الجيش الروسى على أرض سوريا.. تلك هى الحقيقة التى اعترف بها مسئولون غربيون وروس أيضًا، رغم نفى دمشق رسميًا، والهدف المعلن من التواجد العسكرى هو دعم نظام بشار الأسد، الحليف رقم واحد لموسكو بالمنطقة العربية، أما الهدف الخفي، فقد يكون وفقًا لتحليلات مهمة، هو الثأر من تنظيم القاعدة، «داعش الآن» والذى هزم الاتحاد السوفيتى السابق على أرض أفغانستان، وكان مسمارًا فى نعش إمبراطوريته الراحلة. وأينما تكون الذرائع، فإن التواجد العسكرى للقوة العسكرية «الديناصورية» قد يعيد ترسيم خارطة الواقع السورى الملتبس منذ اندلاع الثورة سلميًا أول الأمر ضد الأسد، وعسكريًا وطائفيًا وإرهابيا فى الوقت الراهن، لكن «الترسيم الجديد» لا يعنى بالضرورة أن يستعيد الأسد زمام المبادرة، فالمواجهة حرب شوارع، مما يجعل التورط الروسى فى المستنقع السورى واردًا كما حدث فى ثمانينيات القرن الماضى بأفغانستان، كذلك لا يمكن غض الطرف عن أن مطلب إسقاط النظام فى سوريا، يحظى بدعم أمريكي، غير أن دخول الخصم اللدود إلى الساحة، قد يدفع الولاياتالمتحدة إلى الإلقاء بثقلها فى الساحة، عبر تمرير السلاح إلى «الدواعش» أو على الأقل التشبث أكثر بضرورة رحيل بشار، على اعتبار ألا حل فى وجوده. وأكدت مصادر مطلعة أن الروس بدأوا بالفعل المشاركة فى العمليات العسكرية لدعم الرئيس بشار الأسد، ونقلت وكالة «رويترز» عن مصادر طلبت عدم ذكر اسمها، أن الحشد العسكرى الروسى ليس كبيرًا، كما اعترف مسئولان أمريكيان بأن موسكو أرسلت سفينتى إنزال ودبابات فى الداخل السوري، ونشرت عددًا من قوات مشاة البحرية. وقال مسئولون أمريكيون، إن القصد من التحركات العسكرية الروسية غير واضح حتى الآن، وأن المؤشرات الأولية تظهر أن التركيز على إعداد مهبط للطائرات بالقرب من مدينة اللاذقية الساحلية وهى معقل الأسد. ويأتى التحرك الروسى بعدما واجهت القوات السورية النظامية انتكاسات حادة على أرض المعركة فى الحرب الأهلية متعددة الأطراف طيلة الأعوام الأربعة الماضية، والتى أسفرت عن مقتل 250 ألف شخص ونزوح نصف سكان سوريا البالغ عددهم 23 مليونا. ومؤخرًا انسحبت القوات السورية من القاعدة الجوية الرئيسية لها فى محافظة إدلب أمام ضربات جبهة النصرة. ووفقا لشبكة فوكس نيوز فإن شهود عيان أكدوا وجود القوات الروسية على أرض المعركة جنبا إلى جنب مع قوات الأسد، ولكن روسيا رفضت التعليق ومن جانبها نفت دمشق مشاركة موسكو فى القتال، وفى الوقت نفسه أكد عسكريون أمريكيون يشاركون فى القتال ضد داعش فى سوريا ضمن قوات التحالف التى تقودها الولاياتالمتحدة أنه فى الأيام الأخيرة لاحظوا تحركات روسية وإمدادات لتسليح قوات الأسد. وفشلت المساعى الأمريكية للضغط على دول الجوار لسوريا لمنع فتح مجالها الجوى أمام الرحلات الجوية الروسية، وهى الخطوة التى نددت بها موسكو ووصفتها ب«الفظاظة الدولية». وقالت فوكس نيوز إن القاعدة البحرية الوحيدة لموسكو فى منطقة البحر الأبيض المتوسط هى فى طرطوس على الساحل السورى فى الأراضى التى يسيطر عليها الأسد، وإبقاؤها تحت التأمين يعد هدفا استراتيجيا مهما للكرملين، فيما أكد اثنان من المصادر اللبنانية أن الروس أنشأوا قاعدتين فى سورية، واحدة بالقرب من الساحل، وواحدة بالداخل. وأضافت الشبكة الأمريكية أن الروس تجاوزوا كونهم مستشارين فقط للأسد، بل قرروا الانضمام إلى الحرب ضد الإرهاب، وهو ما يعنى الكثير لموسكو والتى طالما نددت بالجماعات الإرهابية فى المحافل الدولية، وقد اتصل وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى بنظيره الروسى سيرجى لافروف ليوصل رسالة واشنطن التى تنم عن الشعور بالقلق إزاء الأنشطة العسكرية الروسية فى سوريا، كما حذر وزير الخارجية الألمانى روسيا من التدخل العسكرى فى سوريا. فى حين قالت فرنسا إن إيجاد حل سياسى للأزمة سيكون أكثر تعقيدا فى حال تدخل روسيا، وفى نفس الوقت أكد شهود عيان أنه حتى الآن الدور القتالى الروسى لا يزال صغيرا وفى بدايته وبأعداد قليلة. ورأى التقرير أن روسيا نادت كثيراً بمشاركة قوات الأسد فى الحردب على الإرهاب وخاصة تنظيم داعش فى سوريا والعراق، وقال الرئيس الروسى فلاديمير بوتين إن الأسد يعتبر ضلعا مهما فى التخلص من