حسام بدراوي يكشف أسرار انهيار نظام مبارك: الانتخابات كانت تُزور.. والمستفيدون يتربحون    بعد انخفاضها عالميا، تعرف على أسعار البن في السوق المحلي    الدولار ب50 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأربعاء 25-5-2025    ارتفاع طن السلفات 1538 جنيها، أسعار الأسمدة اليوم في الأسواق    أردوغان يشيد بجهود ترامب لوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل ويطالبه بوضع حد لحرب غزة    المجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي يٌدين هجوم إيران على قطر    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء في كأس العالم للأندية    "بعد ثلاثية بورتو".. الحساب الرسمي لكأس العالم للأندية يشيد بأداء وسام أبو علي    نيمار: جددت مع سانتوس لأنه جذوري وتاريخي وليس فريقي فقط    أسماء المصابين بحادث انقلاب ميكروباص بالطريق الأوسطي وتقرير بحالتهم الصحية    فلوباتير عماد الأول على الشهادة الإعدادية بالقليوبية: أحلم أن أكون طبيب الغلابة    حالة الطقس اليوم، شديد الحرارة وجنوب الصعيد يصل إلى 42 درجة مئوية    السيطرة على حريق سيارة نقل محمّلة بالتبن بالفيوم دون إصابات    "كانوا راجعين من درس القرآن".. أب يتخلص من طفليه بسلاح أبيض في المنوفية    اجتماع تنسيقي ل"الشباب والرياضة" والإذاعة المصرية لتطوير الموسم الجديد من البرامج الإذاعية    بعد عام من الغياب.. ماذا قالت رضوى الشربيني في أول ظهور على dmc؟ (فيديو)    باسم سمرة يواصل تصوير دوره في مسلسل "زمالك بولاق"    أمين الفتوى يحذر من إهمال الزوجة عاطفياً: النبي كان نموذجًا في التعبير عن الحب تجاه زوجاته    الأزهر يتضامن مع قطر ويطالب باحترام استقلال الدول وسيادتها    خالد الجندي: النبي عبّر عن حب الوطن في لحظات الهجرة.. وكان يحب مكة    طريقة عمل الزلابية الهشة في البيت أوفر وألذ    إعلام فلسطيني: قصف مدفعي عنيف يستهدف جباليا البلد شمال قطاع غزة    الأردن: أولويتنا هي غزة وفلسطين بعد حماية المملكة والأردنيين    إعلام فلسطيني: قصف مدفعي عنيف يستهدف جباليا البلد شمال قطاع غزة    عصام سالم: الأهلي صرف فلوس كتير وودع المونديال مبكرًا    بالأسماء.. ننشر أوائل الشهادة الإعدادية بالقليوبية 2025 بعد اعتماد النتيجة رسميًا    مطران نيويورك يوجّه رسالة رعائية مؤثرة بعد مجزرة كنيسة مار إلياس – الدويلعة    وظائف بنك مصر 2025.. بدون خبرة وفي مختلف المجالات (رابط التقديم)    عاجل.. بيراميدز يفاوض لاعب الأهلي وهذا رده    مهيب عبد الهادي ل محمد شريف: «انت خلصت كل حاجة مع الزمالك».. ورد مفاجئ من اللاعب    موعد مباراة منتخب الشباب المقبلة في ربع نهائي بطولة العالم لليد    جدول ترتيب مجموعة الترجي في كأس العالم للأندية قبل مباريات اليوم    أجمل رسائل تهنئة رأس السنة الهجرية 1447.. ارسلها الآن للأهل والأصدقاء ولزملاء العمل    مُعلم يصنع التاريخ.. جراى نجم أوكلاند الأفضل فى مواجهة بوكا جونيورز    مهمّة للنساء والمراهقين.. 6 أطعمة يومية غنية بالحديد    أبرزها اللب الأبيض.. 4 مصادر ل «البروتين» أوفر وأكثر جودة من الفراخ    بؤر تفجير في قلب العالم العربي ..