أسندت الأممالمتحدة مؤخرا رئاسة إحدى اللجان التابعة لمجلس حقوق الإنسان للسعودية، هذا الإسناد أثار غضب الكثير من الناشطين الحقوقين ودفعهم للمطالبة بإزالة المملكة السعودية من مجلس حقوق الإنسان الأممي، مستندين إلى فظاعة جرائم آل سعود التي لا تعدُّ ولا تحصى والتي لا يمكن لعقل أو ضمير بشري أن يتحمل قساوتها و حقدها في الداخل السعودي، فضلًا عما تقوم به في الخارج، خاصة بعد فاجعة مِنى و العدوان الهمجي على الشعب اليمني. اعتبر البعض أن المملكة في الأساس قائمة على نظام وهّابي يضرب بعرض الحائط كافة الأعراف والقوانين الدولية، خاصة أن عمل لجنة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان وسمعتها أصبحا على المحك، وهذه الخطوة ستؤثر في القوانين الوضعيَّة لحقوق الإنسان. منظمة العفو الدولية حذرت الولاياتالمتحدةالأمريكية من مغبة التورط في "جرائم حرب"، داعية في الوقت ذاته إلى إجراء تحقيقات مستقلة وفعالة في الانتهاكات التي ارتكبها التحالف السعودي باليمن. دوناتيلا روفيرا رئيس فريق تقصي الحقائق في اليمن وفي معرض حديثها عن انتهاكات السعودية في اليمن قالت "تتكشف أدلة على غارات جوية نفذها التحالف الذي تقوده السعودية ترقى إلى مستوى جرائم حرب"، وأضافت أن "هذه الأدلة، ذات التفاصيل المروعة، توضح مدى أهمية وقف استخدام الأسلحة التي تستخدم في تلك الجرائم". ويسلط التقرير الذي يحمل عنوان "قنابل تسقط من السماء ليلا ونهارا" الضوء على معاناة المدنيين في اليمن، وتوثق المنظمة استخدام القنابل العنقودية المحرمة دولياً من قِبل التحالف السعودي. كانت منظمة "UN Watch"غير الحكومية، والتي تختص بمراقبة أداء الأممالمتحدة، اعتبرت أن انتخاب فيصل طراد رئيسا للجنة الخبراء المستقلين بمجلس حقوق الإنسان، وتوليه رئاسة هذه اللجنة يمنحه مركزاً مؤثراً يعطيه حق اختيار المتقدمين من حول العالم لأدوار الخبراء في الدول التي تراقب فيها الأممالمتحدة حقوق الإنسان على حد وصفها. وعلى الصعيد الداخلي لم يجف الحبر الأحمر القاني لآل سعود بعد، فالكاتب و الناشط في مجال حقوق الإنسان رائف محمد بدوي ومؤسس موقع "الليبراليون السعوديون" الذي اشتُهِر بدعوته لإلغاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وطالب بمحاكمة رئيسها إبراهيم الغيث في محكمة العدل الدولية، قد تم اعتقاله سنة 2012 بحجة الإساءة للدين الإسلامي من خلال الإنترنت، واتُهم بعدة قضايا من بينها الردة، فحُكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات، والجلد 600 جلدة، وإغلاق موقع الشبكة الليبرالية السعودية الحرة، على خلفية انتقاد الهيئة والمؤسسة الدينية السلفية في السعودية، وفي 7 مايو 2014 تم تعديل الحكم إلى الجلّد 1000 جلدة، والسَجن لمدة 10 سنوات، بالإضافة لغرامة مالية، وبدأ تنفيذ حُكم الجلّد إبتداءً من 9 يناير 2015 أسبوعياً لمدة 20 أسبوعا، فيما اعتبرت منظمة العفو الدولية الكاتب رائف بدوي سجين رأي " احتُجز لا لشيء سوى لممارسته لحقه في حرية التعبير عن الرأي بشكل سلمي". هذا ولم يكن مصير الشيخ السعودي نمر باقر نمر بأفضل حال، حيث أثارت خطاباته التي هاجم فيها أسرة آل سعود الحاكمة جدلًا واسعًا، واعتقل عدة مرات كان آخرها في 8 يوليو عام 2012م ، حيث أقدمت القوات السعودية على اعتقاله إذ فتحت عليه الرصاص الحي فأصيب على إثرها بأربع رصاصات في فخذه الأيمن، واختطفته من موقع الجريمة فاقداً لوعيه لتنقله إلى المستشفى العسكري في الظهران و بعد ذلك إلى مستشفى قوى الأمن بالرياض ثم إلى سجن الحائر، و في 15 أكتوبر 2014 حكمت عليه المحكمة الجزائية في السعودية بالإعدام. ولم تتوقف جرائم آل سعود عند هذا الحد بل تعدَّته لتنال من القاصر علي محمد النمر وتعاقبه بالإعدامبتهمة المشاركة في تظاهرات احتجاجية، وبالرغم من الإدانة العالمية ومطالبة خبراء مستقلون في مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الانسان يوم الثلاثاء 22 سبتمبر السلطات السعودية بإلغاء حكم الإعدام الصادر بحق الشاب، تواصل الحكومة السعودية تعنتها في الإصرار على تنفيذ أحكام الإعدام. كل ما سبق يؤكد أنه من سخرية القدر أن تُنصب مملكة لا دستور فيها ولا أدنى معايير للديمقراطية، لتحتل المراتب الأولى في التفنن بطرق التعذيب وتنفيذ أحكام الإعدام الوحشية وتنال من معارضيها إبتداءً من ناصر السعيد الذي كتب عن تاريخ آل سعود الأسود، انتهاءً بالشباب القُصر، لنشر العدالة والتسامح عالمياً وهي التي أعدمت 2208 أشخاص على الأقل في ثلاثة عقود غالبيتهم من الأجانب، ومن بينهم أحداث ومصابون باضطرابات عقلية. تبقى شهادة الأممالمتحدة بمنح السعودية منصبا حقوقيا مبنية على أساس "وشهد شاهدُ من أهلها"، وعلى ما يبدو فإن العنصر الوحيد الديمقراطي الذي يمتلكة آل سعود وقد لفت انتباه الأممالمتحدة هو ذلك الذهب الأسود المدفون في رمال المملكة، ولتعيث المملكة بمالها الأسود فساداً في البديهيات المنطقية ليصبح "فاقد الشيء يعطيه ويعطيه ويعطيه…".