما يترتب عليه انخفاض في الطلب علي النفط ويقابله زيادة في المعروض منه في الاسواق العالمية ووفقا لمؤشر البنك الدولي فإن النصف الاول من العام شهد استقرار في اسعار النفط بينما بدأ الانخفاض في النصف الثاني من العام وسجل مؤشر البنك الدولي لاسعار الطاقة انخفاضا في الاسعار العالمية في الربع الثالث من العام يصل الي 6% متوقعا استمرار هذا الانخفاض باقي العام وفي العام المقبل. . وتزامن مع إنخفاض أسعار البترول العالمية ارتفاع قيمة الدولار العملة الرسمية لتسعير البترول وتأثير ذلك سلباً علي عملات وإقتصاديات الدول الأخري وهو عامل آخر مهم يهدد عرش البترول في المستقبل لما له من تأثير عكسي علي الأسعار وعلي تكاليف الإنتاج وتطوير بدائل الطاقة الأخري. وقال محمد سعيد خبير اسواق المال والاستثمار، ان اسعار النفط تتحرك في اتجاه هابط وطويل الاجل منذ منتصف يونيو 2014. واوضح ان المؤشرات الفنية تشير الي تشبع بيعي في السوق وكذلك مبالغة شديدة نحو البيع، مشيرا الي ان مستويات الدعم الحالية لاسعار النفط عند 53.5 دولار، اما مستويات المقاومة فعند 59 دولار و 63.5 دولار و 67 دولار علي المدي المتوسط. وكشف دكتور مدحت نافع خبير الاقتصاد والتمويل، ان تقلبات اسعار النفط وتراجعها خلال الاشهر الماضية بنحو 40% من شأنه اعادة تشكيل الخريطة الاقنصادية في العالم والمنطقة العربية علي وجه الخصوص، مشيرا الي ان ظهور الوقود الصخري كبديل شبه تام عنصرا فاعلا في تفاقم الازمة، بالاضافة الي تمسك دول الاوبك بعدم خفض الانتاج خشية ان يملأ الانتاج الروسي او الايراني فجوة العرض. الرؤية الاقتصادية تشير إلي أن إنخفاض أسعار البترول الحالية لن تؤثر علي استثمارات الشركات العالمية العاملة في مصر المعتمدة في ميزانياتها للعام المالي القادم، واكد سهيل المزروعي وزير الطاقة في الامارات، ان بلاده مستمرة في استثماراتها في صناعة النفط والغاز ولن تتأثر بانخفاض الاسعار. وعلي جانب آخر فمعظم شركات البترول العالمية في مصر قامت في السنوات الماضية بتنفيذ البنية الأساسية من منصات انتاج وخطوط أنابيب، وتعمل في مصر منذ سنوات طويلة وتقديراتها تشير إلي أن أسعار البترول ستتجه للأرتفاع في دورة جديدة خلال المدي القصير وتستطيع بما لديها من قدرات مالية وإستثمارات متنوعة أن تجتاز هذه الفترة وأن تستمر في تنفيذ مشروعاتها وأعمال البحث والأستكشاف