ألمانيا تواجه موجة حارة خلال الأيام المقبلة    مصرع عامل وإصابة 17 آخرين في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بأسوان    دنيا سمير غانم تكشف سبب ترددها في تقديم فوازير رمضان    لهذا السبب.. نجوى كرم تتصدر تريند "جوجل"    الصحة تنظم زيارة لوفد منظمة الحكماء الأممية لتفقد الخدمات المقدمة لمرضى فلسطين بمستشفى العريش العام    درة تنعى الصحفي الفلسطيني أنس الشريف: «جرحهم جرح الإنسانية كلها»    تحرك الدفعة ال 13 من شاحنات المساعدات المصرية إلي معبر كرم أبو سالم    رابطة الأندية تعلن عقوبات الجولة الأولى من الدوري اليوم.. ترقب داخل الأهلي والزمالك    «هلاعبك وحقك عليا!».. تعليق ناري من شوبير بشأن رسالة ريبيرو لنجم الأهلي    بعد خروجه من حسابات يانيك فيريرا.. جون إدوارد يتحرك لتسويق نجم الزمالك (تفاصيل)    رابط نتيجة المرحلة الثانية للثانوية العامة 2025 عبر موقع التنسيق الإلكتروني    أسعار الذهب اليوم في السعوديه وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الثلاثاء 12 أغسطس 2025    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري بعد الارتفاع العالمي.. قائمة ب10 بنوك    أسعار الفراخ اليوم الثلاثاء 12-8-2025 بعد الانخفاض وبورصة الدواجن الرئيسية الآن    محذرا من النصب والاحتيال.. أمن السواحل في طبرق الليبية يوجه بيانا لأهالي المصريين المفقودين    رئيس إسكان النواب: مستأجر الإيجار القديم مُلزم بدفع 250 جنيها بدءا من سبتمبر بقوة القانون    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على حي تل الهوا بمدينة غزة    ترامب يمدد الهدنة التجارية مع الصين لمدة 90 يوما    "كلمته".. إعلامي يكشف حقيقة رحيل الشناوي إلى بيراميدز    مبلغ ضخم، كم سيدفع الهلال السعودي لمهاجمه ميتروفيتش لفسخ عقده؟    من هو الفرنسي كيليان كارسنتي صفقة المصري الجديدة؟ (فيديو صور)    الخارجية الروسية: نأمل في أن يساعد لقاء بوتين مع ترامب في تطبيع العلاقات    غارات واسعة النطاق في القطاع.. والأهداف الخفية بشأن خطة احتلال غزة (فيديو)    بطل بدرجة مهندس، من هو هيثم سمير بطل السباقات الدولي ضحية نجل خفير أرضه؟ (صور)    مصرع شخص تحت عجلات القطار في أسوان    لتنشيط الاستثمار، انطلاق المهرجان الصيفي الأول لجمصة 2025 (فيديو وصور)    نتيجة تنسيق المرحلة الثانية أدبي.. الموقع الرسمي بعد الاعتماد    نائبة وزيرة التضامن الاجتماعي تشهد إطلاق مبادرة "أمل جديد" للتمكين الاقتصادي    4 أبراج «في الحب زي المغناطيس».. يجذبون المعجبين بسهولة وأحلامهم تتحول لواقع    من شرفة بالدقي إلى الزواج بعد 30 عاما.. محمد سعيد محفوظ: لأول مرة أجد نفسي بطلا في قصة عاطفية    24 صورة لنجوم الفن بالعرض الخاص ل"درويش" على السجادة الحمراء    بالصور.. أحدث جلسة تصوير ل آمال ماهر في الساحل الشمالي    مواقيت الصلاة في أسوان اليوم الثلاثاء 12أغسطس 2025    اليوم، إعلان النتيجة الرسمية لانتخابات مجلس الشيوخ والجدول الزمني لجولة الإعادة    تحارب الألم والتيبس.. مشروبات صيفية مفيدة لمرضى التهاب