صدر في الأيام القليلة الماضية عدد من القرارات المفاجئة، في محاولة لردع الأصوات التي تعالت في الفترة الأخيرة حول الوضع الحقوقي، بالإضافة إلى التجاوزات التي صدت في من قِبَل الأجهزة الأمنية، التي اعترفت بها تحت سياق تجاوزات فردية. فتح زيارات «العقرب» والإفراج عن 51 مختفيًا قسريًّا ب«العزولي» في يوم واحد ومع نهاية الأسبوع الماضي، قررت الأجهزة الأمنية دون سابق إنذار فتح زيارات محتجزي سجن العقرب شديد الحراسة، بعد نحو خمسة أشهر من منعها، جاء هذا بعد الضغط الحقوقي والإعلامي الذي قام به أهالي محتجزي العقرب بمساعدة عدد من المنظمات الحقوقية، بعدما ساءت الحالة الصحية لعدد من محتجزي العقرب؛ بسبب منع الأدوية والملابس الشتوية لمدة 5 أشهر متتالية . ورغم قرار فتح الزيارات إلَّا أن رابطة أسر معتقلي العقرب أكدت في بيان لها أن إدارة سجن العقرب سمحت لأهالي المعتقلين بالزيارة دون تصريح لمدة دقيقة واحدة، من خلال لوح زجاجي. في اليوم ذاته أعلنت «التنسيقية المصرية للحقوق والحريات» الإفراج عن 80 من المختفين قسريًا بسجن العزولي وأغلبهم من شباب سيناء، لكن من تم الإعلان ورصدهم فعليًّا بعد الإفرتج عنهم 51. إخلاء سبيل إسراء الطويل في خطوة مفاجئة، بعدما قضيت إسراء الطويل 200 يوم في الحبس الاحتياطي، منها 15 يومًا قضتها في الاختفاء القسري، وأثناء فترة الحبس الاحتياطي فشلت كمل المحاولات القانونية للإفراج عن إسراء الطويل بسبب حالتها الصحية، لتقرر أمس محكمة جنايات القاهرة، التي انعقدت بمعهد أمناء الشرطة، إخلاء سبيل المصورة الصحفية إسراء الطويل؛ لظروف صحية، وتضمن قرار إخلاء سبيل إسراء وضعها تحت مراقبة الشرطة، وإلزامها بعدم مغادرتها المنزل إلَّا بعد إخطار الأمن. يذكر أن حبس إسراء كان على خلفية اتهامها بتهمة بث أخبار كاذبة تستهدف تكدير السلم العام والانضمام لجماعة إرهابية على خلاف القانون. حركة تنقلات بوزارة الداخلية ساعات قليلة فصلت بين خبر الإفراج الصحي والمشروط عن إسراء الطويل والقرارات التي أصدرها اللواء مجدي عبد الغفار، وزير الداخلية، أمس السبت، منها تعيين رئيس جهاز الأمن الوطني اللواء محمود الجميلي، مديرًا لأمن الإسكندرية، بديلًا للواء أحمد حجازي، وتعيين اللواء محمود يسري مساعدًا أول لوزير الداخلية لقطاع الأمن الوطني. قرارات مفاجئة أم عادية؟ تسببت تلك القرارات المتتالية في حالة من الارتباك الفكري لدى عدد من الحقوقيين، ورغم أن بعضهم ذكرها ضمن سياق تهدئة ما قبل يناير، إلَّا أن البعض الآخر قرر اعتبر أن الأمور لم تخرج عن سياقها، وأنها قرارات عادية. وهو ما أكده المحامي الحقوقي بالمفوضية المصرية حليم حنيش قائلًا: الإجراءات التي حدثت في الأيام القليلة الماضية لابد ألَّا تخرج عن سياقها، فالضغط على الأجهزة الأمنية بسبب تزايد الاختفاء القسري تسبب في الإفراج عن جزء بسيط من المختفين، في محاولة لتخفيف الضغط عليهم بسبب هذا الملف. وأضاف حليم أن الإفراج عن إسراء الطويل جاء في جلسة تجديد عادية جدًّا، وهو إفراج مشروط بعدم ترك منزلها إلَّا بعد الموافق الأمنية، وبالتالي ما يروج بأن ما يحدث محاولة للتهدئة قبل يناير غير صحيح، مضيفًا أنه إذا كانت الدولة تريد ذلك فعليها إخلاء سبيل عدد كبير من النشطاء، وفتح زيارات سجن العقرب بشكل حقيقي، وليس كما حدث في اليومين الماضيين. وأكد حنيش أن أهالي محتجزي العقرب الذين لم يحملوا تصاريح للزيارة لم يتمكنوا من رؤية ذويهم، بالإضافة إلى أن الزيارة مدتها دقيقة واحدة، ولم يتمكنوا من تمرير الأدوية والملابس كلها كما صرح. من جانبه أشاد الحقوقي محمد زارع، رئيس منظمة الإصلاح الجنائي، بتلك الخطوات وإن كانت صغيرة، مؤكدًا أن الوضع الحقوقي في مصر وصل إلى حالة من الاختناق، وكان لابد من انفراجه ولو بسيطة، وأن ما يحدث سواء تهدئة أو إصلاح، نتمنى أن يستمر لتصحيح مسار الشأن الحقوقي بمصر. وأكد عبد الغفار شكر، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، أنه حتى الآن لا نستطع تأكيد أن الأجهزة الأمنية قررت تصحيح مسارها وسلوكياتها؛ لأن هذا سيتضح أكثر في الفتة المقبلة، مضيفًا: القرارات التي اتخذت جيدة، وعلى الدولة أن تتخذ مثلها، في الإفراج عن سجناء الرأي أو عدد من المحبوسين احتياطيًّا في قضايا تظاهر، وتحسين أوضاع الظهور. فيما غرد الحقوقي نجاد البرعي عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: « سعدت بخبر الإفراج عن إسراء الطويل، وأرجو أن يكون القرار بداية لإعادة النظر في أوضاع المحبوسين احتياطيًّا والتوقف عن استخدامه كعقوبة» وأضاف: هناك تحسن ملحوظ في أوضاع حقوق الإنسان في هذا الشهر فإن 18 ضابطًا وأمينًا، إما تم الحكم عليهم أو تم حبسهم على ذمة التحقيقات في قضايا تعذيب. وتابع في تدوينته: «شكرًا للمنظمات الحقوقية المصرية الشريفة والمقوية ولزملائي فيها الذين كشفوا عن أنهم لا يرهبهم الوعيد ولا يثنيهم الوعد عن أداء رسالتهم، شكرًا للمنظمات الحقوقية الدولية التي رفعت صوتنا في المحافل الدولية، وكانت معنا وتحملت كما تحملنا حملات غير منصفة تنال صدقيتنا، شكرًا للقضاء المصري الذي أثبت أن قضاة الصحف والفضائيات وواصفي ثوره يناير بأنها ثورة خسائر ليسوا هم كل القضاء، هناك من يعمل لتحقيق العدل».