التنظيمات الإرهابية فى سوريا، وكانت وزارة الخارجية الروسية قد صرحت أن موسكو تنظر فى اتخاذ تدابير عسكرية إضافية لازمة لمكافحة الإرهاب فى سوريا إذا رأت ضرورة لذلك. ووفقا للتقرير فإنه لتجنب تحليق القوات الروسية فوق تركيا، وهى واحدة من الأعداء الرئيسيين للأسد، سعت روسيا إلى تحليق طائراتها عبر المجال الجوى لدول البلقان، وبسبب الضغوط الأمريكية رفضت بلغاريا طلب استخدام مجالها الجوى بسبب الشكوك حول الشحنات على متن الطائرة، ولم تؤكد تركيا رسميا حظرها للرحلات الجوية الروسية إلى سوريا. وفى بيان باسم وزارة الخارجية الروسية قالت ماريا زاخاروفا لرويترز إن أفراد الجيش الروسى على الأرض فى سوريا، ولم تعط المتحدثة باسم الوزارة العدد الدقيق للأفراد العسكريين الروس المتواجدين فى سوريا. وأكدت المخابرات الأمريكية أنهم تتبعوا رحلات متعددة لأكبر طائرة شحن عسكرية فى روسيا، والمعروفة باسم «كوندور» فى طريقها إلى اللاذقية، وذكرت صحيفة تايمز أوف لندن الأسبوع الماضى أن التليفزيون الرسمى السورى أظهر «فيديو» يوضح أن القوات الحكومية السورية مدعومة بعربة مدرعة روسية، وتم سماع أصوات ناطقة باللغة الروسية أيضا فى خلفية اللقطات. ورأى التقرير أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين يتحدى نظيره الأمريكى باراك أوباما والذى يريد أن يطيح ببشار الأسد من السلطة ولكن موسكو تدعمه وبقوة،وتأتى تلك التقارير فى الوقت الذى ستعقد فيه الدورة ال70 للجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك خلال أواخر الشهر الجارى والتى سيحضرها بوتين للمرة الأولى منذ 10 أعوام. بوتين يأمر بالبدء فى مناورات قتالية قالت القناة الإخبارية الروسية «فيستي» إن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أصدر أوامره بالبدء فورا فى مناورات للتأكد من مستوى الاستعداد القتالى فى المنطقة العسكرية المركزية. وعقد وزير الدفاع الروسى سيرجى شايجو اجتماعا طارئا مع قائد المنطقة والذى أصدر بدوره الأوامر ببدء المناورات الساعة 9.30 بتوقيت موسكو على مستوى القوات الجوية وقوات الإنزال والنقل الجوى وغيرها من الأسلحة التى تضمها المنطقة المشار إليها. كما شملت أوامر بوتين التأكد من مستوى استعداد عدد من الوزارات فى التجاوب مع ظروف الطوارئ وعلى رأسها وزارة الصحة والزراعة والصناعة ووكالة الصحة البيولوجية والمصايد وهيئة الاحتياطي. وتشمل التدريبات التأكد من مستوى الاستجابة الإدارية فى بعض الأقاليم مثل «نوفوسيبيرسك، وسمارا، وتشيلنيابسك، وجمهورية باشكيريا وغيرها. وسوف تستمر المناورات فى الفترة من 7 - 12 سبتمبر الجاري. وكان الرئيس الروسى فلاديمير بوتين قد أعلن مسبقا أن روسيا غير مقتنعة بفاعلية التحالف الذى تقوده الولاياتالمتحدة ضد تنظيم داعش فى سوريا والعراق، وفى نفس الوقت أكد الرئيس الروسى أن روسيا لم تقرر حتى الآن مشاركتها فى العمليات العسكرية ضد داعش. وعلى صعيد آخر أبرزت وكالة «إنترفاكس» الروسية تصريحات ماريا زاخاروفا الناطق الرسمى باسم الخارجية الروسية والتى أكدت فيها أن روسيا لم تخف فى أى يوم من الأيام قيامها بتقديم مساعدات لسوريا فى مجال مكافحة الإرهاب. وكانت زاخاروفا قد صرحت بذلك تعقيبا على المحادثة الهاتفية التى تمت مؤخرا بين وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف ونظيره الأمريكى جون كيرى الذى كان يستفسر عن قيام روسيا بتقديم مساعدات عسكرية لسوريا، حيث أكد له لافروف أن هذا أمر طبيعى وأن روسيا لم تنف ولم تخف من قبل قيامها بتقديم هذه المساعدات إلى سوريا. كما ذكر لافروف نظيره الأمريكى بأن روسيا طالبت أكثر من مرة المجتمع الدولى بالتعاون مع السلطات السورية عبر آليات مجلس الأمن والأمم المتحدة لمواجهة تنظيم داعش. وحرص لافروف على تذكير كيرى بما صرح به الرئيس الروسى فلاديمير بوتين مؤخرا من أنه من السابق لأوانه الحديث عن مشاركة روسيا المباشرة فى العمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية. ومن ناحية أخرى أوردت وكالة «تاس» أن ديمترى بيسكوف السكرتير الصحفى للرئيس الروسى قد أجاب عن سؤال حول تواجد قوات روسية فى سوريا مشيرا إلى أنه ليست لديه معلومات فى هذا الصدد.