طغى اللون الأصفر على وسط كوالالمبور عاصمة ماليزيا خلال الأيام القليلة الماضية، حيث احتشد الآلاف للمطالبة باستقالة رئيس الوزراء "نجيب عبد الرزاق" على إثر فضيحة مالية، فيما هددت الحكومة بالتحرك ضد المنظمين، وهذه التظاهرات هي الأضخم في ماليزيا منذ سنوات، ولا تزال حتى الآن دون حوادث تذكر، رغم منعها من قبل الشرطة وحجب السلطات أيضا الموقع الإلكتروني الذي يستخدمه منظمو التظاهرة، كما أزالت شعار حركة (نظيف) والقمصان الصفراء التي يرتديها أنصارها. يطالب المتظاهرون باستقالة رئيس الوزراء، نجيب عبد الرزاق، وإجراء «إصلاحات دستورية، منها حرية التظاهر، واتخاذ تدابير اقتصادية، وحكومة ونظام سياسي نزيهَين»، وبرزت القضية التي أثارت جدلًا واسعًا في البلاد، لدى اكتشاف تحويل 700 مليون دولار إلى 5 حسابات شخصية لرئيس الوزراء، من خلال تحويلات بين وكالات ومصارف ومؤسسات، تابعة لشركة استثمارات رسمية مديونة ب11 مليار دولار، خلال تحقيق حول أنشطة الشركة، في 3 يوليو الماضي؛ ما أثار موجة من الادعاءات بالفساد طالت عبد الرزاق. وأعلنت الوكالة الماليزية لمكافحة الفساد، أن حوالى 700 مليون دولار دفعت لحسابات مصرفية شخصية لرئيس الوزراء، كانت عبارة عن تبرعات لا علاقة لها بفضيحة فساد هائلة تتعلق باختلاس أموال، وكان عبد الرزاق قد تعرض منذ سنوات لضغوط مرتبطة بشبهات حول اختلاس أموال تتعلق بالشركة العامة "Malaysia Development Berhad" التي أنشئت بمبادرة بعيد وصوله إلى السلطة في 2009. ومنذ يوليو الماضي، يسود ماليزيا قلق عقب صدور تقارير تقول إن المحققين الذين يتولون التحقيق في سوء إدارة وفساد في صندوق تنمية ماليزيا -المثقل بالديون- اكتشفوا تحويل ما يربو على سبعمائة مليون دولار لحساب رئيس الوزراء، مرت عبر وكالات عامة ومصارف وشركات مرتبطة بهذه الشركة قبل أن تصب في الحسابات الشخصية لرئيس الحكومة، وقالت وكالة مكافحة الفساد في بيان لها إن هذه الأموال مرت فعلًا بحسابات رئيس الوزراء لكن لا علاقة لها بالشركة، وفي المقابل، قالت الحكومة إن هذا المبلغ كان تبرعا من مانح شرق أوسطي لم يتم الكشف عن هويته، من جهته نفى نجيب (62 عاما) حصوله على أي أموال لمكاسب شخصية. وأضافت التقارير أن التحقيقات كشفت أن 2.6 مليار رينغيت، أي حوالي 700 مليون دولار وصلت إلى حسابات رئيس الحكومة، جاءت من مساهمات متبرعين وليس من صندوق الشركة، ولم تذكر الوكالة أسماء هؤلاء المتبرعين لكنها قالت إنها تواصل التحقيقات، وكان عبد الرزاق والشركة التي تبلغ قيمة ديونها 11 مليار دولار، نفيا بشدة اختلاس أموال، وأقال عبد الرزاق نائب رئيس الوزراء، محيي الدين ياسين، وشخصيات أخرى في الحكومة طالبت بردود تتعلق بالفضيحة المتعلقة بالشركة، وأقدم على تغيير النائب العام الذي كان يحقق في صندوق ماليزيا للتنمية، كما أوقفت السلطات صحيفتين وحجبت موقعا نشر أنباء عن الصندوق. ورئيس الوزراء نجيب تون عبد الرزاق من (مواليد 23 يوليو 1953)، في كوالا ليبس، ويشغل حاليًا منصب رئيس وزراء ماليزيا منذ 3 أبريل 2009 خلفًا لعبد الله أحمد بدوي، وهو عضو المنظمة الوطنية المتحدة للملايو، وهو ابن "تون عبد الرزاق"، ثاني رئيس وزراء لماليزيا. وحامت حول "نجيب" الكثير من الاتهامات حول تقاضيه أموالًا في صفقات سلاح عديدة، منها صفقة شراء "يوروكوپتر"، وصفقة شراء مقاتلات سوخوي وغواصات، ووُصِف بأنه يلتزم بالإستراتيجية الشعبية لتسييس القضايا العرقية والدينية، وصرح نجيب في أغسطس 2007 أن ماليزيا "لم تكن قط علمانية؛ لأن العلمانية بالتعريف الغربي تعني فصل المبادئ الإسلامية عن الطرق التي نحكم بها البلد". واعتبر نجيب في تصريحات لصحيفة محلية أن هذه الاحتجاجات تعد تشويها لصورة ماليزيا، قائلا "أولئك الذين يرتدون هذا الزي الأصفر (…) إنهم يريدون تشويه سمعتنا الطيبة..". وتلقت التظاهرات دعما، حين ظهر رئيس الوزراء السابق مهاتير محمد البالغ من العمر 90 عاما، لوقت قصير، وشكل ظهور مهاتير الذي يتمتع بوزن كبير في الحزب الحاكم مفاجأة لأن حكمه الذي دام 22 عاما (1981-2003) لم يكن يتحمل أي معارضة.