الأمين العام للإنتوساي تشيد بدور مصر في تعزيز التعاون الدولي ومواجهة الأزمات    رئيس الوزراء يفتتح المؤتمر الدولي ال25 للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة    الخارجية تشكر الرئيس السيسى على ضم شهدائها للمستفيدين من صندوق تكريم الشهداء    نجاح المؤتمر السادس لمجلس الكنائس العالمي، السيسي: مصر ستظل دوما أرض السلام والتسامح    29 أكتوبر 2025.. الذهب يعاود الصعود ب85 جنيها للجرام.. وعيار 21 يسجل 5335 جنيها    أسعار الحديد والأسمنت بداية اليوم الأربعاء 29 أكتوبر 2025    29 أكتوبر 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة اليوم    وزير التعليم العالي يشارك في مؤتمر Going Global بلندن ويجتمع مع الطلاب المصريين الدارسين بالمملكة المتحدة    ضبط محطتي وقود بأسيوط لتجميع وبيع أكثر من 11 طن سولار وبنزين في السوق السوداء    عودة الساعة القديمة بدءًا من غد.. التوقيت الشتوي رسميًا وتأخير العقارب 60 دقيقة    أحمد زويل فى مجسم فنى على الطريق المؤدى للمتحف المصرى الكبير    هبوط مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة الأربعاء    جيش الاحتلال يعلن العودة إلى وقف النار في غزة    استمرار دخول المساعدات إلى غزة رغم الخروقات الإسرائيلية    بدء التصويت في الانتخابات البرلمانية المبكرة في هولندا    بث مباشر.. ليفربول ضد كريستال بالاس وموقف محمد صلاح من المشاركة اليوم    بنزيما: أظهرنا قدرتنا أمام النصر وحققنا فوزا صعبا    موعد مباراة الأهلي وبتروجت بالدوري.. والقنوات الماقلة    تشكيل الأهلي المتوقع أمام بتروجت في الدوري    مرتجي: ضحيت بمنصب نائب الرئيس من أجل الأهلي    ضبط شخص يدير 92 موقعا إلكترونيا لبث محتوى مقرصن بدون ترخيص    الأرصاد: أجواء مائلة للحرارة نهارًا مائلة للبرودة ليلًا    إصابة 5 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة بالفيوم    شاب مدمن للمخدرات يعتدى على والدته بسكين لرفضها منحه أموالا فى الفيوم    التفاصيل الكاملة لمواعيد خطوط مترو الأنفاق والقطار الكهربائي مع بدء التوقيت الشتوي    ضبط قضايا إتجار بالدولار والعملات الأجنبية بقيمة 35 مليون جنيه في المحافظات خلال 24 ساعة    لغز وجود فنانة غامضة في افتتاح المتحف المصري الكبير يثير حالة من الجدل    الذكرى الأولى لرحيل حسن يوسف.. «ولد شقي» عاش للفن ومات بقلب مكسور    مواقيت الصلاة بمطروح اليوم الأربعاء 29 أكتوبر    نقيب القراء يرصد خطأين في التلاوة للقارئ أحمد نعينع شيخ عموم المقارئ    أخطاء الأهل أثناء المذاكرة مع الأطفال: كيف نحول الضغط إلى دعم؟    