المفاصل    فاركو: ياسين مرعي سيصنع تاريخا مع الأهلي    حزب شعب مصر: توجيهات الرئيس بدعم الكوادر الشبابية الإعلامية يؤكد حرصه على مستقبل الإعلام    قرار هام بشأن البلوجر لوشا لنشره محتوى منافي للآداب    التحفظ على أموال وممتلكات البلوجر محمد عبدالعاطي    خلاف جيرة يتحول إلى مأساة.. شاب ينهي حياة آخر طعنًا بكفر شكر    CNN: واشنطن تزداد عزلة بين حلفائها مع اقتراب أستراليا من الاعتراف بدولة فلسطين    موعد مباراة سيراميكا كيلوباترا وزد بالدوري والقنوات الناقلة    وكيل وزارة الصحة بالإسكندرية يعقد اجتماعاً موسعاً لمتابعة الأداء وتحسين الخدمات الصحية    "بلومبرغ": البيت الأبيض يدرس 3 مرشحين رئيسيين لرئاسة الاحتياطي الفيدرالي    د. آلاء برانية تكتب: الوعى الزائف.. مخاطر الشائعات على الثقة بين الدولة والمجتمع المصري    19 عامًا على رحيل أحمد مستجير «أبوالهندسة الوراثية»    استغلي موسمه.. طريقة تصنيع عصير عنب طبيعي منعش وصحي في دقائق    «مشروب المقاهي الأكثر طلبًا».. حضري «الزبادي خلاط» في المنزل وتمتعي بمذاق منعش    أحاديث السياسة على ألسنة العامة    إطلاق منظومة التقاضى عن بعد فى القضايا الجنائية بمحكمة شرق الإسكندرية.. اليوم    كيفية شراء سيارة ملاكي من مزاد علني يوم 14 أغسطس    أخبار 24 ساعة.. 271 ألفا و980 طالبا تقدموا برغباتهم على موقع التنسيق الإلكترونى    أنا مريضة ينفع آخد فلوس من وراء أهلي؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    هل يشعر الموتى بالأحياء؟.. أمين الفتوى يجيب    أجمل عبارات تهنئة بالمولد النبوي الشريف للأهل والأصدقاء    الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ مساء غد    محافظ الأقصر يبحث مع وفد الصحة رفع كفاءة الوحدات الصحية واستكمال المشروعات الطبية بالمحافظة    أمين الفتوى: الحلال ينير العقل ويبارك الحياة والحرام يفسد المعنى قبل المادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوجود العسكري الروسي في سوريا يقوض مخططات واشنطن وحلفائها
نشر في البديل يوم 21 - 09 - 2015


كتب-جيفري وايت
أصدر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ورقة بحثية حول الوجود العسكري الروسي المتزايد في سوريا، وذلك عشية تصريحات مسئولي البلدين عن ضرورة هذه الخطوة وما قد يتبعها من إجراءات عسكرية قد تصل إلى خوض عمليات مشتركة ضد الإرهاب في سوريا، وهو ما انعكس على المشهد السياسي الدولي وخاصة فيما يتعلق بالمبادرات السياسية والعسكرية التي شهدها العام الجاري تجاه الأزمة السورية التي شارفت على عامها الخامس، وبالإضافة إلى ذلك فأن هناك انعكاسات للخطوة الروسية الأخيرة لا تنحسر فقط على سوريا والمنطقة، ولكنها تمتد إلى كونية الصراع بين الولايات المتحدة وروسيا، فما يحدث في روسيا لا يمكن أن ينفصل عن سياقات عدة على مستوى العالم، من أوكرانيا والقرم والوجود العسكري لحلف شمال الأطلسي "ناتو" قرب الحدود الروسية، وزيادة الوجود العسكري الأميركي في أوربا والبلدان المتاخمة لروسيا، أخرها كان نقلل سرب من طائرات إف 22 إلى أوربا.
