ارتفاع معدل النمو من 3.4% إلى 4.1 خلال عامين.. والموارد الطبيعية والتسويق أهم المشكلات تساهم الزراعة في مصر بنصيب كبير في التنمية الشاملة للنهوض بالمجتمع، حتى أصبحت الدعامة الأساسية للبنيان الاقتصادي والاجتماعي، حيث يمتهنها أكثر من نصف عدد السكان إنتاجًا وتسويقًا وتصنيعًا، وتظهر أهميتها في الوقت الحاضر؛ لوجود فجوة غذائية لا تزال واضحة، خاصة في الزيوت والحبوب، مما يجعل الأمن الغذائي من أهم الضروريات التي ينبغي الاهتمام بها، مع التركيز على تحقيق أقصى كفاءة إنتاجية وأكبر معدل لتنمية الموارد الزراعية. ويعد تكثيف الزراعات بمصر، الذي يصل إلى ثلاثة محاصيل في العام، أي نحو 200% في المتوسط بالنسبة للمساحة المنزرعة، أهم ما يميز الزراعة المصرية، لكن المجتمع المصري يعيش ويزرع في رقعة ضيقة للغاية وتحت ضغط سكاني شديد، مما يسبب اختلالًا كبيرًا في التوازن بين مساحة الرقعة المنزرعة والموارد المائية والعدد الضخم من السكان الذي يتزايد بنحو 2.1% سنويًّا بما يزيد عن مليون وربع مليون من البشر سنويًّا، وبالتالي يزيد من نسبة الفقر. وأشار الدكتور على إبراهيم، خبير التنمية الزراعية في دراسة بعنوان "أهم ملامح استراتيجية التنمية الزراعية" إلى أنه بالمقارنة بين عدد السكان عام 1947 والذي كان لا يتجاوز 19 مليون نسمة يزرعون 5.8 مليون فدان، والآن نتعدى ال80 مليون نسمة ونزرع نحو 8.2 مليون فدان مساحة أرضية، أي 15 مليون فدان مساحة محصولية بنسبة تكثيف محصولي حوالي 180%، وهذا يعني أن الرقعة الزراعية زادت بنسبة 30% بينما زاد عدد السكان بنسبة 350% مما نجم عنه انخفاض نصيب الفرد من الأرض الزراعية إلى أقل من ثلث ما كان عليه، وترتب على ذلك اتساع حيز الضيق والمعاناة والمشكلات البيئية والصحية التي يواجهها الناس في بلادنا، خاصة المشتغلين بالزراعة، مما يوضح أهمية عمليات استصلاح الأراضي وإداراتها وترشيد استخدام مياه الري المحدودة لتلك المساحات الجديدة، علاوة على الأرض القديمة، بهدف توفير الغذاء للسكان الذي يتزايد بنسبة لاتزال مرتفعة (2.1% سنويًّا) وتوفير خامات الصناعة، وإنتاج كم مناسب بمواصفات قياسية يصلح للتصدير في الأسواق العالمية. مشكلات الزراعة وأوضح خبير التنمية الزراعية أنه يمكن تلخيص بعض مشكلات الزراعة في ثلاث نقاط رئيسة، مشكلات متعلقة باستخدام الموارد الطبيعية "الأرض والمياه"، محدودية الرقعة الزراعية، التي لا تتناسب مع الزيادة السكانية، وتفتت الحيازات يعوق استخدام الأساليب العلمية والتكنولوجية بيسر وتكلفة معقولة، بالإضافة إلى البعثرة المحصولية في الوحدات الإنتاجية المتجاورة، التي من الممكن أن تضر بعضها بعضًا، وضعف الكفاءة التحويلية والإنتاجية للحيوانات والدواجن المصرية، بجانب الإسراف في مياه الري وسوء توزيعها. وتعد الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية ثاني هذه المشكلات، حيث تتمثل في الهجرة المستمرة للقوى العاملة من الريف إلى المدينة والدول العربية؛ بحثًا عن فرص عمل أفضل، وضعف في إنتاجية العامل الزراعي، مما أدى إلى زيادة تكلفة المنتجات الزراعية، بجانب تدني أسعار المحاصيل الزراعية، وعدم الأخذ بأسلوب التنمية الريفية الشاملة للنهوض بالقرية وبالمجتمع الريفي، وتدهور المرافق العامة خاصة الطرق والصرف الصحي والطاقة الكهربائية اللازمة؛ لإحداث تنمية زراعية