موعد مباراة العودة بين الأهلي والهلال بدوري أبطال أفريقيا    رغم الهدف السعودي.. باريس يتفادى مفاجأة دانكيرك ويتأهل لنهائي كأس فرنسا    بيلفيلد يطيح بليفركوزن من المربع الذهبي لكأس ألمانيا    إصابة خطرة لطفل سقطت به "أرجوحة" في المنصورة بالدقهلية    مصطفى شعبان يبكي على الهواء وعمرو الليثي يكشف عن واقعة مؤلمة (فيديو)    دار الكتب والوثائق القومية تنفى وقوع أى حريق بأحد مبانيها فى العمرانية    الحوثيون: مقتل وإصابة 5 أشخاص في قصف أمريكي استهدف مؤسسة المياه شرق الحديدة    رسميا.. موعد إجازة شم النسيم 2025 وأجندة العطلات الرسمية    سعر الذهب اليوم الأربعاء 2 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الزيادة الأخيرة (تفاصيل)    «الفلوس الجديدة» تملأ الجيوب.. إقبال على البنوك لتغيير العملات وتوزيع «العيدية»    كولر: الهلال منافس قوي.. ونستعد بقوة لمباراة العودة    بهدف قاتل| ريال مدريد إلى نهائي كأس الملك على حساب سوسيداد    بيراميدز يوضح حقيقة منع جماهير الجيش الملكي من الدخول لملعب الدفاع الجوي    ثنائي الأهلي يخضعان لكشف المنشطات عقب مباراة الهلال السوداني    رأس روديجر تقود الريال لنهائي كأس الملك بعد سيناريو مثير    أجمل إجازة عيد بين حضن الجبل وشط البحر في السبعينات    أخبار × 24 ساعة.. تحقيق استثمارات ب102 مليار جنيه بالربع الأول من 2024/2025    رفض طعن الفنان شادي خلف على حكم حبسه في قضية هتك عرض الفتيات    رفع درجة الاستعداد القصوى وغلق حركة الملاحة النهرية بسبب سوء الأحوال الجوية بأسوان    الصين ترفض تقرير قانون سياسة "هونج كونج" الأمريكي    افتتاح ميدان فلسطين في مدينة لاباز البوليفية    ياسر جلال: اخترت تقديم مسلسل جودر للهروب من واقع الحروب والصراعات إلى السحر والخيال    تركي آل الشيخ بعد إلغاء فيلم أحمد عز: عين طارق العريان لا ترحم    مؤلف «سيكو سيكو»: استوحيت اسم الفيلم من عادل إمام.. ولم أقصد به أي إيحاءات    عصام عمر عن جدل «نص الشعب اسمه محمد»: «عيب نتكلم في حاجة زي دي»    لفقدان الوزن.. تعرف على فوائد مشروب الليمون    مشهد لطيف.. شيخ يلعب مع الأطفال في أحد مساجد الأسماعيلية| فيديو    بعد إجازة عيد الفطر.. الإجازات الرسمية المرتقبة حتى نهاية 2025    «أونروا» تكشف عدد النازحين الفسطينيين بسبب تصعيد القتال في غزة    كحك العيد.. الأسعار تبدأ من 1500 جنيه وتصل ل37 ألفًا    سُمّي ب«نظير» بدلا من «محمد» وضحّى برغبته لتنفيذ وصية أبيه.. 32 معلومة عن مفتي الجمهورية    بيان مهم بشأن حالة الطقس ثالث أيام عيد الفطر 2025    محمد الشرنوبى: زمان كان عندى رهبة من الكاميرا دلوقتى المتعة والشغف بيحركونى    جيش الاحتلال يجبر أهالى غزة بمغادرة رفح الفلسطينية    غلق حركة الملاحة النهرية لحين تحسن الأحوال الجوية بأسوان    هل تستمر أسعار ورق العنب في الانخفاض؟ شعبة الخضراوات تجيب    «الشعب الجمهوري» ينظم وقفة تضامنية لدعم قرارات الرئيس السيسي بدمياط    أمن الفيوم يواصل حملاته فى ثانى أيام العيد ويضبط 11 خارجا عن القانون    الولايات المتحدة تفرض عقوبات جديدة على إيران بحجة صناعة الطائرات المسيرة    الرنجة.. فوائد لا تتوقعها وطرق لتناولها بشكل صحي    منال عوض: التصدي لمحاولات تعدِ على الأراضي الزراعية وبناء مخالف خلال العيد    سوهاج: تحرير 47 محضر مخالفات لمحطات وقود ومخابز في ثاني أيام العيد    محافظ شمال سيناء يستقبل وفد من الهلال الأحمر للتهنئه بعيد الفطر (صور)    عالم أزهري يستعرض كيفية الحفاظ على الطاعات بعد رمضان    وكيل «صحة القليوبية» يتفقد مستشفى الحميات ببنها في ثاني أيام عيد الفطر    أجر مضاعف.. تعرف على فضل صيام «الستة البيض»    فنلندا تعلن عزمها الانسحاب من اتفاقية أوتاوا لحظر الألغام الأرضية المضادة للأفراد    نصائح لمرضى السكري في عيد الفطر    ارتفاع سعر الذهب في مصر 18% بالربع الأول من 2025    صحة المنيا: إجراء 6 عمليات جراحات عمود فقري بمستشفى العدوة المركزي بعد تشغيلها تجريبيا    تواصل العدوان الإسرائيلي على طولكرم وجنين وسط نزوح الآلاف    محافظ بني سويف يوجه برفع درجة الطوارئ تحسبًا لسقوط أمطار محتملة    السفيرة مشيرة خطاب تنعى الأنبا باخوميوس.. وتؤكد: "خسارة كبيرة للوطن والكنيسة"    صيام الست من شوال 2025.. فضلها وأحكامها وموعد بدايتها    وزير التعليم العالي: الإطار المرجعي الجديد يربطهم الخريجيين بالهوية الوطنية    «إنستا باي» تبدأ اليوم تطبيق رسوم جديدة    ما هي كفارة من نسي زكاة الفطر.. علي جمعة يوضح    مستقبل وطن المنيا يكرم حفظة القرآن الكريم بمطاي "صور "    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار حول صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان
نشر في البديل يوم 03 - 02 - 2016

في واحدة من أهم القضايا التي تُثارُ بين الفينة والأخرى وتتناول "صلاحية الشريعة الإسلامية لكل زمان ومكان" تعلو الأصواتُ رافضة ومدافعة، رغم ذلك لا يصل طرفي النزاع إلى حلّ يعالج المسألة، وينهي النزاع.
وحول هذا الموضوع كتب الصديق العزيز هيثم أبو زيد مقالًا، بالبديل، عن "وهم صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان" في محاولة لطرح رؤية يراها الأصوب في الطرح، والأصحّ في المنهج.
قال الصديق وهو يناقش تلك المسألة إن الآية الموجودة بسورة التوبة وتتحدث عن الجزية ما هي إلا هدمٌ لقاعدة المساواة بين أبناء الوطن، وتحول ملايين من غير المسلمين إلى مجرد ذميين، عليهم –إن إرادوا الاحتفاظ بدينهم والعيش بسلام- أن يدفعوا ضريبة للمسلمين، وأن يكون حالهم وهم يؤدون هذه الضريبة هو حال الهوان والذلة والصغار؟
وفي هذا أقول: لو أنه أمهل نفسه بعضا من الوقت ليتحرى الدقة في مصطلح الجزية في أصل وضع اللغة وتراكيبها لوجده يتألف من أصل الفعل (جزى، يجزي، مجازاة) فكأنّ الجزية مجازاة أي مكافأة يعطيها غير المسلم لمن أسدى إليه معروفًا، فكأنهم أعطوها للمسلمين جزاء ما مُنحوا من الأمن، وليست عقوبة كما يتوهم البعض.
