استقرار أسعار الذهب في مصر اليوم وسط استمرارية الأسعار العالمية    أسعار السلع الأساسية في الأسواق المصرية بعد عيد الأضحى 2024    وزير المالية: إنهاء 17 ألف «منازعة» بضريبة متفق عليها تتجاوز 15 مليار جنيه    موجة حارة تودى بحياة العشرات فى العاصمة الهندية    القضاء الفرنسي يحاكم امرأتين أدعتا أن بريجيت ماكرون متحولة جنسيا    خبير فلسطينى: ما تطرحه واشنطن وبايدن لوقف إطلاق النار بعيد عن التنفيذ    شهيدتان وجرحى بينهم أطفال جراء عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة    كيتو: استعادة 95% من التيار الكهربائي بعد انقطاعه في جميع أرجاء الإكوادور    البرتغال تصدم التشيك فى الوقت القاتل. تركيا تكتسح جورجيا النيران في "يورو 2024    الأهلي يختتم تدريباته الليلة قبل مواجهة الداخلية في الدوري    تشييع جنازة أم و3 من بناتها لقوا مصرعهم فى حادث مروع بالشرقية    طقس الأقصر في أول أيام فصل الصيف.. شديد الحرارة نهارا والعظمى 46°    224 ألف زائر لحديقة حيوان الإسكندرية خلال أيام عيد الأضحى    متفائل جدًا.. تركي آل الشيخ يروج لفيلم نانسي عجرم وعمرو دياب    كيفية الشعور بالانتعاش في الطقس الحار.. بالتزامن مع أول أيام الصيف    خلال 24 ساعة.. رفع 800 طن مخلفات بمراكز أسيوط    فيلم "ولاد رزق 3" يتخطى 114 مليون جنيهًا منذ عرضه بالسينمات    في هانوي.. انطلاق المباحثات الثنائية بين الرئيس الروسي ونظيره الفيتنامي    مقتل شخصين إثر حرائق الغابات في ولاية نيو مكسيكو الأمريكية    عاجل:- استقرار أسعار الحديد والأسمنت في مصر بعد عيد الأضحى    اسعار حفلات عمرو دياب في مراسي الساحل الشمالي    عاجل:- وفاة العديد من الحجاج غير النظاميين خلال موسم الحج 1445ه    مبدأ قضائي باختصاص القضاء الإداري بنظر دعاوى التعويض عن الأخطاء    بعد تصريحات اللاعب| هل يرفض الأهلي استعارة «تريزيجيه» بسبب المطالب المادية؟    تعرف على خريطة الكنائس الشرقيّة الكاثوليكية    مصرع شخصين وإصابة 3 آخرين في حادث تصادم بكفر الشيخ    إلى أين تتجه التطورات على حدود إسرائيل الشمالية؟    مدرب إسبانيا يصف مواجهة إيطاليا اليوم ب "النهائي المبكر"    الآلاف في رحاب «السيد البدوى» احتفالًا بعيد الأضحى    سعر البطيخ والبرقوق والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 20 يونيو 2024    هيئة الداوء تحذر من 4 أدوية وتأمر بسحبها من الأسواق    أسرع مرض «قاتل» للإنسان.. كيف تحمي نفسك من بكتيريا آكلة اللحم؟    بعد بيان الأبيض.. اتحاد الكرة يبحث عن حكم أجنبي لإدارة قمة الأهلي والزمالك    وزير الداخلية السعودي: موسم الحج لم يشهد وقوع أي حوادث تمس أمن الحجيج    yemen exam.. رابط الاستعلام عن نتائج الصف التاسع اليمن 2024    إيقاف قيد نادي مودرن فيوتشر.. تعرف على التفاصيل    التخزين الخامس خلال أيام.. خبير يفجر مفاجأة بشأن سد النهضة    يورو 2024| صربيا مع سلوفينيا وصراع النقاط مازال قائمًا .. والثأر حاضرًا بين الإنجليز والدنمارك    «آخرساعة» في سوق المدبح القديم بالسيدة زينب| «حلويات المدبح»    تشييع جثامين أم وبناتها الثلاث ضحايا حادث انقلاب سيارة في ترعة بالشرقية    هل يسمع الموتى من يزورهم أو يسلِّم عليهم؟ دار الإفتاء تجيب    حمدي الميرغني يوجه رسالة ل علي ربيع بعد حضوره مسرحية "ميمو"    تحت سمع وبصر النيابة العامة…تعذيب وصعق بالكهرباء في سجن برج العرب    "تاتو" هيفاء وهبي وميرهان حسين تستعرض جمالها.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    فرقة أعز الناس.. سارة جمال تغني "ألف ليلة وليلة" في "معكم منى الشاذلي"    معظم الحجاج المتوفين خلال موسم حج هذا العام من المخالفين    تطورات جديدة| صدام في اتحاد الكرة بشأن مباراة القمة    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 20 يونيو 2024 في البنوك    حظك اليوم| برج الحمل الخميس 20 يونيو.. «وجه تركيزك على التفاصيل»    وفاة الناقد الأدبي محمود عبدالوهاب    مشروبات صحية يجب تناولها عقب لحوم العيد (فيديو)    تعرف علي المبادرات التي أطلقتها الدولة المصرية لتدريب الشباب وتأهيلهم وتمكينهم    بعد انتهاء أعمال الحج.. علي جمعة يكشف عن آداب زيارة مقام النبي والمسجد النبوي    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج بكالوريوس الطب والجراحة (الشعبة الفرنسية) جامعة الإسكندرية    مايا مرسي تستقبل رئيس الوكالة الإسبانية للتعاون الإنمائي    ما هي علامات قبول الحج؟.. عالم أزهري يجيب    علي جمعة ينصح: أكثروا في أيام التشريق من الذكر بهذه الكلمات العشر    ما هي الأشهر الحرم وسبب تسميتها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترزية الفتوى ل"الجنرال": اشرب الخمر وادخل الجنة
نشر في البديل يوم 17 - 03 - 2016


(1)
حكى بونابرت في مذكرات المنفى، أنه طلب من شيخ الأزهر الشيخ عبد الله الشرقاوي إصدار فتوى تأمر المسلمين بطاعة الامبراطور، والقسم على ذلك، فقال الشيخ الشرقاوي: بما إنك تطلب رعاية الرسول الذي قلت إنه يحبك وزارك في المنام، وتريد العرب والمسلمين تحت رايتك, فاعتنق الإسلام, ساعتها سيكون تحت قيادتك مائة ألف مسلم يمكنك أن تفتح بهم الشرق كله وتسترد وطن الرسول بكل أمجاده.
رد نابليون على اقتراح شيخ الأزهر: بأن هناك أسباباً واقعية تعطل اعتناقه الإسلام هو وأفراد جيشه، أهمها: الختان وشرب الخمر، فهما من العادات الاساسية وتقاليد الحياة اليومية ويصعب التخلص منها، وطلب منه مناقشة الأمر.
كان ذلك في بداية لعبة احتواء الجنرال للشيوخ وأعيان المجتمع القاهري، وانشغل المشايخ بالبحث عن طريقة ترضي الجنرال، فأفتى بعضهم بأن الختان مجرد "نافلة" وليس ضرورة، أما الخمر فقد يشربها المسلم، لكنه يكون عاصيا ولا يدخل الجنة، وذهبوا لعرض الأمر على نابليون باعتبارها حلاً يسهل إعلانه الإسلام، ويزيح أي عقبة تمنع ذلك، وجادلهم نابليون في حوارية بيزنطية يستكمل بها «هدف المناورات» التي بدأها، فسألهم مستوضحاً: لماذا يعتنق الانسان ديناً يفضي به إلى الجحيم لمجرد أنه يمارس عادة لا يستطيع الإقلاع عنها؟.
وحسب ما نشره كريستوفر هيرولد في كتابه عن الحملة طلب الشيوخ وقتا لتدبر الأمر، وأثناء سفر بونابرت مع قواته لفتح الشام عاد الشيوخ ليصدروا فتوى تبيح للفرنسيين شرب الخمر مع ضمان دخول الجنة! (سبحان الله على أحوال بلد يضمن شيوخه دخول الجنة لمن يرغبون)
لكن كيف يحدث ذلك؟
بسيطة, لقد اشترط الشيوخ التكفير عن هذا الإثم بالتصدق بخمس دخلهم بدلا من العشر كالمعتاد!