وكيل الصحة بقنا يحيل مشرفة التمريض النوبتجى و3 آخرين بمستشفى الصدر للتحقيق    طريقة عمل طاجن البطاطا بالمكسرات.. تحلية سريعة في 20 دقيقة    بالدموع والإيمان.. ربى حبشي تعلن عودة مرض السرطان على الهواء مباشرة    استشاري صحة نفسية: الأم المدخنة خلال الحمل تزيد احتمالية إصابة طفلها ب فرط الحركة    أمام قمة أبيك.. رئيس كوريا الجنوبية يحذر من تصاعد الإجراءات الحمائية    بلد السلام    ناجي حكما لمباراة الزمالك والبنك في الدوري    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى الهرم دون إصابات    قوة إعصار ميليسا تنخفض للفئة الثالثة مع اقترابها من كوبا    نادى أدب أبنوب فى أسيوط ينظم احتفالية لمناقشة ديوان للعشق عزف منفرد    اليوم.. الأهلى يتحدى بتروجت من أجل "صدارة" الدوري    سوزي الأردنية تواجه أول حكم من المحكمة الاقتصادية    عاجل- 40 رئيسًا وملكًا ورئيس حكومة يشاركون في افتتاح المتحف المصري الكبير    حقيقة وجود تذاكر لحضور حفل افتتاح المتحف المصري الكبير    18 قتيلا فى غرق مركب مهاجرين قبالة ليبيا    د.حماد عبدالله يكتب: ومن الحب ما قتل !!    طائرات مسيرة أوكرانية تستهدف مستودع وقود في منطقة أوليانوفسك الروسية    جواهر تعود بحلم جديد.. تعاون فني لافت مع إيهاب عبد اللطيف في "فارس أحلامي" يكشف ملامح مرحلة مختلفة    دعاء الفجر | اللهم اجعل لي نصيبًا من الخير واصرف عني كل شر    أحمد عيد عبدالملك: الزمالك تأثر برحيل مصطفى شلبي    «زي النهارده».. العدوان الثلاثي على مصر 29 أكتوبر 1956    «زي النهارده».. حل جماعة الإخوان المسلمين 29 أكتوبر 1954    في الشغل محبوبين ودمهم خفيف.. 3 أبراج عندهم ذكاء اجتماعي    رسميًا.. موعد امتحان 4474 وظيفة معلم مساعد رياض أطفال بالأزهر الشريف (الرابط المباشر)    الحظ المالي والمهني في صفك.. حظ برج القوس اليوم 29 أكتوبر    تدريب طلاب إعلام المنصورة داخل مبنى ماسبيرو لمدة شهر كامل    أذكار المساء: أدعية تمحو الذنوب وتغفر لك (اغتنمها الآن)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اشرب الخمر وادخل الجنة!
نشر في التحرير يوم 07 - 07 - 2014

حكى بونابرت فى مذكرات المنفى، نص المواجهة التى جرت بينه وبين الشيخ الشرقاوى بعد أن طلب فتوى تطالب المسلمين بطاعته والقسم على ذلك، حيث قال له الشرقاوى: بما أنك تطلب رعاية الرسول الذى قلت إنه يحبك وزارك فى المنام، وتريد العرب والمسلمين تحت رايتك، فاعتنق الإسلام، ساعتها سيكون تحت قيادتك مئة ألف مسلم يمكنك أن تفتح بهم الشرق كله وتسترد وطن الرسول بكل أمجاده.
قال نابليون: إن أهم ما يعطل اعتناقه الإسلام هو وجيشه: الختان وشرب الخمر، فهما من العادات الأساسية وتقاليد الحياة اليومية ويصعب التخلُّص منهما. وأفتى بعض المشايخ بأن الختان نافلة وليس ضرورة، أما الخمر فقد يشربها المسلم، لكنه يكون عاصيًا ولا يدخل الجنة.
فتساءل نابليون فى حوارية بيزنطية لاستكمال «لعبة المناورات»: لماذا يعتنق الإنسان دينًا يفضى به إلى الجحيم لمجرد أنه يمارس عادة لا يستطيع الإقلاع عنها؟ وحسب ما نشره كريستوفر هيرولد فى كتابه عن الحملة، طلب الشيوخ وقتًا لتدبُّر الأمر، وفى أثناء سفر بونابرت مع قواته لفتح الشام عاد الشيوخ ليصدروا فتوى تبيح للفرنسيين شرب الخمر مع ضمان دخول الجنة! (سبحان الله على أحوال بلد يضمن شيوخه للناس دخول الجنة!).
