من أفضل شعراء القرن العشرين في جميع لغات العالم، كان ذو اتجاه شيوعي متشدد، كما يعد من أبرز النشطاء السياسين، كان عضوًا بمجلس الشيوخ وباللجنة المركزية للحزب الشيوعي، كما أنه مرشح سابق للرئاسة في بلاده، نال العديد من الجوائز التقديرية أبرزها جائزة نوبل في الآداب عام 1971، وحصل على الدكتوراه الفخرية من جامعة أوكسفورد، وكتب عنه الناقد الأدبي هارولد بلووم: "لا يمكن مقارنة أي من شعراء الغرب بهذا الشاعر الذي سبق عصره"، وتوفي في 23 من سيبتمبر عام 1973. بابلو نيرودا، الذي تمر ذكرى ميلاده اليوم، شاعر تشيلي الجنسية، ويعتبر من أشهر الشعراء وأكثرهم تأثيرًا في عصره، ولد في تشيلي، بقرية بارال بوسط تشيلي، 12 يوليو عام 1904، كتب قصائد عندما كان في العشرين من العمر، قُدر لها أن تنتشر أولا في أنحاء تشيلي، وتنتقل بعدها إلى كافة أرجاء العالم، لتجعل منه الشاعر الأكثر شهرة في القرن العشرين من أمريكا اللاتينية، ومن أشهر دواوينه "عشرون قصيدة حب وأغنية يائسة"، التي ترجمت أكثر من مرة إلى اللغة العربية. بدأت إبداعاته الشعرية في الظهور قبل أن يكمل عامه الخامس عشر، وتحديدا عام 1917، وفي عام1920 اختار لنفسه اسمًا جديدًا، في مارس عام 1921 قرر السفر إلي سانتياجو، حيث استقر هناك في بيت الطلبة لاستكمال دراسته في اللغة الفرنسية، التي كان يجيدها مثل أهلها، وفي نفس هذا العام اشترك نيرودا في المظاهرت الثورية التي اندلعت في البلاد آنذاك، وفي عام 1924 هجر دراسة اللغة الفرنسية، وتخصص في الأدب، ليكتب ثلاثة أعمال تجريبية، وذلك قبل أن يبدأ رحلة تعيينه سفيرًا في العديد من البلدان، تنتهي بكونه سفيرًا في الأرجنتين عام 1933، أي بعد زواجه من الهولندية "ماريكا"، بثلاث سنوات، والتي انتهي زواجه منها بإنجاب طفلته مارفا مارينا التي ولدت في مدريد في الرابع من أكتوبر عام 1934. وفي نفس العام وتحديدًا بعد شهرين تزوج نيرودا من زوجته الثانية ديليا ديل كاريل الأرجنتينية الشيوعية، والتي تكبره بعشرين عاما، ورغم كونه قد عمل سفيرا في العديد من الدول الأوروبية إلا أن ذلك لم يزده سوى إصرارا على أن الشيوعية ليست سوى المنقذ الحقيقي والحل السحري لكل المشكلات، ورغم المتاعب التي سببها له هذا الاتجاه السياسي إلا أنه ظل متمسكا به إلى حد استقالته من عمله الدبلوماسي. توفي والده عام 1938، وزوجته الأولى عام 1942، ثم يأتي عام 1968ويمرض الكاتب بمرض يقعده عن الحركة، وفي 21 أكتوبر عام1971 يفوز نيرودا بجائزة نوبل في الأدب، وعندما يعود إلى تشيلي يستقبله الجميع باحتفال هائل في استاد سانتياجو، ويكون على رأس الاحتفال سلفادور