متكاملة ومعيشية ريفية صحيحة، وتتلخص المشكلة الثالثة في الأوضاع المرتبطة باستراتيجيات التنمية. وأشار إبراهيم خلال دراسته إلى أن عدم وجود كفاية تمويلية للمزارعين بسعر فائدة مناسب من أهم النقاط التي تمثل حجر عثر أمام الزراعة بمصر، بجانب أن نظام التسويق الزراعي يمثل عقبة في تحقيق عائد مجزٍ للمنتج الزراعي، بخلاف إن الهيكل التشريعي المالي الذي يحدد حقوق المشتغلين بالزراعة والتزاماتهم، لا يساير ظروف العصر والمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي تعرض لها قطاع الزراعة في السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى عجز سياسات التصنيع عن المساهمة الجادة في تطوير الزراعة وتنمية الإنتاج الصناعي وتوفير المستلزمات بالأسعار المناسبة لتحقيق عائد مجزٍ للفلاح. وأكد أن تنمية الزراعة تتعلق بما يحدث داخل هذا الهيكل من علاقات مباشرة وغير مباشرة وأيضًا بالقطاعات والأنشطة الأخرى التي لها علاقة بقطاع الزراعة، ومن هنا تبرز أهمية وضع استراتيجيات للتنمية الزراعية خلال فترة زمنية محددة بعام 2017 والتي يمكن أن نوجز محاورها وأهدافها وبعضًا من خططها في حل المشكلات الحالية. استراتيجية التنمية الزراعية حتى 2017 وطرحت الدراسة عدة محاور لتنمية الزراعة في مصر كتعظيم الإنتاج الزراعي كمًّا ونوعًا، عن طريق تطوير التركيب المحصولي وإدخال التكنولوجيا المتطورة والمناسبة في عمليات الزراعة وعمليات ما بعد الحصاد، وتعظيم الاستفادة من وحدتي المساحة والمياه، والاستمرار في برامج استصلاح أراضٍ جديدة قابلة للزراعة بمعدل 150 ألف فدان سنويًّا، ودعم مؤسسات البحث العلمي والإرشاد الزراعي في مجالات الزراعة المختلفة؛ سواء المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص والتعاوني، والعمل على زيادة قيمة الصادرات الزراعية لتصل إلى 5 مليارات جنيه سنويًّا بدلًا من 2 مليار جنيه حاليًا، والعمل على حماية البيئة من التلوث، من خلال تقليل استخدام المبيدات والكيماويات الزراعية حفاظًا على لصحة الإنسان والحيوان، وتشجيع الصادرات من خلال إنتاج زراعي نظيف يتميز بالمواصفات القياسية المطلوبة في الأسواق الخارجية، ودعم مؤسسات الائتمان والتسويق الزراعي وتفعيل دور التعاونيات والمنظمات الأهلية غير الحكومية، ودعم دور المرأة في التنمية الزراعية والريفية، والاستمرار في تشجيع القطاع الخاص للإسهام بدور متعاظم في التنمية الاقتصادية مع العمل على تشجيع الاستثمار العربي والأجنبي. أهدافها وتهدف الدراسة إلى زيادة معدل النمو السنوي للإنتاج الزراعي من 3.4% لنحو 3.8% ثم إلى 4.1% حتى موسم 2016/2017 بالاستمرار في زيادة الناتج الزراعي رأسيا مع رفع كفاءة استخدام الموارد الأرضية والمياه مع العمل على صيانتها وحمايتها في الوقت نفسه، وزيادة المساحات الزراعية والمأهولة بالسكان لنحو 25% من المساحة الكلية لمصر بدلًا من المساحة الحالية 5% من خلال مشروعات التوسع الأفقي في سيناء وتوشكى والعوينات والساحل الشمالي الغربي، إلى جانب المساحات الصحراوية المتاخمة لغالبية محافظات مصر سواء في الوجه البحري والقبلي، مع العمل على استصلاحها واستزراعها وريها بالطرق الحديثة، بجانب زيادة نسبة الاعتماد على الذات في إنتاج الغذاء وتوفير خامات الصناعة من الإنتاج المحلي، خاصة لصناعة الغزل والنسيج والصناعات الغذائية.