تكريم رئيس هيئة النيابة الإدارية خلال احتفالية كلية الحقوق جامعة القاهرة    رابط نتيجة الاختبارات الإلكترونية للمتقدمين لوظائف معلم مساعد مادة رياضيات    خبراء يحذرون: الزمن هو الخطر الحقيقي في النزاع النووي الهندي الباكستاني    اختيار رئيس جهاز حماية المنافسة لعضوية المجلس المُسير لشبكة المنافسة الدولية    تذبذب أسعار الذهب في منتصف تعاملات الخميس 8 مايو    جيش الاحتلال يواجه صعوبات في إخلاء جنوده من منطقة الاشتباك مع المقاومة الفلسطينية    والا: اتفاق محتمل لتولي صندوق إغاثة غزة مهمة إدخال وتوزيع المساعدات بعيدا عن حماس    حرب الإبادة    وزارة الرياضة ليلا كورة: القانون الجديد في البرلمان الأسبوع المقبل.. ومفاجأة بند ال 8 سنوات    أعمال شغب واعتقال 44 شخصاً خلال احتفالات جماهير باريس سان جيرمان بتأهله لنهائي دوري الأبطال    تشكيل مباراة أفريقيا الوسطى وغانا في أمم أفريقيا للشباب    الرياضية تكشف موعد انضمام ماركوس ليوناردو لتدريبات الهلال    مصرع شخص دهسته سيارة محملة بأسطوانات البوتاجاز بقنا    «رسالة حاسمة قبل دقيقة من وفاتها».. النيابة تكشف تحقيقات واقعة طالبة الزقازيق    النجم العالمى مينا مسعود يزور مدينة الإنتاج الإعلامى ويشيد بإمكانياتها    في عيد الوالدين، قافلة الثقافة الكورية تزور مكتبة مصر العامة ببورسعيد    الجونة السينمائي يعلن عن برنامج مميز بالجناح المصري في مهرجان كان    مدبولي: «أورام طنطا الجديد» يسهم بشكل كبير في تحسين نسب الشفاء    تاج الدين: الربو أحد أكثر الأمراض المزمنة غير المعدية شيوعا.. ويتسبب في 450 ألف حالة وفاة سنويا    الحكومة: أسعار جلسات الغسيل الكلوى ثابتة دون زيادة وتقدم مجانًا للمرضى    لدخول السوق الرئيسي.. بدء اكتتاب زيادة رأسمال بريمير هيلثكير في البورصة    وزير الاتصالات: إتاحة 180 خدمة حكومية عبر منصة مصر الرقمية    محافظة الجيزة ترفع 150 طن مخلفات في حملات نظافة مكبرة    «لو صاحبك من الأبراج دي أوعى تحكيله سرك».. أبراج لا تعرف كتم الاسرار    اختتام فعاليات مؤتمر تنظيم الاتصالات لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بالقاهرة    قنا تستعد لجذب المستثمرين بطرح مشروعات سياحية وخدمية وترفيهية قريبًا    موعد بداية ذي الحجة 1446.. متى تحل وقفة عرفات وعيد الأضحى 2025 في مصر؟    بيتر ميمي يروج ل"المشروع X" ويعلق: "مختلف جدًا"    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    رفع درجة الاستعداد بمدارس البحيرة استعدادا لاستقبال امتحانات الفصل الدراسي الثاني    أزعجتهم خلال علاقة محرمة.. سيدة وعشيقها يقتلان رضيعة في الهرم    الفنان محمد عبد السيد يعلن وفاة والده    تصاعد دخان أسود من الفاتيكان في اليوم الثاني لمجمع الكرادلة المغلق |فيديو    كرة يد - الاتحاد يكرم باستور علي هامش مواجهة مصر الودية ضد البرازيل    الهلال السعودي يرصد 160 مليون يورو لضم ثنائي ليفربول    الكرملين: الحوار بين روسيا والولايات المتحدة مستمر    محافظ مطروح يتفقد تصميمات الرامبات لتيسير التعامل مع طلبات ذوي الهمم    محافظ الفيوم يتابع أنشطة فرع الثقافة في أبريل    عضو مجلس المحامين بجنوب الجيزة يثبت الإضراب أمام محكمة أكتوبر (صور)    بغرض السرقة.. الإعدام شنقًا للمتهمين بقتل شاب في قنا    انخفاض