الليندي، الذي لقي مصرعه بعد ذلك علي يد الانقلاب الذي قاده بينوشيه. وعندما حصل قتل الانقلابيون الرئيس أليندي جاء جنود بينوشيه إلى بيت بابلو نيرودا، وعندما سألهم الشاعر ماذا يريدون قالوا له جئنا نبحث عن السلاح في بيتك، فرد قائلا: إن الشعر هو سلاحي الوحيد. وبعدها بأيام توفي نيرودا في23 سبتمبر1973، متأثرا بمرضه وبإحباطه من الانقلابيين، حتى أن آخر الجمل ولعلها آخر جملة في كتابه "اعترف أنني قد عشت". في ذكرى ميلاده تنشر «البديل» للقراء قصيدته «نشيدٌ لفيدريكو جارسيا لوركا»، من ترجمة عدي حربش: لو أمكنني أن أبكيَ خوفاً في منزلٍ مهجور لو أمكنني أن أقتلعَ عينيّ وازدرهما لفعلتُ ذلكَ من أجلِ صوتِكَ المُعوِلِ كشجرةِ برتقالٍ و لأجلِ شِعرِكَ الذي يسري هادراً. فلأجلِكَ صبغوا المستشفياتِ بزرقةٍ والمدارسُ، والسواحلُ البحريةُ تنمو والملائكةُ تحشو جراحَها ريشاً وبتولُ السمكِ يتغطى بحراشفِه والقنافذُ البحريةُ تحلقُ نحوَ السماءِ لأجلِكَ محلاتُ الخياطةِ بأقمشتِها السوداء الرقيقةِ سوفَ تمتلئُ ملاعقَ، تمتلئُ دماءً ولسوفَ يبتلعونَ شرائطهم الحمراءَ المُمزقة، ويقتلونَ أنفسَهم بالقُبَل ويتشحونَ بعدَ ذلكَ بالبياض. عندما تحلقُ متنكراً كشجرةِ خوخٍ عندما تضحكُ ضحكةَ إعصارٍ من الأرز عندما تخفقُ بشرايينكَ و أسنانِكَ كي تغني بحنجرتِكَ وأنامِلك أستطيعُ أن أموتَ لأجلِ الحلاوةِ التي تتضوعُ منكَ أستطيعُ أن أموتَ لأجلِ البحيراتِ القُرمزيةِ تلكَ التي تقطنُها منتصفَ الخريف معَ جوادِكَ الساقطِ و إلهِكَ الجريحِ أستطيعُ أن أموتَ لأجلِ المقابرِ التي تمرُ ليلاً كأنهار رمادٍ بمياههِا و شواهدِ قبورِها ما بينَ الأجراسِ المخنوقة: أنهارٌ تمتلئُ كغرفِ مشفىً بالجنودِ المرضى، يفيضونَ فجأةً باتجاهِ الموتِ، مع الأرقامِ الرخاميةِ والياسمينِ المتعفنِ، ومصابيحِ الزيت: أستطيعُ أن أموتَ من أجلَ أن أراقبكَ ليلاً وأنتَ تتابعُ الصلبانَ الغارقةَ و هيَ تمرُ تحتَ قدميكَ، فتبكي، لأجلِ أنّكَ تبكيَ أمامَ نهرِ الموتِ مهجوراً، جريحاً تبكي كلَ البكاءِ، و تمتلئُ عيناكَ بدموعٍ، بدموعِ الدموع. في الليل، حينَ أمشي وحيداً أستطيعُ أن أجمعَ ما يمتدُ من نسيانٍ ودُخانٍ وظلال فوقَ سككِ الحديدِ و السفنِ البخاريةِ أجمعُها في قمعٍ أسودَ ماضغاً الرمادَ سوفَ أفعلُ ذلكَ من أجلِ الشجرةِ التي تكبرُ فيها من أجلِ أعشاشِ المياهِ الذهبيةِ التي تجمعُها ومن أجلِ الشبكةِ التي تغطي عظامَكَ مخبرةً إياكَ عن سرِّ الليل. مدنٌ برائحةِ البصلِ المبتلِّ تنتظرُ مرورَكَ بأغانيكَ المبحوحةِ وقواربُ منيٍ تتبعُكَ وسنونواتٌ خضراءُ تعشعشُ في شَعرِكَ