حقوق المرأة أولوية، محافظ البحيرة تلغي قرار إدارة المواقف ب"منع ركوب السيدات بالمقعد الأمامي"    ستارمر يعلن عودة الناشط علاء عبد الفتاح إلى بريطانيا ويوجه رسالة شكر للسيسي    نشرة أخبار طقس اليوم السبت 27 ديسمبر| تحذيرات هامة من الأرصاد    مصرع شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق فى مدينة 6 أكتوبر    اليوم.. جنايات الإرهاب بوادي النطرون تنظر محاكمة «تكفيري» أسس جماعة إرهابية    نيكول سابا تنتقد سلوك الجمهور تجاه الفنانين وتروي موقفا شخصيا لها (فيديو)    من 8 صباحا والعودة مفتوحة، فصل الكهرباء اليوم عن 5 مناطق في إسنا جنوب الأقصر    اليوم، انطلاق التصويت بالداخل في جولة إعادة 19 دائرة ملغاة من انتخابات النواب    انفصال بعد 21 عامًا يشعل السوشيال.. داليا مصطفى في صدارة الاهتمام وتفتح صفحة جديدة فنيًا    منها السرطان والخصوبة، النوم بجانب هاتفك يصيبك ب 4 أمراض خطرة على المدى الطويل    جاهزية 550 مقرًا انتخابيًا في سوهاج لجولة الإعادة بانتخابات مجلس النواب 2025    افتتاح مسجد «عبد الله بن عباس» بمدينة القصير بتكلفة 7.5 مليون جنيه| صور    "التحالف الوطني" يُطلق مسابقة "إنسان لأفضل متطوع" ويوقع أعضاؤه أول ميثاق أخلاقي مشترك للتطوع في مصر| صور    ضبط 11 محكومًا عليهم والتحفظ على 4 مركبات لمخالفة قوانين المرور    وزير الرى يتابع إجراءات تدريب الكوادر الشابة بالوزارة فى مجال إدارة المشروعات    هجوم صاروخي روسي يستهدف العاصمة الأوكرانية كييف    عماد الزيني رئيسًا ل "هواة الصيد" ببورفؤاد.. والجمعية العمومية ترسم لوحة الانتصار ب 2025    وزيرا التعليم العالي والأوقاف يفتتحان مستشفى جامعة بورسعيد    بورسعيد تهدي الوطن أكبر قلاعها الطبية.. افتتاح المستشفى الجامعي| صور    121 عامًا على ميلادها.. «كوكب الشرق» التي لا يعرفها صُناع «الست»    مدرب مالي يهاجم التونسي هيثم قيراط حكم ال VAR بعد التعادل أمام المغرب في أمم إفريقيا    شاهد.. حريق هائل يلتهم أكشاك بمحيط محطة رمسيس| فيديو    صور من الظل إلى العلن.. الديمقراطيون يفضحون شبكة علاقات إبستين    التعليم: واقعة التعدى على طالبة بمدرسة للتربية السمعية تعود لعام 2022    بسبب الميراث| صراع دموي بين الأشقاء.. وتبادل فيديوهات العنف على مواقع التواصل    الصحة العالمية تحذر: 800 ألف حالة وفاة سنويا في أوروبا بسبب تعاطي هذا المشروب    ترامب: احتمالات إبرام اتفاق تسوية للأزمة الأوكرانية خلال زيارة زيلينسكي إلى فلوريدا    البروفيسور عباس الجمل: أبحاثي حوّلت «الموبايل» من أداة اتصال صوتي لكاميرا احترافية    أستاذة اقتصاد بجامعة عين شمس: ارتفاع الأسعار سببه الإنتاج ليس بالقوة بالكافية    أمم إفريقيا - فلافيو: أتمنى أن نتعادل مع مصر.. وبانزا يحتاج للحصول على ثقة أكبر    شيكابالا: الشناوي لا يحتاج إثبات نفسه لأحد    خبيرة تكشف سر رقم 1 وتأثيره القوي على أبراج 2026    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    عمرو أديب عن واقعة ريهام عبدالغفور: "تعبنا من المصورين الكسر"    مها الصغير أمام المحكمة في واقعة سرقة اللوحات    مانشستر يونايتد يحسم مواجهة نيوكاسل في «البوكسينج داي» بهدف قاتل بالدوري الإنجليزي    أمم إفريقيا – مدرب مالي: كنا نستحق ركلة جزاء إضافية أمام المغرب    فلافيو: الفراعنة مرشحون للقب أفريقيا وشيكوبانزا يحتاج ثقة جمهور الزمالك    