ورقة البحث المذكورة نشرت تحت عنوان "التدخل الروسي في سوريا" للباحث والمحلل جيفري وايت المتخصص في الشئون الدفاعية والعسكرية والإستراتيجية لبلدان الشرق الأدنى، وتناول فيها الوجود الروسي المتزايد في سوريا كماً وكيفاً، وتداعياته على ساحة الحرب هناك وكذلك على دول المنطقة من تركيا إلى إسرائيل وصولاً إلى تداعيات ذلك على الولايات المتحدة ومصالحها وكيفية تقويض هذه الخطوة الروسية لجهود واشنطن وحلفاءها في دعم المسلحين في سوريا واستبعاد مسألة رحيل نظام الأسد. وفيما يلي نصّ هذه الورقة:
يبدو أن تدخل عسكري مباشر قد لوحظ من جانب روسيا في سوريا، التقارير التفصيلية بما فيها الصادرة من الحكومة الأميركية واستخباراتها، تشير إلى أن روسيا تبني قوة للتدخل السريع في سوريا الهدف منها شن عمليات برية وجوية في مدن اللاذقية وطرسوس على طول امتداد الساحل السوري، ويتجاوز ذلك الدور الذي اتخذته روسيا في سوريا على مستوى الإمدادات بالأسلحة والاستشارة. وحيث أنه يتم بناء هذه القوة العسكرية على طول خطوط المعركة المذكورة، فأن تغير قواعد اللعبة أمر لا مفر منه على ساحة الحرب، كما أن هماك تداعيات كبيرة قد تترتب على هذا الإجراء من شأنها تقويض قدرة إسرائيل على شن غارات جوية على سوريا ولبنان، وعرقلة عمليات التحالف الدولي الذي تتزعمه الولايات المتحدة ضد داعش ومنظمات إرهابية أخرى في سوريا
وعلاوة على ذلك، إذا رسّخت روسيا وجودها في سوريا، فسيصبح من الصعب على نحو متزايد إقصاؤها من البلاد. وعلى غرار السيناريوهات العسكرية في شبه جزيرة القرم وأوكرانيا، يبدو أنه من غير المحتمل أن تتصدى الولايات المتحدة، ناهيك عن أي دولة أخرى، للقوات الروسية عسكرياً. وعلى الرغم من إمكانية وقوع خسائر في صفوف هذه القوات وتورطها في الحرب السورية، إلا أن موسكو قد ترضى بتلك العواقب الوخيمة وتعتبرها ثمناً لقاء إبقاء نظام الأسد في السلطة وإحباط عزيمة واشنطن.
القرار والتحضيرات وتراكم الأحداث
تستند خطوات روسيا في سوريا على ما يبدو، على استراتيجية جيوسياسية أكبر شأناً تعول على القليل من التدخل من قبل الولايات المتحدة وحلفائها في سوريا. ويبدو أن التدخل الروسي هو بمثابة جهود استراتيجية مدروسة لدعم النظام السوري من خلال قوات عسكرية مباشرة، محفَّزاً على الأرجح بتقييم مفاده أن قوات بشار الأسد قد فشلت وأن الدعم الذي يقدمه حزب الله وإيران غير كاف. ومن المرجّح أن تكون روسيا قد اتّخذت قرار التدخل بالتعاون مع طهران التي، وفقاً لبعض المصادر الإخبارية، تعزّز دعمها العسكري لصالح النظام السوري. ويتضمن القرار الروسي أهدافاً محتملة أخرى، من بينها الحفاظ على المنطقة الغربية الحيوية للنظام، وحماية المنافذ البحرية والجوية التي تعتمد عليها روسيا للوصول إلى سوريا والعمل على توسيعها، وبسط سيطرة موسكو على الوضع بشكل عام. وعلى نطاق أوسع، يبدو أن روسيا ملتزمة بممارسة نفوذها في الشرق الأوسط، حيث توفر لها سوريا فرصة لتحقيق هدفها.