عمليات البحث على "جوجل" عبر متصفح سفارى لأول مرة لهذا السبب    وزير قطاع الأعمال يبحث مع سفير إندونيسيا فرص التعاون الاقتصادي والاستثماري    نائب وزير الصحة يتفقد وحدتي الأعقاب الديسة ومنشأة الخزان الصحية بأسوان    أشرف عبدالباقي: يجب تقديم بدائل درامية لجذب الجمهور دون التنازل عن القيم أو الرسالة (صور)    خالد بيبو: كولر ظلم لاعبين في الأهلي وكان يحلم بالمونديال    مراكب وورد ومسيرات طلابية في احتفالات العيد القومي لمحافظة دمياط    اختناق 4 أشخاص في حريق بمكبس كراتين خردة بسوهاج    أسقف المنيا للخارجية الأمريكية: الرئيس السيسي يرعى حرية العبادة (صور)    وزير الصحة يستقبل نقيب التمريض لبحث تطوير التدريب المهني وتعميم الأدلة الاسترشادية    أمين الفتوى يكشف عن 3 حالات لا يجوز فيها الزواج: ظلم وحرام شرعًا    الإسماعيلي ضد إنبي.. الدراويش على حافة الهاوية بعد السقوط في مراكز الهبوط    ميدو يفجّرها: شخص داخل الزمالك يحارب لجنة الخطيط.. وإمام عاشور الأهم وصفقة زيزو للأهلي لم تكن مفاجأة    موعد إجازة المولد النبوي الشريف لعام 2025 في مصر    الحماية المدنية تسيطر على حريق نشب بهيش داخل أرض فضاء بالصف.. صور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 8-5-2025 في محافظة قنا    الكرملين: محادثات بوتين وشي جين بينج في موسكو ستكون مطولة ومتعددة الصيغ    الجيش الباكستاني يعلن إسقاط 12 طائرة تجسس هندية    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترزية الفتوى ل"الجنرال": اشرب الخمر وادخل الجنة
نشر في البديل يوم 17 - 03 - 2016


(1)
حكى بونابرت في مذكرات المنفى، أنه طلب من شيخ الأزهر الشيخ عبد الله الشرقاوي إصدار فتوى تأمر المسلمين بطاعة الامبراطور، والقسم على ذلك، فقال الشيخ الشرقاوي: بما إنك تطلب رعاية الرسول الذي قلت إنه يحبك وزارك في المنام، وتريد العرب والمسلمين تحت رايتك, فاعتنق الإسلام, ساعتها سيكون تحت قيادتك مائة ألف مسلم يمكنك أن تفتح بهم الشرق كله وتسترد وطن الرسول بكل أمجاده.
رد نابليون على اقتراح شيخ الأزهر: بأن هناك أسباباً واقعية تعطل اعتناقه الإسلام هو وأفراد جيشه، أهمها: الختان وشرب الخمر، فهما من العادات الاساسية وتقاليد الحياة اليومية ويصعب التخلص منها، وطلب منه مناقشة الأمر.
كان ذلك في بداية لعبة احتواء الجنرال للشيوخ وأعيان المجتمع القاهري، وانشغل المشايخ بالبحث عن طريقة ترضي الجنرال، فأفتى بعضهم بأن الختان مجرد "نافلة" وليس ضرورة، أما الخمر فقد يشربها المسلم، لكنه يكون عاصيا ولا يدخل الجنة، وذهبوا لعرض الأمر على نابليون باعتبارها حلاً يسهل إعلانه الإسلام، ويزيح أي عقبة تمنع ذلك، وجادلهم نابليون في حوارية بيزنطية يستكمل بها «هدف المناورات» التي بدأها، فسألهم مستوضحاً: لماذا يعتنق الانسان ديناً يفضي به إلى الجحيم لمجرد أنه يمارس عادة لا يستطيع الإقلاع عنها؟.
وحسب ما نشره كريستوفر هيرولد في كتابه عن الحملة طلب الشيوخ وقتا لتدبر الأمر، وأثناء سفر بونابرت مع قواته لفتح الشام عاد الشيوخ ليصدروا فتوى تبيح للفرنسيين شرب الخمر مع ضمان دخول الجنة! (سبحان الله على أحوال بلد يضمن شيوخه دخول الجنة لمن يرغبون)
لكن كيف يحدث ذلك؟
بسيطة, لقد اشترط الشيوخ التكفير عن هذا الإثم بالتصدق بخمس دخلهم بدلا من العشر كالمعتاد!