سقوط أمطار خفيفة على مدينة الشيخ زويد ورفح    البنك المركزى يخفض أسعار الفائدة 1% |خبراء: يعيد السياسة النقدية لمسار التيسير ودعم النمو.. وتوقعات بتخفيضات جديدة العام المقبل    بعد حركة تنقلات موسعة.. رئيس "كهرباء الأقصر" الجديد يعقد اجتماعًا مع قيادات القطاع    ريابكوف: لا مواعيد نهائية لحل الأزمة الأوكرانية والحسم يتطلب معالجة الأسباب الجذرية    الأمم المتحدة: أكثر من مليون شخص بحاجة للمساعدات في سريلانكا بعد إعصار "ديتواه"    الأردن يدين الانفجار الإرهابي في مسجد بحمص ويؤكد تضامنه الكامل مع سوريا    الفضة ترتفع 9 % لتسجل مستوى قياسيا جديدا    لماذا تحتاج النساء بعد الخمسين أوميجا 3؟    د. خالد قنديل: انتخابات رئاسة الوفد لحظة مراجعة.. وليس صراع على مقعد| حوار    صلاح حليمة يدين خطوة إسرائيل بالاعتراف بإقليم أرض الصومال    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    الأمم المتحدة: الحرب تضع النظام الصحي في السودان على حافة الانهيار    غدا.. محاكمة أحد التكفيرين بتهمة تأسيس وتولي قيادة جماعة إرهابية    الشدة تكشف الرجال    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    إقبال كبير من أعضاء الجمعية العمومية لانتخابات الاتحاد السكندري    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    خناقة في استوديو "خط أحمر" بسبب كتابة الذهب في قائمة المنقولات الزوجية    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    الليلة في أمم إفريقيا.. المغرب يصطدم بمالي في مواجهة لا تقبل القسمة على اثنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تساؤلات معاصرة وأجوبة مفتي الديار المصرية
نشر في محيط يوم 20 - 08 - 2007


تساؤلات معاصرة وأجوبة مفتي الديار المصرية

يعيش المسلمون الآن أزمة حقيقية، فلا يوجد سبيل لفتوى موحدة يعملون بها بجميع الأقطار ويجتمع عليها علماؤهم وترفع عنهم الحرج، ففي المسألة الواحدة تجد عشرات الإجابات المتضاربة وزاد من حيرة الناس ظاهرة الفتاوى الفضائية.
محيط - قراءة: هاني ضوَّه
كتاب البيان لما يشغل الأذهان
ورغم أن مؤلفاته أثارت الكثير من الجدل مؤخراً، إلا أن جميعها تتسم بالعمق والمنهجية العلمية والدقة في الإسلوب، حيث تعرض فضيلة الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية للإجابة على مائة سؤال شغلت الأذهان منذ القرن الرابع عشر الهجري مرة بقصد، ومرة بغير قصد حتى اتخذها البعض معياراً لتصنيف المسلمين، وتجد أحدهم يلقي بعض التساؤلات على غيره اختبارا منه لعقيدته وفكره .
وللأسف يستخدم البعض مسائل بعينها للحكم عليك بل وتصنيفك هذا سلفي وهذا أشعري، ملتزم وغير ملتزم، والتفرقة تسود بين المسلمين، وهكذا شغلوا أنفسهم بمسائل محل خلاف، فتركوا أكثر من مليوني مسأله فقهيه وردت عن السلف الصالح وتمسكوا فقط بعدة مسائل لا تتعدى الألف وشهروا سيوف الكلام على كل من خالف فهمهم أو آراءهم.
وأراد د. جمعة أن يبين وفي كتابة "البيان لما يشغل الأذهان" طبعة دار المقطم بمصر. الأدلة التي اعتمد عليها العلماء في الإجابة عن تلك المسائل، وبيان ما عليه الجمهور وأن المسألة الواحده قد يختلف فيها طائفة من العلماء، محاولاً إرساء القاعدتين المشهورتين في علم الأصول "إنما ينكر المتفق عليه ولا ينكر المختلف فيه"، وقاعدة "لا يعترض بمذهب على مذهب" وكذلك قاعدة "الاجتهاد لا ينقض الاجتهاد".
