يعد في نظر العديد من النقاد والمؤرخين من أهم شعراء الحرب العالمية الأولى، الذين وصفوا آلام الحرب وفظائعها، وما فيها من صور الخنادق ورائحة الغازات التي كانت تستخدم في الحرب، إلا أنه بدأ كتابة الشعر قبل اشتراكه في الحرب، ويذكر عن نفسه أنه بدأ كتابة الشعر وهو في سن العاشرة أثناء إجازة له في منطقة بروكستون. ويلفريد أوين، الذي تمر ذكرى وفاته اليوم، ولد في منطقة بلاس ويلموت قرب شروبشير، من أصول إنجليزية وويلزية، وكان والداه في ذلك الحين يقطنان منزلاً جيداً يملكه جده, إلا أنهما انتقلا بعد وفاته عام 1897 للعيش في إحدى الشقق الصغيرة في شوارع بيركينهيد. اكتشف الشاب اليافع ميوله نحو الشعر وكتابته في العام 1903 أو 1904 خلال إجازة أمضاها في منطقة تشيشر. وقد كان أوين عميق الالتزام بالمسيحية منذ نعومة أظفاره حيث تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة دينية, وعمق هذا الالتزام علاقته الوطيدة التي كانت تربطه مع أمه، وتأثر أوين بالعديد من الشعراء من المدرسة الرومانسية وبالأخص جون كيتس، كما تأثر بالعديد من الكتابات التي سادت في وقته إلا أن أبرز الكتب التي تركت أثراً عميقاً عليه كان الإنجيل. وبعد أن أنهى أوين دراسته في المدرسة قرر الالتحاق بجامعة لندن, فتقدم لاختبار القبول إلا أنه لم يحقق الدرجة التي تؤهله للحصول على منحة للدراسة فيها (حيث تراجع تحصيله العلمي لتأثره الكبير بوفاة خاله إدجار هيلتون في حادثة أثناء رحلة صيد), وكانت تلك المنحة السبيل الوحيد للدارسة في تلك الجامعة نظراً للوضع المادي الصعب الذي تعيشه أسرته، عمل أوين مساعداً لأحد للأب هيربرت فيجان في كنيسة دونسدين قرب ريدنج مقابل سكن وبعض المساعدة في التعليم للتأهل لامتحان القبول في جامعة ريدينج, حيث تمكن من الالتحاق بها لدراسة علم النبات, كما كان يحضر بناء على طلب رئيس قسم اللغة الإنجليزية في ذلك الحين محاضرات في اللغة الإنجليزية القديمة. وقد كانت آراءه قد بدأت تتغير عن الكنيسة أثناء إقامته في دونسدين بسبب ما رآه من تقاعس عن خدمة المحتاجين. عمل أوين قبل أندلاع الحرب العالمية الأولى مدرساً للغة الإنجليزية والفرنسية في معهد بيرلتز للغات في فرنسا, والتقى هنالك بالشاعر الفرنسي لورنت تاليد, وكانت بينها مراسلات عديدة بعد ذلك باللغة الفرنسية. يقال عنه أنه من أعظم شعراء الحرب العالمية الأولى، وننشر له في ذكرى وفات قصيدة «نشيد للشباب المحكوم عليه بالموت»، بترجمة حسن حجازي: ما جدوي تلكَ الأجراس لمَن يُساقون للموتِ كالأنعام؟ فقط من الغضبِ الهادر من صوت المَدافع الأحمق، أو من صوتِ الرصاص المتتابع من البنادق المُميتة، هذا ما يمكن سماعه بوضوح بدلا من تلك الصلوات العجلى الرتيبة. الآن لا جدوى من الكلمات الزائفة، لن تجدي الصلوات ولا الأجراس، ولن تجدي أصوات الجوقة الرتيبة في الكنائس، ولا صوت النحيب العالي، ولا صوت الجنائز من الأبواق الهادرة، ولا الأصوات الحزينة المنبعثة من القرويين البسطاء التي تناديهم في أسى. ما جدوى الشموع التي نرفعها ونشعلها بانتظارهم؟ هي ليست في أيدي الأولاد، لكن في عيونهم، سوف تلمعُ الأنوار المقدسة في نداءات الوداع. سنراها في شحوب أوجه الفتيات، عند سماع الأخبار الحزينة المفعمة بلون الموتْ زهورهم التي تنثر بمحبة على التوابيت، هي الحزن الباقي, هي الأسي المقيم في أعين الثكالي والمفجوعين، وتلكَ الستائر التي نفردها معلنة أحزاننا أيام الحداد سوف ينتحب العالم عندما يأتي الظلام عند غروب شمسِ حزينة كل يوم.