وبطريقة أو بأخرى، يشبه الانتشار العسكري في سوريا السيناريو الذي اعتمدته روسيا للسيطرة على شبه جزيرة القرم عام 2014. ففي البداية، تتّخذ روسيا خطوات استباقية غامضة ومكتسية بتصريحات قيادية غير واضحة الأهداف، مقرونة ببناء تدريجي للقوات، ومستفيدة من الغطاء الذي تؤمنه لها النشاطات والمنشآت الروسية الموجودة سابقاً في سوريا. وقد استعانت موسكو بسفنها (بما فيها سفن الإنزال البحرية) إلى جانب 15 طائرة نقل (من طراز "أي إن- 124″ /"الكندور" و "آي إل-62″) من أجل إرسال أسلحة جديدة وقوات عسكرية إضافية إلى البلاد. وقد استخدمت تلك الطائرات مسارات جوية متعددة من روسيا إلى اللاذقية، وتواصل موسكو نشاطاتها الجوية تحت غطاء بعثات المساعدات الإنسانية.
إن المعدات والأسلحة التي جُلبت كجزء من العملية الجارية تشمل على ما يبدو المركبات القتالية (ست دبابات من طراز "تي -90″ وخمسة وثلاثين ناقلة جنود مدرعة)، وخمسة عشر قطع مدفعية، وشاحنات عسكرية ومركبات رباعية الدفع، ووحدات المساكن الجاهزة (لحوالي 1500 شخص) ، ومركز متنقل لمراقبة الحركة الجوية. وأشارت الصور الفوتوغرافية الملتقطة عبر الأقمار الصناعية التجارية الى الجهود المبذولة لتوسيع مطار باسل الأسد. وفي ظل الوضع الراهن، قد تتمكن روسيا من الوصول إلى المطار وإلى موانئ اللاذقية وطرطوس لدعم عملياتها القائمة.
وحتى الآن، تفيد بعض التقارير أن حوالي 200 عنصر من عناصر المشاة البحرية الروسية – على الأرجح عناصر من "لواء مشاة البحرية الروسية رقم 810″ ومقره في سيفاستوبول – قد تم نشرها في اللاذقية لحماية المنشآت الروسية. وتشير بعض التقارير أيضاً إلى تمركز عناصر من "لواء المشاة البحرية الروسية رقم 363″ في سوريا. ووفقاً لمصادر نُسبت إلى الحكومة الأمريكية، تسعى روسيا أيضاً إلى نقل نظام صواريخ أرض-جو متطوّرة من طراز "أس أي – 22″ ومركبات جوية مقاتلة (طائرات مقاتلة، وطائرات القصف) إلى البلاد. وباختصار، يدل الانتشار العسكري على مساعٍ روسية قيد التخطيط لتنظيم قوة مشتركة للتدخل السريع.
المهمّات
تتضمن المهام المحتملة التي ستضطلع بها قوات الحملة العسكرية المرتقبة دعم قوات النظام الجوية المتقهقرة في عمليات القصف الجوي ضد الثوّار، وتزويد القوات الروسية والمنطقة الحيوية للنظام بالدفاع الجوي بواسطة نظام صواريخ "أس أي – 22″ والطائرات القتالية، بالإضافة إلى مهمة شن سلسلة معارك قتالية برية وتنظيم بعثات دعم لاسيما من خلال شن عمليات دفاعية وهجومية، فضلاً عن تدريب القوات العسكرية والقيام بأدوار استشارية. وتشير أدلة محدودة، أن القوات الروسية تشارك فعلاً في بعض المعارك البرية. ويظهر شريط فيديو انخراط عربة قتال مدرعة من نوع "BTR-82A" في الميدان السوري بقيادة طاقم عسكري يتكلم الروسية، كما يُزعم، بينما أفادت بعض التقارير عن وقوع ضحايا في الصفوف العسكرية الروسية المنتشرة في سوريا. كذلك، تشير تقارير عديدة غير مؤكدة إلى انتشار عدد صغير من القوات الروسية في عدة مراكز خارج المنطقة الساحلية، وتنخرط في معارك قتالية ومهمات الاستطلاع البري.
