واحدة من أبرز مكتسبات ثورة 25 يناير 2011 حالة الزخم الكبير في عوالم الثقافة والعلم والمعرفة التي تتجلى بصورة واضحة في الإقبال منقطع النظير على معرض القاهرة الدولي للكتاب على مدار الخمس سنوات الماضية، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة وإخفاقات السلطة الحاكمة وتوحش المنظومة الأمنية، فمازال لدى المصريين أمل كبير في غدٍ أفضل يكون فيه للثقافة والعلم والمعرفة اليد العليا. وفي ظل وجود عشرات الآلاف من الكتب والمطبوعات في شتى المجالات اختارت نافذة الوعي تقديم بعض المختارات من الكتب الجديدة والمهمة في الفكر الديني والسياسة والتاريخ والفلسفة والأدب. التاريخ الإنساني للسد العالي يُعد كتاب "التاريخ الإنساني للسد العالي" ليوسف فاخوري الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة واحد من الكتب الاجتماعية والتاريخية المهمة، حيث يؤرخ الكتاب لرحلة بناء السد العالي عبر عيون الصناع الحقيقيين لهذا الحلم من العمال والمهندسين وسكان النوبة وأسوان، هؤلاء الأبطال الذين همشتهم السلطة وسرقت تاريخهم وحاضرهم ومستقبلهم. يقول فاخوري في مقدمته للكتاب " لطالما شغلنى العرق الذهبى لتاريخ «الإنسان العادي»، فهو الفاعل الأصيل والمفعول به. يتوارى فى كتب التاريخ ليبرز الحكام كأبطال أو كأنذال. وفى صمت تنسحب ذاكرة الأمة إلى أفراد شاء القدر أن يتصدروا المشهد كأن البشر صانعو الحدث كتلة صماء". ويضيف " كان السد العالى حدثًا فريدًا فى حياة من عملوا فى الموقع، وبلغ عددهم 34 ألفاً إضافة إلى 1700 خبير روسي، وفى حياة النهر الذى لم نعد نرى دمار فيضانه وغرق الأراضى ابتداء من 1964، وفى واقع الحياة على الأرض حتى الآن وإلى مدى غير منظور. طوفان البشر الذى اجتاح مدينة صغيرة لا يزيد عدد سكانها على 35 ألف نسمة جعل المدينة خلية نحل لا تهدأ. تحولت مصائر من لم يكن لديهم بطاقات شخصية، وحين راحوا يستخرجونها كان البعض منهم له سابقة قانونية، ولحاجة العمل إلى عمالة كثيفة أصدر رئيس الجمهورية قراراً بألا يعتد بالسابقة الأولى. وباتساع حركة التعليم المجانى تعلم أبناؤهم وأصبحوا محامين ومهندسين وارتقوا إلى مناصب عليا فى الدولة. أصبح العامل الزراعى ابن المدينة واكتسب صفاتها وتعايش مع سلوكها، ونسى جريمته الأولى ليصبح مواطناً كامل الأهلية". معنى أن تكون صوفيًا على مدار السنوات الماضية عاد الفكر الصوفي من جديد لصدارة المشهد العام وخصوصًا بين قطاعات الشباب المصري والعربي في محاولة منهم للبحث عن سبل بديلة أكثر رحابة من الأفكار السلفية والوهابية المتحجرة، وفي هذا السياق يقدم الباحث المصري الشاب خالد محمد عبده كتابه "معنى أن تكون صوفيًا" الصادر عن مركز المحروسة ، يرصد الكتاب ظاهرة الفرار إلى روحانية الإسلام، ومدى أهمية التصوف للمسلم المعاصر، وكيف يمكن للتصوف أن يسهم في تأسيس إنسان يتسق مع ماضيه ويساهم في بناء مجتمعه الحالي، وكيف يمكن تفسير الحنين إلى التصوف في بلداننا الإسلامية، خصوصًا بعد ثورات الربيع العربي؟. كما انشغل المؤلف بمعنى أن يكون المرء صوفيّا؟