وفي هذا المعنى نجد الإمام علي بن أبي طالب (ويُؤخذ برأيه في التشريع بمذاهب المسلمين، سُنّة أو شيعةً) يقول "إنما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا وأموالهم كأموالنا". فإن كان صديقنا يتحدث عن المواطنة فلا أدل من هذا على المواطنة، وهو ما كان بالفعل، فالمسلمون كانوا يبذلون دفاعا عن الوطن النفس والدم، والآخرون (غير المسلمين) المال، فلا إشكال في هذا، فهي من قبيل الضريبة المالية، فلما شارك غير المسلمين في الجيش أصبح هذا مُرتفعًا عنهم.
ولما لم يقدر – أمير الشام أبو عبيدة بن الجراح وهو من الصحابة – على حماية غير المسلمين وقد بذلوا له جزية ردّها عليهم.
إذًا فالجزية مشروعة لعلة فلما زالت العلة زال حكمها، وعند العقلاء جميعا، وليس عند علماء الشريعة وحدهم أن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا.
قال الصديق أيضا: الرجل نسخ الآية بكلام (وليس بآية مثلها) أو حديث آحاد أقل رتبة منها.
وفي رأيي أن هناك لبس لديه فيما أطلق عليه "النسخ" فقال إن المفكر المُدّعى قرر أن ينسخ الآية بقاعدة، وليس بآية أو حديث أحاد.
ونسي أن يُعرّف لنا ما هو مفهوم النسخ، ولو رجع إلى كتاب من كتب الأصول التي تعجّ بالحديث عن موضوع النسخ، وهل هو ثابت أم لا وبحث في تعريفه، لوجد أن النسخ معناه "الإزالة أو الرفع" والمفكّر –وإن كنّا لا نوافقه- فيما قال لم يدّع النسخ، بل تأول معنى الآية على معنى قد يكون في نظره تحتمله الآية.
ومن المآخذ التي تجعل الدعوى واهية قوله (الحقيقة أن الرجل لم يزد على أن وضع النص في سياقاته الزمنية) يتحدث عن الفكر معترضًا.
والحقيقة أن هناك لبسًا في الحديث، فقد سوّى بين النص ودلالته، وهو أن هناك فرقًا بين النصّ وبين دلالة النص، فالنص باعتبار ثبوته يختلف عن اعتبار دلالته، فالدلالة مُتغيرة تُقبل وتُردّ ما دامت أدوات وقوانين التعامل مع النّصُوص تقبلها أو تردّها، هذا ما يُمكن الاحتكام إليه، وهذه قاعدة عامة فيما سيضرب له فيما بعد من أمثلة.
وهذا مدخلٌ خطير إذ به استساغ الصديق أن يردّ جملة من الأحكام التي-من وجهة نظره- أصبحت غير مقبولة في عصرنا الحاضر، فتعامل هنا بمنهج غير علمي، إذ لم يلتزم به فيما طرح من أمثلة.
ومن هذه الأمثلة: تولي المرأة رئاسة الدولة، ومسألة القوامة، ومسألة الميراث.
من المعلوم عند المناطقة في تعريف وجه الدلالة من النص أنها تهدف لمعرفة "كيف أنتج الدليل الدعوى؟" والدعوى التي يستدل بها الكاتب بعيدة المأخذ عن الدليل، لعدة أمور:
أولها: أن الأمثلة مُجتزءة من سياقاتها، كمسألة القوامة.
ثانيها: أنّه لم يُفرّق بين حكمٍ مأخوذ من النص القطعي وهو القرآن، وبين آخر مأخوذ من النص الظني وهو خبر الآحاد كما في حديث التولية.
نتحدث أولًا عن مسألة المساواة بين الجنسين، والفرق بينها وبين التساوي، وهل حقًّا يوجد مساواة بين الجنسين أم لا؟.
الخطاب القرآني وهو النص الأول في التشريع الديني يقرر أن المساواة مقبولة بخلاف التساوي، إذ أن التساوي معناه إلغاء الاختلاف الطبيعي بين الرجل والمرأة، فالرجل رجل والمرأة مرأة، وليس معنى هذا أن الرجل أفضل ولا المرأة أفضل، فكل التشريعات المتعلقة بالرجال والمتعلقة بالنساء ليس لها علاقة بتفضيل جنس على جنس، ولكن لها صلة بأداء هذا الجنس في ما أوكل إليه.