وستتضح معالم المهمة الروسية (سواء الهجومية منها، أو الدفاعية، أو التدريبية، أو الاستشارية) عند تحديد حجم القوات الروسية وأنواعها. فوصول طائرات القصف، إلى جانب وجود دبابات القتال الروسية من طراز "تي -90″ وفقاً لما أفادت به التقارير، يشكل دليلاً إضافياً على وجود نيّة هجومية لدى روسيا. وأيّاً كانت المهمة، فمن المتوقع أن تعزّز روسيا قدراتها الاستخباراتية ومنظومات القيادة والتحكم الذكية التي تملكها.
التداعيات على سوريا
إذا اتخذت روسيا الخطوات المذكورة أعلاه، فقد تنتج تداعيات كبيرة عن تدخلها، الأمر الذي سيؤثر على الوضع العسكري في سوريا. وقد تتعاون القوات القتالية الروسية مع قوات النظام السوري، معززة بالتالي القوة النارية والدعم الجوي والفاعلية القتالية لصالح النظام. وإذا تضمنت المهمة الروسية توفير التدريبات والأدوار الاستشارية، فقد يساهم ذلك في تعزيز المهارات العسكرية للوحدات السورية. كما يمكن للقوات الروسية أن تقوم بمهام قتالية مستقلة ضد أهداف مهمة.
بإمكان القوات الروسية الكبيرة منح النظام السوري ميزة حاسمة في ميادين القتال التي تعمل فيها قواته، متيحة بالتالي للنظام السوري السيطرة على مراكز حيوية أو بسط نفوذه عليها واستنزاف موارد الثوّار البشرية والعسكرية استنزافاً مضاعفاً. وقد يساهم تواجد روسيا على أرض المعركة في رفع معنويات قوات النظام بصورة ملحوظة، ويبث الذعر في الوقت نفسه في نفوس قوات الثوّار. صحيح أن قوات المعارضة قادرة على هزيمة النظام السوري تحت ظروف معيّنة، إلا أن ذلك الاحتمال يبدو بعيداً في ظل وجود القوات الروسية وانخراطها فعلياً في المعركة السورية، بغض النظر عن عدد هذه القوات. وقد يتسبب الثوّار بوقوع بعض الخسائر في صفوف الوحدات الروسية، إلا أنهم عاجزين إلى حد كبير عن إلحاق الهزيمة بالقوات الروسية في معارك حاسمة، على الرغم من الآمال التي يضعها أولئك الذين يستذكرون تجربة موسكو في أفغانستان. فلن يحظى الثوار بالتنسيق والتماسك والانضباط والقوة النارية المطلوبة لهزيمة الروس بصورة ثابتة، أو لن يتمكنوا من الانتصار عليهم في معارك أوسع نطاقاً.
التداعيات على إسرائيل
قد يقوّض التدخل الروسي إلى حد كبير من العمليات الجوية الإسرائيلية فوق سوريا ولبنان. وعلى وجه الخصوص، مع وجود طائرات حربية وأنظمة دفاع جوي روسية مأهولة، فقد تضطر إسرائيل إلى إعادة النظر في عمليات القصف الجوية على المناطق التي تنتشر فيها القوات الروسية، وقد تُمكِّن بالتالي إيران أو حتى موسكو من تزويد نظام الأسد وحزب الله بترسانة أكثر تطوّراً. وقد أفادت بعض التقارير أن إسرائيل نجحت في استهداف شحنات الأسلحة إلى منطقة اللاذقية، إلا أن اتخاذ تلك الخطوة اليوم في ظل انتشار القوات الروسية قد يكون خطيراً. وإذا وسّعت القوات الجوية وقوّات الدفاع الجوي الروسية وجودها خارج النطاق الساحلي، وهي خطوة محتملة، قد يتضاعف خطر الانخراط في اشتباكات مع أي طائرة إسرائيلية دخيلة.