الجنرال نابليون وضع آمالا كبيرة على فتح مصر
(2)
كيف وصل الحال بشيوخنا إلى درجة التعامل مع العدو المحتل بهذا التزلف؟، وكيف بدأت العلاقة بين الجنرال والشيوخ؟، وكيف تطورت إلى هذا الحال؟
لا يليق أن أقدم إجابة شخصية في موقف تاريخي، لذلك سألتزم بالسرد التاريخي لقصة احتلال نابليون للبلاد، والأهم من ذلك قصة احتلاله لعقول العباد، خاصة عناصر النخبة من شيوخ السلطة والأعيان وكبار التجار الباحثين عن مصالحهم الفردية، حتى ولو على حساب الوطن.
(3)
تلقى نابليون الكثير من التقارير التي جمعها وزير خارجيته شارل تاليران، منذ كان يعمل في بلاط لويس السادس عشر، وسمع اقتراح البارون دي توت، وعلم بطبيعة مهمته السرية ي مصر، وناقش هذا الاقتراح مع نابليون في مطلع عام 1798، وطلب تقارير من البعثات الدبلوماسية في مصر، فأرسل إليه جان باتيست مور تقريرا من القاهرة عن الظروف العامة في البلاد المضطربة، وأرسل شارل مجالون تقريرا عن الأوضاع في الإسكندرية ورشيد ومديريات الشمال، ونوقشت هذه التقارير في اجتماعات رسمية، قدم خلالها تاليران كل المعلومات التي تحفز نابليون على إرسال حملة للسيطرة على مصر، وتم اتخاذ القرار بالفعل في شهر مارس، وفي 12أبريل وتم وضع جيش الشرق تحت قيادة القنصل الأول نابليون بونابرت، والبدء في تنفيذ خطط الغزو، من حيث تشكيل الحملة عسكريا (ومدنيا)، وتجهيز السفن اللازمة ومسار تحركها، وأشرف الجنرال بنفسه على اختيار قادة الفرق العسكرية، وأمر بتشكيل لجنة للعلوم والفنون لتحديد أسماء عدد من العلماء والمهندسين والجغرافيين والمؤرخين والرسامين والموسيقيين، وأمر بتصنيع مطبعة بالحروف العربية لطباعة بيانات الحملة وما يلزم من وثائق ومؤلفات.
الأسطول الفرنسي يبحر سرا في اتجاه الإسكندرية
(4)
اهتم نابليون بخطة الخداع المصاحبة للحملة، فبعد قراءته للتقارير، رأى أن احتلال العقل هو المدخل الأهم لاحتلال الأرض والبقاء فيها بأقل قدر من الخسائر، وراهن على تكوين حلف محلي من داخل مصر، ومن دراسته لكل الجوانب توصل إلى فكرة استمالة كبار الشيوخ والأعيان من ناحية، والاعتماد على الشخصيات القبطية البارزة من ناحية ثانية، وحرص في خطته الإعلامية وتفسيره لمبررات الغزو على مراعاة الشعائر الدينية والعادات والتقاليد، وتبجيل العلماء والشيوخ، لمكانتهم المؤثرة لدى العوام من ناحية، وبهدف تفكيك ولاءهم الموزع بين العثمانيين والمماليك من ناحية ثانية، وطموحهم للحفاظ على تأثيرهم وسلطتهم على الناس من ناحية ثالثة، وفي 19 مايو1798م أبحرت الحملة من ميناء طولون في 300 سفينة تحمل 40 ألفاً من العسكريين والمدنيين، في حراسة أسطول حربي من 55 سفينة وفرقاطة، من دون أن يعرف الجنود إلى أين تتجه الحملة، فبعضهم كان يتصور أنها لغزو الجزر الانجليزية، وبعضهم يتصور أن الهدف هو إخضاع جزر البحر المتوسط مثل مالطة وكريت، وبعضهم لم يهتم بالوجهة مرددا في نفسه: الحرب هي الحرب أينما تكون..
