زار الرئيس السوري "بشار الأسد" الثلاثاء الماضي موسكو، وأجرى خلال الزيارة محادثات مع نظيره الروسي "فلاديمير بوتين" بحضور رئيس الوزراء "ديميتري ميدفيديف"، ووزيري الدفاع والخارجية "سيرجي شويغو" و"سيرجي لافروف". أهمية الزيارة على الرغم من أن زيارة الرئيس السوري "بشار الأسد" إلى موسكو جاءت مفاجئة وخاطفة إلا أنها قلبت الطاولات وخلطت الأوراق من جديد، ليس لأنها الزيارة الأولى التي يقوم بها "الأسد" إلى روسيا منذ بدء النزاع في منتصف مارس 2011، لكن لأنها أظهرت دعم موسكو الشديد لسوريا، وهو ما أثار غضب بعض الدول وأشعل نار الخوف في البعض الآخر، كما أن هذه الزيارة تكتسب أهمية كبرى، إذ أنها تأتي بعد حملة جوية بدأتها روسيا في نهاية الشهر الماضي لدعم القوات السورية، كما أنها تتضمن إشهارًا بأن روسيا تمسك بزمام المبادرة في الحل السياسي، كما تمسك بمواجهة الإرهاب، وفي الوقت نفسه تمثل تتويجًا لإنجازات روسيا على الأراضي السورية والتي حققها الطيران الروسي في وقت قصير فيما لم يستطيع التحالف الدولي بقيادة أمريكا تحقيقها طيلة عام كامل، وهو ما يمثل تحدٍ واضح للأخيرة. حصاد الزيارة تثبيت التحالف القائم بين دمشقوموسكو، ودعم الجيش السوري كمًا ونوعًا وتعزيز إمكانياته، التأكيد على أن "الأسد" باق في منصبه حتى انتهاء مدة ولايته، هذه هي مجمل النتائج التي يمكن الخروج بها من القمة "الروسية السورية"، وهو ما يؤكده تصريحات الزعيمين حيث أفاد المتحدث باسم الرئاسة الروسية "دميتري بيسكوف"، أن الرئيسين "بوتين" و"الأسد"، ناقشا "مسائل محاربة المجموعات الإرهابية المتطرفة، والمسائل المتعلقة بمتابعة العملية الروسية ودعم العمليات الهجومية للقوات المسلحة السورية"، وأطلع الرئيس السوري نظيره الروسي على الوضع في سوريا والخطط المستقبلية، كما جرت مناقشة مختلف جوانب العلاقات الثنائية. انطلاقًا من تعهد روسيا بدعم الجيش السوري وتعزيز إمكانياته، يتوقع أن يزور دمشق قريبًا، مسئولون روس من مستويات رفعية جدًا، ويرجح أن يكون هؤلاء من الجناح العسكري لموسكو، وستكون مهمتهم، ليس تفقد القوات الروسية العاملة في سوريا فقط، بل الوقوف على حاجات هذه القوات، وعلى حاجات الجيش السوري للقيام بعمليات برية ناجحة، تحاكي ما تنجزه المقاتلات الروسية. في البيان الروسي السوري المشترك، أكد الرئيس "الأسد" أن الإرهاب يشكل عائقا أمام الحل السياسي في سوريا، وأشار إلى أن الدعم الروسي منع تحول الوضع في سوريا إلى سيناريو مأساوي، وأنه لولا الدعم العسكري الروسي لكان الإرهاب توسع أكثر، كما أكدا الطرفان في نهاية اللقاء أن العمليات العسكرية يجب أن تتبعها خطوات سياسية تساهم في إنهاء النزاع المتواصل في سوريا منذ حوالى 5 سنوات، وشدد الرئيس "الأسد" عن بالغ امتنانه لما تقدمه روسيا من مساعدات. من جانبه أعرب "بوتين" ل"الأسد" عن استعداده للمساعدة في العمليتين السياسية والعسكرية، مؤكدًا أنه سيجري اتصالات مع قوى دولية لبحث التوصل لحل سياسي بموازاة مكافحة الارهاب. خصوم دوليين شكلت الزيارة صدمة كبرى للخصوم الدوليين للرئيس