«نبع الحمرا» منحة طبيعية نادرة على أرض وادي النطرون، وواحدة من أهم البحيرات الطبيعية التي يلجأ إليها المواطنون من مختلف دول العالم بغرض الاستشفاء من الأمراض الجلدية، إلَّا أنها لم تنج من الإهمال وسوء الإدارة. وتتمثل المشكلة في تعاقد محافظة البحيرة عام 1992 مع شركه «نبع الحمرا للاستثمار السياحي» بمنح إدارة البحيرة إلى الشركة لمدة 30 عامًا، ولم تنفذ الشركة أيًّا من التزاماتها، التي كان من بينها ربط منطقة الأديرة بنبع الحمراء وتحويل المكان إلى مزار سياحي عالمي، بالإضافة إلى ربط المنطقة السياحية بمنطقة صناعات بيئية وحرف يدوية مستمدة من تراث المنطقة، وبالطبع كان وضع المكان على الخريطة السياحية سيسهم في حمايته وصيانته، وهو المصنف وفقًا لمنظمة اليونسكو ضمن التراث الإنساني، إضافة إلى كون نبع الحمراء محمية طبيعية، وفقًا لتصنيف وزارة البيئة. وبسبب عدم دخلت المحافظة والشركة في نزاعات قضائية، وفقًا لما أكده المحاسب مصطفى العسكري، مدير عام الشؤون المالية والإدارية السابق، مضيفًا أن المهندس مختار الحملاوي، محافظ البحيرة الأسبق، كان قد قرر الاتفاق على إنهاء النزاعات القضائية كافة بين المحافظة والشركة، التي تعمل بحق الانتفاع بمنطقة نبع الحمراء بوادي النطرون على مساحة 700 فدان. وتم الاتفاق على اعتماد المخطط العام للمشروع وتنفيذه باستثمارات قدرها 100 مليون جنيه, وفق برنامج زمني محدد على ثلاث مراحل, مدة كل مرحلة 3 سنوات, على أن تقوم الوحدة المحلية بسرعة استخراج التراخيص اللازمة للإنشاءات الخاصة بالمشروع، طبقًا للرسومات الهندسية والتصميمات المقدمة بمعرفة الشركة، لكن ذلك القرار لم ينفذ، حيث تقاعست الشركه في تنفيذ قرار الحملاوي. من جانبه طالب الخبير السياحي سيد العاصي بتحويل منتجع نبع الحمرا إلى مزار سياحي عالمي لربط المنطقة السياحية بمنطقة صناعات بيئية وحرف يدوية مستمدة من تراث المنطقة، وبالطبع وضع المكان على الخريطة السياحية سيسهم في حمايته وصيانته، وأشار إلى أن السياحة العلاجية لا تتجاوز 1% من حجم الإنفاق بالقطاع السياحي، رغم وجود المقومات الأساسية والطبيعة 8 أمثال الملوحة في البحار. كما أكد أيمن أبو المعاطي، أحد أبناء وادي النطرون أن بحيرة نبع الحمرا سميت بهذا الاسم؛ نظرًا لوجود كائن «الارتينيا» ذي اللون الأحمر الذي يظهر على جانبي البحيرة ومياهها في فصل الصيف، وحول قدرة مياه البحيرة العلاجية أضاف أبو المعاطي أن طبيعة المياه تمكنها من علاج الأمراض الجلدية مثل «الصدفية» وأمراض الرمد والعظام، عن طريق حمام الماء المالح وحمام الطين وحمام الماء العذب، مشيرًا إلى أن الشركة التي حصلت على إدارة المكان لا تقوم بأي دور لإلقاء الضوء على أهميتها، كما أنها منعت أهالي الوادي من استخدام البحيرة، وهي المتنفس الوحيد لتلك المنطقة. وأشار نبيل الفيل، باحث في التاريخ، إلى أن نبع الحمرا نموذج صارخ لسوء إدارة المحليات. حيث أسس مجموعة رجال أعمال شركة بغرض السيطرة على أغلى محمية طبيعية في العالم، وهي بحيرة نبع الحمرا، بدعوى إقامة مشروع سياحي لاستقبال الألفية الثالثة، وكان من بين أعضاء الشركة كمال أبو الخير، رئيس لجنة السياحة الأسبق في مجلس الشعب، إبان حكم مبارك واللواء هاني الكموني، مباحث أمن الدولة، ورجل الأعمال رفعت اللمسي، وبناء على التعاقد، فقد باعت المحافظة 1300 فدان حول البحيرة للشركة لاستغلالها في مشروعات سياحية، وهو ما لم يتم حتى الآن. وأضاف «الفيل» أن مياه تلك البحيرة كثيفة الملوحة، بحيث لا يغرق أي شيء فيها، ما عدا نبع صغير من المياه العذبة للغاية يخرج منها، وتقول الأساطير المسيحة أن السيدة مريم العذراء ضربت بقدمها الأرض لتروي نجلها منه أثناء وجودها بمصر. ولذلك البحيرة مقدسة عند مسيحي العالم أجمع، كما أن مياهها تعالج جميع الأمراض الجلدية.