لكن كيف يحدث ذلك؟ بسيطة، لقد اشترط الشيوخ التكفير عن هذا الإثم بالتصدُّق بخُمس دخلهم بدلًا من العُشر كالمعتاد! هكذا كانت لعبة «الشيوخ والجنرال» تمضى كما يتمنّى الطرفان طالما لم تتأثّر أهداف كل منهما، حيث يصل التنازل والتواطؤ إلى أقصاه ما دام فى حدود الغرف المغلقة، ولم يخرج إلى العلن، وهذا يفسّر جانبًا من غضبة الشيخ الشرقاوى عندما أراد نابليون أن يلبسه وشاح العلم الفرنسى! كان الاحتفال بعيد تأسيس الجمهورية الفرنسية الأولى (21 سبتمبر)، قد جاء قريبًا جدًّا من الاحتفال بمولد الرسول، عليه الصلاة والسلام، ووصل الاندماج بين نابليون وكبار الشيوخ إلى درجة الاطمئنان، كأنهم جند فى حملته، لكن الأمور لم تمضِ وفق حسابات التواطؤ بين الكبار، فالواقع كان يرتب لمفاجآت مختلفة، أبطالها من البسطاء، وخطباء المساجد الصغيرة، وشباب الأحياء الشعبية، الذين قرروا الثورة ضد الاحتلال، وحسب الشهادات التى أوردها المؤرخ الفرنسى أندريه ريمون، تبخَّرت أحلام الانسجام بين نابليون والمشايخ على نيران الثورة التى اشتعلت فى نفوس العامة.
ثورة وشعب؟ هذه ظاهرة جديدة تنهى عصر المماليك تمامًا، لكن ما الذى حدث؟ وكيف قامت الثورة رغم احتواء نابليون لكبار الشيوخ والأعيان؟ يصعب الاكتفاء بسبب واحد مباشر لاشتعال الثورات، فهناك مؤرخون يركزون على العامل الاقتصادى ويؤكدون أن السبب الرئيسى هو فرض الضرائب والمغارم الفادحة، ومصادرة الكثير من الأملاك والمبانى، وتفتيش البيوت واقتحام الدكاكين بحثًا عن الأموال، وركز مؤرخون آخرون على العنف والظروف الأمنية، حيث اشتدت وطأة الفرنسيين على الشعب، وسعوا بكل الأساليب لإخضاع القاهرة، وهدموا أبواب الحارات، لكى يحكموا قبضتهم على سائر الأحياء، وأسرفوا فى قتل الأهالى، وفرضوا على المدينة أجواء الإرهاب، بينما تحدَّث آخرون عن عوامل الوطنية، وروح المقاومة، وربطوا بينها وبين الاتجاه الموالى للحكم العثمانلى فى إسطنبول، ووجد هؤلاء فرصة للتحريض ضد الفرنسيين بعد أن أعدموا مجموعة من المصريين، على رأسهم محمد كريم حاكم الإسكندرية (وهذه قصة سنعود إليها لاحقًا بالتفصيل).
ما يعنينا الآن أن ثورة الغضب اندلعت، فى الوقت الذى كان فيه نابليون يترنَّح كل مساء فى حلقات الذكر مع بعض المشايخ، الذين وقعوا ضحية لأوهامهم وصدَّقوا أكاذيب المستعمر! خرج الناس فى محيط الأزهر بعد ثلاثة أشهر فقط من احتلال العاصمة، ووقع الزلزال الذى قوّض كل الترتيبات التى انطلت على النخبة من الشيوخ والوجهاء، ولم تنطلِ على الشعب (الذى لم يحاوره أحد، ولم يشاوره أحد، ولم يقبل من الإمبراطور ورودًا أو طيلسانات).. انتفض الشعب يوم الأحد 21 أكتوبر 1798م (الموافق 11 جمادى الأولى 1233ه)، وبدّد كل أحلام بونابرت وأوهام النخبة الفاسدة، وهذا تاريخ يجب أن نحتفل به، ونتذكّره جيدًا، إنه تاريخ ثورة القاهرة الأولى. وفى الغد.. عن الثورة نحكى، وأنا أحب حكايات الثورات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.