قصف إيران للقواعد الأميركية يفضح هشاشة السيادة لدول الخليج    ميل عقار من 9 طوابق في المنتزة بالإسكندرية.. وتحرك عاجل من الحي    كان بيعوم.. مصرع طالب ثانوي غرقا بنهر النيل في حلوان    محافظ الفيوم يشهد الاحتفال بالعام الهجري الجديد بمسجد ناصر الكبير.. صور    سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025    سعر الزيت والدقيق والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025    لا تدع الشكوك تضعف موقفك.. برج العقرب اليوم 25 يونيو    حفل غنائي ناجح للنجم تامر عاشور فى مهرجان موازين بالمغرب    التسرع سيأتي بنتائج عكسية.. برج الجدي اليوم 25 يونيو    معطيات جديدة تحتاج التحليل.. حظ برج القوس اليوم 25 يونيو    زوج ضحية حادث الدهس بحديقة التجمع عبر تليفزيون اليوم السابع: بنتي مش بتتكلم من الخضة وعايز حق عيالي    طارق سليمان: الأهلي عانى من نرجسية بعض اللاعبين بالمونديال    حسام بدراوي: أرفع القبعة لوزير المالية على شجاعته.. المنظومة تعاني من بيروقراطية مرعبة    وزير الخارجية الإيراني: برنامج النووي مستمر    اقتراب الأسهم الأمريكية من أعلى مستوياتها وتراجع أسعار النفط    من قلب الصين إلى صمت الأديرة.. أرملة وأم لراهبات وكاهن تعلن نذورها الرهبانية الدائمة    ندوة تثقيفية لقوات الدفاع الشعبي في الكاتدرائية بحضور البابا تواضروس (صور)    غدا.. إجازة رسمية بمناسبة رأس السنة الهجرية للقطاع العام والخاص والبنوك بعد قرار رئيس الوزراء    غفوة النهار الطويلة قد تؤدي إلى الوفاة.. إليك التوقيت والمدة المثاليين للقيلولة    وزير الصحة: ننتج 91% من أدويتنا محليًا.. ونتصدر صناعة الأدوية فى أفريقيا    رسالة أم لابنها فى الحرب    «يعقوب» و«أبوالسعد» و«المراغي» يقتنصون مقاعد الأوراق المالية بانتخابات البورصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالصور.. بولاق الدكرور.. عندما يكون الموت حياة
نشر في البديل يوم 12 - 08 - 2015

جدارن خرسانية وأخرى حديدية وثالثة جغرافية، ربما تعمدت الدولة وضعها، للفصل بين حياتين: الأولى لمن يعيشون حياة المدينة الفاضلة، والثانية لمن يندرجون تحت حسبان حياة الأموات. فمدينة العشوائيات التي ما إن تطأ قدمك أرضها حتى تبادرك رائحة تلال القمامة بها، لم تخل من عشوائية سيارات الأجرة التي لم تجد أحدًا ينظم حركتها، غير إحدى الغرف المجاورة للموقف، والتي كتب عليها "شرطة مرور"، والتي خلت من رجالها.
وتقسم بولاق الدكرور إلى خمس مناطق: ناهيا (ويبدأ شارع ناهيا من كوبري بولاق إلى قريه ناهيا)، شارع همفرس (ويوازي شارع ناهيا من بدايته وينتهي في ميدان الطابق)، شارع أبو بكر الصديق (من أكبر شوارع بولاق الدكرور، ويصل بين شارع ناهيا وشارع همفرس)، شارع محمد نافع (من الشوارع المركزية، ويصل بين كل من شارع ناهيا وشارع الجمعية من جهة وشارع همفرس من جهة أخرى)، شارع عشرة (من أكبر الشوارع التجارية، متفرع من شارع همفرس وشارع أنور العدوى، ويصل بين شارع ناهيا وشارع القناية).
كل تلك المناطق تنخفض بها الخدمات العامة بشكل ملحوظ عن المناطق الراقية المجاورة لها، والتي لا يفصلها عنها سوى سور خرساني.
فبولاق الدكرور تقع غرب حي الدقي والمهندسين وشمال فيصل والهرم وجنوب إمبابة وبشتيل، ورغم ذلك يعيش أهالي بولاق الدكرور حياة أشبه بالجزيرة المنعزلة.
مدينة العشوائيات
من داخل أحد أزقة بولاق الكرور، وتحديدًا في شارع عبد اللطيف فرج المتفرع من شارع ناهيا، تعددت المشاهد في الشوارع الجانبية بين أبنية تهالكت جدرانها بسبب الصرف الصحي خلال الفترات الماضية، وبين انقطاع شبه دائم للمياه طوال النهار، وبين الشوارع التي لا تصلح للسير فيها؛ بسبب الحفر والتواء طرقها.
