سائقو القطارات يهددون بالإضراب.. و"النقابة": الدولة ستعوضهم بمزايا بديلة امتد رفض قانون الخدمة المدنية من العاملين بوزارة المالية والجمارك والضرائب إلى سائقي القطارات, ليدخل القانون دائرة جديدة تجعله عرضة للسقوط السريع، إثر اتساع مساحة الرفض بشكل كبير, على الرغم من مطالبة رئيس الجمهورية العاملين بالدولة بقبول القانون على الشكل الحالي. ورفع العاملون شعار "حقوقنا أولًا", ليصبح قانون الخدمة المدنية، الذي صدر منذ أيام ويلغي بصدوره قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر لعام 1978، بمثابة عود الثقاب الذي يشعل الأزمة بين العاملين والدولة. ولم يتطرق القانون إلى الحديث عن الأجور بشكل عادل، ولا للحد الأدنى والأقصى للأجور، على الرغم من أنها أبرز دلائل العدالة الاجتماعية، خاصة أن التأثيرات الاقتصادية للعدالة في الأجور بين الموظفين بالمؤسسة الواحدة والموظفين بالمؤسسات المختلفة أمر مهم يساهم في زيادة الإنتاجية للمؤسسة بشكل عام، إلَّا أن الموظفين بقطاع السكك الحديد فوجئوا بخصومات في مرتباتهم الشهر الماضي على خلفية قانون الخدمة المدنية. وقد أكد الدكتور أشرف العربي، وزير التخطيط، أن النقل والسكك الحديدية هيئات اقتصادية لا تخضع لقانون الخدمة المدنية الجديد؛ لأن بها قانون خاص ينظمها، مضيفًا أن المعلمين والأطباء والقضاة وقطاع الأعمال العام لا يخضعون للقانون الجديد، مشيرًا إلى أن رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء تخضعان للقانون إلَّا فيما يخص نظام التعيين؛ بسبب طبيعتهما السيادية، الأمر الذي أثار غضب العاملين بالقطاعات المختلفة، حيث هدد عدد من سائقي القطارات بالإضراب العام؛ اعتراضًا على قانون الخدمة المدنية الجديدة، بعد الخصومات التي فوجئوا بها في مرتباتهم الشهر الماضي، مؤكدين أنهم سيبدأون بالإضراب الجزئي حال عدم إلغاء الخصومات التي وقّعت عليها جراء هذا القانون. وتقدم العاملون بالسكة الحديد بمذكرة إلى رئيس هيئة السكة الحديد ووزير النقل، طالبوا فيها بتعديل لائحة العمل بالهيئة، لكي لا يضار أي عامل من قانون الخدمة المدنية. وأكد عبد الفتاح فكري، رئيس النقابة العامة للعاملين بالسكة الحديد، أنه طالب وزير النقل في المذكرة التي قدمها، بتعويض العاملين بالهيئة عن الأضرار التي سيسببها قانون الخدمة المدنية؛ نتيجة لأن العاملين بالسكة الحديد لهم طبيعة عمل خاصة، منها أن عملهم لا يمكّنهم من الحصول على إجازات، لذلك لابد من حصولهم على رصيد الإجازات. وتابع فكري: العاملين بهيئة السكك الحديدة سيحصلون على مزايا تماثل ما سيفقدونه بسب قانون الخدمة المدنية، لافتًا إلى أن الخصومات التي وقّعت عليهم الشهر الماضي كانت بسبب الضرائب عن شهري يونيو ويوليو، وسيتم وضع نظام جديد لعدم تكرار هذه الخصومات الشهر المقبل. ولعل أبرز ما جاء في اللائحة التابعة للعمل بالهيئة، أن قانون الخدمة المدنية الجديد لم يحدد فارقًا بين التظاهر والإضراب والاعتصام، بالمخالفة للقوانين ومواثيق العمل الدولية، مما يسمح للمستثمرين باستغلال هذا الأمر ضد العمال ورفض من يتهمونه بالإضرار بمصلحة العمل، وبالتالي فصلهم كما أن القانون الجديد منع محاولات الاجتهاد العلمي وزيادة المستوى التعليمي، حيث سعى القانون إلى تقييد بعض الامتيازات التي كان يحرص بعض العاملين عليها، حيث تم منع الانتقال من كادر فني أو خدمي إلى كادر إداري. ويقول محسن محمد، سائق قطار بمحطة مصر: قدرتنا على الإضراب تكاد تكون ضعيفة؛ بسبب التهديدات التي تأتينا، مشيرًا إلى أنه خلال الأسبوع المقبل سيكون هناك اجتماع مع ناظر القطارات بالسكك الحديد، وسيتم التفاوض معنا في مطالبنا، مشيرًا إلى أن الدولة تخشى من إضراباتنا؛ بسبب حركة السكك الحديد التي تعد من أهم وسائل المواصلات في مصر. وأوضح محمد أن حركة القطارات بمعظم أنحاء الجمهورية لم تتأثر، وسيتم إقناع المضربين عن العمل، في حال عدم التراجع عن قانون الخدمة المدنية، بالعودة وانتظار تحقيق مطالبهم في أقرب وقت، وذلك بناء على طلب نجوي ألبير، المستشار الخاص لرئيس هيئة السكة الحديد. وتابع: اقتراح إضراب العاملين بالسكك الحديد سيتم حسمه من خلال رواتب الشهر المقبل، مشيرًا إلى أن الإضراب سيكون مع جميع العاملين بمصر وليست هيئة السكك الحديد فقط. ورفضت نجوي ألبير، المستشار الإعلامي لهيئة السكك الحديد، التعليق على تهديد العاملين بالإضراب في حالة الإضرار براوتب هذا الشهر، أكدت ألبير أن القطارات وحركتها لم تتأثر، والهيئة في الوقت الحالي تدرس خططًا بديلة في حال إصرار العمال على الإضراب؛ حتى لا تتأثر حركة القطارات أو مواعيدها. ومن الناحية القانونية أكد دكتور محمد عبد الفتاح، أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة، أن قانون الخدمة المدنية تم إقراره بهدف تحسين كفاءة الموظف ورفع أداء خدمته، في حين أن القانون الجديد لن يحسّن كفاءة الموظف ولن يرفع أداء الخدمة ولا جودتها، وبالتالي لن يرفع أداء الجهاز الإداري للدولة الذي يندرج تحته أكثر من 7 ملايين موظف يعيلون على الأقل 25 مليون فرد. وتابع عبد الفتاح أن القانون لا يشمل كل العاملين بالدولة، فيستثني مثلًا أساتذة الجامعات، ولا يعقل أن يكون أساسي العامل العادي فوق 800 جنيه بما يعادل أو يزيد على أساسي راتب أستاذ الجامعة، مشيرًا إلى أن هناك خللًا كبيرًا في القانون ولابد من تعديله أو مراجعته، من خلال طرحه للحوار المجتمعي. وأوضح أستاذ القانون الدستوري أن الحكومة المصرية في الوقت الحالي تعاني من حالة فساد وترهل تظهر في قطاعاته ووزارته كافة، وتطبيق قانون مثل هذا في حاجة إلى آليات قوية للرقابة على كفاءة الجهاز الإداري الضخم للدولة، وتطبيق المواد ومنع رجال الأعمال من الالتفاف حوله، وهذا غير متوفر حاليًا في مصر.