كشف تقرير لجنة تقصى الحقائق المكلف من الرئيس عبد الفتاح السيسى، عن أوجه القصور والخلل وبطلان الاستدلال فيما نسب إلى المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، عن اكتشاف وقائع فساد خلال عام 2015 تتجاوز قيمتها 600 مليار جنيه. واستخدمت اللجنة ألفاظ لاذعة في وصف جنينة فقالت: إنه قائم على التضليل والتضخيم، واتسم بفقدان المصداقية والإغفال المتعمد، كما لفت التقرير إلى «فقدان المصداقية» عبر تجميع مفتعل لوقائع حدثت منذ عشرات السنوات، وإثبات استمرارها دون تصويب. الأمر الذي وضع جنينة على مرمى نيران موسسة الرئاسة، فقد تساءل البعض هل يتم عزله من منصبه؟، خاصة في ظل قرار السيسي بقانون رقم 89 لسنة 2015، الذي نظم لأول مرة حالات إعفاء رئيس الجمهورية لرؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة، والجهات الرقابية من مناصبهم. قال أسامة مراد، رئيس المجلس الاستشاري لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد سابقًا، إن وضع مصر ضمن أكثر الدول فسادا يرجع إلى تجاهل التقارير التي يصدرها الجهاز المركزي للمحاسبات وعدم الأخذ بها بعين الاعتبار، وما حدث بالأمس من تكليف لجنة تقصي الحقائق تقريرها للرد على الجهاز أمر هام جدًا وخطوة جيدة لا يمكن إغفالها. وأضاف مراد، رغم النتيجة التي وصل إليها تقرير اللجنة بالأمس باتهام جنينة بالتضليل، إلا أن المجتمع المصري والشارع شاهد على فساد الأجهزة، كما أن المنظمات الدولية أصدرت تقاريرها لتؤكد هذا الكلام. وأوضح مراد، أن السبب في حدوث تلك الأزمة، هو شعور جنينه بأن نهايته اقتربت بعد صدور القرار الرئاسي بجواز عزله من منصبه على الرغم من تحصينه، الأمر الذي دفعه إلى تحدي أكبر جهات سيادية في مصر، كما أن التوقيت الذي كلفت به لجنة تقصي الحقائق للرد على جنينة كان قاتل، عقب انتخاب رئيس البرلمان ووكيلاه، الأمر الذي يضعه تحت مسائلة المجلس في الوقت الحالي. وفي السياق ذاته، قال الدكتور هاني محمود، رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار سابقًا، إن تقرير لجنة تقصى الحقائق كان صادما واستخدم كلمات عنيفة ضد جنينة، واعتمد على سرد الوقائع. وتابع محمود، أعتقد أن جنينة لم يتحدث عن هذا الكم الهائل من الفساد، ويعتقد أن موظفي الجهاز غير مؤهلين بشكل كامل للتعامل مع التقنية الحديثة في الحسابات، مطالبهم بالاستعانة بمستشارين متخصصين من الخارج. وقال عاصم عبد المعطي، وكيل الجهاز المركزي للمحاسبات سابقًا، إن الخطأ الذي وقع فيه جنينة عند إعلانه حجم الفساد الموجود، هو اعتماده توصيات وتقارير الجهاز الخاصة بتقويم الأداء وليس الرقابة المالية، فالفرق كبير بين الأثنين؛ لأن تقويم الأداء يعني عمل توصيات تشير إلى ما تم فحصه قد يترتب عليه إهدار للمال العام، أما تقارير الرقابة المالية والتي كان يجب أن يتحدث عنها جنينه فقط، هي وجود إدانة بالفعل للمؤسسة والمكان الذي تم فحصه، وثبوت مستندات تؤدي بصاحبها إلى تحويله للتحقيق من قبل النيابة على الفور. من جانبه، قال إبراهيم نايل، رئيس قسم القانون الجنائي بجامعة عين شمس، إن المادة 102 من قانون العقوبات، تنص على «أن يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تتجاوز مائتي جنيه لكل من أذاع عمدا أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة إذا كان من شأن ذلك تكدير الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة وتكون العقوبة السجن وغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه إذا وقعت الجريمة في زمن الحرب ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرة الأولى كل من حاز بالذات أو بالواسطة أو أحرز محررات أو مطبوعات تتضمن شيئا مما نص عليه في الفقرة المذكورة إذا كانت معدة للتوزيع أو الاطلاع». وأوضح نايل، أن جنينه قد يتعرض للحبس من 24 ساعة وحتى ثلاث سنوات، إذا ثبت عليه إذاعته لبيانات كاذبة عمدًا تكدر الأمن العام، مؤكدًا أنه ليس محصن كما يظن البعض، فقد لا يحبس وتكتفي مؤسسة الرئاسة بالجزاء الإداري وهو عزله من منصبه. وفى المقابل دافع إبراهيم يسري، رئيس نادي الجهاز المركزي للمحاسبات، عن هشام جنينه وقال: إن لجنة تقصي الحقائق تُدين نفسها بنفسها في هذا التقرير؛ لأنها بتحويل تقريرها إلى مجلس النواب للتحقيق فيه فتح الباب أمام رئيس الجهاز والأعضاء لإثبات صحة ما ورد بتقارير الجهاز على الملأ أمام نواب الشعب. وشكك يسري، في شفافية تقرير لجنة تقصي الحقائق وقال: إن اللجنة تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات ومنها جهات طالتها تقارير الجهاز بملاحظات ومخالفات عديدة ستظهر على الملأ بالبرلمان، وهذا ما يفسر تلك اللهجة غير اللائقة بمنصب رئيس الجهاز الأعلى للرقابة في مصر وتلك الاتهامات الباطلة بشأن تصريحاته الخاصة بحجم الفساد. وأضاف رئيس نادي الجهاز، أن ما ورد بتقرير اللجنة بأن تلك الدراسة تم إعدادها بالتعاون مع جهة خارجية بتلميح مقصود به الجهاز له أبعاده الخطيرة، مشيرًا إلى أن هذا التقرير تم تمويله من جهة خارجية ولكن التمويل جاء لوزارة التخطيط وليس للجهاز وهذا ما أغفلته اللجنة عمدا في تقريرها. وأشار يسري، إلى أن اللجنة افتقرت العديد من المعايير المهنية في إعداد التقارير بتلك الطبيعة واعتبارات عديدة أهمها عدم عرض ذلك التقرير علي رئيس الجهاز ليرد على ما ورد به بمخالفات من وجهة نظرهم.