والكتاب عبارة عن مائة فتوى مقسمة على خمسة أبواب. الأول عن شبهات عن الاسلام والعقيدة، والثانى عن مسائل تتعلق بالنبى صلى الله عليه وسلم ومبادىء الفقه والتصوف والعبادات والمعاملات، والباب الثالث عن مسائل تتعلق بالعبادات، والباب الرابع عن مسائل تتعلق بالتصوف والصوفية، أما الفصل الخامس والأخير فجاء عن مسائل تتعلق بالعادات.
شبهات حول الإسلام
ومن الشبهات المهمة التي تناولها فضيلة المفتي في الباب الأول هي شبهة أن المرأة ظلمت في ميراثها، وقد أوضح أن الأنصبة في المواريث لا تختلف طبقاً للنوع، وإنما طبقاً لثلاثة معايير رئيسية فقال:
أولاً : درجة القرابة بين الوارث والمورث :ذكراً كان أو أنثى، فكلما اقتربت الصلة زاد النصيب في الميراث، دونما اعتبار لجنس الوارثين ، فنرى البنت الواحدة ترث نصف تركة أمها (وهى أنثى) بينما يرث أبوها ربع التركة (وهو ذكر) وذلك لأن الإبنة أقرب من الزوج فزاد الميراث لهذا السبب.
ثانياً : موقع الجيل الوارث ؛ فالأجيال التى تستقبل الحياة، وتستعد لتحمل أعبائها عادة يكون نصيبها في الميراث أكبر من نصيب الأجيال التي تستدبر الحياة وتتخفف من أعبائها، وذلك بصرف النظر عن الذكورة والأنوثة للوارثين والوارثات. فبنت المتوفى ترث أكثر من أمه وكلتاهما أنثى وترث بنت المتوفى أكثر من أبيه كذلك في حالة وجود أخ لها.
ثالثاً: العبء المالي ، وهذا هو المعيار الوحيد الذي يثمر تفاوتاً بين الذكر والأنثى، لكنه تفاوت لا يفضى إلى أي ظلم للأنثى، بل ربما كان العكس هو الصحيح. ففي حالة ما إذا اتفق وتساوى الوارثون في العاملين الأولين ( درجة القرابة، وموقع الجيل ) مثل أولاد المتوفى ذكوراً وإناثاً يكون تفاوت العبء المالي هو السبب في التفاوت في أنصبة الميراث؛ ولذلك لم يعمم القرآن الكريم هذا التفاوت بين الذكر والأنثى في عموم الوارثين، وإنما حصره في هذه الحالة بالذات، والحكمة في هذا التفاوت، في هذه الحالة بالذات، هي أن الذكر مكلف بإعالة أنثى هي زوجة مع أولادهما ، بينما الأنثى الوارثة أخت الذكر إعالتها مع أولادها فريضة على الذكر المقترن بها .
فهي مع هذا النقص في ميراثها بالنسبة لأخيها الذي ورث ضعف ميراثها ، أكثر حظاً وامتيازاً منه في الميراث فميراثها مع إعفائها من الإنفاق الواجب هو ذمة مالية خالصة ومدخرة، لجبر الاستضعاف الأنثوي، ولتأمين حياتها ضد المخاطر والتقلبات، وتلك حكمة إلهية قد تخفى على الكثيرين.
رد المفتي بكتابه على شبهة إهانة الزوجة في الإسلام بجواز ضربها وبين أن ضرب النساء ورد في موضع واحد من القرآن في قوله تعالى: "والتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن"، وأوضح أن التدرج في التقويم هو المقصود من الآيه بدايه بالوعظ فالهجر، ثم الضرب الغير ضار ولا مهين حتى أنه قيل أن الضرب يكون بعود سواك، وذكر أن الرجل يضرب ويؤدب كذلك إذا أخطأ في المرأة في كثير من الحالات، حيث عنف النبي صلَّى الله عليه وسلم أصحابه وقال لهم: "لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن ليس أولئك بخياركم".
أما عن تهنئة غير المسلمين بأعيادهم وهو الأمر الذي يحرمه البعض، نجد فتواه فيها بالجواز حيث اعتبره وجه من وجوه الدعوة لدين الله بحسن الأخلاق وساق أدلة على ذلك .
