كثيرة هي التهم والافتراءات التي ألصقت بالإسلام منذ أن بزغ فجره واستفاض نوره، والتي لم تنقطع أو تتوقف على مدى قرن وقرابة نصف قرن من الزمن، وخاصة في العقود القليلة المنصرمة التي شهدت حرباً شرسة شعواء على كل ما يمت للإسلام بصلة، وقد حمل لواء الدعوة إلى هذه الأكاذيب والافتراءات العالم الغربي بقيادة الإمبراطورية الأمريكية التي تعزف على نغمة الليبرالية لنشر قيمها ومفاهيمها على امتداد قارات العالم على إثر سقوط الايدلوجية الشيعية في الاتحاد السوفيتي وانهيار هذا الاتحاد وتفككه، وبدعم من عملائها في العالم العربي والإسلامي ممن أحيطوا بهالة من الدعايات الكاذبة الخادعة ولقبوا بأضخم الألقاب والأوصاف كالمطورين والمجددين والمفكرين. ومن بين التهم والافتراءات التي تشبه الطبل الأجوف الذي يسمع من بعيد وباطنه من الخيرات خواء، إن الإرهاب صناعة إسلامية أتقنها العرب والمسلمون، وقد باتت هذه التهمة في عصرنا هذا لا تنطلي إلا على السذج والتافهين والجاهلين ممن يسهل استدراجهم والتلاعب بعقولهم، فلقد اتضحت الصورة والمشهد بجلاء أمام كثير من الأمم والشعوب التي أدركت بحق أن الإرهاب صناعة غربية بامتياز، وأن الإسلام برئ مما نسب إليه، إذ لسنا رعاة للإرهاب، بل نحن دعاة للسلم والتسامح والأمان، وإن كانت هناك أفعال لا يمكن إغفالها تصدر عن فئة قليلة جاهلة تنسب إلى الإسلام، تمارس هذه الأفعال عن جهل بدينها وتعاليم نبيها صلى الله عليه وسلم. لو تأملنا التاريخ الأسود لصناعة الإرهاب في العالم لعلمنا أن العقول والأيدي الغربية هي تصنع وتروج للإرهاب، ولو ركزنا الحديث على حاملة شعار حقوق الإنسان الولاياتالمتحدةالأمريكية لعلمنا أن الإرهاب صناعة أمريكية بامتياز بدعم ومساندة من حليفها الاستراتيجي الأول الكيان الصهيوني،فالإرهاب الأمريكي هو صاحب أكبر حملة إبادة بشرية عرفها التاريخ، فقد شيدت أمريكا إمبراطوريتها على جماجم ودماء وأشلاء أكثر من مائة مليون نسمة من الهنود الحمر على أقل تقدير، مارست ضدهم كل صنوف القتل والتنكيل والتدمير والتخريب والتطهير العرقي، لإقامة هذه الإمبراطورية الشامخة على أنقاض السكان الأصليين. في تلك الآونة أصدر البرلمان الأمريكي تشريعاً يحث على التطهير العرقي لبقايا الهنود الحمر، ورصد لذلك مكافأة مالية مقابل كل فروة رأس مسلوخة لمن ينتمي لفصيلة الهنود الحمر. ومن الوسائل الهمجية والبربرية التي لجأ إليها الإرهاب الأمريكي في إبادة الهنود الحمر استخدام الحرب الجرثومية الشاملة (كالجدري والتيفوس والكوليرا والديفتيريا والطاعون) للفتك بملايين البشر من هذه السلالة، وقد كانت هذه الواقعة أول وأكبر واقعة عرفها التاريخ لاستخدام أسلحة الدمار الشامل. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل اتجه الأمريكيون صوب القارة الإفريقية لجلب الأفارقة الأشداء لتعمير وتشييد هذه الإمبراطورية التي قامت على أنهار من الدماء وجبال من الأشلاء، فارتكبوا جرائم الإبادة الجماعية والتهجير والأسر وتسببوا في خلق مآسي طالت عشرات الملايين من الأفارقة، وبدوران عجلة الزمن وبقاء هذه الأحداث عالقة بصفحات التاريخ التي لم يطمسها غبار الوقت بعد، خرجت علينا الولاياتالمتحدةالأمريكية لتعلن