ففي الممارسة السياسية للنساء في الإسلام، المرأة لها كافة مباشرة الحقوق السياسية بأصل التشريع فيما نص عليه القرآن، ولها بيعتها للحاكم، أما أصل الخطاب الموجّه للمشاركة العامة القائم على الشورى فقال "وأمرهم شورى بينهم" فهو عام، لا يفرق بين الرجال والنساء.
ننتقل إلى نقطة أخرى ذكرها أبو زيد في مقاله وهي كلامه حول حديث البخاري (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة).
الأصل في أخذ حكم تشريعي من دليل أن يُعرف سبب وروده، وما ورد في سياق حديث تولية المرأة يدل على أنه مخصوص بحالة، وليس في هذا إشكال من ناحية التأسيس لبناء منظومة تشريعية، فكثير من الدساتير تحوي أحكام تكون مؤقتة لحالات بعينها، كما الحالة التي نحن بصددها.
وعلق الصديق العزيز في هذه المسألة أيضا، فقال: إن إعطاء المرأة النصف من الرجل يتنافى مع ما يدعو إليه العصر الحديث من التساوي بين الجنسين.
بعد أن بينّا كون التساوي لا يتّفق والطبيعة التكوينية للجنسين، نأتي لمسألة المواريث وأتصور أنه من الخطأ أن يُحكم أنّ الأنثى دائمًا يكون نصيبها على النصف من الذكر، فالحالات التي ترث فيها الأنثى نصف الرجل 4 حالات فقط، بينما ترث مثل الذكر في 11 حالة، وترث أكثر من الرجل 14 حالة، وترث في حالات لا يرث فيها نظائرها من الرجال.
واستطرد الصديق متحدثًا عن جملة من الأحكام بناءً على الأصل الذي قرره كون النصوص زمنية مؤقتة لا حاجة لنا بها في العصر الحديث، كمسألتي إثبات النسب ب"تحليل دي إن إي"، و"مسألة تربص النساء في العدة".
وفي هذا أقول: من المعلوم والمقرر أن من الأحكام ما شُرع معقول المعنى (مُعلَّلًا) ومن الأحكام ما شُرع تعبّدًا، وشرح هذا مُستفيض في كتب الأصول، خلاصته تكمن في أن ما هو معلل نستطيع أن نقيس عليه وما هو تعبدي يبقى هكذا، ما دام الشخص اعترف بكون تلك الأحكام سواء كانت "معللة أو تعبدية" من عند الله.
فمثلا: إثبات النسب يُنظر إليه من جهتين: الأولى بيولوجية، والثانية شرعية، والشرع يعتمد على كلّ وسيلة يمكن بها إثبات (دون النفي) بما فيها ال "دي إن دي"، وسبب ذلك أنه يترتب على الإثبات أحكام شرعية كالإرث وغيره، فكان أولى بالإثبات أن يكون شرعيًّا، بخلاف النفي ثبت بالشرع أو غيره فهو فيه سواء.
وأما عدّة المرأة فسواء كانت مطلّقة أو متوفى عنها زوجها، فليست العلّة في تربصها مُدة هو استبراء الرحم فقط، فلو كان الأمر هكذا لقلنا أن التكنولوجيا الحديثة تفصل في ذلك، ولكن التربص مأمور به للتعبد والاستبراء معًا، فلو ارتفع الاستبراء بقي لنا التعبّد، بدليل أن الشرع لم يفرّق فيه بين الشابّة والعقور.
وفي الختام أود أن أنبه إلى: متى يكون التبرير –التأويل- مُستقبحًا؟ إذا كان لا تقبله اللغة أولا، ثم العقل ثانيًا، ثم المصلحة ثالثًا، فمتى لم يُحقق التأويل تلك القابليات رددنا التأويل واحتكمنا للنص.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.