فتوى تثير الجدل

ويضم الكتاب فتوى د. جمعة بجواز بيع الخمور ببلاد غير المسلمين لغير المسلمين للضرورة استنادا لمذهب السادة الأحناف، والذي يبرر هذا الأمر في حالة العوامل الاقتصادية والاجتماعية القاسية، ومستنداً لفقه العقود الفاسدة التي تبيح التعامل بعقود فاسدة أبرمت ببلاد غير إسلامية ومع غير المسلمين، وذكر حادثة متعلقة برهان دار بين سيدنا أبي بكر الصديق – رضي الله عنه- وبين اليهود رغم أنه حرام شرعا، وقيد فضيلته مسالة بيع الخمور انها تتم في بلاد غير المسلمين ولغير المسلمين للضرورة القصوي.
حول النبي وآل بيته الأطهار
الفصل الثاني تناول مسائل في الاعتقاد والتوحيد شرح فيها عبر إجابات الأسئلة معنى الشهادتين ومعنى معرفة الله والإيمان بالملائكة والكتب السماوية وغيرها من الغيبيات، هذا بالإضافة لجوابه على سؤال يدور كثيرا حول الأشاعرة من هم، وهل هم أهل السنة والجماعة؟!!!
وفي إجابته أوضح أنهم ينتسبون للإمام الجليل أبي الحسن الأشعري والذي كان إماماً لأهل السنه والجماعة في عصره، ويرجع نسبه للصحابي الجليل أبي موسي الأشعري وكان الإمام أبو الحسن سنياً درس الاعتزال ورجع عنه ورد على المعتزلة وسمي في عصره بإمام أهل السنة والجماعة .
وذكر فضيلته أقوال علماء أهل السنة التي امتدحوا فيها الإمام أبو الحسن الأشعري والعقيدة الأشعرية، بعد ذلك أن منهج الأشاعرة في العقيده هو عين منهج أهل السنة والجماعة ذاكراً بعض الاعتراضات ،وكذلك مذهب أهل السنة في التعامل مع صفات الله من حيث التفويض والتأويل بضوابطه.
أما الباب الثاني فتناول بعض المسائل التي تتعلق بالنبي صلَّى الله عليه وسلم وبعض مبادئ الفقه والتصوف كذلك العبادات والعادات، وهو مقسم إلي فصلين الأول "مسائل تتعلق بالنبي " ومن التساؤلات هل يمكن رؤية النبى صلَّى الله عليه وسلم أثناء اليقظة ؟
ويجيب د. علي جمعة أن رؤيته صلى الله عليه وسلم ليس أمرا تشريعيا وإنما واقعة تعتبر كرامة لمن حدثت له .وهذا لا يمنع من أن مكان الرسول صلى الله عليه وسلم هو روضته الشريفة يحيا فيها ويصلى لربه ويأنس به كما أن الانبياء جميعهم أحياء فى قبورهم, وإذا رآه ولي يكون انكشافا لحاله في القبر الأمر الذي لا ينكره عقل، ويؤيده النقل فقد ثبت عن سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنه كان يخطب فكشف الله له عن حال سارية كرامة له رضى الله عنه، وهو فى بلاد نهاوند بفارس وناداه قائلا يا سارية الجبل الجبل وسمع سارية النداء.
وقد ورد النص النبوى الذى يؤكد إمكانية وقوع رؤية النبى صلى الله عليه وسلم يقظة فعن أبى هريرة قال سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول "من رآنى فى المنام فسيرانى فى اليقظة ولا يتمثل الشيطان بى".
في مسألة زيارة قبور آل البيت الكرام الأطهار وهل هي جائزة؟ رأى فضيلة المفتي أنها من أرجى الطاعات قبولا عند الله، حيث وصى النبي صلى الله عليه وسلم أمته بآل بيته، كما تناول قضية التوسل بالنبي والصالحين، وأوضح أن "التوسل" من المعاني التي أسيء فهمها في عصرنا الحديث، وأن المذاهب الأربعة اتفقت على جواز التوسل به صلى الله عليه وسلم بل استحباب ذلك، ولا فرق بين حياته وانتقاله صلى الله عليه وسلم لروضته الشريفة بعد الممات، ومن المفسرين الذين أجازوا التوسل القرطبي وابن كثير والثعالبي والنسفي والسيوطي وغيرهم .