بنبرة تملاءها العداوة والبغضاء والحقد والكره أن العراق يدعم الإرهاب ويمتلك أسلحة الدمار الشامل التي يهدد بها السلم والأمن الدوليين، ونسى هؤلاء أو تناسوا ما فعلوه بالأمس القريب ضد الهنود الحمر عندما استخدموا معهم أسلحة الدمار الشامل بوحشية وبربرية لم يسبق لها مثيل، وبالرغم من ذلك فقد سمح العراق للجان التفتيش بدخول أراضيه وتفتيشها، واستمرت هذه اللجان لأكثر من عقد من الزمان ولم تعثر على أسلحة الدمار الشامل المزعومة، وجاءت كل تقارير لجان التفتيش مؤكدة خلو العراق من هذه الأسلحة. وعلى إثر ذلك أعد الإرهاب الأمريكي العدة للحرب بدعم من حلفائه وتم احتلال العراق وتفتيت وحدته وقوته، وارتكب بحق شعبه من الجرائم ما تستحي أن تفعله الحيوانات الضارية مع بعضها البعض في عالم الغاب، على مرأى ومسمع من العالم كله، وحسبي في ذلك أن أذكر ما صرحت به العجوز الشمطاء "مادلين أولبرايت" سفير الولاياتالمتحدةالأمريكية لدى الأممالمتحدة عندما سألتها "ليسلي شتال" عبر التلفزيون عن إحساسها تجاه مقتل أكثر من نصف مليون طفل في العراق تحت آثار العقوبات …؟ فلم تنكر أولبرايت ما حدث، وقالت: "إن الثمن كان يستحق ذلك". وبعد هذا كله يتهمون العرب والمسلمون بالتطرف والإرهاب…! ناهيك عن إرهابهم الغاشم في الحرب العالمية الثانية، وإبادتهم لقرابة 400 ألف من اليابانيين بالقنابل النووية، إذ لم يفرقوا بين المقاتلين أو المدنيين أو الأطفال الرضع أو الشيوخ والنساء، ففي هيروشيما ونجازاكي وحدهما قتلوا أكثر من 150 ألف شخص بقنبلتين نوويتين لإجبار اليابان على الاستسلام، أما عن جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبوها ضد فيتنام، فقد ذكرت مجلة نيويورك تايمز في أحد مقالتها المنشورة عام 1997م أن عدد القتلى الفيتناميين تجاوز أكثر من ثلاثة ونصف مليون قتيل فيتنامي، ومسلسل الإرهاب الأمريكي حلقاته طويلة ويصعب لنا الإشارة لموجز عنه في مقال محدودٍ كهذا. ولو تطرقنا لصناعة وتدريب وتصدير الإرهاب للعالم لوجدنا أيضا أن حاملة لواء الدعوة إلى محاربة الإرهاب والتطرف هي من تدرب الإرهابيين، ففي أحد التصريحات التلفزيونية اعترف الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" أن القوات الأمريكية كانت تدرب داعش في العراق، وفي اليوم التالي من هذا التصريح تناقلت العديد من وكالات الأنباء الأمريكية أن تصريح أوباما هو خطأ غير مقصود، كما اتضح جلياً أيضا أن الولاياتالمتحدةالأمريكية هي من أسس تنظيم القاعدة في أفغانستان بغية استنزاف الدب الروسي. وتشير العديد من التقارير الموثقة إلى وجود بعض المعاهد في عدد من الولاياتالأمريكية تعمل على تدريب الإرهابيين وإعدادهم على الوجه الأمثل لتنفيذ الأعمال الوحشية والبربرية، هذه هي الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تتغنى بالحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان التي لا تعرف عنها شيئاً، وتشعل من أجل تحقيق هذه الشعارات البراقة الخادعة الحروب الضروس، وفي الحقيقة فإن هذه الحروب التي شنتها على العالم لم تكن يوماً لتحقيق الديموقراطية أو لضمان وكفالة حقوق الإنسان كما تزعم، وإنما كانت لفرض الهيمنة والسيطرة على العالم.