نشر موقع «ستراتفور» الاستخباراتي تقريره السنوي حول توقعات سير السياسات العالمية خلال عام 2016، واهتم التقرير برصد أهم التحولات المتوقعة في مسار السياسات المصرية خلال العام. وفقا للتقرير، فإن الحكومة ستواصل المضي قدما بحذر في خطة إصلاح الدعم في محاولة لتحسين مركزها المالي وضمان المساعدة من قبل صندوق النقد الدولي، وإنها سوف تستمر في الحفاظ على توازن دقيق بين الرعاة في الخليج والولايات المتحدة وروسيا، وسوف تدفع إمكانات الغاز الطبيعي في البحر المتوسط إلى تعاون في مجال الطاقة بين مصر وقبرص و"إسرائيل". الدكتور صلاح الدين فهمي، رئيس قسم الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر، قال إن تعامل مصر مع صندوق النقد الدولي يحسن من سمعتها المالية على المستوى العالمي، ووفقا للتقرير السنوي للصندوق فإن موقف مصر الائتماني مستقر أي أنها تسدد أقساط أصل الدين والفوائد بانتظام، ومع استمرار الصندوق في تقديم القروض فإنه يشجع الشركات الدولية على ضخ استثمارات جديدة بمصر، مؤكدا أن القروض التي تقدم لمصر تحظى بفترة سماح طويلة تتراوح بين 15 إلى 20 سنة، وبفائدة 1.6% فقط، بما يتيح لمصر سدادها شريطة أن يتم ضخها في استثمارات جديدة وألا تسدد بها الحكومة مديونيات قديمة أو تسد بها عجز الموازنة. وأوضح أنه يجب إلغاء الدعم العيني تدريجيا ليتوافق مع الاقتصاد الحر الذي عملت به مصر منذ عهد الرئيس الراحل أنور السادات، مشيرا إلى أنه أقدم على خطوة كان يمكن أن تغير مصير مصر الاقتصادي وهي قراره بإلغاء الدعم في يناير 1977 إلا أنه اضطر لإلغائه بعد 48 ساعة فقط بسبب استغلال التجار للفرصة ومضاعفة الأسعار بشكل مغالى فيه، الأمر الذي دفع المواطنين آنذاك للخروج في مظاهرات اعتراضا على قرار الرئيس، واستمر الدعم خلال عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، مما أضر بالاقتصاد، وأصبح الدعم بلاء يجب التخلص منه، ولذلك كان لابد من إلغاء الدعم بصورته الحالية، وتحويله إلى دعم نقدي مع التحكم في الأسواق، وإلغاء الحلقات الوسيطة لأنها السبب الرئيسي في ارتفاع الأسعار، وذلك بأن تقوم الدولة بتوصيل السلع من المنتج إلى المستهلك مباشرة، مما يوفرها بأسعار مناسبة ويرفع عن ميزانية الدولة فاتورة الدعم. فيما قال شريف دولار، الخبير الاقتصادي، إن ما تم إعلانه في "ستراتفور" هو أجندة الحكومة المصرية خلال عام 2016، وهناك بالفعل مفاوضات حول تعاون في مجال الطاقة بين مصر وقبرص و"إسرائيل"، وتم ذلك خلال الاجتماع الثلاثي الذي ضم مصر وقبرص واليونان، وإن التعامل سيكون بين شركات وليس حكومات، ولو تم الاتفاق بين الأطراف الثلاثة فستتنازل إسرائيل عن قيمة التعويض الذي حصلت عليه من المحكمة الدولية. وأوضح أن التعامل مع صندوق النقد الدولي (الخاص بإصلاح موازنات الدول) بمثابة شهادة تحصل عليها مصر وتطلبها الدول المانحة أو القارضة والبنك الدولي (الخاص بتمويل المشروعات) لضخ استثمارات في مصر، لافتا إلى ضرورة الابتعاد عن الاستثمار الاستهلاكي والتصديري لأنه يصنف كاستثمار "خبيث"، والتوجه إلى الاستثمار الإنتاجي واستخدام التكنولوجيا. وأشار إلى أنه لا توجد أحكام مطلقة عند التعامل مع صندوق النقد الدولي بأنه جيد أو مضر بالاقتصاد، وإنما يمكن الحكم على كل تعامل معه وفقا لاستخدامات الحكومة وخاصة أنه خفف كثيرا من شروطه بعد الأزمة الاقتصادية العالمية 2008، وغير سياسته واتجه لصالح الدول النامية والمواطن الفقير. دلاور، قال إن هناك تجارب جيدة مع صندوق النقد الدولي بين عامي 91 و95 بعد مشاركة مصر في حرب الخليج، حين كان الاقتصاد المصري يمر بأزمة تزايدت خلالها الديون الخارجية، وكان هناك مسعى لإسقاط نصف هذه الديون فطلبت دول نادي باريس أن تتفاوض مصر مع صندوق النقد الدولي كشرط لإتمام الاتفاق، وبالفعل ساند الصندوق مصر وتم إسقاط نصف الديون.