اقتحامات وحشية وانتهاكات جديدة يتعرض لها المسجد الأقصى هذه الأيام، التي توافق عيد رأس السنة العبرية، لتصبح الأعياد اليهودية موسم تخريب في المسجد وانتهاكات ممنهجه، لتتضح الخطة الصهيونية التي تبنتها الحكومة الإسرائيلية، بتنفيذ مخطط التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى على غرار المسجد الإبراهيمي. في الوقت الذي تحتفل فيه فلسطين بانتصار جديد في المحافل الدولية من خلال رفع العلم الفلسطيني على مقر الأممالمتحدة في مقرها بنيويورك، سعت القيادة الصهيونية إلى كسر هذه الفرحة وتدمير أمال الفلسطينيين في إثبات حق الاعتراف بدولتهم، من خلال اقتحامات عنيفة للمسجد الأقصى يومي الأحد والاثنين، من قبل المستوطنين المدعومين بقوات الأمن الإسرائيلية وعلى رأسهم وزير الزراعة الإسرائيلي المتطرف "أوري أريئيل"، وذلك في إطار الاحتفالات اليهودية بعيد رأس السنة العبرية. انتهاكات وجرائم لا تُعد ولاتُحصى ارتكبها هؤلاء المغتصبين للحقوق، حيث دنسوا المسجد حتى المنبر، وأحرقوا سجادات للصلاة جزئيًا، وأغلقوا منذ ساعات الفجر مداخل البلدة القديمة في القدسالمحتلة عبر نصب الحواجز، وأطلقوا قنابل الصوت والغاز والرصاص المطاطي على المصلين، وهو ما أدى إلى اندلاع مواجهات عنيفة في باحة المسجد وحوله استمرت عدة ساعات، وأسفرت عن إصابة ما يقرب من مائة فلسطيني بحالات اختناق ورضوض، واعتقال 11 من المرابطين والمرابطات داخل الأقصى. الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" سارع بإدانه الاعتداء الصهيوني على المسجد متهمًا الحكومة الإسرائيلية بالسعي إلى تقسيم المسجد "زمانيًا ومكانيًا"، وبعثت وزارة الخارجية الفلسطينية رسائل إلى مختلف زعماء العالم الإسلامي والعربي بالتصدي الفوري للمخطط الإسرائيلي، وطالبت بعقد قمة إسلامية طارئة للتصدي لهذا العدوان ووقفه فورًا. بات جليًا للعالم أجمع أن إسرائيل تحاول تقسيم المسجد الأقصى زمانيًا ومكانيًا، بين المسلمين واليهود، وهو ما يرفضه ليس الفلسطينين فقط بل المسلمون في العالم أجمع، لكن الكيان الصهيوني يُصر على تنفيذه بأي ثمن، حيث دعا "نتنياهو" الى عقد اجتماع طارئ بعد الأحداث، بمشاركة وزير الجيش والامن الداخلي والقضاء والمواصلات والمستشار القانوني والادعاء العام. وقالت مصادر صحفية إسرائيلية إن حكومة نتنياهو قررت تنفيذ قرار تقسيم المسجد الأقصى زمانيا على مرحلتين، المرحلة الأولى هي ملاحقة التواجد الديموغرافي الفلسطيني داخل المسجد الاقصى من خلال اعتقال واستهداف العلماء والخطباء وطلاب مصاطب العلم والمرابطات واعتبارهم ملاحقين من الامن الاسرائيلي، والمرحلة الثانية تحديد مواعيد يومية إلزامية تسمح لليهود بدخول المسجد الأقصى ومنع الفلسطينيين من دخول الاقصى في تلك الساعات تمامًا كما حدث مع المسجد الابراهيمي في الخليل. وهو ما أكدت عليه صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في تقرير لها نشرته الخميس الماضي، عن مخطط لحكومة الاحتلال الإسرائيلي يهدف لتنفيذ فصل زماني ومكاني في المسجد الأقصى المبارك قبل نهاية العام الحالي، أسوة بالمسجد الإبراهيمي في الخليل، وذلك من خلال تقسيمه مكانيًا بين المسلمين واليهود، بعدما تمكن الاحتلال من تقسيمه زمانيًا. وبحسب الصحيفة فإن حكومة الاحتلال تجد في ظروف المنطقة فرصة مناسبة لحسم التقسيم المكاني للأقصى وتنفيذ مشروعه، الذي شرع به فعلياً، وصولاً إلى الهدف الاستراتيجي المتمثل في السيطرة على كامل المسجد وبناء "الهيكل" المزعوم مكانه، وقالت الصحيفة "إن ما يجري هذه الأيام تحديدًا يعد تنفيذًا للمشروع بحذافيره، حيث يتم الاستيلاء على الحصة الزمنية المخصصة للمسلمين في المسجد، لأداء صلواتهم وعباداتهم، مقابل إضافتها إلى التوقيت المحدد للمستوطنين"، وأضافت أن "ذلك من شأنه أن يسهل مخطط الفصل المكاني بين المسلمين واليهود في المسجد، بعد الاستيلاء على المساحة الأكبر منه لصالح المستوطنين، وتمديد حصتهم الزمنية المخصصة لأداء طقوسهم، على حساب وجود المسلمين". بالفعل بدأت الشرطة الإسرائيلية تنفيذ المخطط الحكومي من خلال استهدافها المتكررة لجماعات "المرابطين والمرابطات"، الذين أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي "موشيه يعالون"، أنهم "تنظيمًا غير مشروع"، وجماعات "المرابطين والمرابطات" هم مصلون من القدسالشرقية، والفلسطينيون القاطنون داخل الأراضي المحتلة، يُعرفون محليًا ب"عرب إسرائيل"، أو "فلسطينيو الداخل"، ويتواجدون في المسجد الأقصى بهدف منع المستوطنين اليهود من اقتحامه وأداء طقوس دينية يهودية فيه.