أما الفصل الثاني فتناول بعض المسائل التي تتعلق بمبادئ الفقه والمسائل الخلافية حيث تكلم عن مفهوم البدعة وبين أن منها بدع حسنة وبدع سيئة كما قسمها الإمام الشافعي وأنه يجري عليها الأحكام الخمسة، كما شرح قاعدة الترك وهي من القواعد الفقهية والأصولية الهامة والتي غفل عنها كثير من الناس.
في العبادات
تضمن الباب الثالث مسائل في العبادات، وضمنها ناقش قضايا متعلقة بذكر الله، من مثل الإكثار من الذكر واستخدام الأوراد والتحلق للذكر، أما الفصل الثاني فحوى ردود لمسائل تتعلق بالصلاة ومن أهمها جواز الصلاة في المساجد التي بها أضرحة، القنوت في صلاة الفجر، قراءة القرآن قبل صلاة الجمعة، وتحدث الفصل الثالث عن الزكاة بمختلف أنواعها، أما الرابع فكان عن مسائل الصوم، والخامس جاء عن الحج.
الباب الرابع بإصدار د. علي جمعة الجديد، ناقش المؤلف فيه التصوف والصوفية، ومن بين ردوده كان بجواز تقبيل يد المشايخ، وبيان أن رأس الإمام الحسين موجدوده في مصر بالأدلة الموثقة القاطعة، وتكلم أيضاً عن قضية الكرامات وأنها تستمر بعد الموت.
ومن القضايا المهمة التي تحدث عنها فضيلة الشيخ على جمعة في كتابة "البيان لما يشغل الأذهان" قضية ما حكم دخول المسلم فى طريقه صوفيه، وأجاب عن هذا السؤال قائلاً:
"أن التصوف منهج التربية الروحي والسلوكي ليرقى المسلم لمرتبة الإحسان، وهي التي قال عنها المصطفى صلى الله عليه وسلم :" أن تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فإنه يراك"، أما شيخ الطريقة فيعرفه الكتاب بأنه الأستاذ الذى يقوم بمعاونة الطالب والمريد على تخليص النفس البشرية من أمراضها تقربا لله، ومن هذه الأمراض الكبر، العجب، الغرور، الأنانيه، البخل، الغضب، الرياء،....الخ.
الصوفية
ويؤكد فضيلته على أن الطريقه الصوفية ينبغى أن تتمسك بالكتاب والسنه، وكل ما خالف الكتاب والسنه فهو ليس من الطريقه.
وللتصوف ثلاثة مظاهر رئيسية حث عليها القران الكريم، أولها الاهتمام بالنفس ومراقبتها وتنقيتها من الخبث قال تعالى: (ونفس وما سواها * فألهمها فجورهاوتقواها * قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها)، ثانياً: كثره ذكر الله عز وجل ( يا أيهاالذين أمنوا أذكروا الله ذكرا كثيراً)، ثالثاً: الزهد فى الدنيا وعدم التعلق بها والرغبه فى الآخره قال تعالى: (وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون).
ونبه بالكتاب على أن هذا الكلام لا ينطبق على مدعي التصوف ممن يشوهون صورته، حيث يرقصون بالموالد ويعملون بالخرافات فهذا كله ليس من التصوف.
حياة الناس
في الباب الخامس والأخير تحدث مفتي الديار المصرية عن مسائل متنوعة ومتعلقة بعادات الناس الحياتية كحكم ارتداء النقاب للنساء، حكم إسبال الثوب، سماع الأغاني والموسيقي والتدخين، بيع الملابس القصيرة والأحتفال بعيد الأم وغيرها من الأمور .
في مسألة ارتداء النقاب قال: "ذهب جمهور الفقهاء إلي أن جسد المرأة كلة عورة بالنسبة للرجل الأجنبي عدا الوجة والكفين، وظاهر مذهب الإمام أحمد أن كل شئ من المرأة عورة بالنسبة للأجنبي عنها حتى ظفرها، وهناك آراء في المذهب الجنبلي تجيز كشف الوجه ".
وأضاف: "قضية الثياب مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بعادات القوم، وبالنسبة للواقع المصري فالأنسب له أن يلتزم رأي الجمهور، لأن غطاء المرأة لوجهها غير معتاد في مجتمعنا المعاصر، أما المجتمعات الأخرى التي يتناسب معها مذهب الحنابلة فلا بأس بان تلتزم النساء فيه بهذا المذهب لموافقته لعاداته وأعرافهم من تغطية المرأة وجهها".