يعتبر سكان بولاق الدكرور أنهم مواطنون من الدرجة الثانية، كونهم لم يحظوا باهتمام أي مسئول على مدار سنوات مضت قبل وبعد ثورة يناير وحتى اليوم، كما يقول محمد إبراهيم، صاحب محل ملابس، وأحد سكان منطقة بولاق الكرور، معتبرًا أن الحكومات المتتالية لم تعبأ بسكان تلك المنطقة، وكأنهم ليسوا على خريطة مصر، لأنهم لم يجدوا حلولاً لمشاكلهم المزمنة التي تعود أهل المتطقة عليها في مدينة العشوائيات.
أحمد، صاحب الأربعين عامًا، والذي تطل شرفة منزله على أحد مقالب القمامة بمدخل بولاق الدكرور يقول "لا نحظى بما يحظى به سكان المهندسين والدقي، رغم أن الذي يفصلنا عنهم مجرد عازل خرساني، من مكان خالٍ من القمامة والعشوائية التي يتسم بها موقف سيارات الركاب في أول مدخل بولاق، والذي لا يتوقف أصحاب السيارات ليلاً أو نهارًا عن المشاجرات والضجيج وإطلاق آلات التنبيه التي يتسارع أصحاب السيارات في المنافسة على شراء أفضلها لإزعاجنا، وسط غياب لتنظيم تلك العشوائية من المسئولين، كما ينعدم في المنطقة تواجد رجال الشرطة، وهو ما يتسبب في انتشار أعمال البلطجة وفرض الإتاوات على أصحاب سرفيس الأجرة، بالإضافة إلى انتشار المخدرات في المنطقة بشكل مخيف".
ويضيف أن كثيرًا من الخدمات الأساسية بالمناطق يكاد يكون منعدمًا، كأزمة وصول المياه إلى المنازل، فالمياه منقطعة عن كثير من منازل المنطقة طوال فترة النهار وحتى وقت متأخر من الليل، كما أن هناك شوارع لا يستطيعون السير بها؛ لشدة تعرجها ووجود الكثير من الحفر بها، وبعضها يعاني من مياه الصرف، وتابع "تقدمنا إلى محافظة الجيزة بالكثير من الشكاوى، إلا أن النتيجة كانت "ودن من طين والتانية من عجين".
ومن داخل أكبر شوارع بولاق الدكرور (شارع ناهيا) تننتشر الروائح الكريهة؛ بسبب مقالب القمامة المتناثرة بطول الشارع، والتي يشكو أصحاب المحلات منها؛ لأنها تعطل حركة البيع والشراء، خاصة لمحلات المأكولات والمطاعم.
وقال إبراهيم محجوب، صاحب أحد المقاهي بمنطقة بولاق، إن أكبر المشاكل التي تواجه المنطقة هي أكوام القمامة التي تنتشر بطريقة كبيرة في نواصي وشوارع المنطقة، مسببة أزمة كبيرة لأصحاب المحلات الذين لم يستطيعوا ممارسة أعمالهم، مع انتشار تلك القمامة بالقرب من محلاتهم.
وأضاف محجوب أن أهالي المنطقة تقدموا بالعديد من الشكاوي للمحافظة؛ لإيجاد حل لتلك الأزمة وتخصيص مكان لوضع القمامة به، غير أن تلك الشكاوى كانت بلا قيمة، بينما تختفي القمامة في الحال عند زيارة أحد المسئولين للمنطقة، وبعد مغادرته يعود الوضع إلى طبيعته.
قبلة المغتربين
ويحدثنا عطية، من أهالي منطقة بولاق، قائلاً "جئت من محافظة بني سويف منذ 15 عامًا إلى بولاق الدكرور، وبحثت عن عمل وتزوجت، وأنجبت 3 أولاد، ورغم مرور تلك المدة، إلا أن بولاق الدكرور منذ أن قدمت وهي كما هي لم يتغير بها شيء إلا قليل.
عطية فوزي، يعمل بالحياكة وصاحب ال 35 عامًا، يقول "أعمل بالحياكة في أحد المحلات بالدقي، وعندما أخرج من بولاق في الصباح للذهاب لعملي وأعود في المساء، أشعر بالفارق بين مكان العمل ومكان الإقامة، وهو ما يجعل أهالي المنطقة يشعرون بأنهم ليسوا من الشعب المصري".
وتابع أن "بولاق الدكرور من أكبر المناطق التي يلجأ إليها المغتربون ممن قدموا من محافظات أخرى للعمل بالقاهرة والجيزة، ويرجع ذلك لكونها أقرب الأماكن للوصول إلى وسط البلد ولانخفاض أسعار السكن والمعيشة بها، فمن منطقة بولاق الدكرور خرج الفنانان صلاح عبد الله، وسعيد صالح، والمخرج عاطف الطيب، الذي عاش فيها فترة صعوده الفني، واللاعب الشهير أبو تريكة".
