«التناقضات وتعميق الطبقية».. شعار رفعته أجهزة الدولة في التعامل مع ضحايا الكوارث المختلفة، واضعة تسعيرة للتعويضات بحسب شهرة الضحية أو مدى تسليط الضوء على الحادثة إعلاميا. تعامل أجهزة الدولة مع ضحايا الحوادث «أحياء وأموات»، أظهرت الطبقية، فإذا كان الضحية مواطنا عاديا، يتراوح التعويض بين 5 و10 آلاف جنيه، أما إذا كان يتبع جهة سيادية كالقضاء أو الجيش والشرطة، يختلف الوضع، فالتعويض يبدأ من 30 ألف جنيه وصولا إلى المليون. عدد من السياسيين المهتمين بملف العدالة الاجتماعية، أكدوا أن التفرقة في تعامل الدولة مع الضحايا يأتي بالعكس ويصب في صالح توسيع الفجوة بين أطياف المجتمع، ويخالف الدستور الذي ينص علي المساواة في الواجبات والحقوق. في شهر يونيو الماضي، قرر اللواء عبد الفتاح حرحور، محافظ شمال سيناء، صرف إعانات عاجلة لضحايا سيارة الطرق التي انفجرت فيها عبوة ناسفة أثناء سيرها في منطقة الخروبة على طريق العريش الشيخ زويد، وأدى إلى استشهاد ثلاثة أشخاص وإصابة عدد 13 شخصا آخرين، لتكون 7 آلاف جنيه لأسرة كل شهيد، و3 آلاف للمصاب. وقررت غادة والى، وزير التضامن الاجتماعي، صرف 10 آلاف جنيه مساعدات إنسانية عاجلة لأسرة الوفيات من ضحايا الأمطار الغزيرة والطقس السيئ الذي شهدته محافظة البحيرة في شهر نوفمبر من العام الماضي. وفي شهر سبتمبر الماضي، قرر المستشار محمد سليم، محافظ بني سويف، صرف 30 ألف جنيه مساعدة مالية لأسرة الملازم أول قوات مسلحة، محمد جابر عمر عبد العليم، الذي استشهد مطلع الأسبوع الحالي، خلال العمليات العسكرية «حق الشهيد»، بمدينة رفح بشمال سيناء وأصدر المستشار أحمد الزند، وزير العدل، في شهر مايو الماضي، قرارا بصرف مبلغ 100 ألف جنيه، فضلًا عن 10 آلاف من التضامن الاجتماعي، لأسرة القضاة الذين توفوا في حادث إرهابي بمنطقة العريش، وتقرر صرف معاش استثنائي لأسرة الشهيد عبارة عن 1500 جنيه شهريًا، إلى جانب فتح حساب خاص باسم أسرة الشهيد في أحد البنوك، وعلى النقيض، أصدر محافظ شمال سيناء قرار بصرف مبلغ 5 آلاف جنيه فقط لأسرة سائق السيارة الذى توفى. وأكد المستشار عاطف منصور، عضو غرفة عمليات نادي هيئة قضايا الدولة، صرف تعويض لعضو الهيئة، صابر السعيد، الذي توفى أثناء سفره لتغطية الانتخابات من محل إقامته بالجيزة، وفق وثيقة تأمين على أعضاء الهيئة، تتضمن صرف مليون جنيه في حالة الوفاة وتعويض يصل 750 ألف جنيه في بعض حالات العجز. وينص الدستور على «المواطنون متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر»، كما ينص على «التمييز والحض على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون، تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء علي كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض». يقول نبيل ذكي، القيادي بحزب التجمع، إن الدولة تتعامل بطبقية مع المواطنين، والعدالة الاجتماعية، أحد مطالب الثورة، مازالت غائبة ولم يطبق حتى اليوم، مطالبا بضرورة تطبيق الدستور والتخلي عن المورثات الطبقية التي نعاني منها منذ عقود طويلة، مؤكدا أن البرلمان الحالي به مجموعة من النواب يتبنون ملف العدالة الاجتماعية بشكل أساسي. وفي نفس السياق، أوضح أحمد فوزي، القيادي بالحزب المصري الديمقراطي، أن مفهوم العدالة الاجتماعية أشمل وأعمق من المساواة في صرف التعويض، لكن الفرق الواضح في صرف التعويضات بين المواطنين يعكس التميز والعنصرية الموجودة في ثقافة المسؤولين، الذين نظروا إلى وظيفة الضحية قبل التعامل معها، مطالبا بضرورة إعادة توزيع الثروات وإرادة سياسية لتطبيق عشرات النصوص الموجودة في الدستور المتعلقة بالعدالة الاجتماعية، التي مات من أجل تنفيذها مئات الشباب منذ ثورة 25 يناير وحتى اليوم.