وذكر أدلة الفقهاء على جواز كشف الوجة من الكتاب والسنة، كالحديث الذي روته السيدة عائشة رضى الله عنها "أن أسماء بنت أبي بكر رضى الله عنهما دخلت على رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها الرسول صلَّى الله عليه وسلم، وقال: يا أسماء، إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا، وأشار إلى وجهه وكفيه".
كما أجاب المفتي عن حكم الإسبال، وهو إطالة الثوب عن الكعبين، وينبع التساؤل من حديث الرسول "ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار"، وكان الإسبال قديماً علامة على الخيلاء والكبر، وهو من عظائم الذنوب، وخلاصة الحكم - حسبما قال - أن مجرد إطالة الثوب وجره على الأرض ليس حراماً ولكن الحرام هو أن يفعل هذا تكبراً وخيلاء، وقال صلى الله عليه وسلم "من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، فقال أبو بكر: إن أحد شقي شوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم إنك لست تصنع ذلك خيلاء".
فضيلة مفتي الديار المصرية
أما عن حكم حلق اللحية قال المفتي بكتابه "ورد الأمر بإطلاق اللحية وإعفائها في أكثر من حديث نبوي، وقد اختلف الفقهاء بشأن دلالة هذا الأمر النبوي، هل هو للوجوب أو للندب؟، فذهب جمهور الفقهاء أنه للوجوب، وذهب الشافعية إلى أنه للندب، وجاء القول بكراهة حلق اللحية عن غير الشافعية أيضاً من المالكية".
وأضاف بشأن مسألة إعفاء اللحية للرجال: "فإن تعلق الأمر بالعادة قرينة تصرف الأمر من الوجوب إلي الندب، واللحية هي في الأصل من العادات الفطرية، وذهب الفقهاء بالقول بندب أشياء كثيرة ورد فيها النص النبوي صريحاً بالأمر، وذلك لتعلقه بالعادة، وعلى هذا المنوال سار علماء الإسلام فشددوا في وضع القبعة على الرأس ولبس الإفرنجة، وذهبوا إلي القول بكفر من فعلا ذلك، لا لأن هذا العمل كفر في ذاته، وإنما لدلالة هذا الفعل وقتها على الكفر، ولما سار لبس الإفرنجة هو عادة القوم، لم يقل أحد من علماء الإسلام بكفر من لبسه".
ويضيف: "فإن حكم اللحية في أيام السلف وكل أهل الأرض كافرهم ومسلمهم يطلقونها، وليس هناك مسوغ لحلقها، كان خلافياً بين الجمهور الذين أوجبوا إطلاقها، والشافعية التي اعتبروا إطلاقها سنة، ولا يأثم حالقها".
سؤال آخر تضمنه الكتاب عن ما حكم سماع الغناء ؟ يجيب فضيلة المفتي: "الغناء بدون موسيقى لا شئ فيه، طالما أن كلامه في إطار الشرع، ويستحب أن يكون كلام الغناء في إطار الثناء على الله أو رسوله صلَّى الله عليه وسلم أو للحماسة والشجاعة وحب الأوطان، والغناء في بعض الأوقات أمراً متعارف عليه بين المسلمين في المناسبات السارة كأيام العيد، والعرس، وقدوم الغائب، وفي وقت الوليمة والعقيقة، وعند ولادة المولود"، ولذلك أدلة كثيرة من السنة.
أما مسألة سماع الموسيقي فيقول فضيلته أنها مسألة خلافية فقهية، ليست من أصول العقيدة، وليست من المعلوم من الدين بالضرورة، ولا ينبغي للمسلمين أن يفسقوا بعضهم بعضاً، ولا ينكر بعضهم على بعض بسبب تلك المسائل الخلافية، فإنما ينكر المتفق عليه، ولا ينكر المختلف فيه.
جدير بالذكر أن الشيخ يوسف البدري قد تقدم ببلاغ الي المستشار عبد المجيد محمود النائب العام المصري يطالب فيه بسحب كتاب المفتي "البيان لما يشغل الأذهان" من الأسواق لأنه يحرم الحلال علي حد قوله بسبب مسألة جاءت فيه الخاصة بجواز بيع الخمور في بلاد غير المسلمين لغير المسلمين للضرورة، إلا أن فضيلة المفتي على جمعة قد أصر علي عدم سحب كتابه لأنه يواجه الإرهاب ويتيح للمسلم في كل مكان أن يعيش مع مجتمعه دون أن يصطدم معه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.