بعد انهيار الإمبراطورية السوفياتية، أظهرت روسيا للعالم أنها مازالت قوة لا يستهان بها، وخطت بثبات في جني الفائدة بالعديد من المجالات في إفريقيا، بدءًا من المشاورات السياسية وصولًا إلى الأعمال التجارية والتعاون الاقتصادي وتعميق ثقافة التعاون مع الدول الإفريقية. في هذا السياق قال موقع ذا زمبابويان: من المشجع أن المزيد من الشركات الروسية أدركت أهمية فتح أسواق كبيرة في القارة، وتعمل بنشاط في مجالات مثل الطاقة النووية والمواد الهيدروكربونية والصناعات والمعادن. كما تنتهج روسيا سياسة واقعية تهدف إلى تعزيز علاقات متعددة الأبعاد مع دول القارة على أساس ثنائي ومتعدد الأطراف. وفي مقابلة حصرية بين ايرينا أبراموفا، المعينة حديثا مديرة لمعهد الدراسات الإفريقية التابع للأكاديمية الروسية للعلوم، وكيستركين كلوميجاه، وهو كاتب أبحاث مستقل في شؤون روسيا الإفريقية، دار الحوار حول بعض جوانب روسيا وإفريقيا والعلاقات والتعاون الاقتصادي والأبعاد الثقافية وبعض التوقعات المستقبلية. وحول موقف روسيا تجاه إفريقيا، وموقف إفريقيا تجاه الكرملين، قال كيستركين: إن الأحداث المتعلقة بالصراع العسكري في أوكرانيا وفرض عقوبات اقتصادية وعقوبات مضادة، وتدهور الأوضاع في سوق الطاقة، يبين أن إعادة هيكلة الاقتصاد الروسي مهمة استراتيجية لضمان الأمن القومي. كما أنه ينبغي أن يشجع على التطور السريع في الصناعات ذات التكنولوجيا العالية في إفريقيا. أما مهمة الباحثين الروس هي تقديم نظريات منطقية، وحلول مبتكرة للتغلب على الأزمات، التي يمكن أن تعطي نتائج إيجابية ملموسة على المدى القصير في إفريقيا، بحيث يمكن أن يكون واحدًا من هذه الحلول الفعالة تحقيق انفراجة في إفريقيا، خاصة أن روسيا لديها القدرة على التوسع الاقتصادي في عدد من القطاعات، خاصة تلك المنتجات التي تنافس المنتجات الغربية، بل وتتسبب في إغلاق الأسواق الغربية، وكذلك الموارد الزراعية والسلع التي تعتبر ضرورية للمستهلكين. وكان واحدًا من نتائج إعادة النظر في أولويات السياسة الخارجية لروسيا، على أساس مبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تحول واضح في السياسة الخارجية الروسية في اتجاه محور الشرق. وقد كشف ذلك شيئًا جديدًا بشأن الأزمة الأوكرانية. حيث كانت تلك الأزمة بمثابة دفعة جديدة لمواصلة تطوير التعاون المتبادل للمنفعة خارج الشركاء الأوروبيين. وفي الوقت ذاته، بسبب محاولات الدول الغربية لعزل روسيا، والقائمة المتزايدة من الشركاء الاقتصاديين الواعدين الجدد، تصبح السياسة الخارجية المهمة لروسيا ليس اتجاهها إلى الشرق فحسب بل أيضًا إلى الجنوب في اتجاه القارة الإفريقية. وبالنسبة للأفارقة، روسيا لا تزال كما كانت الحليف الأكثر دفاعًا عن مصالحها في الساحة العالمية كقوة توازن ضد طموحات الهيمنة الغربية، باعتبارها واحدة من أكبر القوى العالمية. أما عن تطور العلاقات الإفريقية الروسية في عيون الاقتصاديين والسياسيين الروس، فموسكو لا تزال تنظر إلى إفريقيا على أنها قارة الفقر والحروب والأوبئة التي لا تنتهي، وهذا الفكر عالقًا في مرحلة ما قبل الثورة الصناعية والتنمية، والفكرة الأكثر رسوخًا أن الدول الباقية على قيد الحياة في إفريقيا ظلت هكذا فقط بفضل المساعدات الدولية، لكن الحقيقة أن هناك إفريقيا أخرى مختلفة عن تلك الفكرة، فإفريقيا مع النمو الاقتصادي السريع تطورت بنسبة 5٪ أو أكثر سنويًّا على مدى السنوات العشرين الماضية، وتشكيل الديناميكية لنظم الإدارة الديمقراطية. في السنوات الأخيرة، العلاقات بين روسيا وإفريقيا أخذت اتجاهًا جديدًا. من تعميق العلاقات إلى الحوار السياسي، الذي أصبح أكثر نشاطًا، وكذلك توسيع التعاون الاقتصادي والإنساني والثقافي. ومما سهل ذلك المفاوضات على أعلى مستوى. وتطور العلاقات مع الاتحادات الإقليمية الرائدة، بما في ذلك الاتحاد الإفريقي واغتنام روسيا الفرصة للمشاركة في المناقشات الفعالة، بما في ذلك تلك التي تكون على هامش اجتماعات القمة والمؤتمرات الدولية، وفي العديد من العواصم الإفريقية، وتعميق العلاقات مع الدول الإفريقية والاتحادات الإقليمية في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب. كما وضعت روسيا خطتها المستقبلية تجاه إفريقيا، من خلال مشاركة الشركات المحلية في عدد من البلدان الإفريقية، مثل مصر وجنوب إفريقيا، في مشاريع الطاقة النووية. للحفاظ على مصلحتها الثابتة في السوق الإفريقية وشركات النفط والغاز الروسية الكبرى. وهناك مجال مهم من مجالات العمل في هذا الصدد هو تحسين الإطار القانوني لعلاقات روسيا مع الدول الإفريقية. كما تعمل روسيا على ترقية التكنولوجيا في إفريقيا، خاصة اليوم في سياق إضعاف العملة الروسية، الأمر الذي يجعل الصادرات مزايا للاتحاد الروسي. التي لا تقتصر فقط حول هذه الصناعات، لكن أيضًا لاستكشاف النقل والبنية التحتية، والطاقة، وعلى وجه الخصوص، بناء محطات الطاقة النووية. وتدعم روسيا تأمين الاستثمار للشركات الكبيرة في إفريقيا، وفي الوقت ذاته فإن الأكثر أهمية لروسيا حاليًا كيفية منافسة الصين داخل القارة، خاصة بعد أن أخذت وضعًا متقدمًا جدًّا، واستطاعت أن تحصل على ثقة الأفارقة.