الجنرال نابليون وضع آمالا كبيرة على فتح مصر
(2)
كيف وصل الحال بشيوخنا إلى درجة التعامل مع العدو المحتل بهذا التزلف؟، وكيف بدأت العلاقة بين الجنرال والشيوخ؟، وكيف تطورت إلى هذا الحال؟
لا يليق أن أقدم إجابة شخصية في موقف تاريخي، لذلك سألتزم بالسرد التاريخي لقصة احتلال نابليون للبلاد، والأهم من ذلك قصة احتلاله لعقول العباد، خاصة عناصر النخبة من شيوخ السلطة والأعيان وكبار التجار الباحثين عن مصالحهم الفردية، حتى ولو على حساب الوطن.
(3)
تلقى نابليون الكثير من التقارير التي جمعها وزير خارجيته شارل تاليران، منذ كان يعمل في بلاط لويس السادس عشر، وسمع اقتراح البارون دي توت، وعلم بطبيعة مهمته السرية ي مصر، وناقش هذا الاقتراح مع نابليون في مطلع عام 1798، وطلب تقارير من البعثات الدبلوماسية في مصر، فأرسل إليه جان باتيست مور تقريرا من القاهرة عن الظروف العامة في البلاد المضطربة، وأرسل شارل مجالون تقريرا عن الأوضاع في الإسكندرية ورشيد ومديريات الشمال، ونوقشت هذه التقارير في اجتماعات رسمية، قدم خلالها تاليران كل المعلومات التي تحفز نابليون على إرسال حملة للسيطرة على مصر، وتم اتخاذ القرار بالفعل في شهر مارس، وفي 12أبريل وتم وضع جيش الشرق تحت قيادة القنصل الأول نابليون بونابرت، والبدء في تنفيذ خطط الغزو، من حيث تشكيل الحملة عسكريا (ومدنيا)، وتجهيز السفن اللازمة ومسار تحركها، وأشرف الجنرال بنفسه على اختيار قادة الفرق العسكرية، وأمر بتشكيل لجنة للعلوم والفنون لتحديد أسماء عدد من العلماء والمهندسين والجغرافيين والمؤرخين والرسامين والموسيقيين، وأمر بتصنيع مطبعة بالحروف العربية لطباعة بيانات الحملة وما يلزم من وثائق ومؤلفات.
الأسطول الفرنسي يبحر سرا في اتجاه الإسكندرية
(4)
اهتم نابليون بخطة الخداع المصاحبة للحملة، فبعد قراءته للتقارير، رأى أن احتلال العقل هو المدخل الأهم لاحتلال الأرض والبقاء فيها بأقل قدر من الخسائر، وراهن على تكوين حلف محلي من داخل مصر، ومن دراسته لكل الجوانب توصل إلى فكرة استمالة كبار الشيوخ والأعيان من ناحية، والاعتماد على الشخصيات القبطية البارزة من ناحية ثانية، وحرص في خطته الإعلامية وتفسيره لمبررات الغزو على مراعاة الشعائر الدينية والعادات والتقاليد، وتبجيل العلماء والشيوخ، لمكانتهم المؤثرة لدى العوام من ناحية، وبهدف تفكيك ولاءهم الموزع بين العثمانيين والمماليك من ناحية ثانية، وطموحهم للحفاظ على تأثيرهم وسلطتهم على الناس من ناحية ثالثة، وفي 19 مايو1798م أبحرت الحملة من ميناء طولون في 300 سفينة تحمل 40 ألفاً من العسكريين والمدنيين، في حراسة أسطول حربي من 55 سفينة وفرقاطة، من دون أن يعرف الجنود إلى أين تتجه الحملة، فبعضهم كان يتصور أنها لغزو الجزر الانجليزية، وبعضهم يتصور أن الهدف هو إخضاع جزر البحر المتوسط مثل مالطة وكريت، وبعضهم لم يهتم بالوجهة مرددا في نفسه: الحرب هي الحرب أينما تكون..