التداعيات على تركيا
قد يعزّز التدخل العسكري الروسي المتزايد لصالح النظام السوري التحالف الأمريكي-التركي في سوريا بصورة أكثر فأكثر. وبالنسبة إلى أنقرة، تشكل موسكو عدوّاً تاريخياً، فالأتراك العثمانيين شنّوا على الأقل 17 معركة ضد الروس لم يحققوا فيها أي فوز. وبالتالي، قد تضطر تركيا إلى الاصطفاف، بشكل وثيق، إلى جانب سياسة الولايات المتحدة في سوريا بهدف تجنّب أي احتكاك عسكري ضد روسيا على أرض المعركة.
التداعيات على الولايات المتحدة
تشكل خطوة روسيا تحدياً واضحاً لواشنطن، حيث تستغل ما قد تصفه موسكو بالتردد الأمريكي إزاء الانخراط في سوريا. وربما يساهم موقف الإدارة الأمريكية الفاتر حتى الآن – والذي تمثل بالبيانات والتصريحات المثيرة للقلق، والمكالمات الهاتفية لوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، والجهود المبذولة لمنع الحركة الجوية الروسية إلى سوريا – في تشجيع الروس على اتخاذ قرار التدخل وهم ينوون متابعته على الأرجح.
بالإضافة إلى ذلك، قد يعرقل وجود القوات القتالية الروسية العمليات الجوية للتحالف الدولي – الأمريكي. وبالرغم من أنّ معظم تلك العمليات الجوية تتم بعيداً عن المناطق الساحلية التي تنتشر فيها القوات الروسية على ما يبدو، فإن أي توسع للوجود العسكري الروسي نحو الشرق أو الشمال قد يشكل مناطق عمليات مجاورة أو متداخلة. وقد سبق أن أثارت روسيا بالفعل إمكانية وقوع اشتباكات غير متعمدة [مع التحالف] وأشارت إلى ضرورة اعتماد تدابير للحؤول دون الانخراط في اشتباك.
كذلك، من شأن العمليات العسكرية الروسية عرقلة الخطط الأمريكية الرامية إلى دعم العمليات البرية في سوريا. وبالرغم من أن تنظيم داعش يشكل الهدف الأساسي لأي حملة عسكرية تدعمها الولايات المتحدة، إلا أن ميادين القتال المتشابكة في سوريا غالباً ما تجمع الثوّار وعناصر تنظيم داعش وقوات النظام السوري في ساحة واحدة، بحيث يقومون بتنفيذ عملياتهم بالقرب من بعضهم البعض أو ينخرطون فعلياً مع بعضهم البعض. وفي ظل الظروف الراهنة، قد تسبب العمليات الروسية الداعمة لقوات النظام بشن هجوم على القوات التي تدعمها الولايات المتحدة، سواء عن قصد أو دون قصد. وقد تشكل محافظتا درعا وحلب منطقتين رئيسيتين لمثل هذه الاشتباكات.