وعلى إحدى نواصي شارع ناهيا يقع محل عصير، يقول محمد متولي صاحب المحل "لم نعد نثق بالمسئولين عن منطقة بولاق، فقد أشبعونا منذ عام بالكلام عن أن المنطقة سوف يتم عمل إصلاحات كبيرة بها، بتعليمات من رئيس الوزراء، وإلى الآن لم يحدث أي شيء".
وتابع أن "المنطقة تعاني الكثير من فقر الخدمات، فالشوارع غير ممهدة، والأهالي ينتظرون اوقات تدفق المياه، والقمامة منتشرة في الكثير من الشوارع الرئيسية، ويجب على المسئولين أن يتحركوا لفعل شيء؛ لأن المنطقة أشبه بقنبلة موقوتة، من الممكن أن تنفجر في أي وقت، وعندها لن يستطيع المسئولون أن يوقفوا القنبلة".
وبإحباط شديد قال محمد الذي يجلس على جانب موقف السرفيس ببولاق لبيع أدوات منزلية لا يتعدى سعر القطعة منها الجنيه ونصفًا "لن يتحدث أحد عن شيء، الناس كلها تعبانة، وعندها يأس وإحباط شديد، أي حد هيكلمك وهيقول لك الحالة زفت ومش هيتكلم معاك في أي تفاصيل عن المشاكل، الناس هنا حالتها تعبانة وما فيش أي خدمات، الشباب طول النهار قاعد على القهاوي مش لاقي شغل".
وتابع "أبيع هذه الأشياء لأتحصل على قوت يومي، بعد أن توقفت حياتي، بعد أن قامت الشرطة بطردنا من طلعت حرب"، وتابع "حتى في منطقة بولاق كل يوم أدخل في مشاجرات مع من يجمعون الإتاوات من البياعين، لعدم وجود أي رقابة على المنطقة، فالجميع يجعل البلطجة سلاحه على الناس".
من جانبه أكد الدكتور جلال أمين، أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية، أن مشكلة المناطق العشوائية بمصر من أكبر التحديات الاساسية التي تواجه الدولة، لما لها من أبعاد اقتصادية واجتماعية تؤثر بالسلب على حياة المواطنين الذين يعيشون في تلك المناطق، مشيرًا إلى أن أغلب سكان المناطق العشوائية بمصر جاءوا من القرى والنجوع بحثًا عن عمل أو أملاً في أن تكون الحياة المدنية أكثر راحة لهم من الحياة الريفية، وفي المقابل لم تستطع الدولة على مدار السنوات الماضية أن تضع حلولاً لمشاكل تلك المناطق، والتي تتزايد يومًا بعد يوم، وتكاد تنعدم بها الخدمات بمختلف أنواعها، وهو ما يشكل كارثة مستقبلية إن لم يوضع حل لتلك المشاكل.
ولحل تلك المشاكل وتجنب الأزمة المستقبلية طالب أمين بأن تتعامل الدولة بمفهوم العدالة الاجتماعية بين جميع المواطنين من توفير الخدمات لتلك المناطق كغيرها من الأحياء الراقية، حتى يشعر مواطنو تلك الأماكن بأنهم متساوون مع غيرهم من سكان المناطق الراقية، وأنهم غير معزولين عن الدولة، فيحدث مزج بين جميع الفئات المجتمعية، مؤكدًا أن هذا سوف يعمل على الحد من الأعمال الإجرامية التي نسمع عنها في المناطق العشوائية.
وقالت الدكتورة هالة إبراهيم أستاذة علم الاجتماع بتربية عين شمس إن الأشخاص الذين ينشؤون في بيئات عشوائية في الغالب يكون لديهم شعور بعدم تمتعهم بحقوقهم الدستورية والقانونية التي وضعتها الدولة للمساواة وعدم التمييز بين المواطنين، موضحة أن الكثير من سكان تلك المناطق ربما يخرجون عن القانون؛ لعدم وجود اهتمام باحتياجاتهم الإنسانية، مشددة على أن مشكلة المناطق العشوائية هي أكبر التحديات التي على الدولة أن تضع لها حلولاً سريعة؛ حتى لا تتفاقم الأزمة بشكل لا نستطيع التعامل معه خلال السنوات المقبلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.