السوري "بشار الأسد" والذين سعوا لمدة خمس سنوات لمحاولة إسقاطه، حيث جاء الرد الأمريكي سريعًا عقب الإعلان عن انتهاء القمة، فقد دانت الولاياتالمتحدةالأمريكية استقبال الرئيس السوري "بشار الأسد" بحفاوة في روسيا، متهمة موسكو بتقويض التقدم باتجاه انتقال سياسي، من خلال دعمه، وقال مساعد الناطق باسم البيت الأبيض "إيريك شولتز"، إن الولاياتالمتحدة ترى أن "الاستقبال الحافل للأسد الذي استخدم أسلحة كيمياوية ضد شعبه يتناقض مع الهدف الذي أعلنه الروس من أجل انتقال سياسي في سوريا"، وأضاف أن تحركات موسكو في الشرق الأوسط، الذي يشهد حروبًا، "تأتي بنتائج عكسية". من جانبه قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية "جون كيربي"، إن زيارة "الأسد" إلى موسكو لم تكن مفاجئة نظراً إلى الدعم الروسي لسوريا، وأضاف المتحدث في محاولة منه لإثبات حضور أمريكا الفاعل، "لا شيء سيتغير بخصوص محاربة داعش وضرورة الحل السياسي في سوريا"، وأعرب "كيربي" عن اعتقاده أنه لا يوجد حل عسكري للأزمة، مشيرًا إلى أن الخطوة الروسية تدعم سلطة الرئيس "الأسد". في ذات السياق؛ وجدت القمة "الروسية – السورية" اهتماما بارزا من الكيان الصهيوني سواء على مستوى الإعلام أو المسئولين، حيث قال محلل الشئون العربية في القناة العاشرة الإسرائيلية "حيزي سيمانتوف"، "لأول مرة يخرج الأسد من سوريا لزيارة بوتين في موسكو، حيث تم استقباله في الكريملين استقبال الملوك على يد بوتين، روسيا تستقبله كرئيس شرعي لسوريا بكل احترام وترحاب وهذا بحد ذاته تحدٍ للولايات المتحدةالأمريكية"، فيما قال محلل الشئؤون العربية في القناة الثانية الإسرائيلية "يارون شنايدر"، "انتهاء زيارة الأسد لروسيا كانت سببًا ليبستم، فالأسد سافر إلى موسكو ليضع في يدي بوتين مفاتيح المفاوضات السياسية من أجل التوصل إلى تسوية تنهي الحرب الأهلية في سوريا، حصل الأسد من بوتين على حصانة، وأنا أعتقد أن الأسد خرج متشجعًا من هذه الزيارة". كما رأى معلقون إسرائيليون أن قمة "الأسد- بوتين" قطعت الطريق على دعوات وتقديرات ترددت في إسرائيل في الأيام الماضية تدعو إلى ضرورة التدخل الإسرائيلي الفعال لإلحاق هزيمة استراتيجية بإيران و"حزب الله" عبر إسقاط الرئيس "بشار الأسد". ماذا بعد الزيارة؟ بالفعل بدأ الرئيس الروسي فورًا في تنفيذ قوله، فبمجرد الإعلان عن الزيارة لم تتوقف الاتصالات الدولية مع الجانب الروسي، حيث تحادث الرئيس الروسي هاتفيًا مع الملك السعودي "سلمان بن عبد العزيز"، وصرح المتحدث باسم الكرملين بأن الزعيمين بحثا الوضع في سوريا، وأن الرئيس الروسي أطلع العاهل السعودي على نتائج زيارة الرئيس "الأسد". كذلك اتصل "بوتين" بنظيره التركي "رجب طيب أردوغان" الذي أعرب عن قلقه بشأن الوضع في سوريا، كما اتصل "بوتين" بالرئيس "عبد الفتاح السيسي"، والعاهل الأردني الملك "عبد الله الثاني". في الوقت ذاته بحث وزيرا الخارجية الروسي والأمريكي "لافروف" و"كيري"، عبر الهاتف، التحضيرات للقاء "روسي أميركي سعودي تركي"، سيعقد في فيينا يوم الجمعة على مستوى وزراء الخارجية".