الأدميرال نلسون مع ضباطه – لوحة للفنان آندي توماس
(5)
اتجهت الحملة نحو جزيرة مالطة، ووصلت الأخبار للإنجليز، فشعروا بالقلق، وأصدر اللورد سان فنسان قراراً بتكليف الأدميرال هوراشيو نيلسون بتتبع الأسطول الفرنسي والانقضاض عليه خشية أن يهاجم الجزر الإنجليزية، أو يقطع طريق التجارة بين انجلترا والهند، وبعد أكثر من أسبوع وصل نيلسون إلى شواطئ مالطة، لكن نابليون كان قد غادرها باتجاه الشرق قبل خمسة أيام، فرجح نيلسون أن الحملة الفرنسية تقصد مصر، فأبحر في طريقه إلى الإسكندرية، ولما وصل يوم 28 يونيو (حسب الرواية الفرنسية) أو 21 يونيو (حسب الرواية المصرية) فوجئ بعدم وجود الفرنسيين فتمركز للمراقبة، وأرسل وفدا من قوداه لتحذير حكام الاسكندرية، وشراء بعض المؤن والتزود بالماء، لكن الوجيه محمد كُريم رفض التعاون معهم، وقال لهم بغلظة: "هذه بلاد السلطان ولا شأن لنا بالصراع بينكم وبين الفرنسيس، لكن المفاجأة أن الحملة وصلت بالفعل إلى شواطئ الاسكندرية دون علم نيلسون، ونزلت القوات بالفعل إلى البر في أول يوليو قبل أن يكتشف الانجليز وجودهم، وإلى هنا نفسح المجال لرواية الجبرتي عن هذه اللحظة الخطيرة، مع قدر من التصرف الملائم في الألفاظ مع الحفاظ على السرد التاريخي من وجهة نظره المعاصرة للحدث الكبير.
تمثال للسيد محمد كريم حاكم الاسكندرية
(6)
قال مؤرخ مفترق الطريق عبد الرحمن الجبرتي: في يوم الأحد 10 محرم (24 يونيو) وردت مكاتبات على يد سعاة من ثغر الإسكندرية، أن في يوم الخميس ثامنه (الجبرتي مهيس يقصد سابعه وهو خطأ تكرر أكثر من مرة في حسابه للأيام والأرقام) حضر إلى الثغر عشرة من مراكب الإنكليز، ووقفت على البعد بحيث يراها أهل الثغر، وبعد قليل حضر 15 مركبًا أيضًاً، وانتظر أهل الثغر ما يريدون، وإذا بقارب صغير يصل من عندهم، وفيه عشرة أنفار، اجتمعوا بكبار البلد والريس إذ ذاك فيها، والمشار إليه بالإبرام والنقض السيد محمد كريم، الذي سألهم عن غرضهم، فقالوا أنهم إنكليز حضروا للتفتيش على الفرنسيس، لأنهم خرجوا بعمارة عظيمة يريدون جهة من الجهات، ولا ندري أين قصدهم، فربما دهموكم فلا تقدرون على دفعهم، ولا تتمكنون من منعهم!، فلم يقبل السيد محمد كريم منهم هذا القول، وظن
أنها مكيدة، ورد عليهم بكلام خشن، فقالت رسل الإنكليز: نحن سنقف بمراكبنا في البحر لنحافظ على الثغر، ولا نحتاج منكم إلا إمدادنا بالماء والزاد بثمنه، فلم يجيبوهم لذلك، وقالوا: هذه بلاد السلطان، وليس للفرنسيس ولا لغيرهم عليها سبيل، فاذهبوا عنا، فذهبوا…، بعدها أرسل الكبار إلى كاشف البحيرة ليجمع العربان، ويأتي معهم للدفاع عن الثغر، فلما قرئت هذه المكاتبات بمصر (القاهرة) حصل لغط كثير من الناس، وتحدثوا بذلك فيما بينهم، وكثرت المقالات والأراجيف (شائعات التخويف وإثارة الرجفة)، ثم وردت مكاتيب أخرى بعد ثلاثة أيام تؤكد أن المراكب التي وردت الثغر عادت راجعة، فاطمأن الناس وسكن القيل والق ال، وأما الأمراء فلم يهتموا بشيء من ذلك، وقالوا: إذا جاءت جميع الإفرنج فسوف يدوسونهم بخيولهم، لكن الأيام التالية حملت أخباراً أخرى قلبت الأوضاع وغيرت كل التوازنات، وفي المقال المقبل تندلع الدراما..
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.