وبطبيعة الحال، كانت موسكو قد نادت بضرورة القيام بعمليات عسكرية دولية ضد تنظيم داعش، ونظرياً، قد تزيد القوات الروسية من قوة الهجوم الذي يشنه التحالف ضد التنظيم الإرهابي، وقد تساهم في استنزاف قوات داعش وتدمر البنى التحتية التابعة للتنظيم. إلا أنّ نيّة موسكو الأساسية من التدخل في سوريا تكمن، على أغلب الظن، في دعم النظام السوري وليس في محاربة تنظيم داعش. فالتهديد الرئيسي الذي يواجه النظام غير مرتبط بمعاقل داعش في شرق سوريا ووسطها، بل بمجموعات الثوّار التي تشكل خطراً متزايداً في المناطق الغربية الحيوية لاستمرارية النظام، لاسيما شمال اللاذقية وإدلب وشمال حماة وجنوب دمشق. وبالفعل، لم تكن محاربة داعش يوماً أولى أولويات العمليات العسكرية للنظام السوري الذي كان تارة يتعاون مع التنظيم وطوراً يهاجمه على أساس تقديرات واقعية للوضع العسكري في ذلك الوقت.
المحصلة
على الرغم من أن النطاق الكامل للتدخل الروسي في سوريا وهدفه لا يزالان غامضين، إلا أنّ أبعادهما تبدو كبيرة. وعلى غرار انخراط حزب الله علناً في الحرب عام 2013، قد تكون الخطوة الروسية عامل تغيير محتمل لشروط اللعبة العسكرية، والذي من المحتمل أن يوقف انهيار قوات الأسد، بل أن يقلب المعادلة لصالح النظام إذا كان عامل التغيير كبيراً بما فيه الكفاية، الأمر الذي يرسّخ نفوذ النظام ويعرقل قدرة القوات الإسرائيلية والأمريكية على العمل في البلاد. وقد يمثل التدخل الروسي مشكلة بالنسبة إلى موسكو، إلا أن روسيا تبدو عازمة على المخاطرة بعض الشيء لتحقيق هدفها الكامن في تحقيق استمرارية النظام السوري وتسجيل هدف على حساب واشنطن.
كما أن التدخل الروسي في المعركة السورية قد يدفع بالمعارضة وحلفائها، لاسيما الحكومات التي يبدو دعمها لهم متزعزعاً، إلى أخذ وقت مستقطع. وعلى ما يبدو، لا ترغب معظم هذه الجهات الفاعلة في المعارضة على الانخراط في معركة عسكرية ضد روسيا، وقد تضطر إلى التفاوض بشأن حل سياسي بدلاً من حل عسكري. كما أن التدخل الروسي سيدفع الأطراف المعنية بالتسليم جدلاً إلى أنه لا يمكن أن يكون هناك حل للصراع السوري دون انخراط موسكو. وحيث توجد قوات عسكرية على أرض المعركة، يتضاعف تأثير روسيا على أي نتائج قد تنجم عن الصراع في النهاية. وطالما يحظى النظام السوري بدعم الكرملين، فإن احتمال إقصاء الأسد من منصبه يتضاءل أكثر فأكثر.
إن موقف الولايات المتحدة وحلفائها المتردد تجاه المتمردين ودعمهم المزعزع لهم، ناهيك عن بروز تنظيم "الدولة الإسلامية"، قد ساهم في منح روسيا الفرصة لاتخاذ خطوات جريئة لتحقيق أهدافها في سوريا. وقد صرّحت موسكو بوضوح بأنها ستستمر في دعم نظام الأسد "عسكرياً وفنياً". وفي حال تطوّر الوجود الروسي إلى قوة قتالية كبيرة، فقد تعجز واشنطن وحلفاؤها عن اتخاذ أي خطوات بارزة حيال ذلك. فالولايات المتحدة وحلفاؤها لن يخاطروا في الانخراط في مواجهة عسكرية مع روسيا، ومن المحتمل أن لا تكون الأدوات السياسية التقليدية (الاحتجاجات الدبلوماسية والعقوبات وإجراءات الأمم المتحدة) مُجدية أو قد يتم إحباطها من قبل روسيا. إنّ الغرب في حال تفاعلية ولم يبدِ أي رغبة حقيقية في مواجهة موسكو في مناطق أخرى تلوِّح بمخاطر اندلاع مواجهات عسكرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.