الأدميرال نلسون مع ضباطه – لوحة للفنان آندي توماس
(5)
اتجهت الحملة نحو جزيرة مالطة، ووصلت الأخبار للإنجليز، فشعروا بالقلق، وأصدر اللورد سان فنسان قراراً بتكليف الأدميرال هوراشيو نيلسون بتتبع الأسطول الفرنسي والانقضاض عليه خشية أن يهاجم الجزر الإنجليزية، أو يقطع طريق التجارة بين انجلترا والهند، وبعد أكثر من أسبوع وصل نيلسون إلى شواطئ مالطة، لكن نابليون كان قد غادرها باتجاه الشرق قبل خمسة أيام، فرجح نيلسون أن الحملة الفرنسية تقصد مصر، فأبحر في طريقه إلى الإسكندرية، ولما وصل يوم 28 يونيو (حسب الرواية الفرنسية) أو 21 يونيو (حسب الرواية المصرية) فوجئ بعدم وجود الفرنسيين فتمركز للمراقبة، وأرسل وفدا من قوداه لتحذير حكام الاسكندرية، وشراء بعض المؤن والتزود بالماء، لكن الوجيه محمد كُريم رفض التعاون معهم، وقال لهم بغلظة: "هذه بلاد السلطان ولا شأن لنا بالصراع بينكم وبين الفرنسيس، لكن المفاجأة أن الحملة وصلت بالفعل إلى شواطئ الاسكندرية دون علم نيلسون، ونزلت القوات بالفعل إلى البر في أول يوليو قبل أن يكتشف الانجليز وجودهم، وإلى هنا نفسح المجال لرواية الجبرتي عن هذه اللحظة الخطيرة، مع قدر من التصرف الملائم في الألفاظ مع الحفاظ على السرد التاريخي من وجهة نظره المعاصرة للحدث الكبير.
تمثال للسيد محمد كريم حاكم الاسكندرية
(6)
قال مؤرخ مفترق الطريق عبد الرحمن الجبرتي: في يوم الأحد 10 محرم (24 يونيو) وردت مكاتبات على يد سعاة من ثغر الإسكندرية، أن في يوم الخميس ثامنه (الجبرتي مهيس يقصد سابعه وهو خطأ تكرر أكثر من مرة في حسابه للأيام والأرقام) حضر إلى الثغر عشرة من مراكب الإنكليز، ووقفت على البعد بحيث يراها أهل الثغر، وبعد قليل حضر 15 مركبًا أيضًاً، وانتظر أهل الثغر ما يريدون، وإذا بقارب صغير يصل من عندهم، وفيه عشرة أنفار، اجتمعوا بكبار البلد والريس إذ ذاك فيها، والمشار إليه بالإبرام والنقض السيد محمد كريم، الذي سألهم عن غرضهم، فقالوا أنهم إنكليز حضروا للتفتيش على الفرنسيس، لأنهم خرجوا بعمارة عظيمة يريدون جهة من الجهات، ولا ندري أين قصدهم، فربما دهموكم فلا تقدرون على دفعهم، ولا تتمكنون من منعهم!، فلم يقبل السيد محمد كريم منهم هذا القول، وظن
أنها مكيدة، ورد عليهم بكلام خشن، فقالت رسل الإنكليز: نحن سنقف بمراكبنا في البحر لنحافظ على الثغر، ولا نحتاج منكم إلا إمدادنا بالماء والزاد بثمنه، فلم يجيبوهم لذلك، وقالوا: هذه بلاد السلطان، وليس للفرنسيس ولا لغيرهم عليها سبيل، فاذهبوا عنا، فذهبوا…، بعدها أرسل الكبار إلى كاشف البحيرة ليجمع العربان، ويأتي معهم للدفاع عن الثغر، فلما قرئت هذه المكاتبات بمصر (القاهرة) حصل لغط كثير من الناس، وتحدثوا بذلك فيما بينهم، وكثرت المقالات والأراجيف (شائعات التخويف وإثارة الرجفة)، ثم وردت مكاتيب أخرى بعد ثلاثة أيام تؤكد أن المراكب التي وردت الثغر عادت راجعة، فاطمأن الناس وسكن القيل والق ال، وأما الأمراء فلم يهتموا بشيء من ذلك، وقالوا: إذا جاءت جميع الإفرنج فسوف يدوسونهم بخيولهم، لكن الأيام التالية حملت أخباراً أخرى قلبت الأوضاع وغيرت كل التوازنات، وفي المقال المقبل تندلع الدراما..
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.