، وفي تناوله لهذا التساؤل يشير إلى أنه "من خلال متابعتنا لما يُكتب عن التصوف من قِبل باحثين، أو ممارسين للتصوف نجد تضاربًا كبيرًا في تحديد معنى التصوف وتعريفه، فيناقش الباحثون التعاريف المدونة في الكُتب ويُصرّ مشايخ الطّرق والسالكين على سمتٍ معين يميز الصوفي عن غيره، ولعل حقيقة التصوف تغيب وسط هذا التحديد والصرامة في التعامل، ويرى المؤلف أن التصوف أوسع من ذلك، فعبر نصوص التراث يلتقط المؤلف بعض أقوال الصوفية أصحاب التجارب الثرية، ويعيد بناءها بعد قراءتها قراءة معاصرة تستند إلى رؤية التصوف كمعنى يتحقق في سلوك البشر وإن لم يتقيدوا بصورة الصوفي النمطية التي يصرّ البعض على ضرورة الالتزام بها". سطوة النص.. خطاب الأزهر وأزمة الحكم كتاب "سطوة النص .. خطاب الأزهر وأزمة الحكم" للدكتورة :بسمة عبد العزيز الصادر عن دار صفصافة، واحد من الكتب البارزة التي تشتبك مع دور المؤسسات الدينية السلطوي في الدول العربية، وتقدم تحليل لخطاب مؤسسة الأزهر بوصفها أداة رئيسية من أدوات السيطرة على المجتمع. وتشير الكاتبة إلى أن "المؤسسات الدينية بشكل عام –وخاصة في المنطقة العربية- أحد أوجه السلطة الاجتماعية القادرة على ممارسة عمليات الهيمنة وتوجيه الجماهير"، وتضيف "شكلت خُطب شيخ الأزهر والبيانات الصادرة عن المشيخة نصوصًا شديدة الثراء، بما حملته من تفاعلات مع خطاب السُلطة الحاكمة، ولما أظهرته في عديد المرات من تأييد لها، وفي قليل الأحيان مِن تراجُع وارتباك، ثمة إشكالية مطروحة هنا حول دور المؤسسة الدينية الرسمية، وحدودها، وأبعادها، وكذلك حول هويتها التي تبدو محملة بأوجه متعددة". نقد العقل المحض من الكتب الفلسفية المهمة كتاب "نقد العقل المحض" للفيلسوف الألماني الكبير :عمانوئيل كانط، ترجمة : موسى وهبة، الصادر في ترجمته العربية عن دار التنوير وتكمن أهمية الكتاب في الدور الكبير الذي لعبه كانط في حل المشكلة التي أملتها ظروف تقهقر الميتافيزيقا إزاء تقدم العلوم الوضعية. ويطرح كانط في كتابه الأشهر العديد من الأسئلة والأفكار المغايرة التي تنتقد المسلمات التي أنتجها عصر التنوير الأوروبي من تأييد كامل للعقل وسيادة للمذهب المادي. لم يعد لأوروبا ما تقدمه للعرب في كتابه "لم يعد لأوروبا ما تقدمه للعرب" الصادر في طبعتين متزامنتين عن الدار المصرية اللبنانية ومكتبة الأسرة يقدم المؤرخ والسفير اللبناني بمصر: خالد زيادة تحليل للعلاقة الإشكالية بين العرب وأوروبا، ويستعيد الحوار الفريد فى التاريخ والجغرافيا الذى وضع العالم العربي والإسلامى على تماس مباشر بأوروبا، ويأتى هذا الكتاب ضمن مشروع بحثى متكامل استهله زيادة بكتاب «تطور النظرة الإسلامية إلى أوروبا» ثم «المسلمون والحداثة الأوروبية»، وصولًا إلى «لم يعد لأوروبا ما تقدمه للعرب». يستعرض زيادة تاريخ هذه العلاقة بكل مراحلها، ويؤكد من خلال هذا الاستعراض، بطريقة أقرب لروايتها من توثيقها، أن هذه العلاقة أثرت بشكل مباشر في تشكيل هوية أوروبا المسيحية، وخاصة تأثير المسلمين في نهضتها الفكرية في القرن الثالث عشر الميلادي. بالمقابل لا يمكننا إلا الإقرار بدور أوروبا الكبير في تطور عالمنا الإسلامي الحديث، بل ومساهمتها الكبرى في تطور الإنسانية جمعاء. مع الأخذ في الاعتبار، أن كل التطورات التي شهدها عالمنا العربي كانت بتأثير هذه العلاقة إن سلبًا أو إيجابًا، ويطرح زيادة تساؤلًا هامًا عن ماذا تستطيع أن تقدم أوروبا للعالم العربي الآن في ظل حالة تراجع وتخبط الثقافة الغربية وبخاصة الأوروبية.